محمد وائل حربول
أثار هدم عدد من المباني التاريخية التي يرجع معظمها إلى عهد الاستعمار الفرنسي، بمنطقة جليز العريقة بمدينة مراكش، موجة من الانتقادات، حيث علمت «الأخبار» من مصدر مطلع أن السبب الأول في هدم المباني المذكورة، يتمثل في خلق مساحات مهمة يتم من خلالها إنشاء أسواق ومحلات تجارية كبرى ومجموعة من المشاريع، من أجل توفير فرص للشغل وتحريك عجلة التنمية، خاصة وأن مكان وجود المباني القديمة جد حيوي ويستقطب عددا كبيرا من المواطنين والسياح. بينما وفي المقابل، لم تتقبل هيئة المهندسين المعماريين بجهة مراكش- آسفي القرار، حيث وصفته بـ«المس الخطير بالرصيد المعماري».
وفي هذا الصدد، أفاد المصدر ذاته بـ«أن المباني التاريخية المذكورة أصبحت في الوقت الراهن لا تخدم التطور الحاصل بمنطقة جليز، سيما بعد إنشاء العديد من الأسواق التجارية الكبرى بالمنطقة، والتي خلقت مئات فرص الشغل للشباب، وقامت بشكل أفضل بالترويج للجانب الاقتصادي للمدينة الحمراء، حيث بات المكان مقصدا لفئات عريضة من سكان مراكش من أجل التبضع، وهو ما ساهم بطريقة غير مباشرة في تبني هذا الطرح، والعمل على خلق مشاريع يكون وقعها أكثر اقتصاديا واجتماعيا على كل المدينة، ويسهم في تنميتها، ويحد نوعا ما من البطالة التي أرهقتها».
وذكر المصدر نفسه أن «خلق هذه المشاريع بدل الارتكان إلى ترك منازل معظمها غير مسكون، سيحد نوعا ما من اعتماد مدينة مراكش على الجانب السياحي فقط، وهو الشيء الذي توضحه عدد العمارات والمباني التي تم خلقها منذ سنوات قليلة، حيث تم فتح مجموعة من المشاريع والمقاولات الصغرى والمتوسطة داخلها، كما تمت زيادة فنادق بقلب المنطقة، خاصة بالقرب من محطة القطار، زيادة عن خلق مكاتب خاصة بالمحامين والأطباء والمهندسين والموثقين بقلب هذه المباني، ما أسهم في تطور المنطقة ومسايرتها لنمو باقي مدن المملكة الكبرى».
وفي الجانب الآخر، وبعد هدم مبان متعددة تعود إلى العهد الكولونيالي بالمنطقة المذكورة، دقت هيئة المهندسين المعماريين بجهة مراكش- آسفي ناقوس الخطر، معتبرة أن هذا الفعل يمس بشكل مباشر بالرصيد المعماري لمنطقة جليز، حيث يتم هدم مبان تاريخية مقابل تشييد مبان حديثة على أنقاضها، وهو الشيء الذي أخرج الهيئة لتطالب مختلف المتدخلين والمسؤولين والفعاليات المؤثرة وأصحاب القرار بمدينة مراكش، بـ«إنقاذ الرصيد العمراني والثقافي لمنطقة جليز». كما دعت الهيئة ذاتها مختلف الشخصيات والجهات الغيورة إلى عقد اجتماع عاجل بعد عطلة العيد، لاتخاذ قرارات حاسمة تصب في اتجاه حماية المباني العتيقة في مقاطعة جليز.
وفي هذا الصدد، كشف المصدر نفسه أنه تم بالفعل تحديد تاريخ من أجل عقد اجتماع في هذا الصدد خلال الأيام القليلة المقبلة، يجمع بين المهندسين المعماريين بمراكش، وبين أعضاء من المجلس الجماعي للمدينة والسلطات الوصية، من أجل وضع مقترحات بديلة عن هدم المباني التاريخية بقلب المنطقة، في الوقت الذي يستمر فيه بناء عدد من العمارات بالمنطقة ذاتها، بالرغم من الجدل المثار.