شوف تشوف

الرئيسيةخاص

هذا هو ديديي راوول الذي ادعى اكتشاف علاج كوفيد 19 واتهم العلماء بالكذب

من إنفلونزا الطيور إلى «كورونا».. الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة

يونس جنوحي
«الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة» عنوان رئيسي اختاره العالم الفرنسي الكبير ديديي راوول لكتابه الجديد حول فيروس كورونا المستجد. ولكي يسند شرعية كبيرة لكتابه، أضاف إليه عنوانا فرعيا يشرح فيه حقيقة كل شيء: «من إنفلونزا الطيور إلى كوفيد 19».
تعرض ديديي راوول، عالم الفيروسات الفرنسي الشهير، لانتقادات واسعة من طرف بعض زملائه. لكنه مضى في تحمل مسؤوليته باعتباره واحدا ممن يأتمنهم العالم على مستقبل الوجود البشري فوق الأرض، وقال إنه وجد علاج فيروس كورونا ووصف دواء يوجد بالفعل في الأسواق لمرضاه وأثبت شفاء ثلثي الحالات التي تولاها بدون مضاعفات. لماذا، إذن، لا يتم اعتماد هذا الدواء؟ ولماذا يُتهم البروفيسور راوول بالبحث عن النجومية، رغم أنه بدأ خوض حرب ضروس ضد الفيروسات منذ 40 سنة!؟

منذ يناير الماضي، انبرى عدد من الخبراء لدراسة تداعيات فيروس كورونا، باعتباره طفرة غير مسبوقة في تاريخ الأوبئة العالمية. خصائص جديدة للفيروس أثارت الجدل بين المتخصصين في علم الفيروسات والأحياء، وأعادت إلى الواجهة المؤيدين لنظريات المؤامرات العالمية والحروب البيولوجية.
البروفيسور الفرنسي ديديي راوول، مدير المعهد الاستشفائي الجامعي في جامعة مارسيليا، خلق الحدث عالميا عندما تناول، وهو المختص المعروف عالميا في علم الميكروبات، لأول مرة موضوع فيروس كورونا، وأعلن عن نجاعة دواء «الكلوروكين» لمواجهة الفيروس، رغم الأنباء المتضاربة عن عدم التوصل لأي دواء فعّال بعدُ. حتى أن البروفيسور راوول أعلن للصحافة الفرنسية قبل أسابيع قليلة «نهاية اللعبة» وانتصار أبحاثه على الفيروس.

من هو السيد راوول؟
أصدر البروفيسور ديديي راوول،أخيرا، كتابا مثيرا للجدل باللغة الفرنسية اختار له عنوان: «الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة. من إنفولنزا الطيور إلى كوفيد 19». قراءة العنوان وحدها تكفي للإعلان عن الاتجاه الذي اتخذه هذا العالم المعروف في ساحة البحث العلمي الدولي.
وُلد البروفيسور ديديي راوول في 13 مارس 1952 في داكار بالسنغال، وعاد إلى فرنسا لإتمام دراسته ووُفق في مساره العلمي والأكاديمي مبكرا. ففي سنة 1984، أسس وحدة «ريكتيسا»، التي ذاع صيتها في أوساط الباحثين في فرنسا والعالم، والتي اعتُبرت نواة البحث العلمي المعمق في علم الميكروبات ومفخرة جامعة مارسيليا. نشط أيضا في مجال مؤسسات البحث المرتبطة بالصحة العامة، وألف عددا من الكتب المهمة في علم الفيروسات باللغة الفرنسية، جرت ترجمة بعضها إلى اللغة الإنجليزية وأثارت نقاشا واسعا في عدد من المجلات البحثية العالمية.

حرب ضد الفيروسات منذ 1983
ذكر البروفيسور ديديي راوول، في كتابه الجديد، الذي أثار الكثير من الجدل وسط الفرنسيين: «الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة. من إنفولنزا الطيور إلى كوفيد 19»، أن أول تجربة له في محاربة الأزمات والكوارث الصحية تعود إلى سنة 1983. يقول راوول إنه شارك لأول مرة في مواجهة حمى انتشرت في أوساط الباريسيين كانت لتتحول إلى عدوى بمضاعفات أكثر خطورة، لكنه اكتشف أن الأمر لم يكن يتعلق إلا بحمى بمسببات عادية، تطورت جراء استعمال أطباء للأدوية الغلط، وهو ما جعل فيروس تلك الحمى يطور أسلوبه ويعطي مضاعفات أشد، ليعتقد الأطباء أنهم أمام وباء خطير للغاية وغير مسبوق. ولام ديديي راوول الصحافة الفرنسية، وقال إن «لو باريزيان» نشرت في تلك السنة، أي 1983، مقالات أشار إلى أنها زادت من القلق بخصوص الحمى. وهو ما تكرر مرات أخرى أعطى أمثلة عنها في كتابه الجديد.
أليس ممكنا، إذن، أن يكون «كوفيد 19» الذي شلّ حركة العالم في هذا السياق نفسه؟ هذه الفرضية بالضبط جرت الانتقادات على البروفيسور ديديي راوول.

من الإنفلونزا إلى كوفيد 19
عندما تم الإعلان عن نشر كتابه «الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة. من إنفولنزا الطيور إلى كوفيد 19»، كان البروفيسور ديديي يتعرض لموجة انتقادات من هيئات دولية تجمع علماء الميكروبات والأحياء، خصوصا في تخصص محاربة المعلومات الكاذبة في المجال الصحي. وأعلنوا أن الدواء الذي أعلن عنه البروفيسور له آثار جانبية تجنب البروفيسور تناولها في حديثه «المتفائل» للإعلام الدولي.الأمر وصل إلى حد اتهامه بمحاولة سرقة الأضواء. لكن بعض الإعلاميين الفرنسيين تناولوا تحليلا مناصرا للبروفيسور ديديي راوول وقالوا إن هناك «غيرة» في الأوساط العلمية كون البروفيسور الذي أنهى الجدل فرنسيا يكتب كل أبحاثه العلمية باللغة الفرنسية. وضربوا المثل بتضايق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي تحدث قبل أسبوع في البيت الأبيض عن الاتصالات بين الدول الكبرى لتشجيع البحث عن علاج ناجع لفيروس كورونا المستجد، وقال إن لديه أخبارا عن تقرير تولاه باحثون فرنسيون لكنه سيصدر باللغة الفرنسية، وقال بلهجة لا تخلو من سُخرية: «لماذا لا يكتبونه بالإنجليزية.. لا أحد يتحدث الفرنسية».

«الكلوروكين»؟ أم «بلاكنيل»؟
تناول البروفيسور ديديي راوول موضوع كوفيد 19، عندما اتجهت إليه الأنظار لأول مرة، حيث قصدته الصحافة الفرنسية لكي يشرح للفرنسيين ماهية فيروس كورونا المستجد. لكن الرجل ألقى بقنبلة كبيرة في مجال البحث العلمي، وكان تصريحه بحد ذاته مثيرا للانتباه، خصوصا في أوساط الباحثين وشركات الدواء التي كانت تسابق الزمن للوصول إلى دواء ناجع وفعال لفيروس كورونا المستجد. وعندما انتظر الصحافيون الإعلان عن اسم العلاج، أنهى البروفيسور راوول الحديث بقوله إن الأمر يتعلق بدواء «الكلوروكين»،وقال البروفيسور في تصريحه إن هذا الدواء ناجع جدا وأعلن مسؤوليته في تصريحات للصحافة الفرنسية بهذا الخصوص.
في كتابه «الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة. من إنفولنزا الطيور إلى كوفيد 19»، تناول البروفيسور راوول بعض النقط الخلافية التي جعلت علاقته تسوء بعدد من المتخصصين في مجال الدواء والصحة، ومنهم وزير الصحة الفرنسي الأسبق، بسبب حربه ضد لوبيات صناعة الدواء. وأعلن في بعض الصفحات أنه كان يُجري تجارب في مختبره كشفت له عن المخاطر التي تتسبب فيها بعض الأدوية التي اعتبرها الفرنسيون دائما أدوية فعالة وعادية ويمكن استهلاكها بدون وصفة طبية. وعندما جاءت موجة فيروس كورونا المستجد، وبمجرد إعلانه عن الدواء، طالته اتهامات من بعض زملائه بمحاولته سرقة الأضواء عالميا، بينما الرجل بكل رصيده العلمي كان بالفعل يتحدى الجميع.
أعلن راوول أن التجارب التي قام بها باستعمال دواء «بلاكنيل» على مرضى بفيروس كورونا المستجد أثبتت نجاعتها على ثلاثة أرباع المرضى، حتى أنه دعا الحكومة الفرنسية إلى استعماله. وهو ما تحول لاحقا إلى غطاء حكومي داعم للتجارب التي يقوم بها راوول.

هل أنهى البروفيسور ديديي الجدل؟
«في هذه المغامرة البحثية، أردت أن أكشف كذب الدولة. ولجوءها إلى ظاهرة الخوف الجماعيواستعماله للإعلان عن حرب ما. والسذاجة أيضا.
لقد اختبرت أيضا إحساسا بالمرارة. لأني خلال فترة غير قصيرة، جعلت نفسي أقتنع أن هذه المعلومات التي كانت لديفرصة الولوج إليها، هي معلومات حصرية وغير مُتاحة للعموم».
هذه فقرة مقتطفة من كتاب «الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة. من إنفولنزا الطيور إلى كوفيد 19» الذي أصدره ديديي راوول. ويكشف البروفيسور أنه تعرض لخداع علمي من خلال المعلومات الأولية التي توفرت له بخصوص فيروس كورونا المستجد منذ ظهوره في ووهان الصينية خلال نهاية السنة الماضية. وطيلة أسابيع كان هذا الرجل يعتقد أنه أمام معلومات بحثية حصرية يمكن استعمالها بشكل جاد لتطوير تجارب علمية من شأنها أن توصله رفقة الباحثين التابعين له، إلى علاج ناجع للفيروس. لكنه خلال التجارب السريرية، كما يقول، اكتشف أنه أمام خدعة عالمية ومغالطة كبيرة للرأي العام.
وهكذا عندما عقد الندوة الصحفية في فرنسا، للحديث عن نظريته في الموضوع، خصوصا عندما نشر مقطع فيديو «زلزل» الرأي العام الفرنسي وأسرة البحث العلمي التي كانت تعرف جيدا إلى أي طينة ينتمي الرجل، قال إن فيروس كورونا ليس بالخطورة التي تتحدث عنها وسائل الإعلام الدولية التي استقت معلوماتها من مختبرات عالمية.

مؤامرات على الصحة العامة!
في كتابه «الأوبئة.. مخاطر حقيقية وإنذارات كاذبة. من إنفلونزا الطيور إلى كوفيد 19»، يقول البروفيسور ديديي راوول إن العالم تعرض في مرات كثيرة لخيانات ممن أخذوا على عاتقهم مسؤولية تزويد العالم بالدواء وتحديد العقار المناسب للأمراض والأوبئة. وقال في فقرة اختار لها عنوان «أزمة صحية عالمية تم تجاهلها»، إن الحمى القاتلة لسنة 2003، كانت في الحقيقة مجرد بكتيريا «سخيفة» لكن تم تهويل المرض، وتُرك المرضى لقدرهم إلى أن توفوا بسبب مضاعفات تلك الحمى التي كان القضاء عليها سهلا.
تناول ديديي راوول أيضا مسألة الأدوية «غير العادية». ليس في تركيبتها فقط وإنما أيضا في ظروف وسياق فرضها على المرضى، في إطار ما يمكن أن يُسمى، حسب «ديديي»، بالتجاهل العالمي للأمراض والقفز على السلامة العامة.
إن المرضى الذين يستهلكون أدوية معينة، هم في الحقيقة ليسوا إلا ضحايا لبعض لوبيات صناعة الدواء التي حاول البروفيسور ديديي راوول محاربتها.

عالم «الدواء»
في عالم العقاقير المخبرية، تناول البروفيسور ديديي راوول عدة نظريات في كتابه الجديد، وأسس لأطروحات جديدة في عالم صناعة الدواء في مثل هذه الأزمات الصحية. كان بين سطور نظرياته، يحاول شيطنة القائمين على صناعة الدواء في العالم، ولم يسلم من نيرانه حتى مواطنوه، وأعلن أن الصحة العامة ليست دائما أولوية بعض الجهات.
هذا التهافت الدولي على دواء كورونا، والأبحاث التي يقال لنا إنها لا تتوقف للوصول إلى علاج ناجع مائة بالمائة لفيروس كوفيد المستجد، ليست في الحقيقة مستجدة. فحسب ديديي راوول، فإن العالم مر بعدد من الأزمات الصحية والكوارث التي تسببت فيها الفيروسات، وتولت شركات الدواء تدبيرها بطريقتها الخاصة. هل نتعرض لخديعة كبرى؟ العهدة إذن على ديديي راوول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى