كانت التدخلات الاستباقية لمديرية مراقبة التراب الوطني (الديستي) والمديرية العامة للأمن الوطني حاسمة في رصد مواقع شحن المخدرات وتهريبها ومسارات تنقيلها بالمدن والأحياء، فيما كانت مصالح الدرك الملكي تتعقب البارونات بمختلف الشواطئ والغابات والمناطق الحدودية والطرق السيارة.
رغم انشغال السلطات والأجهزة الأمنية المغربية بكل تلاوينها براهنية مشكل انتشار وباء كورونا، مع ما يفرضه الوضع من رفع حالة التأهب القصوى إلى درجات قياسية من أجل تنزيل التوجيهات والإجراءات الخاصة بحالة الاستثناء، التي تعيشها المملكة، بسبب اجتياح وانتشار وباء كورونا، فقد سجلت خلال الأسبوعين الأخيرين من الشهر الماضي، تدخلات نوعية بكل تراب المملكة من أجل التصدي لـ(مافيات) المخدرات سواء المتخصصة في التهريب الدولي أو الترويج المحلي للمخدرات والمؤثرات العقلية.
تدخلات استباقية بطولية
ضربات قوية وموجهة تلقاها بارونات المخدرات الذين حاولوا استغلال فترة الطوارئ الصحية لتكثيف محاولات التهريب وإغراق الأسواق المحلية بالمخدرات و(القرقوبي)، خاصة مع حلول شهر رمضان، واستغلال الطلب المتزايد عليها في زمن الحجر الصحي، حيث نجحت مصالح الأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ومصالح الدرك الملكي وعناصر القوات المسلحة الملكية المكلفة بمراقبة الحدود البحرية في إحباط العديد من العمليات التي حاولت تهريب كميات ضخمة من المخدرات تقدر بعشرات الأطنان.
مدن وأقاليم أصيلا، طنجة، الراشيدية، مولاي بوسلهام، القنيطرة، العيون، أكادير، العرائش، الناضور وغيرها من المدن، شهدت تدخلات بطولية لمصالح الحموشي وحرمو، مكنت من حجز الأطنان من المخدرات تزامنا مع فترة الحجر الصحي التي اعتمدتها السلطات المغربية منذ 20 مارس الماضي، وهي تدخلات نوعية أظهرت منسوب النجاعة الأمنية والتنسيق المحكم بين كل الأجهزة الأمنية بالمغرب من أجل مواجهة وباء كورونا، ومواجهة مستغلي راهنية هذا الوباء الضاغطة من تجار المخدرات ومحترفي النصب على المواطنين وشبكات تزوير المعدات الطبية المعدة لمواجهة كورونا ومحترفي النقل السري المناهض لتوجيه عزل المدن والحد من تفشي كورونا .
وفي إطار هذه التدخلات الاستباقية، نجحت عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني مرة أخرى، بعد أيام معدودة فقط على إحباطها لعمليات تهريب كميات كبيرة من المخدرات بطنجة وأكادير، في تفكيك شبكة جديدة مختصة في الاتجار في المخدرات بمدينتي فاس وتازة، حيث حجزت عناصر الشرطة، أول أمس السبت، كمية كبيرة من المخدرات تجاوزت طنا و50 كيلوغراما من مخدر الشيرا.
وحسب مصادر رسمية، فقد تمكنت عناصر المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن فاس، أول أمس السبت، بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إيقاف شخصين يبلغان من العمر 44 و23 سنة، وذلك للاشتباه في ارتباطهما بشبكة إجرامية تنشط في مجال الاتجار في المخدرات.
وأكدت المصادر نفسها لـ”الأخبار”، أن إيقاف المتهمين تم على مستوى جماعة مطماطة بضواحي مدينة تازة، على متن سيارة مسجلة بالمغرب، حيث مكنت عملية التفتيش المنجزة من العثور بحوزتهما على كميات من المخدرات تزن طنا و58 كيلوغراما من مخدر الشيرا.
وأضافت المصادر أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيهما تحت تدبير الحراسة النظرية على خلفية البحث الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع ظروف وملابسات هذه القضية، وتحديد مسالك ومسارات تهريب المخدرات المحجوزة، وكذا رصد الامتدادات والارتباطات المحتملة لهذه القضية بشبكات الاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية.
وفي تدخل نوعي آخر نفذته مصالح الديستي وعناصر الأمن الوطني خلال فترة الطوارئ الصحية، وتحديدا قبل أسبوعين، نجحت الفرقة المحلية للشرطة القضائية بالمفوضية الجهوية للأمن بمدينة أصيلة، بناء على معطيات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، في إيقاف أربعة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 18 و54 سنة، وذلك للاشتباه في تورطهم في قضية تتعلق بمحاولة التهريب الدولي للمخدرات، حيث جرى إيقاف ثلاثة من العاملين على مركب للصيد الساحلي، متلبسين بمحاولة تهريب شحنة من المخدرات تزن 185 كيلوغراما من مخدر الشيرا، معبأة داخل تجاويف براميل من البنزين على متن القارب الذي كان بصدد مغادرة ميناء الصيد البحري بمدينة أصيلة، قبل أن تقود الأبحاث والتحريات لإيقاف المشتبه فيه الرابع الذي يشتبه في كونه المنظم الرئيسي ومالك هذه الشحنة من المواد المخدرة.
إحباط عمليات التهريب
ارتباطا بمواجهة شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، تمكنت عناصر الدرك الملكي التابعة لسرية العرائش بتنسيق مع القيادة الجهوية بطنجة، ليلة أول أمس، وتنسيق مع عناصر حرس الحدود البحرية التابعة لمصالح القوات المسلحة الملكية، من إحباط عملية تهريب حوالي طن ونصف الطن من مخدر الشيشا كانت معدة للتهريب خارج التراب الوطني انطلاقا من الواجهة البحرية لمدينة العرائش وتحديدا على مستوى قيادة العوامرة بين شاطئي مولاي بوسلهام والعرائش.
وحسب مصادر خاصة بـ”الأخبار”، فقد ترصدت دورية للدرك الملكي وفرقة من حرس الحدود البحري بالمنطقة لبارونات مخدرات، كشفت معلومات أنهم يستعدون ليلة السبت لتهريب كمية كبيرة من المخدرات صوب التراب الإسباني عبر الواجهة البحرية للعرائش، قبل أن تنجح في إحباطها دون توقيف البارونات ومساعديهم، وقد تم حجز طن ونصف تقريبا من مخدر الشيرا على متن مركبة بالقرب من الشاطئ إضافة على قارب مطاطي ومحرك وكمية كبيرة من الوقود ومعدات أخرى وفرتها الشبكة من أجل تأمين محاولة تهريب « الحشيش» إلى أوروبا.
وفي عملية مماثلة، كانت مصالح الدرك الملكي قد نجحت خلال الأيام القليلة الماضية تزامنا مع فترة الحجر الحصي، في إجهاض محاولات تهريب حوالي ستة أطنان من مخدر الشيرا، وذلك في عمليتين متفرقتين بكل من القنيطرة وأصيلا،حيث حجزت عناصر الدرك بأصيلا قرابة طنين من المخدرات بضواحي منطقة سيدي اليماني، فيما حجزت حوالي أربعة أطنان بالقرب من نقطة الأداء بمدخل القنيطرة على مستوى منطقة النخاخصة تحديدا، وقد عثرت عليها كوكبة الدراجين محملة على متن مركبة كبيرة كانت في طريقها لشاطئ القنيطرة من أجل التهريب، قبل أن يتم إحباطها من طرف دراجي الدرك الملكي التابعين لسرية القنيطرة.
وتمكنت مصالح الدرك الملكي بسرية سوق أربعاء الغرب التابعة للقيادة الجهوية للدرك بالقنيطرة، تزامنا مع فترة الطوارئ الصحية، من إحباط عملية تهريب مخدرات عبر قاربين مطاطيين تم حجزهما بمنطقة بحرية متواجدة بالقرب من مولاي بوسلهام وسيدي علال التازي، كما تم اعتقال خمسة من مساعدي البارون، فيما لازال البحث جاريا في القضية من أجل إيقاف البارون المدبر للعملية.