يبدو أن اليد الممدودة والردود الحكيمة ودبلوماسية المملكة استفزت النظام الجزائري الذي لا يدخر جهدا في الإضرار بمصالح المغـرب، فبعد قرارها الأحادي الجانب قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب، أعلنت الجزائر عن نيتها الاستغناء عن خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي يمر عبر المملكة وصولاً إلى إسبانيا.
حيث نقلت وكالة الأنباء الجزائرية، يوم الخميس المنصرم، عن محمد عرقاب، وزير الطاقة الجزائري، قوله إن جميع إمدادات الغاز الطبيعي الجزائري نحو إسبانيا ومنها نحو أوروبا ستتم عبر أنبوب “ميدغاز” العابر للبحر المتوسط.
ويلمح تصريح الوزير الجزائري الذي جاء بعد استقبال السفير الاسباني، إلى أن الجزائر ستستغني عن خط أنابيب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي يمر عبر المغرب بعد يومين من قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، على الرغم من تأكيد المديرة العامة للمكتب المغربي للهيدروكاربورات والمعادن، أمينة بن خضـرة، على أن المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي، مضيفة أن المغرب أعرب عن موقفه من مسألة مواصلة العمل بأنبوب الغاز في محادثات خاصة وفي تصريحات علنية، مؤكدة أنه يمثل أداة للتعاون الإقليمي، ومن المنتظر أن ينتهي الاتفاق الثلاثي بين الجزائر و الرباط ومدريد في الحادي والثلاثين من أكتوبر المقبل.
ويبقى الاستغناء عن خط أنبوب الغاز المار من المغرب (Gazoduc Maghreb-Europe) ورقة ضغط ضعيفة حسب إفادات عدد من الخبراء الاقتصاديين المغاربة، نظراً لمحدودية تأثيره على مصالح المملكة من حيث الغاز الطبيعي، مشيرين إلى أن المغرب يتزود بالغاز من عدة دول، منها أساسا الولايات المتحدة وإسبانيا والنرويج، كما أن الأمر يهم إسبانيا بالدرجة الأولى، لأنها المستفيدة النهائية من الغاز المنقول.
وإلى حد الساعة، لم تعبر إسبانيا، بشكل رسمي أو غير رسمي، عن موقف إزاء عدم رغبة الجزائر في تجديد اتفاق هذا الأنبوب، لكن صحفا إسبانية معروفة سبق أن أشارت إلى السلطات الإسبانية تعتبر أن الأنبوب المار من المغرب يظل ضرورياً لضمان إمدادات آمنة لإسبانيا.
وعلى مسـتوى الإجـراءات التي قد يلجأ إليها المغـرب أكد خبراء في قانون الدولي أنه بعد القرار يجـب العودة إلى الاتفاق الذي يجمع شركة سـوناطراك والأطراف المغربية، وهـو الاتفاق الذي تؤطره التشريعات الدولية، موضحين أنه إذا كان هناك أدنى خرق لبنود هذا الاتفاق فمن حق المغرب -أو الأطراف المعنية- المطالبة بتعويضات لجبر الأضرار التي ستلحقه.
واعتبر الخبراء أن هذا القرار ليس في صالح الجزائر، إذ أن شركة سوناطراك تعرف جيدا أن أنبوبا واحدا يشكل تهديدا لمصالحها، والإبقاء على الأنبوب الرابط مع المغرب أمر ضروري لسوناطراك ولو كان ذلك من باب الاحتياط واستباق حالة تعرض الأنبـوب الذي يمر من الجزائر نحو إسبانيا مباشرة لأي حادث طارئ.