شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

هذه حقيقة «المناعة الخارقة» ضد فيروس كورونا

أشخاص يطورون مناعة قوية بعد الإصابة بالوباء أو أخذ اللقاح

سهيلة التاور
استطاعت مجموعة من الدراسات إثبات أن بعض الأشخاص يمتلكون استجابات خارقة للتصدي لفيروس كورونا، الذي أودى بحياة الآلاف من سكان الأرض ولايزال يتغير في شكل متحورات أشد خطورة، بعد تسجيل ملايين الإصابات بمختلف دول العالم. الدراسات كشفت أيضا أن عددا من الأشخاص أثبتوا استجابات مذهلة للقاحات المخصصة لهذا الفيروس.

كشفت دراسات عديدة أن أجسام بعض الأشخاص قد تمكنت، وبطريقة «مذهلة»، من تطوير «مناعة خارقة» ضد فيروس كورونا بكافة متغيراته بعد إصابتهم بالفيروس وتلقيهم اللقاح.

وأجرى فريق باحثين من جامعة روكفلر الأمريكية دراسة نشرتها مجلة «ساينس» العلمية مؤخرا، خلصت إلى أن أجهزة المناعة لدى بعض الأشخاص يمكنها إنتاج الكثير من الأجسام المضادة القادرة على الاستجابة للفيروس وسلالاته المختلفة.

وحلل فريق الدراسة عينات بلازما الدم لـ15 شخصاً أصيبوا سابقاً بكورونا وتم تطعيمهم لاحقاً بلقاح «فايزر» أو «موديرنا» لقياس استجابتهم المناعية ضد فيروس كورونا وسلالاته المختلفة.

وبعد ذلك، حلل الباحثون الاستجابة المناعية لعدد من المصابين بكورونا، وعدد من الأشخاص الذين تلقوا جرعتي اللقاح دون أن يصابوا بالفيروس من قبل، وقارنوا جميع النتائج مع بعضها البعض.

ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين أصيبوا بكورونا وتم تطعيمهم طوروا «مناعة خارقة» ضد الفيروس ومتغيراته، حيث كانت أجسامهم قادرة سريعاً على التعرف على الفيروسات وبناء أجسام مضادة لمكافحتها.

وقال ثيودورا هاتزيوانو، عالم الفيروسات بجامعة روكفلر، والذي أشرف على الدراسة: «هؤلاء الأشخاص لديهم استجابات مناعية مذهلة. أعتقد أنهم في أفضل وضع لمحاربة الفيروس». وأضاف: «تعمل المناعة الطبيعية التي يكتسبها الجسم من عدوى سابقة بشكل مختلف عن المناعة التي يتم اكتسابها من التطعيم. في المناعة الطبيعية، يبني جهاز المناعة وسائل وقاية ضد غزو فيروس كورونا المستقبلي، تتضمن الخلايا البائية والخلايا التائية، وكلاهما يتذكر شكل الفيروس ويمكنهما تحفيز إنتاج الأجسام المضادة في حالة الإصابة بعدوى أخرى. وتستمر هذه المناعة عادة لمدة سبعة إلى ثمانية أشهر».

وتابع: «بعد نحو عام، سيظل الجهاز المناعي يحتفظ ببعض الذاكرة البسيطة لمحاربة العدوى، ولكن إذا تم تطعيم شخص لديه مناعة طبيعية، فإن التطعيم يعزز ذاكرة جهاز المناعة للتصدي لفيروس كورونا لمدة أطول، حيث يعطي اللقاح إشارة للجهاز المناعي بأن هذا الفيروس يمثل مشكلة خطيرة ويجب على جهاز المناعة تخصيص المزيد من الموارد للتصدي له».

وأشار هاتزيوانو إلى أن هذا يعني إنتاج المزيد من الخلايا البائية والخلايا التائية التي تتذكر شكل الفيروس بل وتحاول بالفعل التنبؤ بالمتغيرات الفيروسية الجديدة المحتملة.

استجابة للقاح

تقول عالمة الفيروسات من جامعة روكفلر، ثيودورا هاتزيوانو، التي ساعدت أيضا في قيادة العديد من الدراسات إن «هؤلاء الأشخاص (ذوو المناعة الخارقة) لديهم استجابات مذهلة للقاح. أعتقد أنهم في أفضل وضع لمحاربة الفيروس. يمكن للأجسام المضادة الموجودة في دم هؤلاء الأشخاص حتى تحييد «سارس-كوف-1»، وهو فيروس كورونا الأول، الذي ظهر قبل 20 عاما، وهو يختلف بشكل كبير عن «سارس-كوف-2».

وتوضح أن «هذه الأجسام المضادة كانت قادرة على إبطال مفعول فيروس تمت هندسته عن قصد ليكون شديد المقاومة للتحييد، حيث احتوى هذا الفيروس على 20 طفرة معروفة بأنها تمنع الأجسام المضادة للفيروس كورونا المستجد من الارتباط بها».

وأشارت إلى أن «الأجسام المضادة من الأشخاص الذين تم تطعيمهم فقط أو الذين أصيبوا بفيروس كورونا سابقا كانت عديمة الفائدة بشكل أساسي ضد هذا الفيروس الذي تمت هندسته، لكن الأجسام المضادة في الأشخاص الذين لديهم «مناعة هجينة» تمكنت من تحييدها».

وراقبت هاتزيوانو، وزملاؤها هذا النوع من المناعة على 14 مريضا، وتقول: «لقد درسنا هذه الظاهرة فقط مع عدد قليل من المرضى لأن البحث شاق للغاية وصعب القيام به».

لكن العديد من الدراسات الأخرى تدعم هذه الفرضية، وتؤيد فكرة أن التعرض لفيروس كورونا ولقاحات «الحمض النووي الريبوزي المرسال»، يؤدي إلى استجابة مناعية قوية بشكل استثنائي.

في إحدى الدراسات التي نُشرت الشهر الماضي في «مجلة إنكلترا الجديدة للطب» قام العلماء بتحليل الأجسام المضادة الناتجة عن الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس السارس الأصلي «سارس-كوف-1» في عامي 2002 و2003 والذين تلقوا بعد ذلك لقاحا يعتمد على تقنية «الحمض النووي الريبوزي المرسال».

كما أن هؤلاء الأشخاص أنتجوا أيضا مستويات عالية من أجسام مضادة يمكنها تحييد مجموعة كاملة من المتغيرات والفيروسات الشبيهة بالسارس .

لكن هذه الدراسات لا تجيب عن أسئلة حول تأثير اللقاح على أصحاب المناعة الخارقة، أو الهجينة، وما إذا كان يمكن لشخص يحصل على الجرعة المعززة من اللقاح، أن ينتج أجساما مضادة يمكنها التعامل مع المتغيرات المستقبلية للفيروس.

ورغم أن هاتزيوانو، تشير إلى أنها لا تملك إجابات على هذين السؤالين، فإنها تقول: «أنا متأكدة تماما من أن الجرعة المعززة ستساعد الأجسام المضادة لدى الشخص على التطور بشكل أكبر، وربما تكتسب مرونة أكثر».

خصائص جهاز المناعة البشري

يحتوي جهاز المناعة البشري المكلف بالحفاظ على صحة الإنسان في مواجهة الغزاة البكتيرية والفيروسية والفطرية والطفيلية وغيرها، على مكونين رئيسيين: جهاز المناعة الفطري ونظام المناعة التكيفي.

جهاز المناعة الفطري هو خط الدفاع الأول وتشمل أجزاء منه على حواجز مادية مثل الجلد والأغشية المخاطية والتي تمنع جسديًا دخول الغزاة. وتتضمن أيضًا بعض الخلايا والبروتينات والمواد الكيميائية التي تصدر حمايات، مثل إحداث الالتهاب وتدمير الخلايا الغازية.

وعندما يكون الجهاز المناعي الفطري فوريًا وغير محدد (يحاول منع أي شيء من دخول الجسم)، فإن الجهاز المناعي التكيفي موجه ضد غزاة معروفين سابقًا.

ويتضمن الجهاز المناعي التكيفي نوعًا من خلايا الدم البيضاء، تسمى خلية «ب-B»، والتي تجوب الجسم بحثًا عن الأجسام الدخيلة والشريرة. وتحتوي كل الخلايا البائية على مضاد فريد على سطحها ويمكن أن يرتبط بمولد مضاد فريد (الاسم التقني للغازي الأجنبي) ويمنعه من دخول خلية مضيفة.

وعندما يجد الخلية الشريرة يرتبط بها ويتم تنشيط الخلية «ب-B» التي تقوم بدورها بنسخ نفسها وتنتج أجسامًا مضادة، مما يؤدي في النهاية إلى إنشاء جيش ضخم من الخلايا لمواجهة «الغازي المحدد».

بهذه الطريقة تتكون الأجسام المضادة التي أنشأتها أجهزة المناعة للأشخاص الذين أصيبوا بمرض كوفيد-19.

ولكن لسوء الحظ، أظهرت بعض الدراسات الأخيرة أن الأجسام المضادة لهذا الفيروس التاجي يمكن أن تتلاشى بسرعة كبيرة خاصةً لدى الأشخاص الذين أصيبوا بشكل خفيف بكوفيد-19.

وأثارت نتائج هذه الدراسات قلق العديد من الباحثين لأن هذا الأمر يجعل المجتمع العلمي غير متأكد من المدة التي سيبقى فيها الشخص المصاب بهذا الفيروس محميًا من عدوى جديدة، خاصة وسط غياب لقاح يحفز استجابة الأجسام المضادة للمساعدة في حماية الإنسان لفترة طويلة.

وبالرغم من هذا القلق، تجدر الإشارة إلى أن الأجسام المضادة ليست هي السلاح الوحيد الذي يستخدمه نظام المناعة التكيفي لدرء العدوى. فالخلية «ت -T» المعروفة تقنيا بالخلايا التائية تساعد في نظام الحماية. وهي مشكلة من ثلاثة أنواع، يفرزها الجسم بعد الإصابة للمساعدة في العدوى المستقبلية من نفس الغزاة.

وتساعد إحدى الخلايا التائية الجسم على تذكر ذلك الغازي في حالة تعرضه للعدوى مرة أخرى. ويطارد آخر الخلايا المدمرة المصابة ويدمرها والثالث يساعد بطرق أخرى. إن الخلايا التائية مثل تلك، التي تفاعلت مع فيروس السارس- كوف-2، اكتشفها سييت ومؤلفه المشارك شين كروتي عن طريق الصدفة في عينات لدم أشخاص جمعت قبل عدة سنوات.

والخبيران كان يجريان تجربة على عينات من دم أشخاص أصيبوا وتعافوا من مرض كوفيد-19. وكانا في حاجة إلى نتائج تحاليل دموية سلبية للمقارنة بين العينات.

واختار الخبيران عينات دم أشخاص أصحاء تم جمعهما في سان دييغو في الفترة ما بين 2015 و2018. وأوضح ست «لم يكن هناك أي احتمال لتعرض هؤلاء الأشخاص لمرض سارس- كوف 2. وعندما قمنا بالتحاليل تبين أن الرقابة السلبية لم تكن سلبية بشكل تام، حيث كان حوالي نصف الأشخاص لديهم تفاعل».

وأضاف الخبير «لقد بحثت أنا وشين على البيانات وكنا ننظر إليها من اليمين ومن اليسار ومن الأعلى ومن الأسفل وكانت حقا «حقيقية «. لقد كان هذا التفاعل حقيقيًا. فقد أظهرت التحاليل أن الأشخاص الذين لم يروا هذا الفيروس من قبل، لديهم بعض تفاعل الخلايا التائية ضد الفيروس». تم نشر هذه الورقة في نهاية يونيو في مجلة الخلية.

ولاحظ كل من سيت وكروتي أنهما ليسا الوحيدين الذين رأيا ذلك، «لقد تم تأكيد هذه النتائج مؤخرا في قارات ومختبرات مختلفة وحتى بتقنيات مخالفة. يعتقد الباحثان بأن تعرف الخلايا التائية لأجزاء من فيروس سارس- كوف 2 قد يأتي جزئيًا من التعرض السابق لأحد الفيروسات التاجية المعروفة الأربعة التي تسبب نزلات البرد لدى ملايين الأشخاص كل عام.

فبعد الإصابة بالعدوى، تبدأ مستويات الأجسام المضادة في التضاؤل، بينما تميل خلايا الذاكرة البائية والخلايا التائية إلى البقاء لفترة أطول.

وكانت دراسة علمية قد صدرت في يوليوز الماضي، أشارت إلى أن الانخفاض في مستويات الأجسام المضادة قد يختلف بين الرجال والنساء، وأن مستوى إنتاج هذه الأجسام مرتبط بشدة المرض وأعراضه.

نزلات البرد تعزز المناعة

كشفت دراسة بحثية أجريت في العاصمة الألمانية برلين أن الإصابة بنزلات البرد تحسن من الاستجابة المناعية عند الإصابة بفيروس كورونا المسبب لمرض كوفيد-19.

وبحسب فريق البحث بقيادة لويس لويال فإن الإصابات السابقة بنزلات البرد تعزز المناعة ضد الإصابة بكوفيد-19، وأرجع ذلك لتشابه بنية فيروس كورونا المستجد مع الفيروسات المسببة لنزلات البرد.

وخرج الفريق البحثي من مستشفى شارتيه في العاصمة الألمانية برلين بنتيجة جديدة: مفادها أن هناك تأثيرا وقائيا من خلال ما يطلق عليه «المناعة العابرة» في المراحل اللاحقة للإصابة بالفيروس.

وأوضحت الدكتورة المشاركة في البحث كلاوديا غيزيكي-تيل أنه عند الإصابة بنزلات البرد يطلق الجهاز المناعي نوعا من خلايا الذاكرة ضد فيروسات كورونا. والتي تنشط بدورها عند مهاجمة فيروس كورونا للجسم وتعمل على تحسين الاستجابة المناعية السريعة ما يمنع انتشاره في الجسم».

وعلى هامش الدراسة، حذر الباحثون من أن ما يسمى بالمناعة العابرة تتراجع مع التقدم بالعمر، وهو ما يزيد من أهمية تطعيم كبار السن بجرعة ثالثة من اللقاح، وحتى يفضل أن يحصل الشباب على اللقاح؛ إذ أن نزلات البرد السابقة لا تحمي تماماً من الإصابة بكوفيد-19.

أظهرت دراسات أخيرة أن الأجسام المضادة لهذا الفيروس التاجي يمكن أن تتلاشى بسرعة كبيرة خاصةً لدى الأشخاص الذين أصيبوا بشكل خفيف بكوفيد-19.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى