نخصص هذا الملف كاملا لفوز الروائي العماني زهران القاسمي بجائزة البوكر العالمية للرواية العربية عن روايته «تغريبة القافر». وإذا كان أغلب النقاد والقراء أشادوا باستحقاق فوز هذه الرواية الغنية بمضمونها ولغتها: فصاحبها شاعر أيضاً، ومضمونها متفرد يتعلق بصراع الإنسان مع الطبيعة من خلال رمزية الماء. إلا أن المتتبعين لدورات هذه الجائزة المهمة يلاحظون أن الرواية المغربية مجرد «أرنب سباق» في الجائزة. إذ ما أن تعلن لجان التحكيم عن روايات مغربية جميلة وثرية بلغاتها وأساليبها ومضامينها، في اللائحتين الطويلة والقصيرة، ويتنفس الأدب المغربي هواء الفوز، حتى تزيغ إلى غيرها. بل إن محمد الأشعري، الفائز المغربي الوحيد بالجائزة سنة 2011، عن روايته «القوس والفراشة»، لم يفرح بها لوحده، إذ كانت مناصفة مع الروائية السعودية المجيدة رجاء عالم عن روايتها «طوق الحمام». ولم يكن الأشعري المغربي الوحيد في لائحة الجائزة، بل نافسه عليها وبقوة بنسالم حميش، الذي أطلق النار، بعد إعلان النتيجة، على لجنة التحكيم، قائلاً إن الجائزة «لا مصداقية لها.. فمن غير المقبول ومن غير المعقول أن تضم لجنة التحكيم شعراء.. فالعارف بالرواية هو الذي يتعين أن تكون لديه الأسبقية.. أعتقد أن هذا يدخل في إطار الفوضى والاستخفاف بهذه الجائزة…»
محمود عبد الغني :
توالت السنين، سنة بعد أخرى، وصعدت روايات مغربية إلى اللوائح المرشحة للفوز: «ممرّ الصفصاف» لأحمد المديني سنة 2015، «المغاربة» لعبد الكريم الجويطي، «وهوت ماروك» لعدنان ياسين سنة 2017، «غرب المتوسط» لمبارك ربيع، و«بأي ذنب رحلت» لمحمد المعزوز، سنة 2019، «حياة الفراشات» ليوسف فاضل، و«الملف 42» لعبد المجيد سباطة سنة 2021، «بيتنا الكبير» لربيعة ريحان، و«معزوفة الأرنب» لمحمد الهرادي سنة 2023. فهل المغاربة مجرد أرانب في جائزة البوكر العالمية للرواية العربية؟
«تغريبة القافر».. حكايات مريم العمانية غريقة البئر
نبيل سليمان
يفتتح الشاعر والروائي العماني زهران القاسمي روايته «تغريبة القافر»، (دار مسكيلياني 2021)، بمشهد سينمائي آسر تتخطفه شخصيات عابرة، ولكن لكل منها علامتها الفارقة التي لا تنسى، مثلما سيكون شأن الشخصيات العابرة من بعد في الرواية كلها. وبتلك العلامة الفارقة – أو بأكثر من علامة – تتحول الشخصيات من نكرات إلى معارف، كما هو في المشهد الافتتاحي، الشايب حميد بو عيون الثمانيني ذو البصر الحديد، ولذلك سُمّي بو عيون، وكما هو سيف بن حمود الذي يجد لكل معضلة حلاً، والذي يأخذه الذعر عندما يحدّق في عيني المرأة الغريقة، فيصدعنا: «الغريقة تشوف، كلتني كلتني عيونها».
للمشهد الافتتاحي حدثه المدوي الذي ستظل أصداؤه تترجّع في الرواية، وهو العثور على جثة مريم بنت حمدود غانم غريقة في البئر، بينما كان زوجها عبد الله بن جميل «البيدار» يعمل في الضواحي. وإذا كانت الغريقة وزوجها والوعري سلام ود عامور من الشخصيات المحورية في الرواية، فالشخصيات الثانوية تتوالى نكرات/ معارف. فخالة الغريقة، عايشة بنت مبروك تهدر أن في بطن الغريقة حياة، فهي حامل، والشيخ حامد بن علي يحكم: «بو فبطنها أولى به الدفن» أي «اللي» فبطنها. لكن بوعيون يعترض، وكاذية بنت غانم تشق بطن الغريقة وتُخرج الجنين حياً.
قصة الغريقة
يعقب هذا الحدث ملخص سردي لقصة الغريقة التي كانت أفضل من يطرّز الثياب في قرية المسفاة، والمبتلاة بالصداع. وقد كوى المداوي رأسها ليبرئها مما قدّر أنه الشقيقة، لكن الصداع لم يكُن ليتبدد إلا حين تدخل مريم رأسها في عمق البئر، قبل أن تدفنه في الدلو. وطالما حلمت مريم بحبل البئر، حتى إذا أفاقت فجراً، ومضت إلى البئر، أمسكت بالحبل مستجيبةً للهمس الذي يناديها من أعماق البئر: «تعالي تعالي». وبهذه الميتة، ثم بالدفن حيث لا يفتأ المطر يملأ القبر، كما بولادة الطفل الذي سيحمل اسم سالم، تبدأ الغرائبية تلعب في الرواية. ولنسرع إلى القول إن ذلك غالباً ما يتعلق بالطبيعة العمانية الفريدة، مثلما يتعلق بالحدث أو الفضاء أو الشخصيات.
وبعد الخراب، يعيد الناس الحياة إلى المسفاة. وعلى المرء أن يتهجّى أسماء عناصر الطبيعة العمانية التي تطرز الرواية: شجرة الزام والسدر والغاف والنخيل والسمر والأثل والحبن والحلف وطيور الرقراق وأم البوبوة والثعالب والوعول والظباء والأرانب… أما المياه في الينابيع والأفلاج و…، فشأن آخر هو الأكبر في الرواية، كما سيلي.
الحب والطبيعة
يقترن حضور الطبيعة بتجليات الحب في الرواية. فعندما حضرت نصرا صغيرة مع أمها إلى بيت كاذية بنت غانم، ورآها سالم ابن الغريقة: «سكنت في داخله مثل سكون الينابيع في قلب الحجر». وعندما رآها كبيراً، بدأ ينصت إلى ينبوع ضئيل يسيل متدفقاً خجلاً في أعماقه، وهاتان الصورتان هما من أرومة ما سيكون عليه شأن سالم مع المياه والأفلاج، مثل صورة آسيا التي أرضعت سالم وسكنها كطفلها، فلمّا ناداها أول مرة ماماه، «بكت بحرقة كفلجٍ نشيط رُفع الصوار عن قنواته».
بمتابعة الغرائبي كعلامة كبرى لرواية «تغريبة القافر»، هوذا سالم ود الغريقة طفلاً يلصق أذنه بالأرض كأن أحداً يناديه من الأعماق، ثم يصيح: ماي ماي، فتخاف عليه آسيا من المسّ والمرض. وقد نهشته الألسن جراء ذلك، مستعيدةً غرق أمه، وصار الجميع يتحاشونه ما عدا فتاة مشلولة، فتوقف عن الإنصات إلى خرير المياه الجوفية لينجو من الألسنة. ويتواتر حضور الجن معززاً الغرائبي، وآية ذلك الحكاية التي يتذكرها سالم وهو يواجه نهايته التراجيدية. والحكاية تعزو حفر الأفلاج إلى النبي سليمان، حين مرّ بعمان على بساط الريح، وعطش، فهبط ليشرب، لكن البلاد قاحلة، لذلك أمر الجن بحفر الأفلاج، فحفروا في الصحاري والوديان، وشقوا الصخور والجبال، حتى قيل إنهم حفروا أكثر من ألف فلج في ليلة واحدة. وكان سالم الذي سيُعرف بما لقّبته به كاذية بنت غانم: «القافر»، قد اختفى بعد زواجه بنصرا، فقيل لها إن أهل الأرض السفلية أخذوه من الفلج، وقيدوه في بلادهم حيث لا موت ولا حياة.
ولما طال الاختفاء، أخذ أهل نصرا يلحفون عليها بالزواج، فجددت الأسطورة الإغريقية التي جاء بها هوميروس في «الأوديسيا»، فترفض بنيلوبي زوجة أوديسيوس، ملك إيثاكا الزواج بعدما طال غياب زوجها، متعلّلةً بحياكة كفن لحميها، وكانت تنقض كل ليلة ما حاكته في النهار. أما نصرا، فكانت تغزل الصوف، وتسمّي كل خيط باسم واحد من الأفلاج التي دخلها زوجها. وقد سمّت خيطاً بـ«العفريت» لأنها سمعت حكاية فلج العفريت الذي يُقال إن عفاريتَ من الجن شقوه في ليلة واحدة. وكان كل خيط يستغرق أشهراً، «وكل حكاية تنسجها تكبر وتكبر، الخيوط تتوالد، والأفلاج تتكاثر، والأسماء التي تمنحها إياها لا تُنسى ولا تتشابه». وبذلك امتدت عدّة نصرا بعد رملتها، فدأبت على القول: «من يقولْ لي المغزل خلصت، تكون عدّتي خلصت، وأكون أنا جاهزة» وهذا ما لن يكون.
حكاية الخاتم
في حكاية الخاتم الذي ورثه مسيعيد من أبيه، أن للخاتم أعمالاً روحانية تكرّم حامله وتعلي من شأنه في عيون الناس، وهو ما جعلهم يقدّرون والد مسيعيد حتى مماته. ولكن للخاتم دعواه في ضاحية القعتة حيث كان مسيعيد، وحيث يسكن سالم ونصرا. فالخاتم ينادي من يسكن ذلك المكان الملعون، بصورة تتبدل كل مرة، وهذه المرة جاء بصورة ماي (ماء) نادت سالم، فلبّى النداء حتى الاختفاء، لتتحدث القرية من بعد عن امرأة تجلس قرب حافة بئر الغريقة، تضع يديها على الحافة وتحني عنقها مدخلةً رأسها في البئر لمدة طويلة، فتردد الألسن أن الحرمة تسمع كلام أهل الطوي، وتردد أن الغريقة مريم تكلم هذه الحرمة نصرا، كما كانت تكلم ولدها سالم.
حاولت القرية أن تشق الفلج فأخطأت، وصحح سالم/ «القافر» وأبوه الخطأ. وفي هذا السياق، تأتي حكاية الشايب سليمان الذي عاش مترحلاً يبحث عن الأفلاج التي تقبر الماء خلف جدرانها الصلدة، فيفتحها. كما تأتي محشورة حكاية جدّ سالم، فتبطئ السرد الذي لا يفتأ يتفتق ويسيل عذباً من حكاية إلى حكاية، ويبدو أن غمارها هو ما جعل الكاتب يسوّق بعضها في ملخص سردي يبطئ السرد أيضاً. لكن كل ذلك يتلاشى في ما يبدو مهرجاناً للحكايات واحتفالية سردية، تتوج برحلات/ تغريبة «القافر» مع أبيه خمسة أعوام، يسبقهما صيت ود الغريقة الذي يصغي إلى نبض الماء في مجاهل الأرض ويحدد أين يكون الفلج.
صوت الأب
في قرية المسيلة، يحطّ «القافر» وأبوه رحالهما. وثم يتزوج القافر من نصرا، وينهار سقف القناة على الأب الذي يتولى السارد صوته، فيرسل السلام إلى كاذية وإلى الوعري مودعاً، ويخاطب ابنه محذراً: «باه بلادك ما بلاد، البلاد اللي تاكل كل أموالك بلاد فاجرة، البلاد بو تستغلك وتاخدك تمرة وبعدين ترميك فلحة ما بلاد، باه سالم دوّر على بلاد غيرها، البلاد بو تنكر جميلك ما تستحق تعيش فيها ساعة». وإذا كان صوت الأب يبدو هنا أسيراً لصوت السارد، فهو يتحرر من الأسر وينطلق ملتاعاً عندما يذكر الغريقة، ويخاطب ابنه: «عطشان أسمع صوت أمك، أسمع ضحكتها، باه صوت أمك جنّة، ويداها كانت حياة.
توقف «القافر» بعد موت أبيه عن قفر الماء، وعاد إلى المسفاة. وفي قمة نجد تلة النوح حيث اختار أن ينأى، بدأ الحفر في صخرة صماء، حتى قيل جنّ «القافر»، وها هي النكرة/ المعرفة جميلة الملسونة تنقل لنصرا سخرية الألسن من «القافر». ويشرح السارد أن هذه الشخصية العابرة التي تكلم نفسها فلا يفقه أحد شيئاً، وإنما تردد بلكنتها ولثغة لسانها وسرعته: «مشي خير فهالدنيا»، وقد لقّبت بالملسونة لأن لسانها لا يهدأ حتى وهي نائم.
يميز «القافر» بين المياه الكريمة القريبة من السطح والمياه المخادعة التي تسكن الطمي والتربة الرخوة، ومياه الوديان المخزنة بين الحصى والرمل، وتتعلق بالأمطار، وتلك العيون التي تسكن الصخر ويهواها «القافر»، وقد استجاب أخيراً لمحسن بن سيف الآتي من بلاد ميتة (الغبيرة)، وبدأ شق الفج الناشف بينما أخذ الصداع يدهمه، ويتذكر حكايات مربيته كاذية بنت غانم عن الصداع الذي كانت أمه تعانيه، وحتى إذا جرفه الماء إلى أعماق الفلج، جاءت المشهدية السينمائية البديعة التي افتتحت الرواية لتختمها، ولكن بالشخصية المحورية وحدها هذه المرة: سالم الذي يرى مغمياً طيف أمه تنتشله وتمدده تحت شجرة، ويرى طيف كاذية شابة تحمله وتغني له. وفي يقظته، يصارع الأسماك الصغيرة العمياء التي تأكل من جروحه، ويتذكر حكاية أحدهم عن بخّار المساجين في قلعة الرستاق حيث يُدلّى السجين بحبل، ثم يفلت في الحفرة الأسطورية، ويدور حول عمود ضخم من الجص، يتحسس تحت قدميه بقايا عظام من سبقوه، ويُسمَع صراخه وأنينه حتى يخبو الصوت.
هكذا انتهت «تغريبة القافر»، بينما أبدعت الرواية في تمثّل فن التغريبة التي تقترن عادة بالجماعة، بينما هي هنا لفرد لا يفتأ يتأسطر في حكايات تتناسل وتتغيّى بما يوشي اللغة الروائية من المحلي والعامي.
ملاحظات على هامش «بوكر العربية»
نشرها موسى حوامدة في صفحته على «الفايسبوك»
عن فوز رواية «تغريبة القافر» للعُماني زهران القاسمي بـ«بوكر للرواية العربية» 2023
بداية؛ أنا أنظر للوطن العربي كله باعتباره ثقافة واحدة والإبداع ليس حكرًا على جزء منه، عقلية المراكز والأطراف عقلية عفا عليها الزمن وهي أصلًا عقليات متورمة… اليوم العالم صار مفتوحًا والإبداع كذلك، وهذه بديهيات. أما من يعتقد أن بعض المناطق تابع ومهمش فهو مخطئ… في الوقت نفسه لا أتمنى أن يكون الاحتفال بأي تحقيق أدبي لأي عمل من منطلق إقليمي ووطني تعصبي، فمنطق كرة القدم والحَواري صار ماضياً… ولا يليق بالثقافة العربية.
ثانيًا: من يتقدم إلى أي جائزة يقبل ضمنيًا شروطها، فهو لا يدخل إلى الجائزة باعتباره واثقًا من الفوز لأنه صاحب منجز روائي مميز ومعترف به، وفي هذه الحالة سيطلق سهام النقد لأن الجائزة لم تكن من نصيبه.
ثالثًا: قرأت رأيين، لناقد مصري هو الدكتور محمد سليم شوشة، وناقد أردني هو موسى إبراهيم أبو رياش قبل إعلان النتائج، يشيران إلى رواية القاسمي ويتنبآن بفوزها، وقرأت من ينتقد الرواية ولا يعتبرها تستحق الفوز ومنهم نقاد معروفون.
رابعًا: قرأت لبعض المثقفين المصريين من يقول أن رواية ميرال الطحاوي تستحق الفوز رغم أنه لم يقرأها ولم يقرأ بقية الروايات المرشحة حتى للائحة القصيرة، فكيف حكمت على ذلك؟ وما هو منطقك؟ وهذا أعتبره تحيزًا إقليميًا.
خامسًا: في كل عام تثور ضجة عند إعلان النتائج وتخرج تُهم كثيرة تقول إن الجائزة تتوزع كل سنة بشكل دوري على الأقطار العربية، وإن كان ذلك كذلك فهذه مصيبة وكارثة تسعى لخلق فتنة وصراع إقليمي مدروس ولئيم.
سادسًا: ما دمنا جميعًا نرى أن هذه الجائزة مشبوهة أو ملعونة فلم يتم التراكض للترشح لها سنويًا ثم نعترض على نتائجها؟
سابعًا: نرى كل عام لجنة جديدة للبوكر وهي التي تقرر وتعلن اسم الفائز، وسبق أن التقيت في عمان بالدكتور ياسر سليمان، وهو فلسطيني يحمل الجنسية البريطانية، وهو أمين عام الجائزة، وقال إنهم لا يتدخلون في عمل اللجان بعد اختيارها ولم نسمع عن عضو لجنة ما أن الأمانة العامة للجائزة تدخلت في عملهم وطلبت منهم التصويت لرواية معينة، وحتى لو حدث ذلك فهناك أسماء عربية محترمة أجدها في هذه اللجان، فهل هي عاجزة عن رفض التدخل أو فضح الأمر لو حصل؟ وسبق للدكتورة شيرين أبو النجا أن انسحبت من لجنة البوكر قبل سنوات وقدمت استقالتها معترضة على طريقة التصويت الرقمي، ولم تُشر إلى أي تدخل من مجلس الأمناء. لكن طبعًا اختيار اللجان وأعضائها قد يكون مدروسًا للعقلية العربية فربما لا يستطيع عضو لجنة من بلد معين أن يصوت ضد روائي من بلده مترشح للجائزة، إلا ما ندر.
ثامنًا: فازت مصر مرتين بالجائزة، منحت أول مرة لرواية المرحوم بهاء طاهر «واحة الغروب»، وفازت بعده رواية «عزازيل»، وفازت فلسطين مرتين وكانت من نصيب ربعي المدهون وإبراهيم نصر الله، وفازت السعودية ثلاث مرات، مع عبده خال ومحمد حسن علوان، ورجاء عالم مناصفةً مع محمد الأشعري، وفازت تونس مرة والجزائر مرة والمغرب نصف مرة والأردن مرة والكويت مرة والعراق مرة ولبنان مرتين وليبيا مرة.
ومن هذه الأرقام ربما نخرج بقراءات معينة. فليس معقولًا أن مصر، التي تنتج أكثر من نصف الروايات العربية، لا تفوز إلا مرتين فقط، وفي بداية الجائزة، ثم تُحجب عنها حتى اليوم! أما الدول العربية التي لم يفز منها أحد حتى اليوم فهي: سوريا، الإمارات، اليمن، الصومال، موريتانيا، السودان وقطر.
أمعقول أن الرواية السورية واليمنية والسودانية لم تصل مرة واحدة إلى البوكر؟
ضمت لجنة التحكيم هذا العام عضوين من المغرب وهما محمد الأشعري رئيس اللجنة، وعدنان ياسين، كما ضمت ناقدة عُمانية وروائية من مصر هي ريم البسيوني.
على كل، تظل هذه الجائزة مثار جدل ونقاش وربما هذا يخدم الجائزة أو هو مقصود فكل هجوم أو دفاع عنها يخدمها ويجعلها حاضرة في المشهد الثقافي العربي عموما وليس الروائي فقط.
لا يعني الفوز بأي حال من الأحوال أن هذا الروائي الفائز أهم من الروائيين الذين لم يفوزوا، هناك روائيون وروائيات كبار لم يفوزوا وأذكر مثلاً يوسف فاضل المغربي، علوية صبح اللبنانية، ميرال الطحاوي، خالد خليفة، سليم بركات، جبور الدويهي، علي بدر، إبراهيم الكوني، حسن داوود، محمود الريماوي، محمد البساطي، إنعام كجه جي، رشيد الضعيف، أمير تاج السر، إسماعيل فهد إسماعيل، منى الشيمي، عاطف أبو سيف، محمود شقير، واسيني الأعرج، بشير مفتى، نجوى اشتيوان وكفى الزعبي وغيرهم… ممن لم يتقدموا أصلًا للجائزة وهناك مواهب جديدة وروايات تبين أنها ضعيفة أو منحولة فازت بالجائزة… وطبعاً هناك روايات فازت كانت جديرة بالفوز بلا شك…
هذه بعض الملاحظات وربما نسيت سهوًا بعض الأسماء التي تستحق الذِّكر… فالمعذرة…
ولائم زهران القاسمي الأدبية
فوز الكاتب زهران القاسمي بجائزة البوكر لهذا العام 2023 يعتبر انتصارا من الجائزة لما سماه مثقفي المركز بدول الهامش. ولكن في الحقيقة جاء هذا الفوز نتاج اجتهاد خاص من زهران، ونزوع تجريبي لأكثر من نوع أدبي قبل أن ينتقل إلى الرواية ويستوطن فيها ويؤلف فيها مجموعة من الروايات قبل رواية «تغريبة القافر»، الرواية التي فازت بالبوكر. وزهران، قبل كل هذا، هو شاعر ترك بصمته في هذا السياق، ومن ضمن مجاميعه الشعرية: «أغني»، «ياناي»، «موسيقى»، «الأعمى»، «مراكب ورقية»، «أوصدت عليك الباب وبقيت سجينا في الخارج». يلاحظ مما سبق أنه غزير الإنتاج، فلا يمر عام دون أن يصدر كتابا أو كتابين بين شعر ورواية. انشغل أيضا بالتدوين الشفوي حيث جمع حزمة من الحكايات الجبلية ووثقها في جزأين أطلق عليهما «سيرة الحجر».
زهران القاسمي انحاز للطبيعة المباشرة في رواياته حتى سمي بالقناص، وها هو يقتنص جائزة البوكر. ويسمى زهران أحيانا بالقناص نتيجة لرواية انتشرت كثيرا عن حياة صائد وعول جبلية عمانية، حيث حملت الرواية عنوان «القناص»، بيد أنها لم تفز بجائزة رغم انتشارها وتكرار طباعتها، بينما فازت روايات لاحقة له بجوائز مثل رواية «جوع العسل»، التي حازت على جائزة الجمعية العمانية للكتاب والأدباء.
لم تكن الأفلاج العُمانية مادة رئيسة للسرد الحديث، مع وجود مقتبساتٍ شعريةٍ كلاسيكية كثيرة وشواهد متعددة وأخبار وقصص وحكايات متنوعة عن الأفلاج ومياهها. مثلاً، حين يسمّي الشاعر الفلج نهراً، ويضفي عليه ما للنهر من جريان وهدير وسعة، هي في الأساس سعة الخيال والحلم، مثل الشاعر هلال بني عرابه الذي خلع على فلجه لقب «أبا خالد»، علامة على أزليّة جريانه، ولكنه رغم ذلك المديح فاض وهدم بيته وخرب بقعته وهو غائب، فخاطبه معاتباً:
أبــا خـالدٍ ظَـنّـي لتـحـفـظَ غـيـبـتـي/ وقـد خـابَ ظَـنّـي خـيـبـةً إثْـرَ خَـيْـبَةِ
تــطــوفُ بـنـا ليـلاً كـمِـثْـلِ عَـدُونـا/ وقَـعْـوَسْـتَ داري ثـم خَـرّبـتَ بُـقْـعَـتـي
تستفيد رواية الشاعر العُماني، زهران القاسمي، «تغريبة القافر» من مكوّنات الأفلاج العمانية القديمة وحياتها. والفلج شقّ مائي معقد يغور جزء منه تحت الأرض، ويصل هناك إلى طبقات غاية في العمق، مثلاً فلج دارس القريب من قلعة نزوى الشاهقة، الذي، في إطار ما يمكن تسميتها عبقرية هندسية عرف بها الأجداد، حفر له عمق يوازي ارتفاع القلعة، وكأنما السر المضمر من ذلك أن الارتفاع الظاهر للقلعة يوازيه عمقٌ شبيه تحت الأرض، الأمر الذي جعل منظمة اليونسكو تختار فلج دارس التاريخي، وبسبب هذه التكوينات المعقدة، ضمن الآثار العالمية، مع الفرق أن هذا الإرث حيّ ومياهه جارية منذ الأزل، اختارته «اليونسكو» أو لم تفعل، وسواء اكتشفنا سرّه أو لم نكتشف.
تنشغل رواية القاسمي بطريقة شقّ الأفلاج العُمانية القديمة، من خلال حبكة أفقية للبطل الذي سقطت أمه في البئر وقت ولادته. ولذلك صار قفّاراً (قافي أثر) للماء. وفي هذا السياق، أتذكّر مقطعاً شعرياً للشاعر العُماني المقيم في المغرب، عبد الله الريامي، من مجموعته الشعرية الأولى «فرق الهواء»: لأني ولدت في يوم ماطر فقد عشت دائماً كالغريق .. وقافر زهران القاسمي، الذي ولد في يوم ماطر، عاش كذلك باحثاً عن أثر الماء تحت الأرض.
محمد الأشعري، رئيس لجنة تحكيم جائزة البوكر العربية للرواية يوضح أسباب فوز «تغريبة القافر»
كشف محمد الأشعري، رئيس لجنة تحكيم جائزة البوكر للرواية العربية، لسنة 2023، خلال حفل الإعلان بأبو ظبي، عن اسم الفائز بالجائزة العالمية للرواية العربية «البوكر»، الذي هو الكاتب العماني زهران القاسمي عن روايته «تغريبة القافر» الصادرة عن دار رشم.
وقال محمد الأشعري: «اختارت لجنة التحكيم رواية «تغريبة القافر» لزهران القاسمي للفوز بالجائزة؛ لكونها اهتمت بموضوع جديد في الكتابة الروائية الحديثة، وهو موضوع الماء في علاقته بالبيئة الطبيعية وبحياة الإنسان في المناطق الصعبة. وقد قدّم الكاتب لنا هذا الموضوع من خلال تآلف مستمر بين الواقع والأسطورة، ويفعل ذلك من خلال بناء روائي محكم ولغة شعرية شفافة ومن خلال نحت شخصيات مثيرة تحتل دورًا أساسيًا في حياة الناس وفي نفس الوقت تثير نفورهم وتخوّفَهم. وقد استطاع الكاتب أن يقرّبنا من مسرح غير مألوف للرواية المتداولة في الوطن العربي، هو مسرح الوديان والأفلاج في عُمان وتأثير العناصر الطبيعية في علاقة الإنسان بمحيطه وبثقافته».
تدوينة للناقد عبد الله إبراهيم عن فوز رواية «تغريبة القافر» بجائزة البوكر العربية
بصرف النظر عما أشاعه «غشماء السرد» إثر فوزها بجائزة «البوكر» العربية لعام 2023، عن جهل وسوء نية، فيما أرجّح، وليس عن معرفة وحسن ظن، فرواية «تغريبة القافر» لزهران القاسمي، مأثرة أضيفت إلى السجلّ الفاخر للسرد العربي الحديث في تصويرها صراع الإنسان مع الطبيعة على نحو نادر الحدوث، بلغة سردية متصلة بتلك الطبيعة البكر؛ فعانقت أختين كبريين لها: «فساد الأمكنة» لصبري موسى، و«ساق الغراب» ليحيى أمقاسم، وإلى ذلك، ختمت أحداثها بعناق ملحمة «الأوديسة»، فكل من «نصرا» زوجة «سالم بن عبد الله» في رواية القاسمي، و«بينلوبي» زوجة «عوليس» في ملحمة هوميروس، تقاسمتا فكرة الوفاء الأبدي، في انتظار عودة الزوجين الغائبين، ودرء الخُطّاب الطالبين الزواج منهما، بالغزل الذي لا يراد أن ينتهي، غير أن العمانية تفوّقت على نظيرتها الإغريقية، في أنها كانت تروي مع كلّ غَزَل حكاية لها اسم، فواكب إيراد الحكايات غَزْل الخيوط في منوال لا نهاية له.
حوار مع الروائي العماني زهران القاسمي:
هناك تجارب رائعة في النقد العربي واستسهال كبير لبعض النقاد
حاوره: محمود عبد الغني
زهران القاسمي شاعر وروائي عُماني، ولد في ولاية دماء والطائيين في سلطنة عُمان عام 1974. من أبرز إصداراته رواية «القناص» الحاصلة على جائزة الإبداع الثقافي من الجمعية العمانية للكتاب والأدباء عام 2015، ورواية (تغريبة القافر) التي وصلت للقائمة الطويلة المرشحة للحصول على الجائزة العالمية للرواية العربية 2023. التقينا به في معرض مسقط للكتاب وأجرينا معه هذا الحوار.
- ليقدم الروائي زهران القاسمي نفسه إلى القارئ المغربي..
