شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

هكذا خضنا المعركة ضد وزير الحرب الگباص

يونس جنوحي

اضطر محمد الطريس إلى إلغاء الرشاوى التي كانت تُقدم في الساحل، وفي دجنبر 1906، أعلن أن هناك ««محلتين» في طريقهما من فاس لكي تتم من خلالهما إعادة سلطة باشا طنجة والإطاحة بالريسوني.

احتمى الشريف بمنطقة زينات، ومن هناك أعلن تحديه للقوى الأوروبية.

كانت السفن الأوروبية ترسو في الميناء، في انتظار تطبيق مضامين ميثاق الجزيرة الخضراء. والسلطان، الذي كانت قواته وصلت في وقت سابق خلال شهر يناير، استعد للتعامل بشكل أسرع وأنشط مع القرار، أكثر من المعتاد.

يحكي الريسوني:

«كان لدي منزل كبير جدا في زينات. كان عبارة عن حصن مبني بالصخر، ونوافذه قليلة تُمكن رجالي من إطلاق النار. وعلى السطح يمكن للقناصة الاختباء خلف حاجز. ومن الأبراج يمكن للحارس أن يرى السهول كلها. أفراد جيش المخزن كانوا يخيمون أسفلنا، لكنهم كانوا في منطقة خارج نفوذنا، وكانوا مجموعة من الرجال المبتدئين، يرتدون لباس جنود المخزْن، لكنهم لم يكونوا يعرفون حتى كيفية الإمساك ببندقية.

كانت المدفعية على اليسار، بينما توزع الفرسان لحراسة الأجنحة. كان مشهدا رائعا في الصباح الباكر، عندما سمعنا صوت الأبواق التي تعلن تقدم جيش المخزْن. كان ممكنا رؤية عباءات الجنود وأعلام كبار الجيش، مثل سيدي محمد الگباص، وزير الحرب، ومولاي عبد السلام العمراني. كان منظر أفراد الجيش يبدو وكأنهم يشاركون في لعبة، بدون أي انضباط عسكري. كانوا يتقدمون إلى الأمام عبر فرق قريبة جدا من بعضها البعض، إلى درجة يمكن معها أن تخترق بعضها أو تقطعها تماما كما يقطع المنجل حزمة الذرة عندما يسبقها.

لم يأت أي رد من زينات، لكن فوق كل قمة تل خلفنا، وصولا إلى حدود بني مسوار، كانت أعمدة الدخان تتصاعد إعلانا عن النيران التي أضرمتها القبائل في الحقول.

عندما أصبح جيش المخزْن قريبا جدا منا، إلى درجة تمكن معها رؤية وجوه الرجال، قلت لأتباعي:

-الآن، كل واحد منكم يختار رجلا، وليتأكد أنه سوف يموت.

أطلقت البنادق النار من كل ثغرة، كما كان هناك قناص خلف كل صخرة، لكن لم يكن ممكنا رؤية أي شيء من الأسفل لأننا استعملنا بارودا بدون دخان. رد الجيش بطلقات من البنادق، لكن لم يكن أمامه أي هدف ظاهر لكي يطلق عليه النار.

أطلقوا النار على الصخور والأشجار، ومعظم الطلقات كانت موجهة نحو السماء.

ثم بدأت المدفعية! بوم».

جمع الشريف يديه ووضعهما فوق رأسه وكأنه يحمي رأسه، في منظر نادر وغير مألوف منه، وقال:

«تطايرت الأشلاء فوق رؤوسنا وقتلت بعض الطيور، وتتالت طلقات المدفعيات طوال اليوم، لكن واحدة منها فقط أصابت المنزل. لكننا تسببنا في خسائر أقل. كان هناك جبناء كثر في الجيش، كانوا يصرخون ويهربون كلما أطلقنا عليهم النار، ما أحدث الكثير من الضوضاء خشية أن نكتشف النقص الكبير لديهم في الشجاعة.

كان الفرسان يركضون بخيولهم في كل اتجاه، كما لو أنهم يشاركون في استعراض من تلك الاحتفالات الفروسية التي تقام على شرف الضيوف. توالت انفجارات المدفعية: «بوم.. بوم» وأحدثت ثقوبا في كل مكان، لكنها لم تضرب قربنا أبدا. كانت هناك حركة كبيرة، لكن لا أحد تقدم إلى الأمام.

في البداية، توسلت إليّ النساء لكي أرحل. كن يقلن لي:

-اهرب وانج بنفسك. إن حياتك مهمة جدا.

كن يتوسلن إليّ ويقبلن قدميّ. لكني قلتُ لهن:

-تأكدن أنه لا شيء سوف يؤذيني. لدي البركة.

الحقيقة أنني لم أهرب نهائيا من رصاص العدو. لقد بقيت في المكان الذي كنت فيه منذ البداية، سواء قبل طلقات المدفع، أو حتى خلال قصف الطائرات.

في نهاية ذلك اليوم، لم تُسجل أي خسائر عندنا. قرية واحدة فقط احترقت بمحاذاة الجبل. كان جنود المخزْن مشغولين بالنهب، ولم يكن لديهم الوقت للتقدم. وفي الأخير صاحت فيهم إحدى الخادمات من العبيد:

-آآي.. هل أنتم عوانس تستعدون للزواج حتى تحملوا معكم الفراش وتسرقوا الأثاث؟ من الأكيد أنكم لستم جنودا. ولن تختفي النساء ولن يتزوجن بسبب بشاعتكم».

كانت تقف فوق صخرة، ترتدي «الحايك»، ولم يجرؤ أحد منهم على إطلاق النار عليها، فقد اعتقدوا أنها ساحرة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى