شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسري للغايةسياسية

هكذا اختفى المسؤولون عن أمن بوضياف قبيل اغتياله

يونس جنوحي

الدليل الذي يؤكد العلاقة بين الكوماندان «مراد» وبين الرئيس محمد بوضياف أن الأول اختفى في ظروف غامضة مباشرة بعد اغتيال الرئيس محمد بوضياف. وهو ما يؤكد ما قاله هشام عبود اعتمادا على مصادره الخاصة، حيث أكد أن «مراد» كان العين التي يرى بها محمد بوضياف ما يفعله الجيش في الخفاء، وأنه وظفه أساسا لهذا السبب.

الأكثر من هذا أن اثنين من مساعدي «مراد»، وكانا ضابطين في الجيش، اختفيا أيضا ولم يعد لهما أي أثر، وأصبح مصيرهما مجهولا تماما كمصير رئيسهما.

وحتى لا نستبق الأحداث، دعونا نتبع ما سرده هشام عبود بعد أن طرح حزمة من الأسئلة المحرجة للجيش بخصوص مصير التحقيق في اغتيال بوضياف وكيف طُوي الموضوع دون أن يطول العقاب المدبرين الحقيقيين.

 

لا دخان بدون نار

كانت شكوك محمد بوضياف، إذن، حقيقية. لم يكن يستبعد أن يطوله اعتداء من طرف الجنرالات رغم أنه في منصب رئيس الجمهورية. فمن خلال المعلومات التي توفرت لديه، تأكد فعلا أن المافيا يمكن أن تزيحه من الكرسي في أية لحظة بأعصاب باردة دون أن تقيم وزنا للتبعات السياسية للقضية دوليا ودون أن تقيم أي اعتبار لعلاقاته الدولية مع رؤساء عرب وأجانب أيضا.

المثير أيضا، كما أشار عبود، أن الجنرال نزار حاول، في مذكراته، التقليل من شأن شخصية «بطو» وقدمه على أنه شخصية ثانوية جدا ومسح كل الخيوط التي قد تؤدي إلى فضح علاقته الحقيقية بالجنرالات. وحسب رواية عبود، فإن بطو كان عميلا سريا وعلنيا أيضا لمافيا الجنرالات، وبوضياف كان يعلم هذا الأمر جيدا. وبعد اغتيال بوضياف، كما سوف يأتي لاحقا، حاول الجنرالات أن يضعوا سيناريو لتبرير حصول «بطو» على السلاح بدعوى حمايته لأسطول من الشاحنات وهو ما لم يكن صحيحا. إذ إن «بطو» كان في الحقيقة ينفذ تعليمات رؤسائه. والدليل أن «بطو» اعتقل على يد القوات المدنية الأمنية، لكن الجنرالات حرصوا على أن تتم محاكمته عسكريا، أي تحت إشرافهم، وبالتالي تلاعبوا بالتحقيق والمحاكمة أيضا حسب هواهم. وخلص عبود في الأخير إلى هذه الحقيقة: «وحده تحقيق على المستوى الدولي حول موت محمد بوضياف سوف يكشف نهائيا حقيقة هذه القضية».

 

«فلاش باك»

يقول هشام عبود، عائدا بالأحداث إلى الوراء، وهو يصف أجواء التوتر المحموم بين بوضياف والجنرالات: «منذ عودته من المغرب، بدأ بوضياف في أخذ مسافات من الجنرالات والوجوه القديمة للنظام. رفض أن يظهر بصحبتهم في خرجاته العمومية. ولم يعد يأخذ أبدا بنصائحهم ولا باقتراحاتهم.

بالنسبة لمافيا الجنرالات، فإن الوضع أصبح سيئا».

وهذا ما يطابق ما قاله عبود عن التحول في حياة بوضياف، حيث إنه رتب سفرين بعد عودته من المغرب إلى غرب الجزائر ثم إلى شرقها، إذ كان مبرمجا أن يلتقي مع 17 واليا جزائريا في جهة شرق الجزائر، لكنه رفض أن يذهب مع وزير الداخلية ولم يقبل أن يظهر معه في الصور الرسمية، وبالتالي فإن الجنرالات أصبحوا في حرج كبير جدا، وبدأوا يتساءلون من سيقدم المسؤولين إلى بوضياف، وهو يلتقيهم للمرة الأولى في حياته. بدا واضحا أن دورهم في عزل الرئيس وجعله يلتقي مع من يريدون وكيف يريدون، أصبح أمرا مستحيلا مع بوضياف.

وهكذا قام الجنرالات بخطوات منها التحكم بقوة في الأمن الرئاسي وسكرتارية مكتب الرئيس. وكان مفتاحهم هو الكولونيل العماري الذي كان موكولا إليه في السابق مثل هذه الأمور، وأصبح هو الورقة التي عول عليها الجنرالات لربح معركة الوجود ضد بوضياف.

غاب الجنرال غزال بنعباس، وهو الذي كان موكولا إليه الاشراف على أفراد الدرك الوطني الذين كانت مهمتهم حماية الموكب الرئاسي خلال الرحلة، ولم يعد له أي أثر في محيط الرئيس، وهو ما طرح علامات استفهام كثيرة أثناء التحقيق في واقعة اغتيال بوضياف. إذ لم يكن مقبولا ما قام به الجنرالات بدورهم من إخلاء لمحيط الرئيس بشكل عرّض حياته للخطر.

يقول عبود إن هذا الإخلاء كان بسبب مخطط أولي وضعه الجنرالات لإلصاق تهمة اغتيال بوضياف بالإسلاميين، لكن بعض التطورات التي وقعت أثناء تداولهم للخطة في اجتماعاتهم السرية، جعلتهم يغيرون طريقة التنفيذ، لتقع بالطريقة التي تابعناها جميعا على شاشات التلفزيون. فماذا وقع بالضبط قبل اللحظة التي اغتيل فيها بوضياف بالرصاص وهو يلقي خطابه على المباشر على مرأى ومسمع ملايين الجزائريين ومعهم ملايين المشاهدين بعد ذلك عبر العالم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى