شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرخاص

هكذا تم إسقاط أخطر مافيا إيطالية

 كواليس الضربة الموجعة لأشهر المافيات الإيطالية على مر التاريخ

من خلال «عملية يوريكا»، تمت الإطاحة بمافيا «ندرانغيتا» الأشهر في إيطاليا، بعدما انتزعت اللقب من مافيا كوزا نوسترا. وأسفرت هذه الضربة القاضية عن اعتقال أكثر من 155 شخصا في إيطاليا وألمانيا وفرنسا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا. وتعتبر عشائر «ندرانغيتا» الأشهر والأقوى، لاحتكارها سوق تهريب الكوكايين واستثمارها في عدة قطاعات أخرى وتغلغلها في عدة دول وثرائها الفاحش وقسوتها، التي مكنتها من السيطرة على عدد كبير من السياسيين والقضاة الإيطاليين واستهدافهم.

 

سهيلة التاور

 

 

شن عدد من الدول الأوروبية الحرب ضد مافيا إيطالية، من خلال «عملية يوريكا». وهي الضربة المدمرة التي استهدفت عشائر «ندرانغيتا» من سان لوكا، وذالك بعد أن تم اختراقها من قبل شرطي متخفي. وتمت دعوة الوكالات الأوروبية يوروبول للمشاركة في العملية، وتم تنفيذ مجموعة من العمليات في إيطاليا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا والبرتغال وسلوفينيا ورومانيا وبلجيكا.

وفي ألمانيا، نفذ المئات من رجال الشرطة مداهمات في خمس مناطق من البلاد، خاصة في الغرب والجنوب. وتستند تحقيقات الشرطة بشكل أساسي إلى جرائم «تهريب المخدرات وغسيل الأموال وتهريب الأسلحة والاحتيال ومختلف الجرائم الضريبية واسعة النطاق».

واعتبرت العملية بأنها «انقلاب على «ندرانغيتا»«، وهي منظمة إجرامية تأسست في منطقة كالابريا الإيطالية، وتعتبر أغنى وأقوى مافيا في إيطاليا، ولها دائرة ارتباطات تصل إلى أكثر من 40 دولة.

وعملت السلطات الألمانية في إطار «عملية يوريكا» بالتنسيق مع يوروبول ويوروجست. وتعتبر هذه العملية، التي انطلقت على المستوى الأوروبي منذ أكثر من ثلاث سنوات، «واحدة من أهم العمليات في السنوات الأخيرة في مجال الجريمة المنظمة في إيطاليا».

وفي المجموع، تم اعتقال 155 شخصًا، من بينهم 108 في إيطاليا، و24 في بلجيكا، و6 في ألمانيا، وصدرت 23 مذكرة توقيف أخرى في دول أوروبية مختلفة، بما في ذلك إسبانيا. وأدت العملية إلى ضبط 23 طناً من الكوكايين بقيمة 2.5 مليار أورو (2.6 مليار دولار أمريكي).

 

عشائر «ندرانغيتا»

كانت «ندرانغيتا» فرعا من كوزا نوسترا، المافيا الصقلية والنموذج الذي احتدته المافيات الأخرى. وجاء اسم هذه المافيا من الكلمة اليونانية  «andragathia » وتعني الشجاعة أو الولاء.

ويعود تاريخ العصابة إلى القرن الثامن عشر، ولا يقل عدد أفرادها عن 6000 رجل من 150 عائلة يعيشون في جزيرة كالابريا في جنوب غربي إيطاليا. وقد تخصصوا في الاختطاف مقابل المال، قبل أن ينخرطوا في استيراد المخدرات من أمريكا اللاتينية.

وتجني عصابة «ندرانغيتا» معظم أرباحها من تجارة الكوكايين، ولها علاقات مباشرة بالعصابات في المكسيك وكولومبيا، وتسيطر على 80 في المئة من تجارة الكوكايين في العالم. لكنها وسعت تجارتها ومجالات كسبها للأموال إلى قطاعات أخرى، ما جعل أرباحها تعادل نسبة 3.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لإيطاليا، التي تصنف بأنها الرابعة بين الدول الصناعية الكبرى. وتكشف التقديرات العامة لمجموع عصابات المافيا الإيطالية أن أرباحها تصل إلى نحو 120 مليار أورو (138 مليار دولار)، بينها نحو 53 مليار أورو (61 مليار دولار)، لـ«ندرانغيتا» من أعمالها حول العالم.

وكان العنف عاملاً أساسياً في صعود العصابة، إذ انخرط أعضاؤها في قتل ضباط الشرطة وتهديد القضاة. وتسببت الخلافات بين عشائر العصابة في أكبر إراقة للدماء؛ إذ قُتِل 600 شخص في حرب الثمانينيات.

نظام عائلي رصين وتنصيب «عرابين».

عرفت عصابات المافيا تاريخيا بنظام عائلي رصين وتنصيب «عرابين» في فروعها، وتميزت «ندرانغيتا» بهيمنة أسرة مانكوسو، التي رسخت سلطتها في العصابة من خلال علاقات ولاء مطلق متينة جدا مع آلاف المنتمين إليها. وخلال السنوات الأخيرة، تجاوزت «ندرانغيتا» عائلات المافيا الإيطالية الأخرى، مثل كوزا نوسترا في صقلية وكامورا في نابولي. وقد استفادت من تراجع وانحسار عصابة كوزا نوسترا تحديدا لتوسع نفوذها نحو معظم أنحاء إيطاليا، خصوصاً خلال العقد الأخير الذي بلغ فيه نفوذ المافيا حد اقتراح تقديم مليارات اليورو لمساعدة إيطاليا على مواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا في العام الماضي. وخلال السنوات العشر الأخيرة، توسعت أعمال عصابة «ندرانغيتا» من أقصى جنوب إيطاليا إلى 37 بلدا، بينها 17 في القارة الأوروبية.

واستناداً إلى مناصب الموقوفين عام 2019، والذين خضعوا لمحاكمة بتهم الاتجار بالمخدرات والقتل والابتزاز وغسل الأموال، بدا أن «ندرانغيتا» استطاعت اختراق ضباط الشرطة والسياسيين والمسؤولين الحكوميين السابقين. وتشير تحليلات إلى أن العصابة تهيمن على نحو 80 في المائة من أسواق الكوكايين في القارة الأوروبية، وتحتكر تماماً، منذ أن أزاحت عصابة كوزا نوسترا في صقلية، سوق تهريب الكوكايين من أمريكا اللاتينية وغيرها إلى أوروبا.

واللافت في عمل «ندرانغيتا» هو قدرتها على التأقلم بسرعة مع المتغيرات التي تحدث في إيطاليا وأوروبا، حيث وسعت تجارتها وأعمالها لتشمل أيضاً الطاقة الخضراء ومشاريع الاستدامة، من خلال استثمارات في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، كما تتكيف مع الأموال التي يضخها صندوق التعافي الأوروبي من جائحة كورونا، وهو ما حذر منه برلمانيون أوروبيون سابقاً، مشيرين إلى امتلاك هذه المافيا علاقات تشمل مستويات عدة في الدولة والمجتمع، وتمتعها بنفوذ يخيف السياسيين الإيطاليين منها.

وتستثمر العصابة أيضا في القطاع الزراعي، خصوصاً في محاصيل الطماطم ومشتقاتها، وتتهم بالاتجار بالبشر من خلال «استعباد» مهاجرين في مزارع تتحكم فيها، ويعملون فيها في ظروف سيئة تحت ضغوط الابتزاز وفرض إتاوات عليهم، مع منحهم رواتب متدنية جداً. وتحرس مزارع الطماطم في جنوب إيطاليا ووسطها جماعات تابعة للعصابة تتعاون مع الشرطة المحلية عبر منحها رشى تعرف باسم «5 أورو» عن كل شخص يعمل في المزارع.

 

المافيات الإيطالية الشهيرة

كوزا نوسترا

لعقود من الزمان، أرهبت المافيا الصقلية إيطاليا بتفجيراتها وقتلها، وكان أكثرها انتشارًا تلك التي تعرض لها القاضيان جيوفاني فالكون وباولو بورسيلينو في عام 1992.

لكن هذه الهجمات أدت إلى قمع شرس للدولة باعتقال قادتها التاريخيين، بما في ذلك، في يناير، ماتيو ميسينا دينارو بعد 30 عامًا من الهروب.

وفي السنوات الأخيرة، تبنت كوزا نوسترا، إستراتيجية أقل تعطشا للدماء للتسلل إلى الاقتصاد القانوني والإدارة العامة والشركات المحلية، ولها صلات  متعددة بالخارج، لا سيما مع نيويورك، وفقًا لأحدث تقرير صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأمريكية.

 

«الكامورا»

تنشط «الكامورا» في جميع أنحاء منطقة كامبانيا وعاصمتها نابولي، حيث تسيطر عشائرها على مناطق جغرافية مختلفة. لم تعتمد «الكامورا» على نواة الأسرة كما هو الحال داخل «ندرانغيتا»، مما أدى إلى جدالات متكررة بين العشائر التي لم تتردد في استخدام المراهقين للحفاظ على سيطرتهم على نابولي.

وخارج إيطاليا، اشتهرت «الكامورا» بشكل خاص منذ عام 2006 وكتاب روبرتو سافيانو، «جومورا»، تم إلى مسلسل تلفزيوني وفيلم سينمائي، وسرد تصرفات المافيا في سكامبيا، إحدى مقاطعات نابولي، التي كانت تُعتبر سابقًا أكبر سوق، في الهواء الطلق، للمخدرات في أوروبا.

إلى جانب تهريب المخدرات، والمشاركة في المناقصات أو التسلل إلى المؤسسات العامة المحلية، شاركت «الكامورا» بشكل كبير في الإدارة غير القانونية للنفايات السامة التي لوثت مناطق واسعة حول نابولي. خارج إيطاليا، تمتلك «الكامورا» معظم مصالحها في تجارة المخدرات وغسيل الأموال في إسبانيا.

 

«فوجيا»

يشار إليها أحيانا باسم «المافيا الرابعة» في إيطاليا، وهذه الجماعة الإجرامية التي تعمل في مقاطعة «فوجيا» المترامية الأطراف في المنطقة الجنوبية من بوليا هي أصغر مافيا في البلاد ، تمتد جذورها من مافيا «الكامورا». اليوم، تعتبرها السلطات المافيا الأكثر عنفا في إيطاليا.

وهي تستمد دخلها من ابتزاز الشركات المحلية والمزارعين وتهريب المخدرات من ألبانيا والسطو المسلح. نجحت مافيا «فوجيا» أخيرا، في اختراق المؤسسات العامة، بينما أدى ارتفاع معدل جنوح الأحداث إلى زيادة الشعور بعدم الأمان لدى سكان هذه المقاطعة.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى