نزار بركة يرث تركة ثقيلة من الأحكام القضائية بوزارة التجهيز والماء
محمد اليوبي
ورث نزار بركة، وزير التجهيز والماء، تركة ثقيلة بالوزارة التي تناوب عليها وزيران من حزب العدالة والتنمية، خلال ولايتين حكوميتين لمدة عشر سنوات، ويتعلق الأمر بعزيز رباح، وخلفه عبد القادر اعمارة، حيث تم حجز أزيد من 30 مليار سنتيم بحساب الوزارة المفتوح لدى الخزينة العامة، لتنفيذ أحكام وقرارات قضائية نهائية صادرة في حقها.
وأفادت مصادر من الوزارة بأنه بالنسبة لتنفيذ الأحكام القضائية والقرارات القضائية الصادرة في مواجهة الوزارة، فقد عرفت هذه السنة على غرار السنوات السابقة الحجز على اعتماداتها المالية بين يدي الخازن الوزاري المعتمد لديها، في إطار مسطرة الحجز ما للمدين لدى الغير التي تمت مباشرتها على الخصوص من طرف المحكمة الإدارية بالرباط، حيث بلغ المبلغ المحجوز عليه إلى حدود الآن حوالي 30 مليار سنتيم، تنفيذا لأزيد من 200 حكم قضائي، بالإضافة إلى 528 حكما قضائيا نفذتها الوزارة بشكل تلقائي، خلال السنة الجارية، بمبلغ مالي قدره 32 مليار سنتيم، لتصل مجموع المبالغ إلى 62 مليار سنتيم. وكشفت المصادر ذاتها أنه خلال السنة الحالية، قامت الوزارة بتفويض اعتمادات مالية بلغت حوالي 200 مليون درهم للمصالح الترابية للوزارة، من أجل تنفيذ الأحكام والقرارات القضائية على الصعيد المحلي.
وأكد نزار بركة في عرض قدمه أمام لجنة البنيات الأساسية بمجلس النواب، بمناسبة دراسة الميزانية الفرعية لوزارة التجهيز والماء، أن الأحكام القضائية البالغ عددها 3857 حكما منذ سنة 2012 إلى حدود شهر شتنبر 2021، كبدت خزينة الدولة ما مجموعه 522 مليار سنتيم، وهي الفترة التي شغل فيها عزيز رباح منصب وزير التجهيز والنقل، ما بين 2012 و2017، وعبد القادر اعمارة، خلال الولاية الحكومية السابقة، ما بين 2017 و2021، حيث خسرت الوزارة خلال الولايتين الحكوميتين السابقتين العديد من الدعاوى القضائية، إذ استعان وزراء «البيجيدي» الذين تحملوا مسؤولية القطاع منذ سنة 2012، بمحامين ينتمون إلى الحزب نفسه.
وأصدرت المحكمة الإدارية بالرباط قرارات تقضي بتنفيذ أحكام قضائية صادرة ضد الوزارة، وتم تنفيذ الأحكام بالحجز على ما يناهز 300 مليون درهم من أموال الوزارة، وذلك بعد موافقة الخازن المالي للوزارة على تنفيذ أحكام الحجز، وإقراره بوجود سيولة مالية في خزينة الوزارة. ويعود سبب حجز أموال وزارة التجهيز إلى تنفيذ أحكام قضائية صادرة ضدها، تتعلق بتعويضات نزع الملكية من أجل المنفعة العامة. وسارع مسؤولو الوزارة إلى عقد اجتماعات للوقوف دون تنفيذ باقي الأحكام القضائية، والبحث عن سبل إيجاد حلول لتسوية الأحكام التي تنتظر التنفيذ، ومن أبرز الملفات التي ما زالت عالقة، تسوية وضعية نزع ملكية الأراضي لإقامة بعض المشاريع.
وأكدت مصادر حكومية أن أخطاء بعض الوزراء تسببت في تكبيد خزينة الدولة خسائر مالية كبيرة، بالإضافة إلى ضعف جيش المحامين، الذين تعاقدت معهم بعض القطاعات الحكومية للدفاع عنها أمام القضاء، ويتجلى ذلك في عدم احترام الإدارة لضوابط نزع الملكية، ما يفرض على الدولة أداء تعويضين عن العقار نفسه، التعويض الأول المتعلق بالأضرار اللاحقة بصاحب العقار جراء منعه من استغلاله، والتعويض الثاني المتعلق بقيمة ما تم الاستيلاء عليه من عقار في إطار القواعد «العامة» للتعويض، وبدون التقيد بالمعايير والمزايا التي يخولها القانون للإدارة في إطار الفصل 20 من قانون نزع الملكية. وهكذا فإن الدولة تتكبد في كل ملف اعتداء مادي خسارتين، الخسارة الأولى والمتمثلة في الفرق بين القيمة المعتمدة للتعويض عن الاستيلاء، المؤطرة بالقواعد العامة للتعويض، والقيمة التي كان من الممكن تطبيقها استفادة من المزايا التي يتيحها الفصل 20 من قانون نزع الملكية، والخسارة الثانية تتعلق بالتعويض عن الحرمان من الاستغلال، ابتداء من تاريخ وضع اليد إلى تاريخ صدور الحكم.
ويتبين من خلال الحالات التي رصدها قضاة المجلس الأعلى للحسابات، أن الإدارة تلجأ إلى وضع يدها على العقار قبل استكمال الشروط المحددة قانونا، الأمر الذي يترتب عنه نشوب نزاع قضائي بين صاحب العقار وبين الإدارة التي وضعت يدها على العقار، وبالتالي تكون الدولة، بصفة عامة، طرفا في دعويين قضائيتين بخصوص العقار ذاته، وهما دعوى نزع الملكية ودعوى الاعتداء المادي، ولذلك فإن عدم احترام الإدارة للمقتضيات القانونية المؤطرة لنزع الملكية لأجل المنفعة العامة، يتسبب في نزاعات قضائية تفضي بالحكم على الإدارة بتعويض صاحب العقار المعتدى عليه عن الأضرار اللاحقة به جراء منعه من استغلال عقاره، وبذلك تكون النتيجة الحكم على الإدارة بمبالغ مهمة.