هذه أسماء مُخبرين نفذوا عمليات إرهابية باسم جبهة الإنقاذ
يونس جنوحي
نفى هشام عبود، في هذه المذكرات، أن يكون الكوماندان «الگطوشي» مصابا بداء السكري الذي قال الجنرالات إنه راح ضحيته بعد إصابته على مستوى الفخذ في حادث مُدبر للتخلص منه..، حيث غادر في مهمة إلى فرنسا لكنه لم يعد إلى الجزائر حيا. يقول هشام عبود إنه كان يعرف الراحل شخصيا وسبق أن كان جارا له في منطقة «الرگيبة»، بل وأكد أنه لم يكن مصابا نهائيا بأي مرض مزمن.
حتى الجزائريون الجالسون في المقاهي منتصف التسعينيات لم يصدقوا الروايات التي أطلقها الجنرالات عن الأشخاص الذين تم اغتيالهم. كان واضحا بشكل جلي أن الأمر يتعلق بسلسلة من التصفيات لمسؤولين عسكريين كبار في جهاز المخابرات العسكرية.
كل الذين كانوا يشتغلون في الجيش، ويتعاملون مع ملفات تتعلق برموز من جبهة الإنقاذ الإسلامية، تم التخلص منهم أو إبعادهم إلى الخارج في انتظار البت في «موضوعهم» لاحقا.
جبهة بلا وجه
يتحدث هشام عبود، أيضا، عن اختراق المخابرات العسكرية لجبهة الإنقاذ الإسلامية. ويقول: «كل قادة المخابرات العسكرية الذين كانوا مزروعين بشكل سري داخل جبهة الإنقاذ خرجوا من مرحلة السرية والأسماء المستعارة. لا أحد منهم سبق أن اشتغل إمام مسجد، ولا أن تحمل أي مسؤولية في جبهة الإنقاذ الإسلامية. يتعلق الأمر بكل من عبد الحق عيادة، جمال الزيتوني، شريف كوسيم، عنتر الزبيري، وآخر هو حسين حطاب. كل هؤلاء لم يُعرفوا أبدا بأي نشاط سوى تنفيذ المجازر وهجمات وحشية. أحد هؤلاء كان ميكانيكيا، والآخر بائعا للدجاج، والثالث كان حلاقا.. إلخ».
رغم أن جهاز المخابرات المكلف بمكافحة الإرهاب كان متوغلا داخل جبهة الإنقاذ الإسلامية بهذه الطريقة التي تحدث عنها هشام عبود، إلا أن البلاغات التي كانت تصدر للصحافة الجزائرية والرأي العام، كانت توجه أصابع الاتهام إلى كل من علي بلحاج وعباس مدني، وتتهمهما معا بالمسؤولية وراء اغتيالات وعمليات إرهابية في مناطق مختلفة من الجزائر، رغم أن الذين ينفذون تلك العمليات كانوا مخبرين مزروعين داخل الجبهة، وتلقوا أوامر تنفيذ العمليات الإرهابية من الجنرالات وليس من عباس مدني أو أي قيادي آخر داخل جبهة الإنقاذ.
اتهامات بهذا الحجم تحتاج بدون شك إلى تأكيد. وهذا بالضبط ما وقع.
بلاغ منتصف الليل
يقول هشام عبود إن مجموعة جمال الزيتوني ومن معه أصدروا بلاغا للرأي العام سنة 1995. البلاغ يكشف أن الرجل خاضع لتحكم الأجهزة السرية الجزائرية. نفى الزيتوني واستنكر في ذلك البلاغ أن يكون لديه أي اتصال مع أو تمويل من العربية السعودية أو إيران، أو ليبيا أو حتى من أي دولة أوربية. واستنكر كل الأعمال المنسوبة للنشطاء الإسلاميين الجزائريين في الخارج.
يقول هشام عبود إنه وقتها كان يعمل في مكتبه، في ديوان الجنرال بتشين، وجاء إليه ضابط من الاستعلامات العامة بنسخة من البلاغ، وسلمها له وقال:
-«إذا كنا نحن الذين كتبنا هذا البلاغ، فإنه من المستحيل أن نقوم بعمل أفضل من هذا مستقبلا لتشويه سمعة هؤلاء العناصر في أعين الجهات الفعلية التي تُمولهم. مخطط يقطع طواعية مع أي تمويل خارجي، يبقى عجيبا جدا!».
لقد كان فعلا من الغريب أن ينقلب هؤلاء العملاء على رؤسائهم. لقد سبق لهشام عبود أن شرح هذا الأمر قائلا إن الذين تورطوا في هذه العمليات صُدموا عندما شاهدوا حجم الاغتيالات التي وُظفوا فيها، ومنهم من فضل الهروب إلى الخارج على أن يستمر في التعاون مع الأجهزة السرية التي كان يتحكم فيها الجنرالات بشكل مطلق ويختارون منها أو من خارجها من يتم تجنيدهم للالتحاق بجبهة الإنقاذ بل والتحدث باسمها. وهذا ما أدى إلى بروز مجموعات حقيقية من داخل جبهة الإنقاذ لكي يدافعوا عن أنفسهم ضد ذلك الاختراق، واعتقلوا بتهمة تنفيذ عمليات إرهابية ضد شخصيات عسكرية وأمنية.