+ زهران القاسمي شاعر وروائي من سلطنة عمان. بدأت في كتابة الشعر ونشرت في مجلات أدبية منذ مطلع التسعينات، نشرت أول دواويني الشعرية “أمسكنا الوعل من قرونه” في عام 2006 وبعدها بدأت النشر ديوانا تلو الآخر. لدي تجربة سردية في إعادة كتابة الحكايات القروية على نسق القصة القصيرة، اكتشفت أن هناك مخزونا كبيرا من الحكايات المتوارثة التي تتعلق بالمكان، إذ كل قرية تحتوي على المئات من هذه القصص التي لها خصوصية كبيرة وحدثت بتلك القرية أو حيكت على مكان خاص بها، ثم بعد ذلك كتبت رواية “جبل الشوع” ونشرتها في عام 2013، كانت أحداثها بين العصر الحالي وبدايات القرن العشرين، وتتحدث عن التحولات التي طرأت في المنطقة. التجربة الروائية فتحت لي أفقا آخر لأكتشف في داخلي روائيا، ثم كتبت بعد ذلك عدة روايات هي “القناص” و”جوع العسل” و”تغريبة القافر”، كانت كلها تتحدث عن مكان واحد هو القرية العمانية، مع اختلاف في الأفكار والأطروحات التي تتبناها كل رواية.
حتى الآن نشرت عشر مجموعات شعرية ومجموعتين قصصيتين، وأربع روايات آخرها رواية «تغريبة القافر».
- كيف تلقيت خبر فوز روايتك «تغريبة القافر» بجائزة البوكر للرواية العربية؟
+ كانت مشاعر مختلطة بين الفرح والقلق وعدم التصديق والارتباك.
- كيف تقدم للقارئ هذه الرواية؟
+ تدور أحداث رواية «تغريبة القافر» في زمن يمر بحالتين، حالة من الخصب وحالة من الجفاف، مكانها إحدى القرى الجبلية التي تعتمد اعتمادا كبيرا في سيرورة حياتها على المياه الجوفية، التي تغذيها الأمطار بين فترة وأخرى.
تحكي الرواية عن شخصية تخرج في مجتمع منغلق ولديها قدرات يعتبرها البعض خطراً على المجتمع، كانت لدى تلك الشخصية القدرة على سماع الماء في باطن الأرض، لذلك عندما يبدأ الجفاف في التمدد وتموت القرى ولا يبقى للناس ما يشربونه، عندها ينقذ القافر أهل تلك القرية والقرى الأخرى بقدرته على سماع الماء ومعرفة مكامنه في باطن الأرض.
تدور أحداث الرواية في زمن ما قبل عصر التقنيات، في بيئة قروية، تحاول الرواية طرح عدة مواضيع فلسفية واجتماعية ونفسية، حاولت كتابتها بطريقة القص الحكائي القروي، أي كما يحكي القرويون حكاياتهم. والحمد لله لاقت قبولا جيدا مع القراء.
- هل قرأت الأعمال التي كانت منافسة؟
+ نعم قرأت جميع الأعمال حالما وصلت إلى القائمة القصيرة.
– كيف تنظر إلى الرواية العمانية: نشأتها، تطورها وأهم كتابها؟
+ هناك تجارب في الرواية العمانية منذ السبعينيات، ويشار إلى أن رواية «ملائكة الجبل الأخضر» لعبد الله الطائي هي أول رواية عمانية، أتت بعد ذلك تجارب روائية لسعود المظفر وأحمد الزبيدي، لكن أعتقد بأن الرواية العمانية بدأت في الظهور والتطور بعد رواية “الطواف حيث الجمر” لبدرية الشحي، كتبت بعدها روايات كثيرة غذت الساحة الثقافية. ومن أهم كتابها عبدالعزيز الفارسي، جوخة الحارثي، بشرى خلفان، زهران القاسمي، محمود الرحبي، أحمد الرحبي، ومحمد سيف الرحبي وآخرون.
- ما توقعاتك عن أثر فوزك على الرواية العمانية خصوصا؟
+ الرواية العمانية تهطو بجهد كبير وتتطور وتثبت وجودها يوما بعد يوم وتحقق مكانتها، وسوف تكون لها مقروئية عالية مستقبلا.
– نشرت روايتك في تونس عن دار مسكيلياني بتونس، ماذا عن النشر في سلطنة عمان؟
+ في البداية تنقلت كثيرا بين دور النشر العربية منذ بدأت في نشر دواويني الشعرية ومن ثم رواياتي، أعتقد أن معظمها لا تتعامل مع الكاتب بمصداقية في حالة النشر ولا تروج لكتاباته، وبالتالي يبقى ما نكتبه في طي النسيان، لكن تجربتي مع دار مسكيلياني في تونس كانت مختلفة جدا، فهي دار تتبنى العمل الذي تنشره وتحترم الكاتب وتسوق نتاجه ولديها مصداقية كبيرة في حقوق النشر.
في عمان ظهرت في الآونة الأخيرة عدة دور نشر جيدة لم تكن لدي تجربة معها حتى الآن، أتمنى أن لا تحذو حذو الكثير من دور النشر الربحية التي تسعى في هضم حقوق الكاتب، وأن تكون لديها خطة طويلة المدى في الرسوخ في سوق النشر.
- كيف تنظر إلى الرواية العربية الحديثة؟
+ هناك تجارب فارقة في الرواية العربية، وهذا ما يعول عليه. وأعتقد أن هناك تيارا جديدا سيثبت مكانته بعيدا عن الوضع السائد في كتابة الرواية.
– كيف تنظر إلى النقد الروائي العربي؟
+ هناك تجارب رائعة في مجال النقد العربي، ولكن هناك أيضا استسهال كبير من قبل بعض النقاد في قراءاتهم النقدية للأدب، وما ألاحظه في الكثير منها أنها ليست سوى قراءات انطباعية في مجملها، والبعض يكتفي بسرد العمل السردي وتوضيح مساره وكأنه يكتب مختصرا عنه، بالمقابل هناك من يفصص العمل ويشتغل على طبقاته ويخرج مكنوناته، لذلك أعتقد أنه حتى الآن ليس لدينا سوى تجارب فردية في مجال النقد تختلف من شخص إلى آخر، ونفتقر إلى مدارس حقيقية عربية مختلفة.
- ما رأيك في الجوائز الأدبية العربية؟
+ هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها في جائزة عربية، في الحقيقة الجوائز العربية لها إيجابيات كثيرة، منها الانتشار، فنجد أن الفائز في جائزة ما، مثل «البوكر العربية»، يفتح له المجال للقراءة والانتشار والترجمة عدا الحافز المادي لبعض هذه الجوائز والذي يعتبر مجزيا أحيانا، لكن الجوائز في حد ذاتها ليست هما بالنسبة لي، هي تجربة وقد أستفيد منها لحظة الفوز في نواحي مختلفة كما قلت.
زهران القاسمي الفائز بجائزة البوكر للرواية العربية يتحدث عن «تغريبة القافر»
أجرى موقع الجائزة العالمية للرواية العربية (البوكر) حواراً مع الروائي العُماني زهران القاسمي، الذي أُعلن فوز روايته «تغريبة القافر» بالدورة السادسة عشرة من الجائزة لعام 2023. ننقله هنا في ملحق جريدة «الأخبار» تعميماً للفائدة.
– كيف شعرت عندما علمت بخبر فوزك؟
+ كانت مفاجأة كبيرة، إلى درجة أنني ما عرفت ماذا أقول. لم يكن متوقعاً لأن الروايات المرشحة قوية وأنا قرأتها وأعرف قوتها وأنها تستحق، فتوقعت بنسبة ضئيلة جداً أنه يمكنني الفوز، لكن الحمد لله.
– هذه هي الرواية الرابعة لك، هل توقعت مثل هذا الأثر عند كتابتها؟
+ من وجهة نظري أن الروايات الأخرى التي كتبتها أقوى منها، لكن هذه أول مرة أشارك في الجائزة وكان ذلك بناء على اقتراح من ناشري. أول ما وصلت الرواية إلى القائمة الطويلة بدأ الناس يقرؤونها ويناقشونها، وأنا كنت سعيداً جداً بهذا الانتشار والاهتمام، وتمنيت لو أنني شاركت في الجائزة من قبل.
– هل نتوقع أن تتناول موضوع الماء في روايات جديدة؟
+ أنا عادة أتناول تيمة معينة في كل رواية. عندي رواية اسمها «جوع العسل» كانت عن تربية النحل والبحث عن العسل، وقبلها اشتغلت على قنص الوعول في «القناص». كل رواية فيها خصوصية حتى لا أكرر نفسي. المجتمعات، مهما كانت قروية أم مدنية، الأفكار فيها تتشابه وتكون محدودة، لكن الفكرة تكمن في كيف نقدر أن نكتب فكرة معينة بطريقة غير مشابهة للآخرين.
– ما النصيحة التي تقدمها لكاتب عربي مبتدئ؟
+ أجمل نصيحة ممكن أقدمها إلى أي كاتب هي ألا يستمع إلى نصائح الآخرين، بل يحاول أن يشق طريقه وأن تكون له خصوصيته في الكتابة. أحياناً الإملاءات الخارجية تخرب الإنسان. يجب أن يحاول أن يجد صوته الداخلي وأن تكون له تيمة ويشتغل على نفسه. طبعاً الكتابة لازم تسبقها القراءة. لا توجد كتابة عظيمة ما لم تسبقها قراءة عظيمة. لابد أن يقرأ وأن يعرف الأنواع الأخرى الموجودة. وليس فقط أن يقرأ بل أن يحلل أيضاً. أن يكون قارئاً واعياً.
– قضيت وقتاً في أبوظبي مع كتّاب القائمة القصيرة قبيل حفل الإعلان عن الرواية الفائزة. كيف وجدت هذه التجربة؟
+ رائعة، أنا كنت أتواصل أيضاً معهم على الفيسبوك قبل المجيء لمحو فكرة أننا في حالة تنافس. بل كلنا أصدقاء وكُتّاب ومن حق أي واحد منّا أن يفوز.
– هل احتفلت أم تنتظر العودة؟
+ أمس احتفلنا احتفالاً بسيطاً، لكن أعتقد الاحتفال الأكبر سيكون مع أسرتي ومع بناتي وأبنائي.