«هذه قصة صراعي مع العنصر وأوزين والعسالي زوجة جدي»
حاورها : محمد اليوبي
استطاعت خديجة المرابط أم البشائر، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية ورئيسة جمعية النساء الحركيات، تكسير جدار الصمت داخل الحزب، وتمردت في آخر اجتماع للمكتب السياسي على الأمين العام للحزب، امحند العنصر، وبجرأة كبيرة انتفضت في وجه حليمة العسالي وصهرها محمد أوزين، لتقدم إثر ذلك استقالتها من رئاسة جمعية النساء.. في هذا الحوار الحصري مع «الأخبار» تكشف المرابط ما يجري ويدور داخل حزب أحرضان، وتحكي قصتها مع حليمة العسالي، زوجة جدها القايدي أمهروق:
أول سؤال يفرض ذاته، يتعلق بأسباب تقديم استقالتك من رئاسة جمعية النساء الحركيات؟
الاستقالة من رئاسة جمعية النساء الحركيات لم تأت بطريقة اعتباطية، بل جاءت بعد تفكير عميق، نظرا للضغوطات التي تعرضت لها خلال السنة والنصف التي قضيتها في مسؤولية الجمعية، وقد أوضحت كل الأسباب في الرسالة المكتوبة التي وضعتها في اجتماع المكتب السياسي بالأمانة العامة للحزب، لأنه تبين لي أن طريقة اشتغالي لم ترق بعض أعضاء المكتب السياسي الذين بدؤوا في مضايقتي بشتى الطرق، مثلا من خلال إقصائي من حضور بعض اللقاءات التواصلية الحزبية، وإقصائي من حضور اللجان التحضيرية لبعض الأنشطة والمؤتمرات الحزبية، مثلا مؤتمر الأطر والكفاءات.. لم يتم إشراكي في التحضير ولا في عملية انتداب الكفاءات النسائية المنخرطة في الجمعية من كافة الأقاليم المغربية، ولذلك عبرت عن غضبي بمقاطعة هذا المؤتمر.
في رسالة الاستقالة تتحدثين من جملة المضايقات التي تعرضت لها، عن وجود تواطؤ ضدك.. من تواطأ ضدك؟ وكيف ذلك؟
فعلا، اصطدمت بتدخلات مستمرة من طرف عضو بالمكتب السياسي من أجل تغيير برامج عمل الجمعية وأنشطتها وهو ما رفضته ولم ولن أتقبله لأنه مس باستقلالية أدائي، لأنني أعمل وفق استراتيجية واضحة وخطة عمل حظيت بالتأشير المسبق للأمين العام للحزب، وهذا كنت مقتنعة به، لأننا في منظمة نسائية موازية للحزب ويجب أن تمارس عملها وفق توجهاته، وكنت أتشاور مع الأمين العام حول كل الأنشطة، وهذا ربما أزعج جهة معلومة في القيادة، بسبب تواصلي المباشر مع العنصر، لأنهم كانوا يريدون ممارسة الوصاية علي.. كذلك أزعجتهم طريقة اشتغالي بوتيرة سريعة، لأنهم لم يتعودوا على هذه الوتيرة، فهم يريدون أن يكون العمل موسميا فقط مع اقتراب موعد الانتخابات، لكن أنا أشتغل بمقاربة مقاولتية أكثر مما هي سياسية، لأنني مقاولة وأترأس فرع جمعية النساء رئيسات المقاولات بالمغرب بجهة دكالة- عبدة، أملك فكرا مقاولاتيا وأعتبره دعامة أساسية في ممارستي وعملي السياسي، وعشت 16 سنة في إنجلترا، درست واشتغلت خلالها في عدة مجالات.
هل صحيح أن أوزين حاول الإطاحة بك من رئاسة جمعية النساء الحركيات بدعوته إلى عقد مؤتمر للجمعية؟
كانت النقطة التي أفاضت الكأس خروج محمد أوزين بتصريحات صحفية تحدث فيها عن أجندة وبرنامج عمله بعد عودته للاشتغال بالأمانة العامة، بدءا من مؤتمر الشبيبة ومؤتمر الكفاءات ومؤسسة الجامعة الشعبية، لكن ما استفزني هو إدراجه لعقد مؤتمر المرأة الحركية ضمن هذه الأجندة، وهذا دون علمي أو حتى استشارتي طبعا، علما أنني انتخبت فقط قبل سنة ونصف، وتبقت في ولايتي سنتان ونصف.. إضافة إلى ذلك فتصريحات محمد اوزين في أكثر من منبر حول عزمه عقد مؤتمر التنظيم النسائي الموازي للحزب، أقلقت وخلفت استياء وبلبلة في صفوف النساء الحركيات باﻷقاليم اللواتي كن يستفسرنني حول ما إذا كان في الأمر تخطيط للإطاحة بي من رئاسة المنظمة، فتكلمت مع أوزين في هذا الشأن، حيث نفى ذلك، واتهم الصحافة بالكذب عليه، فطلبت منه أن يصدر تكذيبا للخبر الذي نشرته عدة جرائد مختلفة، ومنها جريدتكم التي قدم لها تصريحا في الموضوع، فرفض ذلك. فاتصلت بي حليمة العسالي وتكلمت معها في الموضوع، قالت لي لا يمكننا تكذيب الخبر وإن هذه فقط تأويلات الصحافة، وشرحت لي أنهم يريدون هيكلة الأقاليم وفق التقطيع الجهوي الجديد.. بعد ذلك وعدني الأمين العام بإصدار تصريح بمثابة تكذيب في لقاء تواصلي بمدينة ورزازات، واقترح علي مرافقتهم إلى هناك، وخلال اللقاء تكلم العنصر ولم يقل شيئا بخصوص الموضوع، وعندما تدخل أوزين، قال: سنعمل على دعم وتقوية المرأة، ما اعتبرته سبة في حقي لأن من سيسمع خطابه سيظن أن منظمتنا النسائية ليست في المستوى المنشود خلاف الحقيقة. وفي السياق نفسه عندما صرح الأمين العام في إحدى الجرائد بكون رئيسة جمعية النساء ورئيس الشبيبة لن يكونا على رأس اللائحة الوطنية للنساء والشباب في الانتخابات التشريعية المقبلة حتى يقطعوا مع الريع السياسي، طلبت منه توضيحا، ووعدني بتقديم تكذيب في الموضوع لكنه لم يلتزم مرة أخرى.
وقبل ثلاثة أيام من تقديم استقالتي، تلقيت مكالمة من العسالي، تطلب مني تكذيب مقال صدر بموقع إلكتروني، يقولون فيه إنني أتعرض لضغوطات من طرف العسالي وأوزين، قالت إنها أرادت أن تكذب ولكن لم يقبل الموقع تكذيبها وطلبوا منها أن أتصل بهم أنا شخصيا حسب قولها، فمنحتني رقم هاتف صحافي بالموقع، وأنا كنت في طريقي لحضور مجلس سيدات الأعمال العرب حضرته أميرة أردنية، اتصلت برقم الصحافي مرتين لم يرد علي، ونفذت شحنة هاتفي، وعدت متأخرة ليلا الى بيتي، فبلغ إلى علمي أن العسالي أقامت الدنيا، واتصلت بالناس «غوتت وجذبت»، واتهمتني بالتنسيق مع الحركة التصحيحية، وفي اليوم الموالي، وجدتها تركت لي رسالة صوتية على هاتفي.. هل يعقل أن تطلب مني تكذيب مقال لم يصدر عني؟ في حين لم يريدوا تكذيب تصريح أوزين الذي صرح به لجرائد ورقية، هذا عار..
ماذا كان مضمون الرسالة الصوتية؟
قالت لي: «كتسحابي راسك أنتي شكون، مع من كتلعبي؟ سيري قلبي مع من تلعبي من غيري، انت ما بغيتش تديري التصريح، إذا ما بغيتيش تديريه غادي نديروا أنا». بصراحة «أنا ما فهمت والو مني هي قادرة تدير التصريح علاش ما دارتوش من الأول أو تهنات». كما أرسلت لي رسائل أخرى بطريقة غير مباشرة مع عضوات في المكتب التنفيذي للجمعية، كلها شتم وسب، لأن بعض الأخوات جازاهن الله خيرا تعطيهن الرسائل «كيوصلوها مباشرة لي كما هي».
ماذا حصل بعد ذلك؟
بعد ذلك تطورت الأمور، إلى درجة أن العسالي لم توجه لي دعوة حضور حفل تكريمها، ولم أستسغ مثل هذا التصرف لأنه وبغض النظر عن العلاقة العائلية التي تربطني بها، أنا رئيسة منظمة نساء الحزب، ولا يمكنها إقصائي، مقابل حضور معظم أعضاء المكتب السياسي والوزراء وبعض البرلمانيين. لذلك استفسرتها في اجتماع المكتب السياسي عن عدم استدعائي، وقلت لها إنني التقطت الإشارة وفهمت أنني أصبحت من المغضوب عليهم.
بعد حفل التكريم، وفي اليوم نفسه عقد المكتب السياسي اجتماعا، قدمت خلاله استقالتك بعدما انتفضت في وجه الجميع، ماذا حدث بالضبط خلال هذا الاجتماع؟
قلت للأمين العام بصريح العبارة: هل أنت هو الأمين العام للحزب، أم هناك أناس آخرون يتحكمون في الحزب؟ قلت لهم: «أنتم الثلاثة كل واحد أش كيقول، بغيت نعرف شكون فيكم يحكم في الحزب، حتى أعرف مع من أتكلم وأتعامل»، كل واحد يقول كلاما، وهذا أرفضه، وطلبت منهم أن يتفقوا على نفس الكلام، لأن «كل واحد واش كا يقول»، والعسالي تتكلم باسم الأمين العام رغم أنه لم يقل أي شيء، وقلت لهم كذلك لن أسمح لأي قيادي كان التشكيك في انتمائي وولائي الحزبي.
كيف كانت علاقتك بالثلاثي العنصر والعسالي وأوزين؟
في الحقيقة الأمين العام لم أسمع منه ولا كلمة عيب في حقي، إنما لاحظت باشمئزاز أنه غير بعض مواقفه إزائي ترضية لرغبة الجهة المعروفة، أما علاقتي بأوزين، فكانت عادية عندما كان وزيرا، ومباشرة بعد إعفائه وعندما عاد للاشتغال في الحزب، بدأت المشاكل، لأنه بدأ يفكر ويخطط للسيطرة على المنظمات الموازية للحزب، وتغيير قادتها بأشخاص يأتمرون بأوامره ويتحكم فيهم عن بعد. وأنا لست من ذلك النوع، لن أقبل، ولا يمكن لأي أحد أن يسيرني، فلما تكلمت معه ذلك اليوم على التكذيب قال لي: «فين هما الانخراطات في الأقاليم فين هما المكاتب؟»، قلت له: «كان عليكم فقط أنت والسيدة العسالي والأمين العام تجلسوا معايا في اجتماع وغادي نعطيكم الانخراطات ديال الأقاليم وديال المركز وعدد الاستقطابات بالحجج والأنشطة ديال الأقاليم بالحجج»، وقلت له: «مشكل المكاتب راه أنت عارفو حنا ماعدناش ميزانية في الجمعية، وفتح مكاتب بالأقاليم رهين بتواجد مقرات الحزب مفتوحة ودعم ومساندة المنسق للمرأة المرشحة بالإقليم وكذلك دعم شركائنا الدوليين لدعم مصاريف الندوة على هامش الجمع العام التأسيسي، أو الدعم المادي للمنسق».
أما بخصوص حليمة العسالي، فعلاقتي بها كانت جيدة، أقدرها واحترمها من منظور العائلة، وهي التي شجعتني لأنضم إلى الحزب، لأنني كنت تلقيت عروضا من أحزاب أخرى، وقالت لي: «لا حشومة، لازم تلتحقي بنا، ديالنا يبقى في ديالنا»، خصوصا أن جدي القايدي محمد أمهروق هو من مؤسسي حزب الحركة الشعبية.
تقول العسالي إنه لها فضل كبير عليك، لأنها علمتك السياسة وأدخلتك إلى الحزب، هل هذا صحيح؟
علاقتي بالسياسة هي علاقة جينية، رضعت السياسة من عائلتي من جهة والدي ومن جهة جدي. جدي هو القايدي محمد أمهروق، قائد قبائل زيان وهو حفيد المجاهد موحى وحمو الزياني، وهو زوج حليمة العسالي، ويعتبر من زعماء جيش التحرير ومن مؤسسي الحركة الشعبية رفقة الزعيم التاريخي المحجوبي أحرضان والبكاي واليوسي وآخرين.
علاقتي بالحركة الشعبية تعود إلى جدي لأنه من المؤسسين، وهو الذي استقطب العسالي إلى الحزب وعوضته في مهامه في الحزب إثر توقفه عن نشاطه السياسي، أما علاقتي الأولى التي تربطني بالسياسة فكانت عن طريق والدي عباس الأزموري المرابط، وليست عن طريق حليمة العسالي، لأنني ترعرعت في بيت مناضل ومقاوم كبير كان محكوما عليه بالإعدام، كان هو مؤسس أول مقاومة سرية مسلحة بالرباط، حوكم بالإعدام، قبل أن يصدر لصالحه عفو ملكي من طرف المرحوم محمد الخامس بعد عودته من المنفى، والدي عانى من التعذيب والتنكيل والإرهاب، وقبره الذي كان سيدفن فيه بعد إعدامه بسجن «العادر» لا زال شاهدا على التاريخ، وهو من مؤسسي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية بمعيّة عبد الله إبراهيم والمهدي بنبركة والفقيه البصري وثلة من المقاومين الذين كانوا على قيد الحياة، وانخرط في أول انتخابات سنة 1975 باسم الاتحاد الاشتراكي مع المرحوم عبد الرحيم بوعبيد، ثم انتخب عدة مرات رئيسا للمجلس البلدي، وشارك في عدة مؤتمرات دولية، باعتباره عضوا بمنظمة العفو الدولية وناشطا في جمعية هيئات المحامين بالمغرب، وعينه الملك الراحل الحسن الثاني عضوا بالمجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط سنة 1975، ثم عضوا بالمجلس الأعلى للشباب والمستقبل سنة 1993، وكان عضوا بجمعية البدائل منذ 1987، ونال التكريم من المغفور له محمد الخامس والمغفور له الحسن الثاني ومن الملك محمد السادس ورئيس الحكومة السابق عباس الفاسي والمندوب السامي للمقاومة الذي أهداه درع المقاومة في حفل جماهيري أقيم بساحة الشهداء بسجن «العادر»، كما نال التكريم من جمعية هيئات المحامين تحت إشراف وزير العدل والحريات الحالي، مصطفى الرميد، لكون والدي كان نقيبا لهيئة المحامين.. ربما هذه الوقائع خافية عن أعضاء الحركة الشعبية، لذلك فنضالي بالحركة الشعبية لم يتأت من فراغ، لأنني ترعرعت في بيت كان يشكل ملتقى لرجالات الحركة الوطنية وأعلام السياسة وزعماء النضال بالمغرب، ووالدي بصفته حقوقيا ومناضلا ونقابيا كانت الدنيا تقعد له وتقوم، أما الأخت العسالي التي تقول إنها «جابتني للحركة الشعبية، لأنني تربطني بها علاقة عائلية، فعليها أن تكون فخورة بذلك لأنها جابت إطارا وكفاءة نسائية، ماشي جابتني معطلة أو بغيت نترزق لكي تعطيني شي منصب، أنا الحمد لله لم أطلب منهم أي منصب، لدي عملي وأموالي ساهمت بها في أنشطتي بالحزب وأنا في جمعية النساء الحركيات متطوعة».
قلت إن علاقتك بالعنصر جيدة ولم تسمعي منه عيبا، لكن في المكتب السياسي، قلل من حصيلتك، بقوله إنك لم تفتحي سوى 5 مكاتب؟
نعم لقد أجبته، «أشنو دار الحزب، هناك مقرات للحزب مغلقة وأخرى تفتح موسميا»، أنا الحمد لله حققت حصيلة إيجابية، لدينا 21 فرعا للجمعية التي قمنا باعادة هيكلة جلها وليست كلها نظرا للوضع التنظيمي المتأزم للحزب ببعض الأقاليم وفتحنا 5 فروع جديدة ولدينا 13 لجنة تحضيرية تهيئ لفتح مكاتب جديدة بالأقاليم.
ولأن الحزب لم يقدم لي شيئا في تنفيذ برنامج عمل الجمعية التي تجمع بين التأطير السياسي والتكوين على مستوى تدبير الشأن المحلي والإلمام بالقوانين الانتخابية لفائدة النساء الحركيات على صعيد الأقاليم، فقد تقدمت بالمشروع لخمسة شركاء دوليين دعمونا ماديا (مصاريف المبيت والمأكل، والمكونين والقاعة)، تكلفوا بكل المصاريف المرتبطة بالتكوين. الحزب لم يساعدنا، فقط دعمنا باللافتات والأوراق والملفات، حتى في الأول كان يضمن النقل لبعض الإخوة والأخوات من الطاقم الإداري للمقر المركزي في ست أو سبع خرجات الأولى، نحن قمنا بـ 13 خرجة. بعد ذلك قال لي الأمين العام، «يا خديجة، حنا نهجنا سياسة التقشف لا يمكننا نتكلف بالبنزين»، «واش أعباد الله هاذ الشي ليا أنا، هاذ الشي لتنقل الكاتبة والمصور والمؤطر في بعض الأحيان مع لوازم التكوين؟»، في حين تصرف الملايين على أنشطة حزبية أخرى، فاضطررت إلى التكفل بمصاريف تنقلهم شخصيا.
يظهر من خلال كلامك أن كل الضغوطات أصبحت تتعرضين لها مباشرة بعد خروج أوزين من وزارة الشباب والرياضة، لماذا؟
صحيح، ربما طريقة عملي كشفت نقط ضعف البعض، واختفت صورهم من واجهة الأحداث، وعندما لم يبق أوزين وزيرا للشباب والرياضة، ما بقاش تعجبهم طريقة عملي، لأنه ما بقاش يبان أمام وتيرة العمل التي أشتغل بها، هل لدي أنا دخل في إعفائه أو كما يقولون استقالته؟ «ما عرفتش ما عنديش تفسير».
بعض القياديين يوجهون لك اتهامات باحتكار الجمعية أمام الكفاءات والأطر؟
هذا كلام غير صحيح، سمعت هذا على لسان العسالي، قالت لي الأمين العام غير راض على طريقة اشتغالك، وأنك لا تريدين جلب الكفاءات للجمعية خوفا على منصبك.. وهذا كلام جرحني لأنني كنت أنادي بانعقاد المجلس الوطني للجمعية مرارا وتكرارا حتى نصادق على مشروع القانون الداخلي الذي سيمكننا من تطعيم المكتب التنفيذي بالأطر وكذلك تطعيم المجلس الوطني بكفاءات جديدة استقطبناها في خرجاتنا في ربوع المملكة وكذلك انتخاب منسقات جهويات تفعيلا لمبدأ الجهوية في التنظيم وتقديم حصيلة جمعية النساء الحركيات أمام الحضور.. وهذه الإجراءات كلها كانت رهينة بانعقاد اجتماع المجلس الوطني الذي تأجل ثلاث مرات، في المرة الأولى تأجل بسبب تفجر فضائح الوزراء وخاصة فضيحة الملعب، وفي المرة الثانية بسبب ظهور الحركة التصحيحية، وفي المرة الثالثة حدد الأمين العام تاريخ 23 ماي، لكنه رغم اجتماعات اللجنة التحضيرية الماراطونية وحجز القاعة تخلف الأمين العام عن التاريخ بدعوى تزامنه مع اللقاء التواصلي للحزب بورزازات مع العلم أنه هو من حدد التاريخ، ما اعتبرته وبعض عضوات المكتب تحاملا على المنظمة.
بعد ذلك طلب مني العنصر تقديم حصيلة الجمعية أمام المكتب السياسي، فتساءلت لماذا لم يطلب الحصيلة من الوزراء ومن الفريقين البرلمانيين ومن الروابط المهنية والمنظمات الموازية؟ لماذا أنا بالضبط؟ هل اعتبرني مجرد حائط قصير؟ لكن الحمد لله الحصيلة إيجابية جدا جدا وراسي مرفوع.
وللعلم فلدي لائحة من الأطر نساء ورجالا الذين يرغبون في تعزيز صفوف الحركة الشعبية، وقد طلبت من الأمين العام أن يحدد موعدا للقاء بهم وإيجاد بنية استقبال لفتح المجال أمامهم، لكنه لم يفعل وأنا لا يمكنني أن أستقدم الأطر وأتركهم يتجولون في ممرات ودهاليز مقر الأمانة العامة.
هل طريقة عملك أزعجت هؤلاء القياديين، ورأوا فيك قوة صاعدة داخل الحزب قد تزيحهم من التربع على القيادة؟
أنا لا ألتفت لذلك، فما يهمني هو أنه ومنذ أن تحملت المسؤولية قمت بإعادة الروح للجمعية، حيث وبمجرد أن استلمت مهامي شهر يناير 2014، وجدت صعوبة في جمع المعلومات حولها وحول أنشطتها السابقة ورصيدها، لم أجد إلا بعض الوثائق الرسمية لبعض الفروع في بعض رفوف مكتب الجمعية التي في الحقيقة لا أرشيف لها. فقمت بمراسلة رئيسات الفروع لإيفادي بملفاتهم القانونية وأنشطتهم ومطالبهم واحتياجاتهم في ما يخص التكوينات، وحاولت كذلك مراسلة منسقي الحزب بالجهات والأقاليم لإعطائي أسماء المرشحات المحتملات ولم أستطع، حيث قيل لي إنه ليس من صلاحياتي مراسلة المنسقين، فكنت أتصل معهم فقط شفهيا. فكيف يمكنك الاشتغال في مثل هذه الظروف بدون توثيق. كما سلطوا علي بعض المشوشات داخل مكتب الجمعية، لكي يشوشوا على عملي بخلق البلبلة، لكي يمنحوا الفرصة لقيادية بالحزب لكي تتدخل ويحسب لها أنها هي التي تدخلت لتهدئة الأوضاع، كما تعرضت لحملة على موقع فيسبوك، بإيعاز من قيادية حركية كانت تساند ذلك، وتضع لهم «جيم»، إذن كان عملا مقصودا.
عندما ترشحت لرئاسة الجمعية، قدمت مشروعا وخطة عمل ماذا تحقق منهما خلال تحملك المسؤولية؟
في مدة وجيزة لا تتعدى سبعة أشهر عقدنا ثلاث عشرة دورة تكوينية تحت شعار «قافلة لها»، كانت تشمل التأطير السياسي حول حزب الحركة الشعبية، إدارة الح
ملة الانتخابية، الخطاب السياسي، تسيير الشأن العام، القوانين التنظيمية للانتخابات وغيرها لفائدة 300 من المستشارات الحركيات ومشروع مستشارات بشراكة مع منظمة «فريديريك نومان»، المعهد الديمقراطي الوطني، الحزب الليبرالي الهولندي، الحزب الليبرالي البريطاني، وبحضور بعض أعضاء المكتب السياسي أو البرلمانيين، أو أعضاء المجلس الوطني، أو الروابط كل حسب إقليمه والتي حطت رحالها بالأقاليم الآتية: (مكناس، فاس، الحسيمة، وجدة، أكادير، بني ملال، مراكش، إفران، الشاون، الرباط، الدارالبيضاء، آسفي، تطوان)، وكان لدي مشروع للتكوين بمدينة طانطان كآخر محطة (المحطة 14) أجل إلى ما بعد شهر رمضان لتكوين وتأطير النساء الحركيات بالأقاليم الجنوبية جهات كلميم السمارة والعيون بوجدور ووادي الذهب لكويرة،.. وهذه كانت ستعد سابقة بالنسبة لحزب الحركة الشعبية بشراكة مع المعهد الجمهوري الدولي.
نظمنا كذلك ورشات تبادل التجارب الهولندية- المغربية والبريطانية- المغربية في تسيير الشأن العام والبرلمان، بمشاركة برلمانيين ولوردات ومنتخبات وأعضاء المكاتب السياسية لكلا الحزبين الحزب الليبرالي الهولندي والحزب الليبرالي البريطاني. وخلال مدة تحملي المسؤولية، نظمت الجمعية ثلاث ندوات فكرية جد مهمة، من قبيل مدونة الأسرة وصندوق دعم الأرامل، وخرجت الجمعية بتوصيات تبناها حزب الحركة الشعبية وأرسلت إلى الوزارات المعنية وإلى البرلمان بغرفتيه. كما كنا قوة اقتراحية في عدة قضايا تهم المرأة، منها مشروع القوانين التنظيمية للانتخابات والمناصفة. فضلا عن هذا تمكنت الجمعية من فتح 5 مكاتب إقليمية (طانطان، خريبكة، تاوريرت، أكادير والخميسات)، والمشاركة في اللقاءات التواصلية المنظمة في هذه الاقاليم، وكان مبرمجا فتح 25 مكتبا، ويعود سبب عدم فتح هذه الفروع إلى وجود مشاكل في التنظيم الحزبي وفي المنسقين وفي مقرات الحزب المغلقة أو الموسمية مع الانتخابات، وكيفية انتقاء المرشحات نظرا لتحكم المنسق. وشاركنا كذلك في فعاليات المؤتمر الأخير للحزب في كل لجنه، رغم أننا لم نتمكن من ضمان تمثيلية مشرفة للمرأة الحركية في هياكل الحزب نظرا للعقليات الذكورية والمزايدات والأطماع والحيف وعدم دعم جل أعضاء المكتب السياسي، وشاركنا في بعض اللقاءات التواصلية وأنشطة الحزب والروابط والقطاعات الموازية، ناهيك عن أنشطة الفروع الإقليمية ومشاركة المنظمة في المحافل والندوات الوطنية والدولية والقطاعات الموازية للأحزاب الأخرى وكذلك استفادت عدة نساء من الأقاليم من تكوين المكونات، وكذلك قمنا بتكوينات لنساء بعض الجماعات القروية حول خلق تعاونيات ومشاريع مدرة للدخل لضمان استقلاليتهن المادية.
من خلال هذا العمل لصالح الحزب بالدرجة الأولى، هل القيادة تخاف من وجود أعضاء لهم تكوين وتأطير سياسي؟
الغريب في الأمر أن أوزين قال لي: «باراكا علينا من التصاور في الفايسبوك والتويتر، وباراكا علينا من التكوينات التي تشرف عليها المنظمات الدولية»، وقال لي: «خصنا ننزلوا إلى القاعدة ونجمعو الآلاف من النساء في تجمعات خطابية».. لم أجبه، ولكني أقول له: «إذا بغينا غير الشفوي ونجمعو الناس مستعدة نجمع الآلاف»، كما وقع في مؤتمر الشبيبة الحركية، اتصلوا بالشباب وطلبوا منهم الحضور إلى بوزنيقة في فسحة، لأنهم تكلفوا لهم بمصاريف التنقل والتغذية والإقامة، «واش هاد الشريحة غا تكون القاعدة والمناضلين الأوفياء؟»، أنا لا يمكنني العمل بهذه الطريقة، أريد التواصل والتأطير المباشر للمناضلات بالأقاليم، وهنا سأحكي لكم ما يجري داخل الهياكل في الأقاليم، وجدت عضوات لا يعرفون توجهات ومواقف الحزب الذي هن منخرطات فيه، ولا يعرفون حتى اسم مؤسس حزب الحركة الشعبية وأمينه العام، فكيف لهؤلاء أن يواجهوا الضربات والفضائح ويدافعوا عن الحزب ومواقفه، وجدنا نساء شغوفات بالتكوين والتأطير والتحسيس، بتواصلنا مباشرة مع القاعدة في معاقلها وليس باستدراجها إلى المركز.
وماذا كان موقف العسالي من هذه التكوينات؟
حتى العسالي كانت تتصل بي وتقول لي: «باركا من الصور على الفايسبوك»، لا أعرف لماذا، هي نفسها تتواصل على «الفايسبوك»، هل هذا حلال عليهم وحرام علينا ونحن في زمن العولمة؟ ومواقع التواصل الاجتماعي تعد من أهم نوافذنا عبر العالم وعبر نساء ورجال وشباب حزبنا وتلقينا عبرها انخراطات واستقطابات وتهاني.
ففي اجتماع المكتب السياسي، قلت لهم، كفانا من الترهيب المعنوي وكفانا من التخويف، لأن «زمان الخنوع راه مشى والخوف غير من الله سبحانه وتعالى»، لأننا في زمن الديمقراطية والحرية، وزمن ربط المسؤولية بالمحاسبة، قلت لهم «وباراكا من الشفوي واللي بغا يخدم انوض ايخدم».
وقلت لهم كذلك منظمتنا تتلقى التهاني من المنتظم الدولي، من جمعيات المجتمع المدني، من الأحزاب الأخرى، من المناضلين والمناضلات في الحزب، من المغاربة وأنتم الوحيدون، يعني حزب الحركة الشعبية، لا تعترفون بحصيلة الجمعية وفروعها الإقليمية التي اعتبرتها في سنة ونصف ما دارش بحالها في 40 سنة.
هذا يحيلنا على سؤال محير: من يتخذ القرار داخل حزب الحركة الشعبية؟
أحيانا تكون مناقشات ومداخلات لأعضاء المكتب السياسي ويتم أخذها بعين الاعتبار في البلاغات التي تتضمن مواقف الحزب تجاه بعض القضايا المتعلقة بالسياق السياسي العام، وأحيانا أخرى يطرح الأمين العام المقترحات ويصادق عليها الأعضاء أو يفوضون له فيها كامل الصلاحيات، والكل يقول «الله يكمل بالخير»، ويوافقون بدون تردد، وأخيرا أصبح أوزين هو الذي يأتي بكل المقترحات التنظيمية عوض الأمين العام.
قياديون أعلنوا أنهم إلى جانبك، لكنهم تخلوا عنك في اجتماع المكتب السياسي؟
لن أقول لهم سوى سامحهم الله.
أوزين يقدم نفسه منسقا وطنيا للحزب، من أعطاه هذه الصفة؟
لا أعرف من أين حصل على هذه الصفة، لم يمنحها له لا المكتب السياسي ولا المجلس الوطني. في أحد اجتماعات المكتب السياسي، قدم لنا الأمين العام مقترحات حول تشكيل لجان وخلايا للتحضير للانتخابات وإعادة هيكلة الحزب، فوجدنا اسم أوزين ضمن جميع اللجان والخلايا، وفعلا أنا تعجبت من هذه الصفة التي بات يلقب وينادى بها أخيرا من طرف الجميع داخل الحزب وخارجه.
هل لما يعرفه الحزب علاقة بالصراع على الأمانة العامة؟
هذا لا شك فيه، هناك تجاذبات في الخفاء، هناك تيارات متطاحنة داخل الحزب حول الأمانة العامة، وهناك آخرون لهم أهداف أخرى كالتموقع والمناصب.
هل هذا يعني أن قوة كل تيار مرتبطة بمدى السيطرة على المنظمات الموازية؟
اتضح لي بعد تفكير طويل، أن من سيقود المنظمتين بطبيعة الحال سيقود الأمانة العامة، لأنه لا يمكن الاستهانة بمنظمتي المرأة والشبيبة والروابط (المهندسين والصيادلة والأطر.. إلى غير ذلك)..
باعتبارك عضوا بالمكتب السياسي، كيف هو الوضع التنظيمي للحزب؟
الحزب يعيش على إيقاع تنظيم مرتبك، تنظيم محكوم بضغط اقتراب موعد الانتخابات، وهذا انتقاص من قيمة حزب تاريخي وعريق مثل الحركة الشعبية. للأسف ليست هناك استراتيجية عمل ورؤية لمشروع سياسي واضح، والأمين العام يدعو باستمرار داخل المكتب السياسي إلى الهيكلة والتنظيم في الجهات والأقاليم، ولكن لا حياة لمن تنادي. فبالله عليكم هل يعقل في مؤتمر الأطر الذي انعقد أخيرا تم انتداب أطر وطاقات جدد وتهميش جل أطر الحزب المناضلين القدامى، لم يرد دعوتهم، «قال ليك ما بغاوش لقدام بغاو دم جديد ولكن علاش كاتعيطو على القدام مني كاتحتاجو اللي خدم التحضير للمؤتمرات الحزبية وللانتخابات؟». ولذلك فأغلبية أطر الحزب غاضبون بعدما أصبحوا يحسون بأنهم مهمشون، ما يفسر تزايد نزيف الاستقالات من الحزب.
بالإضافة إلى هذا الوضع، هل أثرت فضائح الوزراء في صورة الحزب وإشعاعه؟
بطبيعة الحال، هذه الفضائح أثرت كثيرا على توجه الحزب وعلى صورته، عندما كنت أزور الأقاليم وألتقي مع النساء والشباب وبعض أعضاء المجلس الوطني للحزب، كان الجميع يعبرون عن استيائهم، بسبب عدم قدرتهم على مواجهة المواطنين والقواعد، ولذلك نحن في الجمعية لعبنا دورا كبيرا في التغطية على هذه الفضائح من خلال الأنشطة الإشعاعية التي قمنا بها على مدار السنة والنصف والتي كانت تواكبها تغطية إعلامية هامة. وصراحة «كانت المنظمة ديالنا بوحدها اللي هازا لعلام الحزب».
يروج قياديون أنك قدمت الاستقالة احتجاجا على عدم استوزارك؟
هذا كذب في كذب، أتعجب لما قاله الناطق الرسمي، لحسن حداد، بأنني لدي خلاف مع القيادة بسبب التعديل الحكومي، وأتعجب لترويج مغالطات تتهمني بممارسة الابتزاز السياسي للضغط على بنكيران للحصول على منصب وزاري. هذا هراء، لم يسبق لي أن قدمت لهم سيرتي الذاتية، ولم أطلب منهم الحصول على أي منصب، وكذلك هم لم يكلموني عن المنصب، ولم يطلبوا مني السيرة الذاتية، ولا علم لي بوجود اسمي ضمن لائحة الاستوزار من عدمه، لأنني لم أطلب ذلك أبدا، هذه قمة العبث، لو كنت غاضبة على عدم الاستوزار، لقدمت استقالتي يوم 20 ماي، تاريخ تعيين الوزراء، بعد هذا التاريخ قمت بالعديد من الأنشطة داخل المغرب وخارجه باسم الجمعية والحزب، ونسقت مع أحد الشركاء الدوليين الذي نظم تكوينات على صعيد المملكة المغربية لفائدة الأحزاب السياسية والتي فعلا استفادت منها نساء الحركة الشعبية في الأقاليم المعنية، صحيح الطموح مشروع، ولكن أؤمن بمنطق التدرج، وإذا بغيت شي منصب نجيبوا بجدارة واستحقاق، لا أنتظر من أي أحد يكذب علي، ولا أريد الحصول على المنصب بطرق ملتوية وبالريع.
بعد تقديم استقالتك، لم نلاحظ أي تضامن معك من طرف النساء الحركيات.
(تضحك)، كل أخت عبرت عن التضامن معي، تتصل بها حليمة العسالي، وتقول لها «أنت مالك هي مشات الله يعاونها»، العسالي تقوم بممارسة الترهيب واستغلال الشطط الحزبي، واتصلت بإحدى عضوات المكتب السياسي، قالت لها «شكون عطاك الترخيص تتضامني معها في الفايسبوك». والأكثر من ذلك منعت مقالا من النشر في أحد المواقع كرد لإحدى العضوات من المكتب التنفيذي تكذب فيه تصريحا أدلت به عضوة أخرى كانت مسخرة ضدي.
هل وصلت العسالي إلى هذه الدرجة من التحكم الأعضاء والعضوات؟
هي تتحكم في كل شيء، في دواليب الجمعية والحزب، وتمسك بالخيوط من أمام ومن وراء الستار.
من أين تستمد هذا النفوذ؟
قوتها أنها مناضلة وقديمة في الحزب وزوجة القايدي محمد أمهروق جدي أطال الله في عمره، والذي يعتبر أحد المؤسسين البارزين للحركة الشعبية، إضافة لذلك لها تأثير قوي على أعضاء هياكل الحزب، لهذا يسمونها المرأة الحديدية. ويقال أنها تكون غالبا من وراء وضع لائحة المكتب السياسي وبعض من المنسقين الإقليميين.
أنت نشيطة بمختلف المحافل الدولية، ماذا قدمت للمغرب على مستوى الديبلوماسية الموازية؟
حققت حصيلة إيجابية باسم الحزب في الديبولماسية الموازية، تشكل مفخرة له، انتخبت في 2011 في أبيدجان نائبة رئيسة الأممية الليبرالية للنساء مكلفة بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، وفي نونبر 2014 بهونغ كونغ انتخبت عضوة في لجنة حقوق الإنسان بالليبرالية الأممية، أمثل الحزب في العديد من المحافل الدولية، وشاركت بندوة في بريطانيا من تنظيم الحزب الليبرالي البريطاني حول التطرف والإرهاب مع بعض اللوردات وبرلمانيين ووزراء وشاركت في حملة نفس الحزب الانتخابية التشريعية لهذه السنة. شاركت ببيروت بندوة نظمتها الليبرالية الأممية للنساء بمداخلتي حول التجربة السياسية للمرأة المغربية، شاركت هذه السنة في المجلس الوطني للحزب الليبرالي الهولندي بهولندا وطرحت على هامشه سؤالا على رئيس الوزراء الهولندي حول مشكل المغاربة العائدين والضمان الاجتماعي، حضرت عدة ندوات دولية في قضايا المرأة وحقوق الإنسان وناقشت القضية الوطنية ومبادرة الحكم الذاتي مع أعضاء وقيادات عدة أحزاب، وأشرفت على تنظيم مؤتمر شبكة الليبرالية الإفريقية الذي احتضنته مدينة مراكش السنة الفارطة بشراكة مع أحزاب دولية وخلاله شاركت في ندوة حول المرأة المغربية والحقل السياسي.
لكن العنصر وجه لك انتقادات بهذا الخصوص، لماذا؟
سمعت كلاما جارحا من العنصر حز في نفسي عندما قال لي: تحتكرين المشاركة في الأنشطة بالخارج. رغم أنني منتخبة لا يمكن تعويضي وفي بعض الأحيان بعض الأحزاب الليبرالية توجه لي دعوة مباشرة لشخصي وفي حالات أخرى يتم انتقاء واختيار المشاركين حسب ملفاتهم والمعايير المطبقة، ورغم ذلك فأنا أرسل للأمين العام كل المراسلات والدعوات التي أتوصل بها مباشرة المتعلقة بمشاركة الحزب أو المرأة أو الشباب في المنتظم الدولي. ألغيت مباشرة مداخلتي التي كانت ستنعقد يوم 15 يونيو بالأمم المتحدة بلجنة حقوق الإنسان بجنيف بسويسرا (رغم أن مصاريف السفر كانت على نفقتي) حول موضوع التنمية في إفريقيا والتي كنت سأتطرق فيها للدور الفعال الذي يلعبه المغرب في دعم بلدان أفريقيا ونقل التجربة المغربية خصوصا بعد الزيارتين الأخيرتين لصاحب الجلالة لعدة دول أفريقية.
جدير بالذكر أن بعض عضوات المكتب التنفيذي ساهمن في تكوينات في الخارج بعدما اقترحت أسماءهن لشركائنا.
موعد الاستحقاقات الانتخابية على الأبواب، هل ستترشحين للانتخابات المقبلة؟
لم أقرر بعد، ويقول المثل «ليست الألقاب من تكسب المجد، بل الناس من يكسبون الألقاب مجدا»، ليس من الضروري أن أكون منتخبة حتى أخدم الوطن. مع الأسف حزب الحركة الشعبية وبعض قياديه كأوزين والعسالي لن يعتبروك مناضلا إلا إذا كانت لك شرعية حسب قولهم أن تترأس جماعة قروية أو حضرية أو منتخبا لك قاعدة وأصوات، وإذا عبرت عن آرائك التي لا تروق لهم يقولون «دابا غير اللي ما عندو قاعدة كايجي يدردك علينا يصحاب راسو جينيرال».
أنا شخصيا قالوا لي «ما غادي نحطوك في لائحة البرلمان حتى ترشحي في المحلي وتقطعي الصباط في الانتخابات وتخسري الفليسات».
فأقول لهم أنا بالنسبة لي الشرعية هي حب الوطن والوطنية، هي الدفاع عن المصلحة العامة بدون قيد أو شرط، هي نكران الذات، هي الانخراط في الأوراش الكبرى المفتوحة في المغرب، هي تنزيل مقتضيات الدستور، هي ضمان العيش الكريم للمواطن المغربي (الحق في الصحة، في التعليم، في التشغيل، في السكن اللائق)، هي ضمان الحريات، هي استقلال القضاء، هي الالتئام حول دولة الحق والقانون والدفاع عن القضية الوطنية. أنا يمكن أن أخدم وطني من أي موقع كنت فيه اجتماعيا أو اقتصاديا أو ديبلوماسيا أو سياسيا، ليس بالضرورة أن يكون لك منصب سام لتحقق هذه الأهداف، يمكن تحقيق ذلك من خلال المقاولة والمشاريع التنموية، من خلال جمعيات المجتمع المدني، أو من خلال انخراطك في المنتظم الدولي، وليس بالضرورة من داخل الأحزاب.
ألا تفكرين في الالتحاق بالحركة التصحيحية؟
لم أفكر في الموضوع، لكنني أكن كل الاحترام والتقدير للإخوة في الحركة التصحيحية وأحترم قناعاتهم. وإذا فكرت في الالتحاق بهم مستقبلا فلن يكون ذلك إلا بعد التشاور مع القاعدة النسائية بالأقاليم لأنني فخورة بما راكمته من علاقات مع الأخوات ولا يمكنني الإقدام على أي خطوة بدون التشاور معهن.
هل تراودك فكرة مغادرة الحزب في بعض الأحيان؟
حاليا لا أفكر في ذلك، إلا إذا شعرت بأن العبث التنظيمي سيستمر وبأن لا مجال للتغيير.
كلمة أخيرة موجهة للحركيين والحركيات
أقول لهم لقد اخترت أن أجري هذا الحوار لكي أضعهم في صورة ما تعرضت له من مضايقات ولأشرح لهم أسباب استقالتي، ولكي أقول لهم كذلك أتمنى أن صبركم لن ينفذ قريبا، وإذا أتيحت لكم الفرصة، وإذا كنتم تؤمنون بأي موقف أو قضية دافعوا عنها باستماتة، ولا تختفوا وراء الآخرين، ولتكن لكم الشجاعة والجرأة في الدفاع عن مواقفكم.
كذلك أتمنى من الحزب إعطاء التزكيات للترشح في الانتخابات المحلية القادمة لمجموعة النساء التي تم تكوينها على صعيد الأقاليم خصوصا مع ارتفاع التمثيلية النسائية إلى 27 في المائة.
قصة الاستقالة المكتوبة والشفوية
هل تم قبول استقالتك، خاصة أنهم يروجون أنك لم تقدمي استقالة مكتوبة؟
وضعت استقالتي مكتوبة وسلمتها إلى مدير الحزب أمام المكتب السياسي، وهي استقالة لا رجعة فيها، وقال لي الأمين العام في المكتب السياسي شفويا الاستقالة غير مقبولة، وأتعجب لتصريح أوزين خلال حوار أخير أنه يستغرب استقالتي وأنه لن يمس الجمعية ويريد فقط تقويتها، ولكن هذا هراء، لأنه هو سبب المشكل، وعرفت من مصادر خاصة أن استقالتي مقبولة، لأنني قدمت استقالتي يوم الاثنين، ويوم الجمعة، كلف أوزين نزهة بوشارب بالإشراف على فتح مكتب للجمعية بطنجة، بدون تزكية مني، وهو يعرف أن بوشارب تم إعفاؤها من مهام نائبة الرئيسة نظرا لرئاستها لجمعية «كونيكتين غروب» والتي لها نفس أهداف جمعيتنا وتؤطر النساء من جميع الهيآت السياسية مما جعلها في حالة التنافي، وهناك محضر يؤكد عزلها موضوع لدى مصالح ولاية الرباط، وليست لها الصفة أصلا، والعسالي تعرف ذلك جيدا.
كما انعقد خلال الأسبوع الفارط اجتماع برئاسة البرلمانية فاطمة مازي، لمناقشة حصيلة صندوق الدعم لتشجيع النساء في المجالس المنتخبة المنعقدة في الثلاثة أشهر المنصرمة والتي شملت تكوينات في 5 محطات (مولاي يعقوب، بني ملال، الخميسات بحضوري، والشاون وخريبكة)، رغم أنني ممثلة الحزب لدى وزارة الداخلية، فلقد استقلت فقط من رئاسة منظمة النساء الحركيات ولم استقل من هياكل الحزب، وأنا ممثلة الحزب في صندوق الدعم ولا علاقة له بجمعية النساء الحركيات والسيدة البرلمانية مازي هي نائبتي، والغريب في الأمر أنه لم يتم استدعاء جميع عضوات المكتب، فبعض العضوات اللواتي سواء كن مسلطات ضدي، أو لم يسبق لهن الحضور منذ مدة، حضرن في الاجتماع، بينهن ياسمين الحسناوي، التي كنا ننتظر المجلس الوطني للتشطيب عليها وتجميد عضويتها، لأنها حضرت ندوة الليبرالية في بيروت باسم حزب آخر ليس الحركة الشعبية، والأمين العام يعرف ذلك بالأدلة والوثائق، والعسالي تعرف أننا كنا بصدد التشطيب عليها، لأن ما قامت به خرق للقانون، فهم فعلا يضحكون على الذقون.