شوف تشوف

بانوراما

هكذا تراقب القوى الدولية ملايير الأشخاص عبر بياناتهم على المواقع الإلكترونية

إعداد : سهيلة التاور

مقالات ذات صلة

منذ ظهور (ظاهرة إخفاء الهوية) على الأنترنيت، والآراء تتضارب حولها. فجميعنا تتولد لدينا، في بعض الأحيان، الرغبة لتغيير هويتنا حسب الظروف التي نتواجد فيها. وهذه الفكرة لقيت ترحيبا من قبل الديمقراطيات، حيث تناشد التخفي وراء أسماء مستعارة محافظة على الآراء ووجهات النظر. ومن جهة أخرى، لو كنت «صريحا» على الأنترنيت فإنك بذلك تمنح حظوظا كثيرة لمُراقبيك للاطلاع على معلوماتك الشخصية، وبالتالي التجسس عليك بكل حرية.

ماذا يسجل مزود خدمات الأنترنت عنك؟
إن الجهة التي تصلك بالأنترنت هي إما مزود خدمات أنترنت الرئيسي «ISP»، الذي تشترك معه، أو كمبيوتر مؤسستك، إذا كانت تتصل بأنترنت عن طريق خط خاص مؤجر «leased line». أما مستضيفوك فهم: المواقع التي تزورها وأنت تبحر في عباب أنترنت. فمزودك بخدمة الاتصال بأنترنت «ISP»، له الصلاحية الكاملة بالاختراق الشامل. أما المواقع التي تزورها، ومنتديات الحوار التي تشارك فيها، أياً كان نوعها، فتقوم بالاختراق الجزئي، لكنه خطر، أحيانا.
يمكن لمزود خدمات الأنترنت، من الناحية النظرية، أن يكتشف كل أفعالك عندما تتصل بالشبكة، ويشمل ذلك، عناوين المواقع التي زرتها، ومتى كان ذلك، والصفحات التي اطلعت عليها، والملفات التي جلبتها، والكلمات التي بحثت عنها، والحوارات التي شاركت فيها، والبريد الإلكتروني الذي أرسلته واستقبلته، وفواتير الشراء التي ملأتها، والخدمات التي اشتركت بها. لكن، تختلف من الناحية الفعلية، كمية المعلومات التي يجمعها مزود خدمات أنترنت عنك، باختلاف التقنيات والبرمجيات التي يستخدمها. فإذا لم يكن مزود الخدمة يستخدم مزودات «بروكسي» (تتسلم وتفلتر كل طلباتك)، و(برمجيات تحسس الحزم « «packet sniffer» « تحلل حركة المرور بتفصيل كبير)، فقد لا تسجل عنك سوى بياناتك الشخصية، ورقم «IP» الخاص بالكمبيوتر المتصل، وتاريخ وزمن اتصالك بالشبكة، وانفصالك عنها.

استراتيجية «غوغل»
فحتى تتمكن شركة «غوغل» من العمل في أكثر من 219 دولة تتفرع فيها، يجب على محرك بحثها العملاق أن يتبع القوانين والتعليمات المتبعة بكل دولة، وهذا يتطلب من «غوغل» إزالة بعض من محتواها أو نتائج بحث محركها في عدد من المواقع الإلكترونية.
ورغم أن الشركة نشرت،أخيرا، تقريرا للشفافية، فإنها لم تذكر عدد الطلبات الحكومية التي وافقت على تنفيذها، بل اكتفت بذكر عدد منها في تقريرها:
«تركيا»
تعمل الشركة على إزالة الروابط التي يمكنها أن تأخذ المستخدمين لمواقع مسيئة لمؤسس البلاد مصطفى كمال أتاتورك، وهو أمر غير قانوني فيها.
«تايلند»
إن الإساءة للعائلة المالكة في البلاد هو أمر مخالف للقانون، لذا فإن «غوغل» يقوم بحذف مقاطع «اليوتيوب» التي تحوي إساءة للملك بوميبول أدولياديج.
«ألمانيا وفرنسا وبولندا»
من الممنوع نشر ما له أي صلة بتأييد الحركة النازية أو أي محتوى ينفي المحرقة اليهودية، ولا يمكن أن تظهر المواضيع المرتبطة بالحركة في محرك البحث بـ«غوغل» في هذه البلاد.
وتشير الشركة الى أنها ضد أي محتوى لأفلام إباحية تظهر أطفالا، وهو ما يعتبر مخالفاً للقانون في الولايات المتحدة، وتعمل الشركة على مراقبة تحركات المستخدمين في هذا المجال، حتى ولو لم تحوِ تلك البلاد قوانين مانعة للأفلام الإباحية التي تظهر الأطفال.
وعندما تطلب حكومة بلد ما إزالة موضوع معين من محرك بحثها، فإن محامي الشركة يبحثون في القضية ويقررون في ما لو كان المحتوى يخالف بالفعل القوانين المتبعة في الدولة المطلوبة، حتى يتخذوا قرار حذف المحتوى من عدمه، وفي أغلب الأحيان تتناقش الشركة مع مسؤولي الدولة لتحديد مدى الحذف المطلوب قدر الإمكان، وفي عدد من الحالات قد ترفض الشركة الطلب، وسيعود القرار إلى الدولة بحذفها المحتوى بشكل مستقل من عدمه.
وفي كل مرة يراقب فيها «غوغل» تحركات المستخدمين، تضيف تلك المعلومة إلى تقرير الشفافية الصادر عن الشركة، كما توفر الشركة رابطا للدخول إلى موقع «chillingeffects.com»، الذي يقوم عليه مركز «بيركمان» التابع لجامعة «هارفارد»، والذي يسجل المحتوى الذي تتم مراقبته عبر الأنترنت.

أجهزة التعقب على «الفايسبوك» و«غوغل»
بعد سنوات قليلة، ستتمكن المخابرات ورجال الشرطة من اعتقال كل شخص خارق للقانون بعد ساعات فقط من قيامه بفعلته. وذلك بفضل كاميرا المراقبة، التي التقطت كل تفاصيل الجريمة، لبنك التعرف على الوجوه وليس ذاك التابع لـ«الأنتربول»، ولا حتى ذاك التابع للشرطة الوطنية، بل هو «الفايسبوك»، موقع التواصل الاجتماعي الذي يخزن أزيد من 250 مليار صورة لمستخدميه أو أصدقائهم. فمعدل نجاح برنامجه الخاص بالتعرف عن الوجوه «Deepface» يصل إلى 97,25 في المائة، ويفوق حتى أقوى البرامج المعلوماتية التابعة للقوات الرسمية (85 في المائة).

أنظمة جديدة
بفضل تقنياتهما واللوغاريتمات التي يتوفران عليها ذات إمكانية وضع اسم كل شخص على صورته، تحليل البريد الإلكتروني لكل شخص، الصور، الفيديوهات، التعليقات، فإن «غوغل» و«الفايسبوك» تمكنوا من تبني أنظمة جد متطورة. إنهم أصبحوا يتاجرون في العالم بأسره، بملايير المعلومات التي يأتون بها عن طريق المعلومات الذاتية التي نقوم بتسجيلها بمحض إرادتنا عند ولوجنا البرامج والتطبيقات الخاصة بهم، والتي تسمح لهم بدورها بتشكيل عدة وسائل للمتاجرة بها. ففي سنة 2025، فإن هؤلاء العمالقة سيتمكنون من توفير معلومات أكثر من تلك التي في أيديهم الآن وأكثر تدقيقا وخطورة، والأهم من هذا أنها لن تكون موجهة دائما لغاية أمنية سليمة مائة في المائة. فمثلا يمكنها أن تساعد الشركات في التجسس على مكاتب الدراسات المنافسة، من تحديد الاستراتيجية التي يعتمدونها، وكذا من سرقة العروض المقدمة لهم.

اتفاقيات مع «غوغل» و«الفايسبوك»
مع الأيام، سيصبح «غوغل» و«الفايسبوك» و«آبل» فروعا مساعدة للشرطة السلطوية. فنظرا للأزمة والقيود المفروضة على الميزانية، أصبحت الحكومات جد منهكة، وبدلا من قيامها بعملية البحث ستلتجئ إلى هؤلاء العمالقة لشرائها جاهزة وبدون عناء. فمقابل مبلغ معين من اليورو، ستمكن هذه المعلومات الخاصة من تمييز، تحديد، واستدعاء الملايين من الأشخاص المتهمين وكذا المشكوك فيهم في قضايا يعاقب عليها القانون.
إن هذا التطور جاري به العمل حاليا. فمن الذي قاد المغني جون لوك لاهاي إلى المثول أمام المحكمة؟ المراهقة الضحية؟ أبواها؟ الكلاب البوليسية للشرطة الوطنية؟ إنه أكيد «الفايسبوك»، أو بالأخص واحد من اللوغاريتمات الخاصة به. فتجب معرفة أن في سنة 2012، بدأت الشركة تستعمل برامج لتسجيل كل الرسائل الخاصة وتحليل الصور المتبادلة، وعند حدوث أي تصرف غير طبيعي، يتم تحديده والإعلان عنه من طرف الروبوهات، ثم يتم تدخل الأمن الوطني أو الدولي. فهذا تماما ما حصل بالنسبة للمغني جون لوك، الذي كان يستعمل «الفايسبوك» للمحادثة مع تلك المراهقة.
فهنا نحن أمام قضية يعاقب عليها القانون، كما أن هناك قضايا أخرى من نوع آخر يدخل فيها «غوغل» ضيف شرف. إن «غوغل»، بفضل روبوهاته يسجل كل رسائلنا التي نتبادلها عبر البريد الإلكتروني، والتي تستغلها لترسل لنا الدعايات التي تتناسب ورغباتنا، شخصيتنا واهتماماتنا. كما أنها جعلت، في أنظمتها، إمكانية الإشارة إلى أي محتوى يتضمن مشاهد خليعة أو شكل من أشكال الاعتداء الجنسي على الأطفال، إذا تمت مشاهدة ذلك في حساباتنا الخاصة على الأنترنت. مجموعة من القضايا أبانت عن أن هؤلاء العمالقة يعملون بشراكة مع «NSA» (الوكالة الأمنية الوطنية)، إلا أنهم كلهم ينكرون هذا خوفا من فقدان مستخدميهم والإقلاع عن استخدامهم، ولكن إدارة أوباما أكدت وجود برنامج يمكن من الولوج، لأهداف استخباراتية داخلية، إلى المعلومات الخاصة بالمستخدمين المقيمين بالخارج. على حسب ما نعلم، فهذه الشراكة بين الشركات الرقمية وخدمات التجسس والشرطة، غير مطبقة بشكل جدي وحازم، إلا أنها ستتطور بالتأكيد، خلال العشر سنوات القادمة، حيث إنه إذا كان من المفروض 20 وكيلا لتتبع شخص واحد 24 ساعة على 24، فبفضل «غوغل» و«آبل» سيتم تتبعه بكل سهولة وكشف ما يفعله طوال اليوم، وكذا معرفة تنقلاته بدون عناء، حتى عن طريق نظام تحديد الموقع الجغرافي المحمل على الهواتف الذكية. وهكذا ستتمكن الشرطة من إلقاء القبض على الخارقين للقانون في وقت أقل.

كيف يمكنك أن تحمي خصوصيتك؟
إذا كنت ستشارك بطريقة عادية، وتستخدم الخدمات والشركات العالمية نفسها على شبكة الأنترنت، فالإجابة الصريحة هي: لا يمكنك، لم تعد هناك الآن خصوصية على الأنترنت، وكل شيء تقوم به هنا قد يتم كشفه، كل شيء عنك حرفيًا، هذا أمر عليك تقبّله في النهاية.
في كل الأحوال، هناك العديد من النصائح التي قد تحسن من خصوصيتك وتحميها على شبكة الأنترنت، قد ترى هذه النصائح «مستحيلة» في حال كنتَ شخصا اجتماعيا، ولكن لا يمكنك فعل غير هذا في حال أردت منهم ألا يعرفوك حقًا، وإلا فعليك أن تتقبل الحقيقة السابق ذكرها..
استخدم متصفح «Tor»، هذا المتصفح هو عبارة عن شبكة لا مركزية للاتصال بالأنترنت، لن يكونوا قادرين على تعقبك غالبا في حال استخدمته، ولن يلتقطوا عنوان الـIP» » الحقيقي الخاص بك، يمكن استخدامه مثل كاسر «بروكسي» أيضا. من الأفضل، كذلك، أن تستخدم إضافات الأمن والحماية على متصفح «الويب» الذي تستعمله.
لا تضع معلومات عامة عنك على مواقعك الاجتماعية، لا تقل لهم أين تعمل ومتى تخرجت وماذا أكلت اليوم، كل هذه المعلومات يمكن استخدامها من طرفهم لتعقبك وتحليل شخصيتك إن أرادوا. إن كان يمكنك المشاركة باستخدام اسم وهمي فلا بأس.. يمكن أن تمتلك حسابين مثلا، حساب وهمي للأمور «السياسية» وضد الهيمنة تقوم بالولوج إليه دوما باستخدام متصفح «Tor»، لكي لا يتم حفظ عنوان «الآي بي IP»، والحساب الآخر تلج إليه باسم عادي.
فطبعا الوعي مفيد، لا تقم بتثبيت أي برنامج غير موثوق، لا تقم بتحميل إضافات لست واثقا منها. والأفضل أن تبحث عن بدائل للخدمات العالمية التقنية التي تستخدمها، مثل «DuckDuckGo » بديلا لـ«غوغل»، و«Owncloud» بديلا لـ«Dropbox»، عليك البحث عن بدائل جيدة وآمنة لهذه الخدمات.
كما أن هاتفك الذكي هو أكبر وسيلة لتعقبك. يمكنهم تسجيل صوتك وأخذ فيديوهات وصور باستخدام الكاميرا إن أرادوا دون أن تشعر. من الأفضل لك أن تستخدم أحد الهواتف الذكية التي تعمل بنظام مفتوح المصدر، مثل «Tizen» أو«Sailfish OS»، وغيرهما، أما «الأندرويد» و«IOS»، فهما مملوكان لـ«غوغل» و«آبل»، ومرتبطان جدا بخدماتهما ويمكنهم الوصول إليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى