شوف تشوف

شوف تشوف

ها علاش الإعدام

لو أن أحدا أجاب السائحة الدنماركية لوزي فيستراجت
عن سؤالها الذي طرحته على حائطها بالفيسبوك والذي استفسرت فيه أصدقاءها قائلة “أصدقائي سأتوجه إلى المغرب في دجنبر، هل من أحد منكم أو من أصدقائكم يعرف شيئا عن جبل توبقال؟”، وقال لها إن قضاء الليل في العراء بنواحي مراكش، وفِي أية ناحية أخرى في المغرب غير غرف الفنادق، يعتبر مخاطرة حقيقية بالسلامة الجسدية، لربما كانت قد غيرت رأيها ولم تقرر هي وصديقتها السائحة النرويجية المبيت في منطقة جبلية معزولة وغير محروسة على بعد 10 كيلومترات عن مركز إمليل بإقليم الحوز في اتجاه قمة جبل توبقال، حيث تعرضتا لجريمة قتل بشعة ولم يتورع قتلتهما عن فصل رأسيهما عن جسديهما.
والسائحتان اللتان لقيتا نهاية بشعة، جعلت كل المغاربة يشعرون بغصة في الحلق بسبب ما وقع لهما، معذورتان
لأنهما تنحدران من بلدين تعرف فيهما الجريمة أضعف مستوياتها على مستوى العالم، حتى أن السجون القليلة في الدنمارك والنرويج تغلق أبوابها وتسرح حراسها بسبب انعدام السجناء، فالجميع يتربى على احترام الآخر وتقديس القانون.
وهما معذورتان لأنهما لم تكونا قبل اتخاذهما لقرار نصب خيمتهما في الخلاء على علم بأي نوع من الوحوش أصبحنا نعيش معهم في هذا البلد، وحوش يقتلون البشر كما لو كانوا يقتلون الذباب ويتلذذون بتقطيع أطرافهم ورؤوسهم كما كان يحدث في عصور الظلام.
ولسوف يحتاج المغرب لوقت طويل لكي يغسل هذا العار الذي تسبب له فيه هؤلاء القتلة ولكي يقنع سياح بلدان الدول الإسكندنافية للعودة إلى المغرب، بعدما بدؤوا مؤخرا يكتشفون بلدنا ويتوافدون عليه.
لقد تسببت هذه الجريمة النكراء في إلغاء حجوزات وكالات أسفار كثيرة نحو مراكش ونواحيها حيث يعيش ثمانون بالمائة من السكان على عائدات السياحة الجبلية. كما تسببت في تلطيخ سمعة المغرب كوجهة سياحية آمنة، ولذلك يجب استخلاص الدروس والعبر واتخاذ ما يلزم للحد من هذا المد الإجرامي الذي أصبح وصمة عار على جبين البلد.
فقد أصبحنا لا يكاد يمر شهر دون أن نسمع عن اعتقال الأمن لسفاح يقتل ضحاياه ويقطع أطرافهم، مثلما حدث قبل شهر في الداهومي ببوزنيقة حيث اعترف سفاح بقتله لمواطن تونسي ومواطنين آخرين عثر الدرك على أطرافهم مدفونة في مناطق مختلفة.
والبعض يرى في تطبيق عقوبة الإعدام في حق أمثال هؤلاء المجرمين الذين يغتصبون ويقتلون ويشوهون بنات الناس وأبناءهم، ولا يفرقون بين مواطن مغربي أو ضيف أو سائح، ولا تأخذهم رأفة بطفل أو امرأة أو عجوز، اعتداء على الحياة، لكن الحقيقة هي أن ترك مثل هؤلاء على قيد الحياة هو ما يشكل اعتداء على حق الأبرياء في الحياة، خصوصا عندما يصبح المحكوم بالإعدام وحشا يقتل مثلما يتنفس.
ليس عبثا أن الله تعالى قال في محكم كتابه “ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تعقلون”، أي أننا عندما نطبق حكم الإعدام في حق من يغتصب رضيعا ويقتله ويلقيه في المجاري، أو في حق من يقتل أمه ويقطعها إلى أطراف ويرميها في سطل القمامة، أو في من يتخذ من إزهاق أرواح الأبرياء هواية يتلذذ بها، أو في من يهدد الاقتصاد السياحي ويشوه صورة البلد فإننا لا نعتدي على الحق في الحياة بل ندافع عن حق الأبرياء في الحياة عبر إلغاء من يهدد حقهم هذا.
لذلك لا بد أن نقول شيئا مهما حول عقوبة الإعدام التي تطالب بعض الجمعيات الحقوقية بإلغائها وتحصل على منح من الخارج للدفاع عن هذا الطرح، وهي أن القضاء المغربي لا يمكنه أن يستمر في إصدار عقوبات بالإعدام دون تنفيذها، ولذلك فإما أن تتم إزالة هذه العقوبة من القانون المغربي نهائيا وإما أن تطبق في حق المحكومين بها داخل آجال قانونية تجنب المحكومين بها التعذيب النفسي جراء انتظار طويل في حي الإعدام يمتد إلى ما لا نهاية، وتضع حدا لمعاناة أسر الضحايا التي تتعذب فيما الجناة يعيشون على حساب أموال دافعي الضرائب في حي الإعدام.
إن أكبر إهانة للقوانين هي سنها وعدم تطبيقها، فالقانون يستمد قوته من تطبيقه، وإلا فإنه يترهل ويفقد قوته ومعها تفقد مؤسسة القضاء هيبتها ويختل ميزان العدل.
إن دولا متقدمة مثل أمريكا والصين واليابان والهند تطبق عقوبة الإعدام بلا رحمة ضد عتاة المجرمين، ولذلك لا يجب أن يشعر المغرب بمركب النقص وهو يطبق عقوبة الإعدام في حق قتلة لا يتورع بعضهم عن ذبح الناس وتقطيع أطرافهم ووضعها في حقائب وإرسالها عبر القطار.
إن إعدام أمثال هؤلاء القتلة الدمويين الذين يرتكبون جرائمهم الوحشية عن سبق إصرار وترصد في حق مواطنين مسالمين ستكون عقوبة رادعة لكل من سيفكر في إهدار الدم، فكل من أزهق روحا متعمدا عليه أن يعرف أنه فقد الحق في الحياة، وهكذا سيفكر المجرمون ألف مرة قبل الإقبال على القتل الذي أصبح رياضة وطنية عند البعض بسبب انعدام الردع ومعرفتهم بأن أقصى ما سينالهم هو حكم بالمؤبد قد يتحول إلى محدد وبعده قد يستفيدون من مسطرة العفو.
وأنا أعرف شخصا ارتكب خلال التسعينات جريمة قتل في حق شخص آخر وأحرق جثته في سيارته، وعندما ألقي عليه القبض اعترف بجرائم شنيعة أخرى، فحكم عليه بالإعدام، وتحول الإعدام إلى مؤبد، ثم محدد، إلى أن استفاد من عفو، وهو اليوم يجلس على رصيف المقهى ويمر أمامه أبناء الضحايا الذين أزهق أرواحهم، فهل يمكن أن نتخيل للحظة واحدة كيف سيشعر هؤلاء الناس وهم يَرَوْن قاتل أبيهم حرا طليقا.
وهكذا فعندما تطبق عقوبة الإعدام، وهي العقوبة التي يجب أن تطبق في حق قاتلي السائحتين، فإنها لا تطبق انتصارا للقتل بل انتصارا للحياة، فعندما تعدم مجرما دمويا قتل متعمدا نفسا بريئة فإنك تجنب المجتمع شره، وفي الآن ذاته تعطي بإعدامه مثالا لأشباهه في الإجرام والوحشية.
“واش دابا خصنا نفكرو فالأمن والراحة ديال 34 مليون مغربي ولا الراحة ديال رباعة دلميكروبات كايشدو بنادم يدبحوه يكرضوه ويلوحوه فالقوادس”؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى