هكذا فشل مجلس تطوان بقيادة إدعمار في رسم استراتيجية للنهوض بـ«الحمامة البيضاء»
تطوان: حسن الخضراوي
راهن سكان «الحمامة البيضاء» على مجلس الجماعة الحضرية بقيادة إدعمار، عن العدالة والتنمية، لإنقاذ المدينة من العشوائية القاتلة التي تعيشها في شتى المجالات، وذلك بناء على البرنامج الانتخابي الذي تم تقديمه للناخبين والوعود بالعمل على حل مشاكل المواطنين، بالاستجابة لاقتراحاتهم ودراسة شكاياتهم التي تهم الشأن العام المحلي بالسرعة والنجاعة المطلوبة وفق القوانين الجاري بها العمل، قبل أن يفاجأ الجميع بضعف جودة الخدمات المقدمة واستمرار انتشار الظواهر المشينة والخادشة لجمالية المدينة من قبيل البناء العشوائي واحتلال الملك العمومي، فضلا عن هشاشة البنية التحتية واللامبالاة التي ينهجها المجلس مع شكايات المواطنين وضرورة التجاوب معها، ما جعل شباب المدينة وبعض الغيورين يعملون على تأسيس لجنة متابعة الشأن العام المحلي للضغط على المسؤولين بالأشكال النضالية السلمية والحضارية، قصد متابعة تنزيل البرنامج الذي وعدوا به السكان.
لا زالت ظاهرة البناء العشوائي بتطوان في توسع وانتشار رغم الوعود التي تتلقاها الساكنة بمحاربة الظاهرة من طرف المجالس المتعاقبة، ومن ضمنها المجلس السابق والحالي الذي يترأسه إدعمار، وأثبت فشله في رسم استراتيجية واضحة لمعالجة الظاهرة بطرح بدائل حقيقية، والجرأة الضرورية في تنزيلها بالتنسيق مع المؤسسات الموازية لأجل إنقاذ المدينة من انتشار الظواهر المشينة التي تقلق راحة السكان وتقض مضجعهم، من مثل انتشار استهلاك المخدرات بأنواعها والجريمة، فضلا عن الاستغلال السياسي لمشاكل الأحياء العشوائية الذي يتجدد مع كل انتخابات باعتبارها خزانا مهما لأصوات الضعفاء والمهمشين الطامعين في تحسين أحوالهم الاجتماعية والظروف القاسية التي يعانون منها.
ذريعة تراكمات الماضي
يقول أحد الفاعلين الجمعويين إن رئيس الجماعة الحضرية لم يحقق، خلال ولايته السابقة، شيئا في ملف البناء العشوائي، ولا يبدو أنه سيحقق شيئا خلال المجلس الحالي لاستمراره في ربط كل المشاكل التي تعاني منها المدينة بتراكمات الماضي، دون أخذه بعين الاعتبار أن جزءا كبيرا من المصوتين على حزبه يتحدرون من هذه الأحياء، وأنهم ينتظرون قيامه بإصلاح البنية التحتية ومحاولة القطع مع الظاهرة، بتوفير بدائل تتمثل في سكن لائق يحترم آدميتهم عوض تذكيرهم بتاريخ المعاناة وأصلها.
ويضيف المتحدث نفسه أن هناك العديد من الأحياء العشوائية ناقصة التجهيز، وتحتاج إلى الاهتمام بها ضمن الأولويات، من مثل حي «غرابو» الذي سبق وخاض العشرات من سكانه اعتصامات متعددة واحتجاجات على تهميشهم من طرف المجلس، حيث يعانون من غياب البنية التحتية وغياب الطرق التي تتسبب لهم في عزلة تامة عند تساقط الأمطار، ما يجعل العديد من أولياء وآباء التلاميذ يمنعون أطفالهم من التوجه إلى المدرسة خوفا عليهم، منبها إلى أن سكان الحي راسلوا والي جهة طنجة- تطوان- الحسيمة ورئيس الحضرية، في انتظار تنفيذ الوعود التي يتلقوها كل مرة بالاهتمام بالبنية التحتية وتجهيز الحي الذي يشبه قرية صغيرة داخل المدار الحضري.
يذكر أن العديد من الأحياء العشوائية لا زالت تعاني من مشكل الفيضانات، وقد تسبب الفيضان الأخير الذي ضرب المدينة في خسائر مهمة لبعض الأسر التي سبق وزارتها «الأخبار»، حيث عبر الجميع عن سخطهم وتذمرهم من غياب ممثلي الساكنة، مؤكدين ضرورة دعمهم في هذه اللحظات كما وعدوا خلال الانتخابات، مع تشديدهم على أن لجنة اليقظة التي أحدثها المجلس سمعوا بها ولم يروا لها أثرا في الواقع، سوى التضامن بين الجيران لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
فشل سياسة الأسواق
حاول المجلس معالجة ظاهرة احتلال الملك العمومي المنتشرة على طول المدينة، عبر ضخ أموال مهمة لبناء أسواق يستفيد منها الباعة المتجولون، قبل أن تتحول هذه الأسواق إلى ما يشبه الأشباح الإسمنتية دون أن تؤدي دورها الأساسي، فضلا عن استعمالها كورقة مهمة للاستغلال السياسي وجلب أصوات الناخبين عبر استفادة جهات لا تتوفر فيها الشروط القانونية في ظروف غامضة، ما جعل العديد من الفعاليات الجمعوية تطالب بفتح تحقيق في العديد من الملفات في انتظار النتائج.
وقال عضو من لجنة تتبع الشأن المحلي إنه ولحد الآن لا زال التخبط هو سيد الموقف داخل المجلس الحالي، وإن الجميع في انتظار أن يكشف المجلس عن مشاريعه الضخمة لتحويل المدينة إلى قطب سياحي بامتياز كما يتم التصريح بذلك لوسائل الإعلام، منبها إلى أن الاعتماد على اقتصاد السياحة له شروط متعددة، من ضمنها استراتيجية الجودة في خدمات النظافة والقطع مع ظاهرة احتلال الملك العمومي بأنواعها لأنها تخدش جمالية المدينة وتكرس للعشوائية، فضلا عن معالجة المشاكل المرتبطة بالتهميش والإقصاء الذي يساهم في بروز ظواهر مشينة تحول المدينة والمنطقة برمتها إلى مستقبل للهجرة القروية من مختلف مناطق المغرب ما يطرح إشكالات معقدة في المستقبل في حال استمر الوضع على ما هو عليه.
وأضاف المتحدث نفسه أن فشل المجلس في معالجة ظاهرة الباعة المتجولين واستغلالهم لقلب المدينة، مرده إلى عدم توسيع مشاوراته مع الأطراف المعنية وأخذه بعين الاعتبار اقتراحات المعنيين من الجمعيات والمهتمين بالشأن العام المحلي، والدليل على ذلك هو أن بعض الجمعيات اقترحت بناء أسواق القرب داخل الأحياء لتجنب الاكتظاظ داخل المدينة، غير أن اقتراحها قوبل بعدم الاهتمام والتهميش.
يذكر أنه سبق لنائب إدعمار أن حذر بعض الباعة المتجولين بسحب استفادتهم من الأسواق إذا لم يلتحقوا بها في أقرب الآجال، غير أنهم لم يفعلوا إلى حد الآن بمبرر عدم جاهزية الأسواق المشيدة وغياب التنسيق معهم في اتخاذ القرارات التي يستفرد بها المجلس.
اتهامات لرئيس الجماعة
قال المكتب النقابي لتجار سوق سيدي طلحة إن رفضه استمرار رئيس حضرية تطوان إدعمار كمخاطب في الملفات الشائكة التي يعرفها السوق منذ سنين، مرده إلى فشل الحوار بين الطرفين ووصوله إلى الباب المسدود، حيث اتهم المكتب الرئيس باللعب على وترين باستقبال جمعية موازية تدعي تمثيلها للمستفيدين، والحديث عند استقبالهم عن أنهم الممثلون الشرعيون للسوق، قبل مفاجأتهم بإعداد دفتر تحملات دون استشارتهم أو إشراكهم في الموضوع سوى دعوتهم للتوقيع وفرض الأمر الواقع.
وأضاف أعضاء المكتب النقابي أنفسهم أن ملف السوق تعرض للاستغلال السياسي من طرف الرئيس، الذي سبق له أن رفض إنجاز محاضر حول بعض الاجتماعات، وحتى عندما أنجز يوما محضرا للاجتماع تفاجأ الأعضاء بإدراج بعض المعلومات التي لم تناقش ما جعلهم يرفضون التوقيع عليه، والآن السلطات المحلية والوالي هم المخاطب الوحيد في موضوع السوق، في انتظار حل المشاكل العالقة التي عمرت لسنين.
إلى ذلك، سبق لإدعمار أن قال إن النقابة هي من اختارت التوجه إلى السلطات المحلية، غير أنه لم يرد بتفصيل حول أسباب فشل الحوار رغم انتظار «الأخبار» أياما كي يجيب عن أسئلتها دون جدوى.
ومن جهة أخرى يستعد العديد من الفاعلين والمهتمين بالشأن العام المحلي، للقيام بأشكال نضالية سلمية وطرق جميع الأبواب من أجل إلزام المجلس بالاستجابة لشكايات المواطنين وأخذها بعين الاعتبار، خاصة منها تلك المتعلقة بصيانة الأعمدة الكهربائية التي تهدد حياة المواطنين وسبق لها أن قتلت مستشارا عن العدالة والتنمية، حيث نبه نشطاء على المواقع الاجتماعية الرئيس إدعمار إلى ذلك دون أن يحرك ساكنا، فضلا عن إهمال شروط السلامة الضرورية خلال الأشغال التي تقوم بها البلدية، بتركها لبعض الحفر الخاصة بغرس الأشجار عارية دون تنبيه أو تحذير، ما تسبب في إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف المارة، تطلب بعضها دخول مستعجلات المستشفى الجهوي «سانية الرمل» بالمدينة.
مشاكل التدبير المفوض
يشتكي العديد من المواطنين بتطوان من ضعف خدمات القطاعات الحيوية التي تكلفت بها شركات خاصة عن طريق التدبير المفوض، وضعف المتابعة الضرورية والمراقبة الموكولة للمجلس البلدي الذي، وعوض الوقوف في صف المواطنين، ينهج أحيانا سياسة اللامبالاة ومحاولة تدبير الأمر الواقع ليس إلا، في انتظار المجهول، حسب ما تحدث به إلى الجريدة مواطنون عند إنجاز هذا التحقيق.
وسبق أن خرج العديد من المواطنين للاحتجاج على شركة «أمانديس» المكلفة بتدبير قطاع الماء والكهرباء في إطار التدبير المفوض، بسبب غلاء الفواتير وإرهاق ميزانية الأسر، حيث تسببت مراسلة لرئيس الجهة في الموضوع وجهها إلى رئيس الجماعة الحضرية، في أزمة حقيقية داخل التحالف الذي انكب على دراسة مضمون الرسالة ومدى قانونيتها، عوض انكبابه على دراسة المداخل القانونية التي يمكن من خلالها إلزام الشركة باحترام بنود دفتر التحملات الموقع حفاظا على مصلحة المواطن وجودة الخدمات المقدمة.
وقال فاعل سياسي إن الاعتماد على المجالس الجماعية في مراقبة الشركات المكلفة بقطاعات حيوية في إطار التدبير المفوض، هو مغامرة غير محسوبة العواقب، لأن مجلسا مثل تطوان يكابد لاستمرار التحالف غير المتجانس، لا يمكن انتظار تحقيقه لإنجازات مهمة في مراقبة التدبير المفوض أو وضع استراتيجيات مهمة تغير وجه المدينة والعمل على تنزيلها بإشراك جميع القوى الحية في المجتمع.
هذا وخلقت أزمة الماء التي حدثت أخيرا جدلا واسعا داخل أوساط الرأي العام التطواني، بعد خروج الجماعة ببلاغات متعددة تتحدث فيها عن سلامة مياه الشرب ومطابقتها للمعايير المعمول بها، رغم استمرار تذمر المواطنين من الرائحة الكريهة والطعم الغريب ولجوئهم لمياه الينابيع. قبل أن يخرج مستشار استقلالي عن الأغلبية ويتحدث عن مشكل بإحدى المحطات وعدم تنقية القنوات من طرف المكتب الوطني للماء عند تغييره لنقطة جلب المياه، ما يؤكد بالملموس أن الاعتماد على المجلس في حماية مصالح المواطنين أثبت فشله بالارتباك الحاصل في انتظار نتائج الخبرة التي أمر بها رئيس المحكمة الابتدائية بتطوان.
يذكر أن مشكل انتشار الأزبال بالأحياء الهامشية ودروب المدينة القديمة، فضلا عن إهمال بعض الحدائق العمومية وتحولها إلى مزابل حقيقية يثير استياء المواطنين، ويطرح إشكالات حقيقية حول مدى التزام شركة النظافة بالاتفاقيات الموقعة وضعف المجلس في مراقبتها.