شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

هكذا كان يتصور سياسيون المغرب بعد الاستقلال ورحبوا بمنح فرنسيين الجنسية المغربية

يونس جنوحي

بعض قادة حزب الاستقلال يظهر أنهم يتصورون أن السلطان سيجعل نفسه متناسبا مع مخططهم، عندما يستدعي الأمر ذلك، وهذا الأمر ليس واردا على الإطلاق.

هناك أفكار كثيرة وتصورات تتعلق باستقلال المغرب، ربما قد لا تتناسب أفكار السلطان مع بعض أفكار قادة حزب الاستقلال، وربما يختلف السلطان عنهم في تأويل مفهوم «الملكية الدستورية». لقد أعلن سابقا عن تأييده للديموقراطية شريطة أن تكون متماشية فقط مع تعاليم القرآن الكريم. وهذه وجهة نظر قد يُقلل بعض قادة حزب الاستقلال من شأنها. كما أنه لا أحد شرح، على وجه التحديد، كيف يمكن للحاكم أن يُمثل السلطة الدينية والملكية الدستورية في آن واحد. لكن السلطان رجل مُتقد الذكاء وقد يُثبت أنه أكثر اطلاعا على حقيقة الوضع من بعض رعاياه الذين لديهم جُرعة زائدة من الحماس.

تتأرجح عضوية حزب الاستقلال بين الأعضاء المتهورين الذين قد يُطلقون تحديا ضد التفوق الفرنسي، والمُعتدلين الذين يفضلون حدوث تطور معقول، وفي التوقيت المناسب. النوع الأول يضم بعض المتعصبين الحقيقيين. ويبدو أن بلاد فارس ليست البلد الوحيد الذي يُولد فيه أفراد طائفة «المصدقيين».

لقد وجدتُ أن استقلاليي الدار البيضاء يتبنون نهجا أكثر تطرفا مقارنة مع أعضاء الحزب في مُدن أخرى. وبعد الاستماع إلى خطاب مطول ضد فرنسا، طلبتُ منهم أن يقدموا لي بعض المقترحات البناءة التي يرونها حلا للقضية المغربية. وقيل لي:

-«أولا يجب أن نحصل على الاستقلال. هذا أمر أساسي. نحن نسعى لإقامة ملكية دستورية، على غرار النموذج البريطاني، بوجود السلطان وبرلمان مغربي».

-«والفرنسيون؟».

-«يجدر بنا أن نُرحب بالتعاون معهم، لكننا نحتاج، الآن، إلى الاستعانة بدعم أجنبي، لأن الفرنسيين فشلوا تماما في تكوين أطر الإدارة والتقنيين. ويجدر بنا أن نكون سعداء باستغلال المساعدة الأجنبية. بعد الاستقلال سنطلب مساعدة فرنسا بالقدر الذي نحتاجه».

-«هل سيُساعدونكم باعتبارهم فرنسيين؟».

-«سيكون مسموحا لهم بالحصول على الجنسية المغربية، خصوصا أولئك الذين أقاموا في المغرب مُدة طويلة. سيكونون متساوين معنا في الصفة، لا أقل ولا أكثر. لكن، أولا، يجب أن نحصل على حقوقنا. إن المغرب ليس مُستعمرة فرنسية، لقد جاؤوا إلى بلدنا باعتبارهم «دولة حامية»، لكنهم لم يوفوا بالتزاماتهم معنا. إننا في المغرب شعب عريق وضارب في التاريخ، ولسنا مجرد قبيلة مُتخلفة. ومن حقنا الحصول على الحرية، ونُطالب بها الآن. وبعد أن نحقق الاستقلال نحن مُستعدون لمناقشة التدابير العملية لهذا التعاون».

وعندما قلتُ لهم إن إنشاء تدابير للتعاون قد يكون ضروريا، أو مُستحسنا على الأقل، قبل الحصول على الاستقلال، كانت الردود التي تلقيتها ساخطة.

وجدتُ جوا عمليا أكثر للنقاش، إلى حد ما، في مدينة الرباط. الحديث عن «ديكتاتورية البوليس» الفرنسي كان ليصبح أمرا سخيفا، إلى حد ما، لو أنه أثير عندما التقيتُ بالقادة المحليين لحزب الاستقلال في مقر مكاتب الصحيفتين اللتين يُصدرهما الحزب. وهو الأمر الذي لم يكن ليسمح به أي حاكم ديكتاتور!

وبينما يعترف حزب الاستقلال بأن النقابات العمالية الفرنسية تخضع لهيمنة الشيوعية، فإنهم يعترفون، أيضا، بأن أعضاء من حزبهم مُنخرطون في أغلب الفروع المحلية لهذه النقابات، ويمكنهم تولي القيادة عندما يرغبون في ذلك. وأشار قادة الحزب المحليون في الرباط إلى أن الشيوعيين فشلوا فشلا ذريعا في العديد من المسائل السياسية ولم يحققوا مُرادهم، كما حدث في «حملة السلام»، على سبيل المثال، التي لاقت فشلا ذريعا في المغرب.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى