شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسري للغايةسياسية

هكذا أصبح الشيخ محفوظ نحناح مجندا لصالح «المافيا» بعد عفو رئاسي

يونس جنوحي

داخل دائرة المسؤولين الكبار والمؤثرين في الجيش الجزائري لم يكن هناك هواة فقط، بل كان هناك أيضا أصحاب السوابق السجنية الذين كان من المستحيل أن يلجوا المؤسسة العسكرية سابقا لولا أن الجنرال خالد نزار ومن معه قرروا اللجوء إلى خدماتهم لتأسيس قوة رعب حقيقية داخل الجيش.

 

مسؤولون عجيبون

يقول هشام عبود إن بعض هؤلاء المسؤولين سبق لهم قضاء عقوبات سجنية بتهم تتعلق بالنصب والاحتيال، وتم استقطابهم والاستعانة بمواهبهم. وفي بعض الحالات كان هناك موظفون تم توظيفهم فقط لأنهم كانوا على اتصال ببعض العصابات المتخصصة في التهريب والاختطاف، حيث استُعين بهم لتنفيذ مهام «قذرة».

وفي المقابل كان هناك مسجونون سابقون بتهم تتعلق بمعارضة النظام، وسرعان ما تم استقطابهم ليصبحوا من «محظوظي» رعاية مافيا الجنرالات. وأحد هؤلاء المحظوظين اسمه محفوظ نحناح. وقد عرف في أوساط الجزائريين بانتمائه إلى تيار المحافظين، وفي بداية السبعينيات اشتهر بصفته واعظا في المساجد، ولا أحد فهم كيف تقلبت أحواله ليصبح أحد المشتغلين لصالح هؤلاء الجنرالات. يحكي هشام عبود قائلا إن هذا المسؤول كان أكثر الذين يثق فيهم أعضاء «مافيا الجنرالات» في ملف الإسلاميين الجزائريين.

ويضيف: «ينحدر من أسرة محافظة من منطقة البليدة. وتردد على تجمعات الإسلاميين خلال سنوات شبابه الأولى. وفي مدرسة الرشاد الابتدائية، حفظ القرآن الكريم كاملا. وخلال مرحلة حرب التحرير، نفذ بعض العمليات ضد الفرنسيين باعتباره «فدائيا». وبعد استقلال الجزائر، أصبح من بين أوائل الذين روجوا خطاب الجماعة العالمية للإخوان المسلمين في المساجد الجزائرية. لم يسبق له أبدا التخرج من أي تخصص جامعي في الشريعة، لكنه كان حاصلا على شهادة الإجازة الجامعية في الأدب العربي.

في سنة 1976، سوف يلقى عليه القبض ويحكم عليه بـ15 سنة سجنا، في سجن «تازولت». لكن بعد أربع سنوات، حصل على عفو من الرئيس الشاذلي.

في سنة 1982 انضم إلى التجمع الكبير لإسلاميي الجزائر في جامعة الجزائر، وانخرط من جديد في الأنشطة السياسية. ولأنه اتهم بالعمالة للأجهزة الأمنية فقد تم إبعاده من طرف مؤسسي التيار الإسلامي FIS».

يقول هشام عبود مضيفا إن الشيخ محفوظ نحناح كان فعلا مستقطبا للعمل لصالح الأجهزة، بل وأحد أكثر الذين وثق فيهم الجنرالات لاختراق الإسلاميين ثم العمل على تخريبهم من الداخل.

 

الملف الأحمر

هذا الملف، أي ملف الإسلاميين الجزائريين، من بين أكثر الملفات إحراجا للنظام الجزائري منذ أيام الهواري بومدين، ثم بعده. حيث اكتسب هذا الملف حمرته من الدم وليس من أي مصدر أهمية آخر. دماء المحافظين الجزائريين سالت رغم أن «مافيا الجنرالات» لم تكن تتوفر نهائيا على أي دليل إدانة ضد أغلبهم، وتمت تصفيتهم في مذابح جرت فيها دماء آلاف الأبرياء.

وبسبب الوشايات داخل تيار الإسلاميين أنفسهم، داخل جبهة الإنقاذ الإسلامي، نجحت عصابات «المافيا» في حصد أرواحهم بشكل جماعي.

وحسب بعض المعطيات، فإن بعض المحافظين السابقين الذين لم يعودوا يعملون داخل التنظيم، سبق لهم قضاء عقوبات حبسية بسبب النصب والاحتيال وبعض الجرائم الأخلاقية، لكنهم في الأخير عملوا لصالح مافيا الجنرالات، وأصبحوا على اتصال بمسؤولين أمنيين كانوا في مناصبهم أصلا بفضل تعيينات «باراشوتية» من هؤلاء الجنرالات. واعترافا بالجميل، كان هؤلاء الأمنيون ينسقون مع أصحاب السوابق، ومنهم من خرجوا من السجن بعد صدور أحكام قاسية ضدهم في جرائم تتعلق بالشروع في القتل أو الضرب والجرح، وأعادوا زرعهم في أوساط الإسلاميين بأوامر عليا من هؤلاء الجنرالات أنفسهم. وكانت النتيجة تنفيذ عدد من العمليات تم إلصاق مسؤوليتها في الإسلاميين بسبب مظهر منفذيها وإفادات الشهود. لكن قلة فقط كانوا يعلمون أن أولئك المنفذين كانوا فقط يدعون الانتماء إلى تيار الإسلاميين أو استغلوا علاقتهم به في السابق، بينما في الحقيقة أنهم كانوا مجندين في الجيش الجزائري بشكل غير مباشر، أو غير قانوني لنكون أكثر دقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى