شوف تشوف

الرأيالرئيسية

هارد لك يا مصري

حسن البصري

 

لم يتقيد كثير من مشجعي الأهلي المصري بتعليمات منظمة الصحة العالمية، حين دعتهم لجعل يوم 31 ماي يوما بدون سجائر، فقد كان وقع الهزيمة أمام الوداد في نهائي كأس العصبة الإفريقية أشد بأسا، لذا سنلتمس لهم العذر حين يختلسون لحظات تدخين سجائر بنكهة القلق.

أعرف أن الهزيمة هي أفضل «ماركوتينغ» لشركات التبغ، فحين ينكسر وجدان المرء ينفث أحزانه في سيجارة قد تكون رخيصة خشنة الملمس أو سيجارة كوبية، حسب تصنيف المدخن.

في واحدة من روائع الفنان الشعبي المصري عبد الرحيم شعبان «حبطل سجاير»، دعوة للإقلاع عن التدخين حين يقول في مطلعها:

حبطل سجاير وأكون إنسان جديد/ ومن أول يناير خلاص حشيل حديد.

وعلى الموال نفسه سار الشاعر المصري هشام الجخ، حين حل بالمغرب رفقة ابنته هاجر، من أجل متابعة مباراة الوداد والأهلي، ومن المدرجات قال في المغاربة ما لم يقله المتنبي في مدح سيف الدولة، نافيا وجود أي مناوشات من المغاربة تجاه إخوانهم المصريين.

مباراة الوداد والأهلي عطلت الحياة في القاهرة وكازابلانكا، واستأثرت باهتمام العديد من الفنانين والسياسيين في أرض الكنانة، فقد سكت علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، دهرا، قبل أن تخرجه الكرة عن صمته ويقول في تغريدة للأهلاويين:

“هارد لك يا أهلي فريق كبير ببطولاتك وإنجازاتك وأكثر الأندية تتويجا بالألقاب، مش عايزين نتكلم عن ظروف المباراة وندي أعذار، الأهلي كان دون المستوى، مبروك لجماهير المغرب ولفريق الوداد منافس محترم وفوز مستحق”. انتهى الكلام.

آزر عدد من نجوم الفن الأهلي في مباراة الدار البيضاء، سافروا للتشجيع من ملعب محمد الخامس، أبرزهم المخرج مجدي أحمد الذي أبدع في فيلم «البطل»، لكن تبين له أن كثيرا من نجوم الأهلي تحولوا إلى أبطال من ورق.

وتابع المباراة أيضا الفنان المصري شريف حلمي، ووقف على تراجع أداء الأهلي، وقال بطل فيلم «إنذار مبكر»: «خسارة ممثل مصر إنذار مبكر ودليل على تراجع مستوى الفريق». حل هذا الممثل المصري ضيفا على مهرجان خريبكة السينمائي وملعب محمد الخامس وخرج من الملعبين مكسور الوجدان.

وحسم الفنان المصري نبيل الحلفاوي الجدل، وقال إن الوداد استحق الفوز، معاتبا حارس الوداد على إفراطه في المشاهد السينمائية، ولكنها جزء من متعة الكرة.

ليس الفنانون وحدهم نجوم المدرجات، بل إن الراسخين في سوسيولوجيا الأعيان يجمعون على أن الطريقة المثالية لتجنب الخسارة في الانتخابات السياسية والرياضية وفي الهيئات الفنية هي عدم المشاركة فيها، لكن النفس الأمارة بالوجاهة تحث الرياضي على الإمساك بخيوط اللعبة السياسية، والسياسي على دخول ملاعب الكرة دخول الفاتحين.

في مباراة الوداد والأهلي، حضرت بعض الزعامات السياسية، عرضت نفسها على إعلام الغفلة لتعلن انخراطها في الرياضة الأكثر شعبية، وتسجل حضورها في محفل كروي يتابعه ملايين المشاهدين. هذا النوع من الماركوتينغ السياسي يعيد طرح إشكالية السياسي والرياضي ويحفز الكثير من المنتخبين على ركوب صهوة الكرة ولو من مغارة فريق مغمور.

فهم كثير من السياسيين المغزى الحقيقي للمثل الصيني: «رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة»، فقرروا بدء الرحلة نحو الوجاهة بقفزة واحدة، فأدمنوا على تتبع برامج التحليل الرياضي واستأجروا شعراء وصحافيين وملاك صفحات من أجل دخول مظفر لعالم الكرة، وأمام عيونهم تتراقص «بروفايلات» رؤساء فرق حملتهم رياح السياسة إلى قبة البرلمان، مهما كانت انتماءاتهم، الأهم أنهم ينتمون لبرج الحرباء.

كرة القدم أكثر من مجرد لعبة، هذا ليس شعارا جماهيريا يدغدغ المشاعر، بل هي حقيقة دامغة، ولإخواننا في الأهلي دعوة إلى قراءة كتاب «الهزيمة» للكاتب المصري كريم الشاذلي، ففيه دعوة إلى عدم الانكسار أمام خسارة في الميدان والكف عن ترديد أغنية «ديما دموع دموع».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى