تحذيرا من الدخول في أزمة عالمية مرتبطة بالأساس بانخفاض نسبة الخصوبة، نشرت مجلة «ذي إيكونوميست- The Economist» تقريرا لها تتوقع من خلاله توقف ارتفاع عدد سكان العالم منتصف هذا القرن، ما سيشكل معضلة اقتصادية في العالم بأسره، بالنسبة للدول الغنية كما الدول متوسطة الدخل.
إعداد: سهيلة التاور
حذرت مجلة «ذي إيكونوميست- The Economist» البريطانية، في تقرير لها، من أنه، ومنذ 250 عاما على الثورة الصناعية، انفجر عدد سكان العالم وثرواتهم، ومن المتوقع أن يتقلص عدد الأشخاص على هذا الكوكب قبل نهاية هذا القرن لأول مرة منذ «الموت الأسود» (الجائحة الأكثر فتكا في تاريخ الإنسان في القرن 14 بسبب الطاعون، وأودت بحياة ما بين 75 و200 مليون شخص).
وأوضحت المجلة أن السبب الجذري لانخفاض عدد السكان ليس ارتفاع عدد الوفيات، لكنه يعود إلى انخفاض عدد المواليد؛ ففي كثير من أنحاء العالم ينهار معدل الخصوبة (متوسط عدد المواليد لكل امرأة).
وذكر التقرير أنه في عام 2000، كان معدل الخصوبة في العالم 2.7، وهو أعلى بشكل مريح من «معدل الإحلال» البالغ 2.1.
معدل الإحلال هو مستوى الخصوبة الذي يحل فيه السكان محل أنفسهم بالضبط من جيل إلى آخر ويستقر فيه عدد السكان (من دون زيادة أو نقصان)، علما أن معدل الخصوبة العالمي اليوم بلغ 2.3.
وأشار التقرير إلى أن أكبر 15 دولة في العالم، حسب الناتج المحلي الإجمالي، لديها معدل خصوبة أقل من معدل الإحلال، ومن بينها أمريكا وجزء كبير من العالم الغني، والصين والهند، اللذان يمثلان معا أكثر من ثلث سكان العالم.
وأضاف التقرير أنه، بحلول عام 2030، ستكون أعمار أكثر من نصف سكان شرق وجنوب شرق آسيا أكثر من 40 عاما، ومع موت المسنين وعدم إحلالهم بالكامل من المرجح أن يتقلص عدد السكان.
اليابان تَشيخ
تواجه اليابان أزمة ديموغرافية، إذ تتزايد نسبة المسنين بالبلاد، كما يذكر البنك الدولي أن معدل الأطفال يقارب 12 في المئة، ما يجعلها بالرتبة الثانية عالمياً لأقل الدول أطفالاً بعد هونغ كونغ، ووصل عدد السكان ممن تزيد أعمارهم على 65 سنة إلى 28 في المئة من إجمال سكانها، وتتوقع دراسات أن تتزايد هذه النسبة إلى 40 في المئة عام 2060، كما انخفضت معدلات المواليد اليابانية إلى مستويات قياسية، العام الماضي، إذ سجلت طوكيو أقل من 800 ألف مولود للمرة الأولى.
وبحسب إحصاءات، تعد اليابان ثالث أغلى دولة في العالم لتربية طفل، ما يؤدي لعزوف الأزواج عن إنجاب الأطفال وتراجع مستويات المواليد، وترجع المسببات التي أدت إلى عدم التفكير في الزواج أو العزوف عن الإنجاب إلى عدم استقرار الوظائف، إذ تشير التحليلات إلى أن غالبية الشباب يعملون في وظائف موقتة، ما يجعل فرصهم منخفضة في الزواج، كما يوضح تقرير لمركز الشرق والغرب الأمريكي وجود فروق جذرية بين الرجل والمرأة في منظومة الزواج اليابانية في ما يخص الأعمال المنزلية ورعاية الأطفال، ما يجعل التزاوج أمراً غير جذاب للنساء اليابانيات، إضافة إلى تغيير القيم الحياتية والاجتماعية والتأخر في الزواج أو العزوف عنه مطلقاً.
ووصف رئيس الوزراء الياباني، فوميو كيشيدا، التراجع الكبير في أعداد المواليد وارتفاع أعداد السكان كبار السن بكون البلاد على حافة اختلال وظيفي اجتماعي، إذ يمثل من هم فوق 65 سنة ما يقرب من ثلثي سكان البلاد.
ونتيجة لتفاقم الأزمة في اليابان أعلن كيشيدا، قبل أيام قليلة، عدداً من الإجراءات التي تهدف إلى معالجة انخفاض معدلات المواليد في البلاد باعتبارها إحدى أكبر المشكلات الاقتصادية، وتتضمن زيادة المدفوعات للعائلات التي لديها أطفال ومضاعفة الإنفاق على رعاية الأطفال بحلول عام 2030، كما ستحث الحكومة الشركات على السماح للموظفين بالاختيار بين أنظمة عمل مرنة، فيما تعهد رئيس الوزراء الياباني، بداية العام، باتخاذ خطوات ضرورية لمواجهة انخفاض معدلات المواليد، قائلاً إن تحقيق ذلك «يأتي الآن أو لن يتحقق أبداً».
كوريا في خطر
شهدت كوريا الجنوبية انخفاضاً في أعداد المواليد سنوياً منذ 2015، وللمرة الثالثة على التوالي سجلت العام الماضي وفيات أعلى من مواليد البلاد، ومن المتوقع أن تتقلص نسبة السكان في سن العمل من 20 إلى 64 سنة بنحو 35 في المئة حتى عام 2050، إذا استمرت معدلات الخصوبة نفسها.
وتنفق كوريا الجنوبية مليارات الدولارات في محاولة لزيادة معدلات الخصوبة وزيادة أعداد المواليد لتفادي خطر الوقوع في أن تصبح مجتمعاً متقدماً في السن، إذ تقدم الحكومة عدداً من البرامج للمتزوجين لتغطية مصروفات الحضانة والإجازات المدفوعة للأبوين لرعاية أطفالهم لمن هم أقل من خمس سنوات، كما أطلقت خريطة حرارية عام 2016 توضح نسب الزواج والمواليد والنساء في سن الإنجاب في أنحاء البلاد كافة لتشجيع المنافسة بين مختلف الأقاليم، ولكن هذه الخطة قوبلت بالانتقاد من قبل النساء الكوريات اللواتي اتهمن السلطة بنظرتها لهن كأداة للإنجاب فقط، فيما تراجعت الدولة وسحبت خريطتها.
أزمة الصين
انضمت الصين إلى ركب دول شرق آسيا ضمن جيرانها في معضلة المواليد، إذ تراجعت معدلاتها لما يصل إلى النصف بين عامي 2016 و2022 لتصل إلى 9.5 ملايين مولود العام الماضي، كما أعلنت بكين رسمياً هذا العام أنها تتعرض لتراجع في معدلات السكان للمرة الأولى منذ 60 عاماً، ويتزامن ذلك مع تسجيلها العام الماضي أقل معدلات للزواج منذ عقود.
وتظهر إحصاءات وتقارير دولية أن نسبة السكان في سن العمل بالصين ستتقلص بنحو 186 مليون شخص حتى عام 2050، كما تشير توقعات إلى أن ربع سكان البلاد سيصبحون في عمر ما فوق الـ 65 سنة بحلول عام 2040.
وبدأت الحكومة الصينية التنبه إلى خطورة الأزمة منذ سنوات، فأوقفت تطبيق سياسة الطفل الواحد التي طبقت منذ الثمانينات، وسمحت للمتزوجين بإنجاب طفلين منذ عام 2016 وحتى ثلاثة أطفال عام 2021، لكن بعض الخبراء يرون أن إيقاف هذه السياسة جاء متأخراً في وقت بدأت أعداد التركيبة السكانية الصينية تدخل اختلالاً بالفعل.
ويمثل الانخفاض علامة فارقة لبكين، إذ يشكل البداية لفترة طويلة مقبلة من تراجع أعداد السكان، مع تحذيرات من خبراء الديموغرافيا من كون الصين ستصبح من الدول الهرمة قبل أن تصنف كدولة غنية، ما قد يؤدي إلى تقلص القوة العاملة وإنفاق الحكومة مزيداً من الأموال على السكان المسنين.
وتعمل الحكومة الصينية، في الوقت الحالي، على برامج وخطط للتشجيع على الزواج والإنجاب من خلال تقديم عدد من المحفزات، مثل الحوافز الضريبية والدعم السكني والتعليم المجاني والمدعوم لمن ينجب طفلاً ثالثاً.
الدنمارك
تحذر هيئة الإحصاء الدنماركية من عواقب وخيمة لتدني معدل الخصوبة إلى أقل من 1.7 طفل لكل امرأة، على صعيد التخطيط في مراكز الرعاية والمدارس والاقتصاد والنظام السياسي.
وأظهرت أرقام نشرتها مؤسسات دنماركية عدة أن التراجع في إنجاب الأطفال مستمر منذ سنوات، وأن البلد الذي يسكنه نحو 5.9 ملايين شخص يتجه إلى نقص في السكان، بعد أن كان خبراء يأملون في الزيادة عبر رفع متوسط الولادات إلى نحو 10 آلاف سنويا.
ولا تتعلق مسألة نقص السكان في الدنمارك بتغطية نقص العمالة، بل بما يسميه الباحثون «هوية البلد»، وما يجب أن يكون عليه في المستقبل، وهم يتخوفون من أن تسير معدلات الخصوبة إلى وضع مماثل لليابان وكوريا الجنوبية، حيث يتراوح معدل الولادات بين طفل و1.3 طفل، ما يسبب مشاكل اجتماعية يريدون أن يتجنب بلدهم الوقوع فيها.
وبينما يطرح البعض قضية تعويض النقص بزيادة أعداد القادمين إلى البلد من دول أوروبية أخرى، يستبعد خبراء أن يوفر هذا الاقتراح الحل المنشود، خصوصا أن بلدانا متقدمة أخرى تعاني من نقص سكاني، وتحاول الحفاظ على مواطنيها بدلاً من أن تتركهم يهاجرون.
ويرى متخصصون في خصوبة الرجال أن تفسيرات بيولوجية تلعب دوراً في التراجع، بينها التأثر بملوثات المواد الكيميائية الناتجة عن الاستهلاك المتزايد للوقود الأحفوري، ويعتبرون أن المواد الكيميائية تؤدي إلى اضطراب في الهرمونات، وهذا أمر غير جيد لإنتاج الحيوانات المنوية.
ويعاني كثيرون من الشباب المتزوجين من مشكلات الإنجاب، إذ تولد اليوم أعداد أكثر بمساعدة أنظمة الرعاية الصحية. ويختار واحد بين كل 5 رجال عدم الإنجاب، فيما وُلد واحد من كل 10 أطفال من خلال تدخل صحي للمساعدة في الحمل.
ويدفع الضغط الديموغرافي، المرتبط بتزايد كبار السن وتراجع الأطفال، السياسيين إلى أخذ أرقام هيئة الإحصاء على محمل الجد. وتطرح حكومة الائتلاف، برئاسة ميتا فريدركسن، تصورات مختلفة عن خطة «دنمارك المستقبل» التي تمتد حتى عام 2030، بعدما تبين أن التوقعات السابقة التي قُدمت بزيادة المواليد لم تتحقق، إذ تراجع العدد المتوقع من أكثر من 63 ألف طفل إلى نحو 58 ألفاً.
وتُظهر الأرقام أن أعداد المواليد تتراجع بشكل مستمر منذ عام 2016، ما يعني عزوف كثيرين عن الإنجاب وتأجيل آخرين هذا الأمر حتى سن متأخرة.
ويطالب رئيس قسم الخصوبة في المستشفى الوطني، سورين زيبي، بتفادي الحديث عن طفرة في المواليد والتوقعات المتفائلة المضللة للنمو السكاني، لأن هذا الأمر يسيء إلى الخطط المتعلقة برعاية الأطفال وتوفير العمالة، مشيراً إلى خطأ التوقعات السابقة التي تحدثت عن أن البلد سيكون لديه نحو 72 ألفا و500 ولادة في عام 2025، في حين تفيد الوقائع بأن السنوات القادمة لن تشهد إلا نحو 60 ألف ولادة سنوياً.
ويحذر مدير هيئة الإحصاء، بيتر فيغ ينسن، من أنه «بغض النظر عن الأسباب، فإن الوصول إلى معدل خصوبة 2.1 طفل للمرأة الذي يسمح بأن يحل كل جيل بدلاً من الجيل السابق، ليس أمراً بسيطاً مع تراجع الخصوبة إلى 1.7 طفل، علما أنه بلغ 1.55 طفل العام الماضي في أدنى مستوى طوال 35 سنة».
ويعتبر البروفيسور سكاكبيك أن «الأزمة الإنجابية ستؤدي إلى انكماش عدد السكان على المدى البعيد، وتغيير الصورة الكلية للحالة الديموغرافية للدنماركيين الذين يعيش بينهم مئات الآلاف من المهاجرين واللاجئين (نحو 13 في المائة من عدد السكان)، ما سيقلص التفاؤل حتى بعد 50 سنة».
أوروبا تشجع على الإنجاب
أطلقت حكومات بعض الدول الأوروبية ذات الاقتصادات الناشئة مجموعة من السياسات التى تشجع مواطنيها على الإنجاب، وتتضمن تقديم مزايا مالية وإعفاءات ضريبية لمن ينجب عددا أكبر من الأطفال، وذلك رغم الأزمات الاقتصادية التى تمر بها القارة العجوز مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل.
وأصبحت بعض الدول الأوروبية، من روسيا شرقا وحتى بولندا غربا إلى صربيا جنوبا، تشجع على زيادة النسل وتستهدف من ذلك مواجهة التراجع الديموغرافي الكبير في منطقة من المتوقع أن تواجه العديد من بلدانها، خلال العقود المقبلة، تراجعا غير مسبوق في عدد السكان لم تشهده منذ مطلع القرن العشرين.
وتوقعت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة انخفاض إجمالي عدد سكان دول وسط أوروبا وجنوب شرق أوروبا وشرق أوروبا وجنوب القوقاز ووسط آسيا من 418 مليون نسمة خلال عام 2021 إلى 362 مليون نسمة بحلول عام 2030، وذلك حسب تقرير التوقعات السكانية العالمية لعام 2022.
وتعتبر فرنسا على رأس قائمة الدول التي تمنح مزايا مالية لمواطنيها، والتي تخصص 2.7 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي، وأيضا الدنمارك التي تخصص نسبة 3.5 بالمئة وفقا لأحدث البيانات من «يوروستات»، تم تصنيف فرنسا بشكل خاص كواحدة من الدول في القارة التي تمنح مساعدات نقدية بقيمة 18 أورو، بينما تنفق إسبانيا 1 أورو للعائلة.
وتأتي إسبانيا في ذيل أوروبا لمساعدة العائلات على الرغم من انخفاض معدل المواليد، وتعتبر إسبانيا بين دول الاتحاد الأوروبي التي تستثمر أقل ما في المزايا الاجتماعية للأسرة، إذ تحتل الرتبة 21 من 27 على الرغم من انهيار معدل المواليد في السنوات الأخيرة.
ولمواجهة هذا التراجع في أعداد السكان، اتخذت عدد من الحكومات بأنحاء أوروبا إجراءات تحفيزية لمواجهة هذه الكارثة الديموغرافية، ففي روسيا وضع الرئيس، فلاديمير بوتين، التعامل مع الأزمة الديموغرافية على رأس جدول أعماله، حيث قدم مجموعة واسعة من الإعانات والحوافز المالية، بما في ذلك إعانة أعلى للطفل، وإجازة أمومة أطول وإعانات للأمهات اللاتي يخترن عدم العودة إلى العمل.
وأطلقت حكومات أخرى في وسط وجنوب شرق أوروبا برامج الحوافز الخاصة بها في محاولات لمعالجة انخفاض عدد السكان، ففي يونيو 2021، كشفت بولندا عن استراتيجيتها لوقف هجرة السكان. وقال رئيس الوزراء، ماتيوش مورافيتسكي، إن الهدف هو زيادة عدد المواليد بحلول عام 2040. وأضاف: «إذا لم نعزز دعم الدولة للعائلات، فسوف ينهار نظام التقاعد خلال عقد أو عقدين، وسيتباطأ النمو الاقتصادى ولن يتمكن البولنديون ببساطة من تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم هنا في بولندا».
وبموجب هذه الاستراتيجية، تواصل وارسو دفع 1000 زلوتي بولندي (110 دولارات) شهريا لكل طفل في الأسرة، إلى جانب برامج رعاية إضافية تشمل دفع 12000 زلوتي بولندي خلال أول عامين من حياة الطفل. كما فرضت الحكومة البولندية حظرا شبه كامل على الإجهاض.
وفي المجر، ساعدت المنح والقروض الحكومية السخية للعائلات على رفع معدل المواليد من 1.2 بالمئة في عام 2010 إلى حوالي 1.5 بالمئة في عام 2020، لكنه مازال واحدا من أدنى المعدلات في أوروبا.
المشاكل المتوقعة
يشير التقرير إلى قلة عدد الشباب، الأمر الذي يجعل دعم المتقاعدين في العالم يزداد صعوبة، إذ يعتمد المتقاعدون على عمل من هم في سن العمل، إما من خلال الدولة التي تفرض ضرائب على من هم في سن العمل لدفع معاشات التقاعد العامة، أو عن طريق صرف المدخرات لشراء السلع والخدمات، أو لأن الأقارب يقدمون الرعاية من دون أجر.
وأشارت «ذي إيكونوميست» إلى أن معدل من هم في سن العمل في العالم الغني إلى المتقاعدين هي 3 مقابل واحد، وبحلول عام 2050 ستكون أقل من اثنين مقابل واحد، وأن الآثار المترتبة على ذلك هي ارتفاع الضرائب، وانخفاض العوائد الحقيقية للمدخرين، وربما أزمات الميزانية الحكومية.
وبانخفاض عدد الشباب، سيفقد العالم قدرا مما يسميه علماء النفس «الذكاء السائل»، أي القدرة على التفكير الإبداعي لحل المشكلات بطرق جديدة تماما، وجلب التغيير.
وشرح تقرير المجلة البريطانية العلاقة العكسية بين النمو الاقتصادي ومعدل الخصوبة، فكلما أصبح الناس أكثر ثراء غدوا أقل ميلا للإنجاب، وبالتالي سيتعين على العالم، في نهاية المطاف، التعايش مع عدد أقل من الشباب، وربما يتقلص عدد السكان.
ومع أخذ ذلك في الاعتبار، فإن التطورات الأخيرة في الذكاء الاصطناعي أتت في وقت ممتاز؛ فقد يجد الاقتصاد المتشبع بالذكاء الاصطناعي الإنتاجي أنه من السهل دعم عدد أكبر من المتقاعدين.
وقد يكون الذكاء الاصطناعي قادرا على توليد الأفكار من تلقاء نفسه، مما يقلل الحاجة إلى الذكاء البشري. وإلى جانب الروبوتات، قد يجعل الذكاء الاصطناعي، أيضا، رعاية كبار السن أقل كثافة في العمل.
كذلك أعلنت حكومة صربيا، في فبراير الماضي، أنها ستقدم إعانات تصل إلى 20 ألف أورو للأسر حديثة الزواج لمساعدتها على شراء منزلها الأول في محاولة لزيادة معدل المواليد. هذا بالإضافة إلى دفع حافز قدره 2551 أورو للطفل الأول.
وأشار معهد الإحصاء في الاتحاد الأوروبي، «يوروستات»، إلى إنجاب الأوروبيين عددا أقل من الأطفال مقارنة بالماضي، حيث تسجل فرنسا أعلى معدل للخصوبة فى الاتحاد الأوروبي بـ1.83 طفل لكل امرأة.
وجاءت رومانيا في المركز الثانى، تليها أيسلندا والتشيك، حيث تلد النساء في المتوسط 1.70 طفل. فيما تشترك البلدان الأخرى فى أوروبا التي يتناقص عدد سكانها – إيطاليا والبرتغال وبولندا واليونان – في معدلات خصوبة منخفضة، تتراوح بين 1.2 و1.6 طفل لكل امرأة، وسجل التراجع نفسه بشكل خاص في البلدان الآسيوية، مثل كوريا واليابان والصين التي ستتخلى عن مكانتها باعتبارها الدولة الأكثر اكتظاظا بالسكان لصالح الهند خلال عام 2023، بسبب تسجيلها ركودا في المواليد.
وجاء في دراسة نشرت في غشت الماضي، أجراها الخبير الاقتصادي، جيمس بوميروي، لصالح بنك «إتش إس بي سي» البريطاني أكبر بنك في أوروبا، أن «الانخفاض في معدل الخصوبة العالمي يعني أنه بين عامي 2022 و2025، سيكون هناك نحو 14 مليون طفل أقل فى العالم مقارنة بتوقعات الأمم المتحدة»، موضحا أنه «يمكن أن ينخفض عدد سكان العالم إلى النصف بحلول نهاية القرن، أي من 8 مليارات اليوم إلى 4 مليارات».