شوف تشوف

الرئيسيةخاصمجتمع

هكذا تقاوم الأسواق القروية بعمالة طنجة الإهمال والنفايات

مجالس منتخبة مكبلة بضعف الميزانيات ومخاوف على صحة المستهلكين

تعتبر الأسواق الأسبوعية لطنجة بمثابة موروث اجتماعي، مرتبط بالثقافة الشعبية لقبائل اجبالة، لما توفره من خضروات طبيعية ولحوم قادمة من الضيعات الفلاحية الصغيرة للسكان القرويين. هذا الموروث أصبح اليوم مهددا، وتطوقه النفايات من كل جانب، بسبب غياب برامج واستراتيجيات خاصة لدى المجالس المنتخبة، نتيجة لضعف الميزانيات وغياب شركاء وداعمين. «الأخبار» زارت عددا من هذه الأسواق، ونقلت صورا عن الوضعية التي آلت إليها.

 

طنجة: محمد أبطاش:

 

 

 سوق العوامة.. معاناة وقبلة الطنجاويين

على بعد نحو 50 كيلومترا عن مدينة طنجة، توجد جماعة العوامة القروية التي أضحت الواجهة الخلفية لمشروع «مدينة محمد السادس طنجة تيك»، ورغم التقدم الحاصل بجوانب هذه الجماعة، إلا أنها لا تخلو من مطبات وعلى رأسها السوق الأسبوعي، حيث يتوجه إليه المئات من سكان هذه الجماعة إلى جانب المواطنين بعاصمة البوغاز، الذين يحبون التسوق بهذه الأسواق القروية، لما توفره من خضروات طازجة ولحوم حمراء وبيضاء قادمة من الفلاحين والكسابة المحليين، كما يساهم عامل القرب في توافد هؤلاء المواطنين من طنجة.

وإذا كان الجميع يقطع كيلومترات بغرض التسوق في أحسن الظروف، إلا أن «أربعاء العوامة» كما يحلو للسكان أن يطلقوا على السوق، أصبح مطوقا بالنفايات، كما أنه يقع بمحاذاة طريق رئيسية مما يساهم في تأزيم الوضعية، كما يشكو السكان والتجار من أرضيته غير المبلطة، وتزداد المعاناة أكثر مع حلول موسم التساقطات المطرية. وتمتد هذه المعاناة إلى قلب المجزرة الجماعية، التي تعيش هي الأخرى وضعا مأساويا، حيث تلقى مخلفات الذبيحة خلفها مباشرة، بدون وجود آليات لطمرها على الأقل، وهو ما يتسبب في تجمع الكلاب الضالة والقطط حولها وأسراب من الذباب.

وتقول أصوات من عين المكان إن هذا الوضع أصبح مثيرا للتوجس والقلق، فلا يعقل أن جماعة العوامة التي تعتبر الأقرب لأنفاس البوغاز، لا تتوفر على سوق أسبوعي في مستوى التطلعات، متسائلة عن دور المنتخبين بشأن هذه المسألة، مع العلم أن هناك المئات من الشركات الاستثمارية والمجالس الجهوية مستعدة للتعاون، لكن لا أحد طرق أبوابها، تقول مصادر مطلعة على شأن هذه الجماعة.

من جهتها، أشارت مصادر داخل جماعة العوامة في حديث لـ«الأخبار» إلى أن المجلس الجماعي الحالي يستعد لطرح هذه القضية على المجلس الإقليمي الوصي، نظرا لوجود عدد من المنتخبين ممثلين بهذا المجلس. مؤكدة أن الجماعة الحالية بمكتبها الجديد وضعت على رأس أولوياتها رهان تأهيل السوق الأسبوعي، حتى يتسنى تفادي الوضع القائم، وأنها ستعلن خلال الدورات المقبلة عن الاستراتيجية التي ستشتغل عليها مع جميع المتدخلين والشركاء.

 

سوق الزينات.. جماعة مكبلة ومخلفات المجزرة

ضمن الأسواق القروية التي تعرف وضعا مريبا على مستوى عمالة طنجة أصيلة، يوجد السوق الأسبوعي لمنطقة سبت الزينات، حيث بات واجهة للإهمال، فبالإضافة إلى بنياته التحتية التي تعاني أصلا الأمرين، فإن وضعية المجزرة أصبحت مثيرة للقلق.

وإلى جانب النفايات المترتبة عن يوم كامل من التسوق، فإن هذه المجزرة العشوائية تعيش وضعا مأساويا، حيث تلقى مخلفات الذبح والسلخ وسط باحتها، من دون تخصيص مكان لحماية المستهلكين، ناهيك عن وجود العشرات من الكلاب الضالة والقطط، الذي قد تنقل الأمراض إلى الأغنام والأبقار التي يتم ذبحها، وسط هذا السوق.

وتقول أصوات من عين المكان إن هذا الوضع مثير للقلق، في حين أضحى المجلس الجماعي لسبت الزينات الذي لا يبعد سوى بأمتار عن السوق مكبلا بفعل ضعف الميزانيات والمداخيل، وسبق أن تمت برمجة ميزانيات لهذا الغرض، لكن دون جدوى تقول مصادر قريبة من الجماعة، مشددة على أن الرهان يبقى على مجموعة جماعات البوغاز، لطرح مسألة النظافة حتى يتسنى أن تصل الشركة المتعاقد معها إلى عين المكان. كما أن مداخيل الجماعة المذكورة من الضريبة المفروضة على المحال لا ترقى إلى مستوى اقتناء شاحنة، ويبقى الرهان على مجلس العمالة لبرمجة ميزانيات لهذا الغرض.

هذا الوضع المريب دفع في مرات متكررة السكان إلى مراسلة ولاية جهة طنجة، مطالبين بالتدخل لرفع الأضرار التي تخلفها المجزرة الموجودة بالسوق الأسبوعي بالجماعة، وذلك بسبب عدم توفر شروط النظافة بها، حسب شكايات السكان، وأيضا اختناق المجاري الصحية في ظل الوضعية الكارثية التي توجد عليها، حيث تنبعث منها روائح كريهة وعطنة تؤذي السكان، مهددة صحتهم وسلامة بيئتهم.

وبالعودة إلى شكايات الساكنة، فإن انتشار بقايا نفايات الذبائح وتزايدها ينذر بكارثة بيئية خطيرة، لما تسببه من انتشار للقاذورات والميكروبات بكل أطيافها، سيما أن المجزرة تقع بمركز حيوي بالمنطقة، حيث توجد في مركز الزينات، وجل المرافق الحيوية والضرورية قريبة لها من مدرسة ومستوصف وإدارة ومقاه، كما يثير هذا المنظر التقزز في صفوف الزوار والمستهلكين.

وأشار السكان في شكاياتهم إلى أن ما يزيد الأمر تفاقما هو أن السوق لا يتم تنظيفه بتاتا من طرف المقاولة المكترية له، بالرغم من أن دفتر التحملات يلزمها بذلك، مما يؤدي إلى تفاقم الروائح الكريهة، سيما مخلفات الأسماك، وتشويه البنية الجمالية للمنطقة. وأكد السكان أنه نظرا لخطورة مخلفات هذه المجزرة على الصحة العمومية وعلى البيئة، يتطلع الجميع إلى تدخل عاجل من المسؤولين، لضمان حق الساكنة في بيئة نظيفة وصحة سليمة.

 

سوق اكزناية.. سوق وأوحال وتقدم

رغم أن ما تزخر به جماعة اكزناية باعتبارها المدخل الرئيسي لطنجة، إلا أن سوقها الأسبوعي أضحى كارثيا، وتزداد المعاناة أكثر مع التساقطات المطرية، وبسبب هذه الوضعية، بات التجار يفضلون رصيف الشارع لعرض تجارتهم بعيدا عن قلب السوق الأسبوعي، نظرا لوضعيته.

وتقول مصادر متتبعة لهذا الوضع إنه من المفارقات العجيبة التي تميز واقع جماعة اكزناية بطنجة، هي أن هذه الجماعة التي تحولت إلى جماعة حضرية تسير بسرعتين متفاوتتين، سرعة سريعة على مستوى نهج سياسة الأقطاب العمرانية التي أحدثت داخل نفوذها الترابي، مثل مدينة ابن بطوطة، ومنتجعات الغابة الدبلوماسية وهوارة، وكذلك المطار الدولي والمنطقة الحرة، باعتبارها أكبر منطقة حرة بالمغرب، والمنطقة الصناعية، ثم سرعة نكوصية بطيئة على مستوى تقدم المرافق العامة التي يحتاج إليها سكان الجماعة، سيما السوق الأسبوعي، لأن الجماعة ما فتئت تسجل تراجعها في هذا المجال.

ففي عهد المجلس القروي السابق الذي لم يكن لديه من الموارد سوى مداخيل مقلع الرمال بشاطئ هوارة، كان يتوفر آنذاك على سوق مهيكل ومجهز بالمرافق الضرورية، حيث كان يضم مجزرة ومحالا تجارية ورحبات خاصة بعرض البضائع، وسوقا للماشية، ومنطقة مشجرة، هذا فضلا عن موقعه الاستراتيجي الذي كان يحتل مدخل القرية على مقربة من الطريق الرئيسية.

 لكن لما ارتقى المجلس إلى مرتبة الجماعة الحضرية، التي أضحت تتوفر على الإمكانات والمؤهلات التي تمت الإشارة إليها سابقا، أصبح مفقرا لا يتوفر على سوق، بعد قيامه بالتضحية بهذا السوق وتقديمه قربانا، أي مقابلا أو بديلا يعوض الجماعة عن فقدانه. وكانت الخطة تقتضي الإعداد لمرحلة ترحيله إلى منطقة أخرى، رغم معارضة التجار والسكان لهذا القرار. فكانت البداية هي رفع اليد عنه من أجل أن يعرف طريقه نحو التدهور، ثم التلاشي، إلى أن حلت ساعته الأخيرة بعد أن تحول إلى مجرد مزبلة.

 ونبهت المصادر إلى أنه يستوجب البحث عن الحلول الملائمة لوضع حد للمشاكل القائمة، وذلك بالعمل على توفير الفضاء الملائم، وتجهيزه وتوفير البنية التحتية التي تجعله سوقا أسبوعيا مؤهلا بصفة مؤقتة، في انتظار طرح مشاريع مستقبلية تتعلق بإحداث أسواق للقرب موزعة على مختلف المناطق السكنية، وكذلك إيجاد سوق مركزي وسط مركز الجماعة، ففي غياب هذه الإجراءات ستظل الجماعة تعاني من مشاكل لا حصر لها، بسبب سوء اختيار موقع السوق الذي يرتبط بالطريق الوحيدة التي تخترق مركز جماعة اكزناية، وهي طريق ضيقة تمر وسط الأحياء السكنية، ولا تصح أن تكون أداة للربط بالسوق، كما تكثر بها المنعرجات، مما يتسبب في اختناق حركة السير والمرور يوم السوق، بشكل يساهم في عرقلة مصالح السكان ويتسبب في وقوع مشاكل لا حصر لها. هذا فضلا عن الأخطار المرتبطة بهذه الوضعية الشاذة على صعيد جماعة، يفترض فيها أن تستفيد من الدروس وتسعى إلى البحث عن سبل الرفع من مستوى أدائها وخدمة مصالح الساكنة، بكل طواعية وإخلاص. ومن جهتها قالت مصادر مسؤولة من داخل جماعة اكزناية، إن هذا السوق الأسبوعي تمت برمجة ميزانية خاصة له، بغرض تأهيله وإلحاقه بأسواق القرب التي توجد بمدينة طنجة، وهي الأسواق النموذجية التي يتم فيها مراعاة مسألة البيئة وصحة المستهلكين، ثم الأمن والبنيات التحتية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى