ارتفعت أسعار الطماطم، خلال هذه الأسابيع، في أغلب الأسواق المغربية، حيث وصل سعر الكيلوغرام الواحد إلى 9 دراهم، بعدما كانت تباع بـ5 دراهم من قبل.
توقعات
توقعت الحكومة انخفاض أسعار الطماطم، خلال الأسابيع المقبلة، وعزت سبب هذا الارتفاع إلى موجة البرد التي عرفتها المملكة والتي أثرت على محاصيل بعض الخضر، وعلى رأسها الطماطم. وتعد الطماطم من الخضروات التي تستهلك بشكل كبير وعلى مدار السنة في المغرب، ويرتفع الطلب عليها، خاصة خلال شهر رمضان. ويربط عدد من المهنيين من منتجي ومصدري الخضر والفواكه الزيادة الأخيرة في أسعار الطماطم بعوامل متداخلة، متوقعين عودة الأسعار إلى مستواها العادي، قبل حلول شهر رمضان. ويؤكد العريس السرغيني، المستشار بالجمعية المغربية لمنتجي ومصدري الخضر والفواكه، أن موجة البرد القارس التي عرفها المغرب خلال الأسابيع الماضية كانت من بين الأسباب الرئيسية، التي أدت إلى ارتفاع أسعار الطماطم. ويضيف السرغيني في تصريح لـ«سكاي نيوز عربية»، أن برودة الطقس أدت إلى تقليص الإنتاج بحوالي النصف، مما تسبب في زيادة الأسعار، إثر تراجع المعروض من هذه المادة في الأسواق. ويتابع الخبير الزراعي أن تراجع المساحات المخصصة لزراعة الطماطم، بسبب الزيادات التي شهدتها عدد من المواد الأولية التي تدخل في الزراعة، يعتبر أيضا من بين العوامل التي أدت إلى ارتفاع الأسعار. ويشدد السرغيني على أن «الزيادة التي شهدتها أسعار الطماطم لا ترتبط بتصديرها نحو الخارج، حيث يخصص وكما كان معمولا به منذ سنوات نصف الإنتاج لتموين السوق الداخلية، فيما يوجه النصف الآخر إلى التصدير». وقال عبد الرزاق الشابي، الكاتب العام لجمعية سوق الجملة للخضر والفواكه بالبيضاء، إن السبب الرئيسي لارتفاع أسعار الطماطم وبعض الخضروات الأخرى يعود إلى تأخر التساقطات، مشيرا إلى أن الجفاف الذي عانى منه المغرب، طيلة سنتين، ألقى بظلاله على الأسعار، مبرزا أن الأسعار المتداولة بالأسواق المغربية لا تعكس الأسعار بسوق الجملة. وأضاف أن بعض الباعة استغلوا موجة رفع الأسعار، وشرعوا في بيع الطماطم بأسعار مبالغ فيها، وفق تعبيره، رغم أن سعرها بسوق الجملة لا يتعدى 6 دراهم ونصف الدرهم. كما أشار إلى أن تصدير الطماطم يساهم أيضا في ارتفاع أسعارها، سيما أن الفلاحين، وتزامنا مع أزمتهم، لم يجدوا خيارا إلا التصدير، ومعتبرا أن الأسعار المرتفعة التي يشتكي منها المغاربة، سببها بدرجة أولى تحرير الأسعار الذي ساهم في اتساع هذه الفوضى، بسبب غياب المراقبة.
عدم التوازن في العرض والطلب
أكد عبد العالي الجرماطي، رئيس مصلحة إعداد الأثمنة بسوق الجملة للخضر والفواكه بالدار البيضاء، أن سعر الكيلوغرام الواحد من الطماطم بالجملة يتراوح بين 6 و7 دراهم، بينما يتراوح ثمن البيع بالتقسيط بين 8 و9 دراهم، حسب الجودة. وذكر الجرماطي، في تصريح لمنبر إعلامي، أن ثمن الطماطم عرف طيلة السنة الماضية تقلبات في الأسعار، نتيجة لعدم التوازن في العرض والطلب. وأوضح الحسين أضرضور، رئيس جمعية منتجي ومصدري الخضر والفواكه في المغرب، أن السبب في ارتفاع أسعار الطماطم خلال هذه الفترة يعود إلى موجة البرد، التي منعت الفلاحين من جني المحصول خلال الأسابيع الماضية، وبالتالي قلة العرض. وأبرز أضرضور أن قلة العرض ساهمت في رفع أسعار البيع على مستوى الأسواق الخارجية وكذا الأسواق المغربية، حيث تجاوز ثمن تصدير الطماطم 10 دراهم، وهو ما ساهم في ارتفاع الأسعار على مستوى الأسواق المغربية. وتتوفر منطقة سوس ماسة على 5 آلاف هكتار من حقول الطماطم، مشيرا إلى أن منطقة سوس ماسة تزود الأسواق المغربية، طيلة فترة الشتاء، بأكثر من 85 في المائة من المنتوج، فيما تعود النسبة المتبقية إلى ما يتم إنتاجه بدكالة. وبخصوص تأمين الأسواق المغربية من الطماطم خلال فترة رمضان، قال إن الفلاحين لا يستطيعون تقييم الوضع حاليا، حيث يعولون على التساقطات المطرية المقبلة، من أجل تأمين المحصول، خصوصا وأنه لم يتبق سوى شهر على المدة الفاصلة بين شهر رمضان، الذي يعرف ارتفاع الطلب على هذه المادة. ويقول بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، إنه وإلى جانب «تقلبات الطقس» فإن مرضا كان قد أصاب الطماطم آخر السنة أثر كذلك على المحاصيل. ويشدد الخراطي في تصريح لـ«سكاي نيوز عربية» على أن الظرفية الحالية تستوجب إعطاء الأولوية لتموين السوق الداخلية، ووقف التصدير إلى البلدان الإفريقية، مع إعادة النظر في الاتفاقيات التي تتم بموجبها هذه العملية مع الدول الأوروبية. ويرى المتحدث أن الحفاظ على أسعار الخضر والفواكه، وقطع الطريق أمام الوسطاء، يقتضيان ضبط السوق الداخلية من خلال مراقبة مسار شحنات هذه المواد الغذائية، انطلاقا من الضيعات الزراعية ووصولا إلى أسواق الجملة. ويسجل الخراطي أن تشديد المراقبة على الأسواق خلال الأيام الأخيرة قد أدى إلى تراجع أسعار بعض الخضر، خاصة في المناطق الجنوبية للمملكة.
اختلالات في سلاسل التوريد
ألقى مسؤولون حكوميون باللائمة على المضاربين والوسطاء في ارتفاع الأسعار بالأسواق، كما أن برودة الطقس أضرت بعدد من المنتجات الزراعية، في حين يرى خبراء وناشطون من المجتمع المدني أن زيادة تصدير المنتجات الزراعية أثرت على حجم البضائع المتوفرة في السوق المحلية. وأشار تقرير «المغرب في مواجهة صدمات العرض»، الصادر عن البنك الدولي، إلى وجود فجوة كبيرة في أسعار المواد الغذائية بين المنتجين وتجار التجزئة. وأكد التقرير أن الأسر الأكثر احتياجا ما زالت تعاني بشدة من آثار ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتضخم. ويشير محمد جدري، مدير مرصد العمل الحكومي، إلى وجود اختلالات في سلاسل التوريد بسبب ما أسماها «ممارسات غير أخلاقية» يقوم بها مضاربون وسماسرة ومحتكرون، وتتسبب في رفع الأسعار بشكل صاروخي. ويقول مدير المرصد إن المضاربين والمحتكرين يستفيدون من ضعف مراقبة الأسعار من طرف الأجهزة الرقابية، سواء على المستوى المركزي أو المحلي. وأكد أن الفلاح الصغير هو الحلقة الأضعف في هذه السلسلة، فهو يبيع الخضر والفواكه بدرهم أو 3 دراهم، لكنها تصل إلى المستهلك النهائي بـ13 درهما. وأشار وديع مديح إلى تداخل المهام بين الإدارات المعنية في مراقبة الأسواق، فرغم تعددها فإن عملها الميداني ضعيف، بسبب محدودية الموارد البشرية واللوجيستية، مما دفع إلى حدوث فوضى استغلها من أسماهم «تجار الأزمات» لرفع الأسعار عبر المضاربات غير القانونية والتخزين السري للسلع. وأكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أن أسعار المنتجات الغذائية من الخضر واللحوم والزيوت بدأت في الانخفاض، بسبب الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ أسبوع، وبسبب تحسن الظروف المناخية، مشيرا إلى أن الأسعار ستواصل التراجع في الأيام المقبلة حتى تصل إلى المستويات الاعتيادية، قبل شهر رمضان. وأعلنت الحكومة عن عدد من الإجراءات بسبب الشكاوى المتصاعدة من الغلاء، وأطلقت حملات لمراقبة إمداد الأسواق بالمواد الغذائية ومحاربة المضاربات في مختلف الأقاليم. وسجلت لجان المراقبة مخالفات تتعلق بالأسعار وجودة المواد الغذائية، وأعلنت العثور على مخازن سرية خصصت لتخزين بعض المواد الغذائية بهدف المضاربة، واتخذت إجراءات قانونية في حق مرتكبي هذه المخالفات. من جهة أخرى، قررت الحكومة إلغاء الضريبة على القيمة المضافة، مع وقف استيفاء الرسوم الجمركية على استيراد الأبقار الموجهة إلى الذبح، بهدف خفض أسعار بيع اللحوم، إلى جانب مواصلة دعم أسعار النقل التي من شأنها أن تساهم في استقرار أسعار المواد الغذائية. وأعلنت الحكومة وقف تصدير الخضر والفواكه إلى إفريقيا، لضمان تزويد السوق الوطنية بالمتطلبات الرئيسية من المنتجات الزراعية.
لمياء جباري