هذه أبرز مستجدات القوانين الانتخابية
إلغاء اللائحة الوطنية للنساء والشباب ونهاية زمن الجمع بين عضوية البرلمان ورئاسة المدن الكبرى
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
استعدادا للاستحقاقات الانتخابية المقبلة التي تقرر إجراؤها قبل نهاية السنة الحالية، صادق المجلس الوزاري، في اجتماعه المنعقد يوم الخميس الماضي، برئاسة الملك محمد السادس، على أربعة مشاريع قوانين تنظيمية لها علاقة بهذه الاستحقاقات، ويتعلق الأمر بمشروع قانون تنظيمي يتعلق بمجلس النواب، ومشروع قانون تنظيمي يتعلق بمجلس المستشارين، ومشروع قانون تنظيمي يتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية، وأخيرا مشروع قانون تنظيمي يتعلق بالأحزاب السياسية.
وفي هذا الملف نستعرض أهم وأبرز التعديلات والمستجدات الواردة في هذه النصوص القانونية، التي من المنتظر عرضها على المجلس الحكومي، خلال الأسبوع الجاري، قبل إحالتها على غرفتي البرلمان للمصادقة عليها في دورة استثنائية.
هذه أهم التعديلات التي طرأت على القانون التنظيمي لمجلس النواب
من أهم النصوص القانونية التي صادق عليها المجلس الوزاري، في اجتماعه المنعقد يوم الخميس الماضي، مشروع قانون تنظيمي يهدف إلى تغيير وتتميم القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وذلك بغية إدخال تعديلات على النظام الانتخابي النيابي مع إغنائه بتحسينات ترمي في مجملها إلى تقوية الضمانات الانتخابية وتخليق العمليات الانتخابية.
وفي ما يتعلق بالنظام الانتخابي، طرح المشروع تصورا بديلا بالنسبة إلى الدائرة
الانتخابية الوطنية التي تم إحداثها بمناسبة الانتخابات التشريعية لسنة 2002 كما وقع تعديلها بمناسبة الانتخابات التشريعية العامة الموالية، والتي تم إقرارها بقصد توفير الآلية التشريعية الكفيلة بضمان ولوج المرأة إلى الوظيفة الانتخابية البرلمانية وإتاحة الفرصة للشباب ذكورا وإناثا للاضطلاع بالمهام التمثيلية النيابية.
ويتوخى الإجراء المقترح في هذا الصدد الحفاظ على روح آلية التمييز الإيجابي المذكورة عن طريق تعويض الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية، ولهذه الغاية ينص المشروع على توزيع المقاعد المخصصة حاليا للدائرة الانتخابية الوطنية (90 مقعدا) على الدوائر الانتخابية الجهوية وفق معیارين أساسيين، يتحدد الأول في عدد السكان والثاني في تمثيلية الجهة اعتبارا للمكانة التي خولها الدستور للجهوية في التقسيم الترابي للمملكة، وذلك من خلال تخصيص عدد أدنى من المقاعد لكل جهة لا يقل عن 3 وعدد أقصى لا يزيد على 12 مقعدا، ويقتضي هذا التعديل ملاءمة مجموعة من المقتضيات ذات الصلة، ولاسيما ما يتعلق منها بتأليف وسير لجنة الإحصاء الجهوية.
ومن جهة أخرى، وسعيا إلى تعزيز إجراءات التخليق المحددة في مجال محاربة الترحال السياسي، ينص المشروع على التجريد من صفة عضو في مجلس النواب في حق كل نائب تخلی، خلال مدة انتدابه، عن الانتماء إلى الحزب السياسي الذي ترشح باسمه لعضوية مجلس النواب أو عن الفريق أو المجموعة النيابية التي ينتمي إليها، مع تمكين الحزب السياسي الذي ترشح النائب المعني
باسمه من تقديم ملتمس إلى رئيس مجلس النواب المؤهل قانونا لإحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية.
ولضبط الحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون وضمان إجرائها في جو من التنافس المتكافئ، يلزم المشروع وكيل كل لائحة أو كل مترشح بإعداد حساب حملته الانتخابية وفق نموذج يحدد بموجب نص تنظيمي، ويتكون هذا الحساب من بيان مفصل لمصادر تمويل الحملة الانتخابية وجرد للمصاريف الانتخابية، علاوة على ضرورة إرفاق الحساب المذكور بالوثائق المثبتة للمصاريف الانتخابية، ويرتب مشروع القانون التنظيمي على تخلف كل نائب عن إيداع حساب حملته الانتخابية داخل الأجل المطلوب وفق الأحكام المقررة بهذا الخصوص ولم يستجب للإعذار الموجه إليه من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أو تجاوز السقف المحدد للمصاريف الانتخابية، تجريد النائب المعني من عضويته بمجلس النواب.
كما يرتب هذا المشروع على تخلف كل مترشح عن إيداع حساب حملته الانتخابية عدم أهليته للانتخابات التشريعية وانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية، سواء منها العامة أو الجزئية، طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين، وذلك دون الإخلال باتخاذ الإجراءات والمتابعات المقررة في المقتضيات الجاري بها العمل في ما يتعلق بالمبالغ التي حولها الحزب السياسي الذي ترشح باسمه لفائدته.
وتفاديا لإقصاء لائحة الترشيح التي تبين بعد انصرام أجل إيداع التصريحات بالترشيح وتسليم الوصل النهائي لوكيلها أن أحد مترشحيها غير مؤهل للانتخاب، من المشاركة في الانتخابات، فقد نص المشروع على اعتبار هذه اللائحة صحيحة ويعاد بحكم القانون ترتيب المترشحين المتواجدين في المراتب الدنيا بالنسبة للمترشح غير المؤهل إلى المراتب الأعلى، ويعتمد هذا الترتيب الجديد عند توزيع المقاعد وإعلان أسماء المنتخبين.
كما أن مشروع القانون التنظيمي يشترط للإعلان عن انتخاب مترشحي اللائحة الفريدة أو المترشح الفريد حصول اللائحة المعنية أو المترشح المعني على عدد من الأصوات يعادل على الأقل خمسة أصوات الناخبين المقيدين بالدائرة الانتخابية المعنية وذلك لضمان حد أدنى من الشرعية التمثيلية للمنتخبين.
وأخذا بعين الاعتبار لأهمية تسيير الجماعات الكبرى والذي يقتضي التفرغ الكامل للرئيس لتدبير شؤونها المحلية في أحسن الظروف، يقترح المشروع إدراج رئاسة مجلس الجماعة التي يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة ضمن حالات التنافي مع صفة عضو في مجلس النواب، وسيتم تحديد قائمة هذه الجماعات بنص تنظيمي.
تعديل القانون التنظيمي لمجلس المستشارين لمنع الترحال السياسي
صادق المجلس الوزاري على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس المستشارين من أجل إدراج تعديلات تروم أساسا تعزيز إجراءات التخليق ومحاربة ظاهرة الترحال السياسي.
وفي هذا الإطار، ينص المشروع على تجريد كل مستشار تخلی، خلال مدة انتدابه، عن الانتماء إلى الحزب السياسي أو المنظمة النقابية أو المنظمة المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية التي ترشح باسمها لعضوية مجلس المستشارين أو عن الفريق أو المجموعة البرلمانية التي ينتمي إليها من صفة عضو في مجلس المستشارين، مع تمكين الحزب السياسي أو المنظمة النقابية أو المنظمة المهنية التي ترشح باسمها من تقديم ملتمس إلى رئيس مجلس المستشارين المؤهل قانونا لإحالة طلب التجريد على المحكمة الدستورية.
وفي السياق نفسه، وبهدف الحفاظ للمنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية على فريق برلماني مع ضمان استقلاليته، لتمكينها من التعبير عن انشغالات الفاعلين الاقتصاديين والمقاولات الوطنية، فقد نص المشروع على عدم قبول الترشح لانتخابات ممثلي هذه المنظمات بتزكية من حزب سياسي، مما سيضمن لها تشكيل فريق خاص بها بالمجلس طيلة مدة الانتداب.
ولضبط الحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون وضمان إجراء هذه الحملات في جو من التنافس المتكافئ، يلزم المشروع وكيل كل لائحة أو كل مترشح بإعداد حساب حملته الانتخابية وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي، ويتكون هذا الحساب من بيان مفصل لمصادر تمويل الحملة الانتخابية وجرد للمصاريف الانتخابية، علاوة على ضرورة إرفاق الحساب المذكور بالوثائق المثبتة للمصاريف الانتخابية.
ويرتب المشروع على تخلف كل مستشار عن إيداع حساب حملته الانتخابية داخل الأجل المحدد قانونا أو لم يرفق الحساب المذكور بالوثائق المثبتة للمصاريف السالفة الذكر ولم يستجب للإعذار الموجه إليه بهذا الخصوص من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أو تجاوز السقف المحدد للمصاريف الانتخابية تجريده من عضويته بمجلس المستشارين.
كما يرتب المشروع على تخلف كل مترشح عن إيداع حساب حملته الانتخابية عدم أهليته للانتخابات التشريعية وانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية سواء منها العامة أو الجزئية طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين، وذلك دون الإخلال باتخاذ الإجراءات والمتابعات المقررة في المقتضيات الجاري بها العمل في ما يتعلق بالمبالغ التي قام الحزب السياسي أو المنظمة النقابية التي ترشح باسمها بتحويلها لفائدته.
وبهدف إعطاء حد أدنى من الشرعية التمثيلية للمنتخبين، فإن مشروع القانون التنظيمي ربط الإعلان عن انتخاب مترشحي لائحة فريدة أو مترشح فريد بحصول اللائحة المعنية أو المترشح المعني على عدد من الأصوات يعادل على الأقل خمس أصوات الناخبين التابعين للهيئة الناخبة في الدائرة الانتخابية المعنية.
وأخذا بعين الاعتبار لأهمية تسيير الجماعات الكبرى والذي يقتضي التفرغ الكامل للرئيس لتدبير شؤونها المحلية في أحسن الظروف، يقترح المشروع إدراج رئاسة مجلس الجماعة التي يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة ضمن حالات التنافي مع صفة عضو في مجلس المستشارين، وسيتم تحديد قائمة هذه الجماعات بنص تنظيمي.
رفع الدعم المالي المخصص للأحزاب السياسية
من بين القوانين التي لها علاقة بالاستحقاقات الانتخابية المقبلة، التي صادق عليها المجلس الوزاري في اجتماعه الأخير، مشروع قانون تنظيمي يهدف إلى تغيير أحكام الباب الرابع من القانون التنظيمي رقم 29.11 المتعلق بالأحزاب السياسية الذي يتناول نظام تمويل الأحزاب السياسية وكيفيات مراقبته.
وفي هذا الصدد، وبهدف تمكين الأحزاب السياسية من تحسين وتطوير مواردها المالية الذاتية، يقترح المشروع الرفع من مبلغ أو قيمة الهبات والوصايا والتبرعات النقدية والعينية التي يمكن لكل حزب سياسي أن يتلقاها من 300.000 درهم إلى 500.000 درهم في السنة بالنسبة لكل متبرع.
كما يجيز المشروع لكل حزب سياسي أن يؤسس شركة للتواصل وللأنشطة الرقمية، شريطة أن يكون رأسمالها مملوكا كليا له، من أجل استثمارها في أنشطته والحصول على عائدات مالية من خدماتها.
وفي نفس الإطار، وتنفيذا للتوجيهات الملكية، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، بخصوص الرفع من الدعم العمومي الممنوح للأحزاب، حيث أكد الملك محمد السادس حرصه على مواكبة الهيئات السياسية، وتحفيزها على تجديد أساليب عملها، بما يساهم في الرفع من مستوى الأداء الحزبي ومن جودة التشريعات والسياسات العمومية، داعيا إلى الرفع من الدعم المخصص للأحزاب، مع تخصيص جزء منه لفائدة الكفاءات التي توظفها في مجالات التفكير والتحليل والابتكار، فقد تم إدراج مقتضى ينص على صرف دعم سنوي إضافي لفائدة الأحزاب السياسية المعنية يخصص لتغطية المصاريف المترتبة عن المهام والدراسات والبحوث التي تنجز لفائدتها من طرف الكفاءات المؤهلة بهدف تطوير التفكير والتحليل والابتكار في المجالات المرتبطة بالعمل الحزبي والسياسي، واعتبار هذا الدعم جزءا من موارد الأحزاب السياسية.
ومن جهة أخرى، نص مشروع القانون التنظيمي على مقتضيات جديدة بهدف مراجعة شروط استفادة الأحزاب من الدعم من خلال تحديد قواعد جديدة لمنح الدعم والمتمثلة في اشتراط تغطية الحزب على الأقل لثلث عدد الانتخابية المحلية الخاصة بانتخاب مجلس النواب، على أن تكون هذه الدوائر موزعة على الأقل على ثلاثة أرباع (3/4) جهات المملكة، كما يشترط أيضا أن يغطي الحزب نصف عدد الدوائر الانتخابية الجهوية الخاصة بانتخاب أعضاء المجلس المذكور.
وعلى مستوى تحقيق الملاءمة، يتضمن المشروع مقتضيات لملاءمة القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية مع التغيير المقترح إدخاله على القانون التنظيمي رقم 27.11 المتعلق بمجلس النواب بشأن تعویض الدائرة الانتخابية الوطنية بدوائر انتخابية جهوية.
واستجابة لمطلب الأحزاب السياسية في تجاوز الإشكاليات التي تعترضها عند حساباتها أمام المجلس الأعلى للحسابات من أجل فحصها وتدقيقها، وحرصا على صرف الدعم العمومي للغايات التي منح من أجلها، ينص المشروع على مقتضيات جديدة لتيسير مهمة الأحزاب في ما يتعلق بضبط حساباتها السنوية وإثبات نفقاتها بكل الوثائق والمستندات المثبتة المنصوص عليها في القوانين والأنظمة الجاري به العمل.
ويحدد قانون الأحزاب السياسية، نظام تمويل الأحزاب السياسية وكيفيات مراقبته، وموارده المالية وأملاكه المنقولة و العقارية الضرورية لممارسة نشاطه وتحقيق أهدافه، وتشتمل الموارد المالية للحزب، كما حددها القانون في واجبات انخراط الأعضاء، والهبات والوصايا والتبرعات النقدية أو العينية على أن لا يتعدى المبلغ الإجمالي أو القيمة الإجمالية لكل واحدة منها 500.000 درهم في السنة بالنسبة لكل متبرع، والعائدات المرتبطة بالأنشطة الاجتماعية والثقافية للحزب، وعائدات استثمار أموال الحزب في المقاولات التي تصدر الصحف الناطقة باسمه، و في مقاولات النشر و الطباعة العاملة لحسابه، والدعم السنوي الذي تقدمه الدولة للمساهمة في تغطية مصاريف تدبير الأحزاب السياسية، وكذا الدعم المخصص للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية العادية، المنصوص عليها في هذا القانون التنظيمي، والدعم المخصص للأحزاب السياسية برسم المساهمة في تمويل حملاتها الانتخابية في إطار الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية.
وحدد القانون كيفية منح الدعم السنوي للأحزاب السياسية من طرف الدولة، للمساهمة في تغطية مصاريف تدبيرها، وحدد مجموعة من الشروط والقواعد لذلك، وينص القانون على استفادة جميع الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات العامة التشريعية، مرة واحدة كل أربع سنوات، من مبلغ مالي للمساهمة في تغطية مصاريف تنظيم مؤتمراتها الوطنية والعادية، وبخصوص مساهمة الدولة في تمويل الحملات الانتخابية للأحزاب السياسية في الانتخابات العامة الجماعية والجهوية والتشريعية، يحدد المبلغ الكلي للمساهمة المشار إليها بقرار يصدره رئيس الحكومة باقتراح من السلطة الحكومية المكلفة بالداخلية والسلطة الحكومية المكلفة بالعدل والسلطة الحكومية المكلفة بالمالية بمناسبة كل انتخابات عامة جماعية أو جهوية أو تشريعية، ويراعى في توزيع مبلغ مساهمة الدولة عدد الأصوات التي يحصل عليها كل حزب على الصعيد الوطني وعدد المقاعد التي يفوز بها كل حزب على الصعيد نفسه.
هذه أبرز مستجدات القانون التنظيمي المتعلق بانتخاب أعضاء الجماعات الترابية
صادق المجلس الوزاري، في اجتماعه المنعقد يوم الخميس الماضي، على مشروع قانون يهدف إلى تغيير وتتميم القانون التنظيمي رقم 59.11 المتعلق بانتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية من أجل إدخال تعديلات على المقتضيات المشتركة بين مختلف المجالس الترابية وكذا المقتضيات الخاصة بكل صنف من أصناف الجماعات الترابية.
ففي ما يتعلق بالمقتضيات المشتركة، ولتفادي حرمان لائحة الترشيح، التي تبين بعد انصرام أجل إيداع التصريحات بالترشيح وتسليم الوصل النهائي لوكيلها أن أحد مرشحيها غير مؤهل للانتخاب، من المشاركة في الانتخابات، فقد نص المشروع على اعتبار هذه اللائحة صحيحة ويعاد، بحكم القانون، ترتیب المترشحين المتواجدين في المراتب الدنيا بالنسبة للمترشح غير المؤهل من خلال ترقيتهم إلى المراتب الأعلى، ويعتمد هذا الترتيب الجديد عند توزيع المقاعد وإعلان أسماء المنتخبين.
ولتبليغ المواطنين بأماكن مكاتب التصويت التي سيؤدون فيها واجبهم الوطني، فإن المشروع يقترح إعادة إدراج المقتضيات التي تنص على إحاطة الناخب علما بمكتب التصويت الذي سيصوت فيه بواسطة إشعار مكتوب يتضمن كافة المعلومات المتعلقة بمكتب التصويت، كما أورد المشروع مقتضيات تنص على تطبيق الغرامات نفسها على كل وكيل لائحة ترشيح أو كل مترشح في حالة مخالفة المقتضيات المتعلقة باستعمال المساحة المخصصة للإعلانات الانتخابية أو عدم القيام بإزالة الإعلانات الانتخابية التي قام بتعليقها وإرجاع الحالة إلى ما كانت عليه خلال الأجل المحدد قانونا.
أما في ما يخص المقتضيات الخاصة بكل صنف من أصناف الجماعات الترابية، فإن أهم إجراء نص عليه المشروع في هذا الصدد بالنسبة لمجالس العمالات والأقاليم فيتعلق بوضع الآلية التشريعية التي تمكن من ضمان مستوى مقبول من التمثيلية النسوية في هذه المجالس لا تقل عن ثلث مقاعد مجلس العمالة أو الإقليم، ولتحقيق هذه الغاية، ينص المشروع على تضمين لائحة الترشيح جزأين، يخصص الجزء الثاني منها الذي يشتمل على ثلث المقاعد الواجب ملؤها لترشيحات النساء، ولا يحول ذلك دون حقهن في الترشح بالمقاعد المخصصة للجزء الأول من لائحة الترشيح، مع إدراج المقتضيات اللازمة لضبط كيفية توزيع الأصوات وإعلان النتائج، وقد حرص المشروع على التأكيد على أن المترشحة الوارد اسمها في المرتبة الأولى من الجزء الثاني المخصص للنساء تتمتع بالحقوق نفسها المخولة لرأس لائحة الترشيح.
وبهدف ضبط مسطرة الترشيحات المتعلقة بانتخابات مجالس العمالات والأقاليم وتعزيز المنافسة المتكافئة، ينص المشروع على عدم السماح لأشخاص منتسبين لنفس الحزب السياسي بتقديم ترشيحاتهم برسم أكثر من لائحة ترشيح واحدة في نفس العمالة أو الإقليم، كما ينص على عدم قبول كل لائحة ترشيح تتضمن مترشحا واحدا أو أكثر له انتماء سياسي تقدم بترشيحه دون تزكية من الحزب السياسي الذي ينتمي إليه.
ولضمان حد أدنى من الشرعية التمثيلية للمنتخبين في حالة تقديم لائحة ترشيح فريدة أو المترشح الفريد، فإن مشروع القانون التنظيمي ربط الإعلان عن انتخاب مترشحي اللائحة الفريدة أو المترشح الفريد بحصول اللائحة المعنية أو المترشح المعني بالحصول على عدد أصوات يعادل على الأقل خمس أصوات الناخبين التابعين للهيئة الناخبة في الدائرة الانتخابية المعنية.
وبخصوص انتخاب أعضاء المجالس الجماعية، فإن المشروع عمل على تقوية تمثيلية النساء داخل هذه المجالس، وذلك من خلال الرفع من عدد المقاعد المخصصة للنساء في الجماعات الخاضعة لنمط الاقتراع الفردي من 4 إلى 5 مقاعد في مجلس كل جماعة، ويحدد عدد المقاعد المخصصة للنساء في مجالس الجماعات التي لا يفوق عدد سكانها 100 ألف نسمة في 8 مقاعد مقابل 10 مقاعد في الجماعات التي يزيد عدد سكانها عن 100 ألف نسمة، أما في الجماعات المقسمة إلى مقاطعات، فإن عدد المقاعد المخصصة للنساء يتحدد بالنسبة لمجلس الجماعة في 3 مقاعد عن كل مقاطعة وفي 4 مقاعد في مجلس كل مقاطعة.
وبالنظر لطبيعة العلاقة المباشرة بين الناخبين والمترشحين في الجماعات المتوسطة الحجم من حيث عدد السكان، فإن المشروع ينص على توسيع مجال تطبيق نمط الاقتراع الفردي ليشمل مجالس الجماعات التي لا يتجاوز سكانها 50 ألف نسمة، الأمر الذي سيترتب عليه تقليص عدد الجماعات التي ينتخب أعضاء مجالسها عن طريق الاقتراع باللائحة من 121 جماعة حاليا إلى 81 جماعة.
وفي ما يخص تمويل الحملات الانتخابية للمترشحين للانتخابات العامة لمجالس الجماعات الترابية، ورغبة في ضبط الحملات الانتخابية التي يقوم بها المترشحون وضمان إجراء هذه الحملات في جو من التنافس المتكافئ، فإن المشروع يلزم وكيل كل لائحة أو كل مترشح لانتخابات مجالس الجهات أو
مجالس العمالات والأقاليم أو مجالس الجماعات الخاضعة لأسلوب الاقتراع باللائحة بإعداد حساب حملته الانتخابية وفق نموذج يحدد بنص تنظيمي، ويتكون هذا الحساب من بيان مفصل لمصادر تمويل الحملة الانتخابية وجرد للمصاريف الانتخابية مع إرفاق الجرد المذكور بالوثائق المثبتة للمصاريف المنجزة.
ويرتب المشروع على تخلف كل عضو عن إيداع حساب حملته الانتخابية داخل الأجل المحدد قانونا أو لم يبرر مصاريفه الانتخابية أو لم يرفق حساب حملته بالوثائق المثبتة للمصاريف سالفة الذكر ولم يستجب للإعذار الموجه إليه من قبل الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات أو تجاوز السقف المحدد للمصاريف الانتخابية، تجريده بحكم القانون من عضويته في مجلس الجماعة الترابية الذي انتخب برسمه.
كما يرتب المشروع على تخلف كل مترشح عن إيداع حساب حملته الانتخابية عدم أهليته للانتخابات التشريعية وانتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية والغرف المهنية سواء منها العامة أو الجزئية طيلة مدتين انتدابيتين متتاليتين، وذلك دون الإخلال باتخاذ الإجراءات والمتابعات المقررة في المقتضيات الجاري بها العمل في ما يتعلق بالمبالغ التي قام الحزب السياسي الذي ترشح باسمه بتحويلها لفائدته.
ثلاثة أسئلة لأستاذ القانون العام بكلية الحقوق بوجدة بنيونس المرزوقي «مشاريع القوانين التنظيمية لمجلس النواب والجماعات المحلية حملت العديد من المستجدات المهمة»
- ما هي التعديلات التي حملها مشروع القانون التنظيمي لمجلس النواب بخصوص الانتخابات؟
تجب الإشارة أولا إلى أن الموضوع يتعلق بأربعة قوانين تنظيمية التي حدد لها الدستور مسطرة خاصة للمصادقة على تعديلاتها، وهي التي تبدأ بالعرض على المجلس الوزاري الذي يرأسه الملك، ثم مجلس النواب في قراءة أولية، وبعد ذلك مجلس المستشارين، إلى أن يحصل الاتفاق بين المجلسين أو يبت مجلس النواب في ذلك، ثم الإحالة لزوما على المحكمة الدستورية، للنظر في مدى مطابقة هذه النصوص مع الدستور، وفي المرحلة الأخيرة التوقيع والنشر بالجريدة الرسمية. وفي ما يخص المشروع الأول الذي يتعلق بمجلس النواب، فهو يتضمن العديد من المستجدات وجلها تهدف إلى حل إشكالات إما سياسية وإما عملية، ولعل أهم هذه التعديلات تفتيت اللائحة الوطنية إلى لوائح جهوية، كما تم توزيع 90 مقعدا الخاصة باللائحة الوطنية إلى 3 كحد أدنى بجهة الداخلة وادي الذهب، إلى 12 كحد أقصى بجهة الدار البيضاء سطات، لكن الإشارة الجديدة والواضحة أن ثلثي هذه المقاعد تخصص للنساء، فثلثا المقاعد الـ12 الخاصة بجهة الدار البيضاء مثلا تكون للنساء، أي 8 مقاعد، مع الإشارة إلى أن المقعدين الأول والثاني يكونان مخصصين للنساء، لكن السؤال هنا هو ما موقع الشباب في هذا التعديل؟ حيث إن الملاحظ هو أنه تم إقصاء الشباب عمليا بطريقة تقنية، بالإضافة إلى نقطة مهمة هي أنه من الناحية التقنية وبهذه المحددات، فإنه يصعب على المرأة التي تكون في المرتبة الثالثة أن تفوز.
إلى جانب هذا التعديل، هناك تعديل آخر مهم في ما يخص التجريد من العضوية في البرلمان، والجديد في هذا الجانب هو أنه تم تمكين الأحزاب السياسية من أن ترفع ملتمسا إلى رئيس مجلس النواب باعتباره المختص، ليحيل طلبا إلى المحكمة الدستورية بتجريد برلماني من حزب معين من عضويته، مع الإشارة إلى أن الحزب الذي يحق له رفع هذا الملتمس هو الحزب الذي ينتمي إليه البرلماني المعني، وهو الأمر الذي يطرح سؤال انضباط النواب، خصوصا في الحالات التي يحصل أن يقع خلاف بين النائب البرلماني والحزب، حيث في السابق لم يكن بمقدور الحزب معاقبته لكون المسطرة تشير إلى تخلي البرلماني عن مسؤوليته التمثيلية، وبالتالي فإن هذا التعديل الجديد سيجعل من النواب تحت رحمة الحزب، وبالتالي فإن ربح الحزب سيكون سياسيا في التحكم في البرلمانيين وانضباطهم مع الفريق.
وفي النقطة الثالثة، يستشف ضمنيا من خلال اللوائح الجهوية أنه بات من حق البرلمانيات السابقات الترشح مرة أخرى في اللوائح الجهوية، وهو التعديل الذي سيقدم حلا تقنيا للأحزاب التي تجد صعوبة في ترتيب وكيلات اللوائح، لكن الصعوبات أيضا في حالة رغبت كل الوكيلات في إعادة الترشيح، هذا بالإضافة إلى إمكانية تجريد النائب البرلماني من موقعه التمثيلي في حال لم يقدم حسابات الحملة الانتخابية أو تجاوز سقف الحملة، مع تحديد هذا السقف، وهو ما نعتبره تعديلا مهما قد يجيب عن سؤال تحقيق التنافس المتكافئ بين المرشحين خصوصا في ضبط مصاريف الحملة التي ستكون بناء على نموذج يصدر في نص تنظيمي.
هذا بالإضافة إلى تعديل مهم ومعقول وهو حالة التنافي بين التمثيلية النيابية ورئاسة جماعة تضم أكثر من 300 ألف نسمة، وهذا ما أعتبره شخصيا معقولا، إذ إنه من الصعب تسيير جماعات كما هو الشأن بالنسبة إلى الدار البيضاء، أو فاس أو الرباط أو طنجة، وفي الوقت نفسه تولي مسؤولية تمثيلية في البرلمان، وإلا سيكون هذا المسؤول مقصرا في إحدى هذه المهام، غير أن هذا لا يمنع المسؤول من الجمع بين المسؤولية في الجماعات التي يقل عدد سكانها عن 300 ألف نسمة وبين المهمة الانتدابية. - ما الجديد في تعديل القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات الترابية؟
في ما يخص الجماعات الترابية، فإن الجديد الذي حمله التعديل يخص مجالس العمالات والأقاليم، حيث سيتم تخصيص ثلث المقاعد على الأقل للنساء وذلك في إطار تشجيع تمثيلية النساء. والمستجد هو أن وكيلة هذا الثلث لها الحقوق نفسها لوكيل اللائحة، بمعنى أن وكيلة ثلث النساء في اللائحة يمكنها الترشح للرئاسة، وهو ما قد يتسبب في صراعات داخلية في الحزب، بين وكيلة النساء ووكيل اللائحة العامة، وهو الأمر الذي يخلق نوعا من المنافسة داخل الأحزاب. بالإضافة إلى بعض المستجدات التقنية المتعلقة بوجود مثلا مرشح ليس لديه أهلية الترشيح، لا يتم إلغاء اللائحة برمتها، بل يتم حذف المرشح المعني وإعادة ترتيب المرشحين. - ماذا عن تعديل القانون التنظيمي للأحزاب السياسية؟
لا أرى أن تعديل القانون المتعلق بالأحزاب السياسية قد حمل تفاصيل جديدة، باستثناء تلك المتعلقة بالرفع من الدعم المخصص للأحزاب، وهو الدعم المرتبط بالمهام التأطيرية وتعزيز مشاركة الكفاءات، وإنجاز بحوث ودراسات، وهذا الرفع من الدعم يأتي تفعيلا لخطاب ملكي سام كان قبل ثلاث سنوات أوصى بهذا الأمر. كما سمح القانون في تعديله الجديد بإمكانية تلقي الحزب تبرعا من الأفراد في حدود 50 ألف درهم سنويا للفرد الواحد، بعدما كان مبلغ هذا التبرع السنوي محصورا في 30 ألفا فقط، والملاحظ أن هذه النقطة بالتحديد كانت وما زالت مثار نقاش عمومي حول نجاعة هذا الدعم وأحقية حصول الأحزاب عليه، سيما في هذه الظرفية الاقتصادية والاجتماعية، وبالعودة إلى ربط مسؤولية الأحزاب التأطيرية بهذا الدعم، فإن هناك الكثير من الانتقادات الموجهة إلى الأحزاب التي تغيب عن اهتمامات المواطنين، خصوصا في قضايا كبرى.