شوف تشوف

الافتتاحية

هدية العثماني للموظفين

تحولت حكومة بنكيران إلى لعنة سياسية تلاحق المواطن المغربي، حتى بعد سنتين من إحالة رئيسها على التقاعد السياسي الإجباري. وسيتذكر حوالي 700 ألف موظف مدني، بكثير من الغضب، حكومة الإسلاميين الأولى وهم يتوصلون بداية السنة المقبلة بهدية مسمومة تجبرهم على اقتطاع جديد من أجورهم، هو الرابع من نوعه لإصلاح صناديق التقاعد المهددة أصلا بالإفلاس مطلع 2026، رغم أن الاقتطاعات الجديدة بالجملة التي فرضها بنكيران ويواصلها خليفته العثماني وفرت لصناديق المعاشات حوالي 500 مليار سنتيم سنويا.
ففي اللحظة التي كانت الحكومة تريد شراء سلم اجتماعي بزيادة 100 درهم سنويا لأجر الموظف، أطلقت يدها على أجور الموظفين لتقتطع منها ما بين 300 و1000 درهم شهريا لملء صناديق تعرضت للإفلاس بسبب سوء التدبير والخروقات، دون أن تطول يد لجنة تقصي الحقائق التي ترأسها حزب الأصالة والمعاصرة رقاب المسؤولين الحقيقيين عن الإفلاس، بل بَارَكْت ضمنيا قرار بنكيران بسيف الاقتطاعات تجاه أجور الموظفين.
لا أحد يشك، بعد انتهاء مفعول سحر الشعبوية التي صورت الكثير من قرارات اللاشعبية على أنها في صالح الشعب، أن المغاربة وجدوا أنفسهم ضحايا سياسات حكومة بنكيران والحزب الحاكم التي سيؤدون فواتيرها من جيوبهم لعقود مقبلة.
لقد ظهر لهم، بعد فوات الأوان، أنهم كانوا تحت سطوة حكومة تكن كل العداء للمسألة الاجتماعية وللشغيلة وللموظفين بالدرجة الأولى، فلا يعقل أن تجمد الحكومة الأجور وتثقلها باقتطاعات إضافية للحصول باليسرى على ما قدمته حكومة عباس الفاسي باليمنى، لتهدئة تداعيات الربيع المغربي وحركة 20 فبراير.
اليوم تعترف حكومة سعد الدين العثماني تلميحا بأن ما قام به بنكيران لا يعد إصلاحا للتقاعد، وأنه لا يعدو أن يكون مجرد مسكّن لن يعالج الداء، وأنها مستعدة للدفع عوض الموظف نسبة 1 في المائة، فيما تتأهب الحكومة نفسها لارتكاب مجزرة اجتماعية أخرى، ستخلف بدون شك مئات الآلاف من الضحايا. فالحكومة قد تفي بوعدها وتسدد القسط الرابع المتبقي، والذي لن يتعدى 100 مليار، لكنها، بالمقابل، ستلجأ إلى إلغاء 1500 مليار سنتيم التي تحولها إلى صندوق المقاصة بعد القرار الخطير الذي تستعد لاتخاذه برفع الدعم عن غاز البوطان والدقيق والسكر الذي يستفيد منه مئات الآلاف من الموظفين.
الخلاصة أننا أمام حكومتي إسلاميين لا تعطيان أكثر مما تأخذان، تضخمان ما تمنحانه للمواطن ولو أنه بئيس، لكنهما تستهينان بما تحصلان عليه من جيبه. حكومتان تحبان ممارسة البخل والتقتير بحق المواطنين، الذين جمعتا عليهم إلى جانب إثقال كاهلهم برفع الدعم عن المحروقات والزيادة في التقاعد ورفع الأسعار، بخلا في الزيادة في أجورهم أو على الأقل التقليص من الضرائب عليها، وذلك أضعف الإيمان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى