تم الكشف، يوم الثلاثاء 4 أبريل الجاري بمجلس النواب، عن تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية بالمغرب أمام أعضاء اللجنة، بحضور محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات.
تدبير أسواق الجملة
أوصت «المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية»، التي شكلها مجلس النواب في يونيو الماضي، باعتماد قانون جديد ينظم إحداث وتدبير أسواق الجملة والبورصات، مع إصدار نصوص تنظيمية توضح أنظمتها الداخلية وشروط تدخل الفاعلين في عملية التسويق، وكيفيات أداء الرسوم للولوج إليها. ومن بين التوصيات التي جاء بها التقرير، منع البيع بالعينة والصندوق، أو ما يعرف بـ«التوجيهة» و«التخليطة»، وذلك باعتماد البيع بالوزن داخل أسواق الجملة، بغية توفير الاختيارات على مستوى الجودة أمام المستهلك. وقال تقرير المهمة الاستطلاعية إن الأخيرة عملت على رصد مكامن الخلل والثغرات التي تعرفها عملية توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية، وزارت أسواق الجملة بكل من جهة الدار البيضاء- سطات، وجهة سوس- ماسة، وسوق الجملة للخضر والفواكه بمدينة طنجة، والسوق الأسبوعي الخميس بجماعة السهول- سلا، فضلا عن عقد مجموعة من اللقاءات مع بعض الهيئات البيمهنية التي لها علاقة مباشرة بموضوع المهمة. وأوصت المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية، ضمن ملخص قدمته سلوى البردعي، مقررة المهمة البرلمانية، بإعادة هيكلة وعصرنة أسواق الجملة للخضر والفواكه بجعلها أسواق نموذجية، والتوجه نحو اعتماد آليات الحكامة في تسيير عمل الأسواق النموذجية، وفق مقاربة تشاركية. كما أوصت المهمة الاستطلاعية ضمن تقريرها، بضرورة إخراج قانون جديد يفرض دخول جميع المنتجات الفلاحية إلى أسواق الجملة، ويضبط مراقبة مسار تسويق وتوزيع هذه المنتجات وتدخل الوسطاء في مراحل التسويق، وكذا التوسيع من اختصاصات المؤسسة المستقلة لمراقبة وتنسيق الصادرات، مع إعادة هيكلتها لتشمل مهمة تنظيم قطاع المنتجات الفلاحية الموجهة إلى التسويق الداخلي إلى جانب الموجهة إلى التصدير، أو خلق هيئة جديدة بين وزارية تحت إشراف رئيس الحكومة، تختص بتنظيم التسويق المحلي للمنتجات الغذائية. وأكدت الوثيقة ذاتها على ضرورة تغيير وتحيين قانون 1962 المنظم لهيئة الوكلاء داخل أسواق الجملة للخضر، حتى يتلاءم مع متغيرات عمليات التسويق التي لم يعد يستوعبها القانون، وإحداث إطار قانوني خاص بالمنتوجات سريعة التلف، بما يضمن جودة المنتجات الفلاحية والسلامة الصحية. بالإضافة إلى الخسائر الناجمة عن الظروف المناخية، فإن كل هذه العوامل تزيد من سعر الفواكه والخضروات بمقدار خمسة إلى ستة أضعاف.
وللتعامل مع مشكلة تعدد الوسطاء، تخطط وزارة الفلاحة في استراتيجيتها للجيل الأخضر لتشجيع التوزيع المباشر، سيما عبر المحلات التجارية الكبرى، واستخدام التجارة الإلكترونية، وهو حل يتيح تقصير قناة التوزيع بين المنتج والمستهلك. تريد استراتيجية «الجيل الأخضر» أيضا إنشاء منصات تخزين في إطار مجموعات أو تعاونيات، للسماح للفلاحين بالتحكم بحرية أكبر في وقت بيع منتجاتهم، وبالتالي تقليل اعتمادهم على الوسطاء.
ارتفاع تكلفة الإنتاج
حمل التقرير توصيات باستخلاص الرسم الجبائي مرة واحدة على المنتوج الفلاحي الواحد، وإن تعددت أسواق الجملة التي يمر منها، ومتابعة تسويق المنتوجات الفلاحية خارج أسواق الجملة، ومراقبة مدى احترام التجار خارج هذه الأسواق لمعايير التلفيف والتخزين والجودة.
وأوصت المهمة أيضا بإعادة النظر في الرسم الجبائي المستخلص من طرف الجماعات الترابية بعد دخول المنتوجات الفلاحية إلى أسواق الجملة، ومراقبة المنتوجات داخل أسواق القرب، باعتبارها الحلقة التي تمر منها السلع قبل وصولها إلى المستهلك، واعتماد آليات ناجعة لمراقبة احترام الأطراف المتعاقدة على تدبير أسواق الجملة لدفتر التحملات والتزاماتها، واعتماد آليات جديدة للتجميع التعاوني الفلاحي، لضبط المتدخلين في سلسلتي التوزيع والتسويق من المنتج إلى المستهلك.
وأشار أعضاء المهمة الاستطلاعية المؤقتة للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية بالمغرب إلى ضرورة دعم الفلاح، ليواجه ارتفاع أسعار المواد الأولية (الأسمدة، الطاقة) المستعملة في الأنشطة الفلاحية وتكاليف التلفيف، في مقابل التزامه بإنتاج كميات معينة من المنتوجات الفلاحية، وتنظيم الوسطاء وتجار نصف الجملة داخل أسواق الجملة، من خلال منح صفة التاجر المتضمنة في مدونة التجارة.
وشدد التقرير ذاته على الاستغناء عن مهنة الوكيل داخل أسواق الجملة، لعدم تقديمه لأية خدمة للتجار أو المنتجين مقابل السومة التي يحصل عليها، وتخصيص دعم للمتدخلين في عملية التلفيف والتخزين والتبريد والتفريغ داخل أسواق الجملة، وكذا تحفيز المنتجين والتجار في ما يتعلق بنقل المنتوجات الفلاحية في إطار عقود برامج.
وخلال الاجتماع بين أعضاء اللجنة ورابطة منتجي ومصدري الفواكه والخضروات (APEFEL)، ألقى ممثل عن هذه الأخيرة الضوء على ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية وارتفاع التكاليف. ووفقا للرابطة، فإن الزيادة تتعلق بأسعار الأسمدة والمبيدات والبلاستيك والمدخلات الأخرى، وتكلفة الطاقة والنقل (بما في ذلك تكلفة العمالة)، وزيادة الحد الأدنى للأجور للقطاع الفلاحي (SMAG)، وتعميم الضمان الاجتماعي والاشتراكات والتأمين الصحي الإجباري.
ووفقا لـ(APEFEL)، فقد تسببت الزيادة في (SMAG) في زيادة تكلفة الإنتاج بمقدار 20000 درهم لكل هكتار، دون مراعاة الزيادة التي خطط لها في شتنبر2020 للمواءمة التدريجية بين (SMAG) و(SMIG).
ووفقا للاتحاد المغربي المهني للحمضيات (المغرب للحمضيات)، أدى ارتفاع أسعار المدخلات إلى تأثير زيادة تكاليف إنتاج الحمضيات بنسبة 43 في المائة. وهكذا، بالنسبة إلى الفاكهة الصغيرة، ارتفعت تكاليف التشغيل من 34953 درهما لكل هكتار في الوضع المرجعي (متوسط السنوات الثلاث السابقة) إلى 50109 دراهم للهكتار، في نهاية ماي 2022. وبالنسبة إلى البرتقال، ارتفعت تكاليف التشغيل من 31483 درهما للهكتار إلى 45009 دراهم للهكتار. التكلفة الإجمالية الإضافية هي 356 إلى 407 دراهم/ طن، بناء على متوسط العائد من 35 إلى 40 طنا للهكتار.
ويرتقب أن يناقش النواب أعضاء لجنة القطاعات الإنتاجية في وقت لاحق تفاصيل تقرير المهمة الاستطلاعية المؤقتة، للوقوف على شبكات توزيع وتسويق المنتجات الفلاحية بالمغرب، والذي يكتسي أهمية قصوى؛ بالنظر إلى تزامن تقديمه مع المشاكل التي تشهدها الأسواق، وخاصة على مستوى الأسعار المرتفعة.