هذا سر الفيالق الأجنبية التي شاركت في احتلال المغرب
يونس جنوحي
أشهر ملك عُرف بارتباطه بالآلات والاختراعات، كان هو السلطان عبد العزيز. وفعلا، فقد كان شغفه بالاختراعات الميكانيكية الجديدة سببا مباشرا لخسارته العرش، لأنه أهمل شؤون الدولة لصالح هذا الاهتمام. اشترى زورقا بمحرك لحوض سباحة يبلغ طوله مئة ياردة ووضع خط سكة حديد يكفي طوله لخوض رحلة بطول ميلين.
كان قصره يعج بعشرات كاميرات التصوير، والفوانيس «السحرية»، وأدوات ميكانيكية على شكل طيور عندليب متحركة، لكن أكبر شغفه كان دراجة هوائية ثلاثية العجلات. جلس السلطان على المقعد الخلفي المزخرف، واستخدم وزيره الأول المُسن، ليدور الدواستين بقدميه ويقوم بجولة حول ساحة القصر!
بخصوص تقييم أداء الحركة الوطنية داخل المدن، فقد أعطيتهم نقطة سيئة في مكناس.
نسخوا الموضة الغربية المُنحطة التي تشوه الجدران وخربشوا شعارات حزب الاستقلال فوق حجارة الأعمدة التاريخية لسجن الأسرى المسيحيين.
كان هناك معرض تجاري في مكناس.
كان محمد يتابع، بهدوء شديد، منظر أطفال يدورون في لعبة الدوامة، التي يدورها رجل يمسك مقبضا بيديه، لكن سرعان ما تملكه القلق ووبخ الرجل بشدة لأنه كان يدوّر الأطفال بسرعة كبيرة!
أما بالنسبة لي، فقد كنت مفتونا برؤية النساء وهن يركبن «الكراسي الطائرة». كانت تنانيرهن تتطاير مع النسيم، لكن حجابهن بقي ثابتا في مكانه.
في الليل، أقيم موكب بالشموع، برئاسة فرقة من فيلق عسكري أجنبي. عندما أبديت رأيي لأحد الضباط، بخصوص أداء الفرقة المميز، رد عليّ قائلا:
-«طبعا. أغلب الموسيقيين ألمان».
أكثر من مرة في رحلتي صادفت وحدات من الفيالق الأجنبية.
في أغلب الحالات التي صادفتها، تكون الوحدات الأجنبية في مهمة تدريب لصالح الكتائب أو الأطر، لأن شمال إفريقيا لم تعد أبدا ساحة قتال تجلب الحظ لهذا الفيلق الشهير.
لقد استخدم الفرنسيون دائما المرتزقة في جيوشهم، وفي كثير من الأحيان كانوا قد نجحوا في إدماجهم. الفيلق الأجنبي، كما نعرفه اليوم، تأسس على يد «لويس فيليب» في سنة 1831. تميز هذا الفيلق في مغامرات الحملات العسكرية في الجزائر، وفي الحملات المكسيكية المشؤومة. ومع تطور الإمبراطورية الفرنسية وتوسعها، أضيفت السنغال ومدغشقر والهند الصينية إلى مراتب الشرف في المعارك.
وقد كان الحال كذلك بالنسبة للمغرب أيضا، لأنه لعب دورا حيويا في «حرب التهدئة».
لم يسبق أن تم الترويج الإشهاري لأي فوج في السابق، بهذا الحجم الذي يتم الترويج به لهذا الفوج حاليا.
لقد أضفى الكتّاب جرعات من الرومانسية الحالمة على الحكايات المنشورة عنهم. ويبدو أن الفيلق كان بالكامل يُديره أبطال أقوياء يهربون من علاقات الحب التعيسة.
في الواقع، هرب عدد أكبر بكثير من المجندين في سلك الشرطة، ورغم ذلك، فإن ما وقع أن الجزء الأكبر من الرجال انضموا إلى الفيلق بسبب حبهم المطلق للمغامرة، احتجاجا بدافع غريزي ضد القيود المصطنعة التي فرضها عليهم العالم الحديث.