محمد اليوبي
بعدما دق المجلس الأعلى للحسابات ناقوس الخطر، محذرا من إفلاس صناديق التقاعد بالمغرب، وأوصى المجلس بالشروع، في أقرب الآجال، في عملية الإصلاح البنيوي عن طريق تسريع وتيرة الإصلاحات المعيارية، وإجراء دراسة مستعجلة للإشكالية المتعلقة بخطر السيولة التي سيواجهها نظام المعاشات المدنية على المدى القصير، كشف التقرير السنوي التاسع حول الاستقرار المالي عن تفاقم العجز التقني لصناديق التقاعد، ما يهددها بالإفلاس في السنوات المقبلة.
وأفاد التقرير الصادر عن بنك المغرب والهيئة المغربية لسوق الرساميل وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، بأن الرصيد الإجمالي للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد بلغ 1,8 مليار درهم في سنة 2021، مقابل 2,5 مليار درهم في سنة 2020. وأوضح التقرير أنه “بفضل رصيد العمليات المالية الذي بلغ 5,2 مليارات درهم، بلغ الرصيد الإجمالي للنظام 1,8 مليار درهم، بدلا من 2,5 مليار درهم سنة قبل ذلك”.
ووفقا للمصدر ذاته، فقد أدى إدماج الأساتذة المتعاقدين أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين في نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، إلى انخفاض المساهمات في النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد (3,8 مليارات درهم مقابل 4,1 مليارات درهم في 2020)، مفاقما بذلك عجزه التقني الذي بلغ 3,3 مليارات درهم مقابل 2,6 مليار درهم.
من جهة أخرى، شهد النظام في سنة 2021 إرساء إصلاح معياري أدى أساسا إلى تغيير في حساب المعدل السنوي لإعادة تقييم المعاشات المصروفة، ومعدل إعادة تقييم الأجور الوظيفية، من أجل تسوية المعاشات الجديدة.
وفي ما يتعلق بنظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، فقد سجل تعداد الأصول في سنة 2021 ارتفاعا قويا بنسبة 12,9 في المائة، على إثر تغيير نظام انخراط الأساتذة المتعاقدين أطر الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، التابعين منذ سنة 2017 للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، وتجسدت هذه العملية، بالنظر إلى التسعيرة المناسبة للنظام، من خلال تحسن مؤشرات التوازن على المدى الطويل، سيما معدل التمويل المسبق ومعدل مساهمة التوازن، اللذين بلغا على التوالي 85,7 في المائة (زائد 17 نقطة) و35,2 في المائة (ناقص 19 نقطة).
وفي المقابل، لم تولد تدفقات الخزينة الناتجة عن هذه الانخراطات الجديدة أي تحسن ملموس في استدامة النظام على المدى المتوسط، بسبب الأفق المنخفض لنفاد احتياطياته (من 5 إلى 6 سنوات).
وبالنسبة للسنة المالية 2021، سجلت المساهمات في النظام ارتفاعا بنسبة 0,8 في المائة، مقابل زيادة في التعويضات نسبتها 1,7 في المائة. وفي هذا السياق، تدهور العجزان التقني والعام للنظام ليبلغا 7,7 و4 مليارات درهم على التوالي.
وأفاد المصدر نفسه بأن أفق استنفاد احتياطيات أنظمة التقاعد للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي انخفض بثمان سنوات ليستقر عند سنة 2038، مشيرا إلى أنه “بالرغم من الانتعاش الاقتصادي الأسرع من الذي تم اعتماده خلال التقييم الاكتواري السابق للفرع، إلا أن مؤشرات استدامة النظام أظهرت تراجعا مقارنة بمستوى ما قبل الأزمة، خاصة انخفاض أفق استنفاد الاحتياطيات بثمان سنوات (2038 بدلا من 2046)”. وأضاف المصدر ذاته أنه في ما يتعلق بمعدل تغطية التزامات النظام، خلال الستين سنة المقبلة، فقد انتقل من 76,7 في المائة إلى 64,9 في المائة.
وبالموازاة مع ذلك، أبرز التقرير أن الانتعاش الاقتصادي الوطني في سنة 2021 أثر إيجابا على أرصدة فرع المعاشات التقاعدية لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وبالفعل فقد بلغت كتلة الأجور الخاضعة للمساهمات 112,4 مليار درهم، بارتفاع نسبته 16,4 في المائة مقارنة بسنة 2020، و10,2 في المائة مقارنة بمستوى ما قبل الأزمة الصحية.
وعلى مستوى الصندوق المهني المغربي للتقاعد، وبالرغم من ارتفاع المساهمات بنسبة 5,3 في المائة، بقي الرصيد التقني عند مستواه لسنة 2020 (2,9 مليار درهم)، تحت تأثير ارتفاع أكبر للتعويضات (8,5 في المائة).
ومكن أداء التدبير المالي من تحقيق رصيد إجمالي قدره 5,7 مليارات درهم، بتحسن نسبته 17,9 في المائة مقارنة بسنة 2020. وسيظل هذا الأخير، وفقا للتقييمات الاكتوارية للنظام، يحقق فائضا في أفق التوقعات، مما سيمكن الاحتياطيات من مواصلة منحاها التصاعدي.
وسبق للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أن أوصى باستعجالية تفعيل الإصلاح الهيكلي والشمولي لقطاع التقاعد بالمغرب، وأكد المجلس أن إرساء منظومة وطنية للتقاعد، تضامنية وناجعة ومستدامة وقادرة على الاستجابة لانتظارات الأجيال الحالية والقادمة من النشيطين والمتقاعدين وضمان حقوقهم، يقتضي العمل على تسريع تفعيل مسلسل تعزيز توازنات أنظمة التقاعد الموجودة، وإرساء الانتقائية بين مصادر تمويلها، وخدماتها، والإطار القانوني والتنظيمي المتعلق بها ونمط حكامتها.