شوف تشوف

الرئيسيةخاص

نهب الرمال بتطوان.. دمار شامل للبيئة وتحقيقات متواصلة

الأمن يضيق الخناق على عمليات النقل والبحث عن الرؤوس الكبيرة

تطوان: حسن الخضراوي
على بعد 15 كيلومترا فقط من تطوان، تقع جماعة أزلا القروية التي تشهد نهبا للرمال بمنطقة سيدي عبد السلام، من قبل شبكات إجرامية استعملت الشاحنات «الشبح» التي لا تتوفر على وثائق قانونية، لمدة طويلة، وعادت لتستعمل الدراجات النارية ثلاثية العجلات، وسط كر وفر مع الدوريات التابعة للسلطات المحلية، وكذا مصالح الدرك الملكي المكلفة بالمراقبة ومنع الفوضى والعشوائية.
وعاينت «الأخبار» خلال زيارتها إلى منطقة سيدي عبد السلام بتطوان وجود متاهات رملية ضخمة، والعديد من الحفر والطرق والآثار التي تدل على نهب الرمال بالمنطقة. كما أكد العديد من سكان جماعة أزلا أن الظاهرة استمرت لسنوات طويلة، حيث تتوقف عند التناول الإعلامي المكثف بشكل نهائي، قبل أن تعود الأمور إلى سابق عهدها في ظروف غامضة.
وحسب مصادر مطلعة، فإن العديد من سكان سيدي عبد السلام سبق تقدمهم بشكايات إلى السلطات الإقليمية بتطوان، قصد العمل على وقف الأنشطة الإجرامية لنهب الرمال، حيث يتم التوقف لمدة أيام أو أسابيع، لتعود بعدها عمليات النهب بشكل تدريجي بواسطة الدراجات النارية ثلاثية العجلات، وهو الشيء الذي يستنفر مصالح الدرك الملكي التي سبق حجزها لشاحنات ودراجات نارية، وفتح تحقيقات متواصلة في الموضوع، بتنسيق مع النيابة العامة المختصة.
واستنادا إلى المصادر نفسها، فإن حركة نهب الرمال بمنطقة سيدي عبد السلام خفت خلال الفترة الأخيرة، لكنها ما زالت مستمرة، حيث تعمد الشبكات الإجرامية المتورطة إلى سلك طرق متربة، من أجل الفرار من دوريات المراقبة، وكذا تفادي المرور بالسدود القضائية الخاصة بولاية أمن تطوان، لتشديد المراقبة وتنزيل تعليمات بمراقبة كل حمولات الرمال، وإلزامية إدلاء السائق بكافة الوثائق القانونية المطلوبة.

نهب مستمر
قال أحد سكان منطقة أزلا، الذي رفض تصويره أو الإشارة إلى اسمه لأسباب خاصة، إن عمليات نهب الرمال تتوقف بمنطقة سيدي عبد السلام ضواحي تطوان، عند كل تناول إعلامي مكثف أو وضع شكايات لدى السلطات المختصة، لكن سرعان ما تعود الأمور إلى سابق عهدها من نهب بواسطة الدراجات النارية ثلاثية العجلات، وإفراغ الحمولة بأماكن مجهولة، حيث يتم تجميع الكميات المسروقة من الرمال قبل تسويقها بطرق ملتوية، وبيعها إلى أشخاص أو محلات كبرى لبيع مواد البناء بثمن يغري بالربح السريع، خاصة مع الجودة التي تمتاز بها الرمال بضواحي تطوان بصفة عامة، وجماعة أزلا بصفة خاصة.
وأضاف المتحدث نفسه أن المنطقة لا توجد بها معامل ولا شركات لتشغيل الشباب، لذلك يتم استغلال بعض الشباب من قبل شبكات إجرامية تتاجر في الرمال المسروقة، حيث سبق لمصالح الدرك الملكي حجز شاحنات ودراجات نارية، وإلقاء القبض على متهمين وتقديمهم إلى العدالة، طبقا للقوانين الجاري بها العمل في مثل هذه الحالات.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن السلطات المختصة بتطوان سبق وقامت بالتنسيق مع كافة المؤسسات المعنية، وتم القيام بحفر خنادق كبيرة، لمنع وصول الشاحنات الضخمة لسرقة الرمال، لكن شبكات نهب الرمال غيرت من أساليبها بعودتها إلى استعمال الدراجات النارية ثلاثية العجلات، والعمل على تخزين الكميات المسروقة في انتظار تسويقها بطرق ملتوية.
وحسب مصادر الجريدة، فإن بعض المناطق التي كانت تشهد نهبا للرمال مثل مرتيل بحي الديزة، استنفرت السلطات المختصة، حيث سبق التنسيق بين السلطات الأمنية والمحلية، قبل شهور، لمنع نهب رمال الشواطىء وحماية البيئة، والصرامة في المراقبة وإنجاز تقارير ميدانية، وتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة كمبدأ دستوري.

تحقيقات الأمن
ذكر مصدر خاص أن السلطات الأمنية بتطوان تتعقب حيثيات ملفات نهب الرمال بمنطقة سيدي عبد السلام ضواحي المدينة، حيث تم إعطاء تعليمات صارمة لمراقبة كميات الرمال المنقولة بواسطة الشاحنات بالسدود القضائية، وهو الشيء الذي دفع الشبكات الإجرامية إلى اختيار أساليب ملتوية لتسويق الرمال المنهوبة، حيث يتم سلك طرق غير معبدة للوصول إلى الوجهة المطلوبة.
وأضاف المصدر نفسه أن كل المعلومات المتداولة حول الاشتباه في تورط سياسيين بطرق غير مباشرة في عمليات نهب الرمال بتطوان، تأخذها السلطات الأمنية على محمل الجد، ويتم التدقيق فيها خلال التحقيقات، من أجل محاولة الوصول إلى الرؤوس الكبيرة المتورطة، سيما وأن عائدات نهب الرمال يمكن من خلالها تمويل حملات انتخابية والحصول على قواعد انتخابية دائمة.
وحسب المصدر ذاته، فإن الشبكات الإجرامية التي تنشط في نهب الرمال بمنطقة أزلا انخفضت معاملاتها المالية بشكل كبير جدا، مقارنة مع السنوات الماضية، وذلك بفعل تضييق الخناق عليها من قبل مصالح ولاية أمن تطوان، وتكثيف الدوريات الخاصة بالمراقبة، والعمل على التدقيق والتمحيص في مدى قانونية حمولة الشاحنات، والاستماع إلى سائقيها إذا تطلب الأمر ذلك، بتنسيق مع النيابة العامة المختصة.
وكانت التحقيقات التي باشرتها السلطات الأمنية والأجهزة الاستخباراتية بتطوان، حول حيثيات وكواليس استمرار نهب الرمال بمنطقة سيدي عبد السلام بجماعة أزلا، باتت تؤرق مسؤولين وسياسيين، خاصة في ظل الانتخابات الجماعية والبرلمانية، وتعليمات وزارة الداخلية بتفعيل ربط المسؤولية بالمحاسبة.
يذكر أن العديد من السكان المتضررين بشواطىء سيدي عبد السلام يستمرون في احتجاجهم على نهب الرمال بالمنطقة، حيث سبق وقاموا بمراسلة عامل الإقليم في الموضوع، فضلا عن مطالبتهم بفتح تحقيق لكشف حيثيات التهديدات التي يتعرض لها المحتجون، ودفعهم إلى الصمت والقبول بالأمر الواقع.

احتجاج السكان
خرج العديد من سكان جماعة أزلا، بمنطقة سيدي عبد السلام ضواحي تطوان، في وقت سابق، من أجل الاحتجاج على استمرار شبكات نهب الرمال في عمليات السرقة الليلية، حيث طالب الجميع بوضع حد للظاهرة الخطيرة، وحماية السكان من الفيضانات وتدمير البيئة، والعمل على ربط المسؤولية بالمحاسبة، والبحث في حيثيات وظروف عمل الدراجات النارية ثلاثية العجلات على نقل كميات من الرمال المنهوبة، وجمعها بأماكن تخزين سرية.
وقام المحتجون بنشر وقفاتهم الاحتجاجية، على المواقع الاجتماعية بشكل واسع، قصد إظهار مدى تضرر البيئة من سرقة الرمال بسيدي عبد السلام، واقتراب عمليات الحفر من منازل بعض السكان، فضلا عن إعراب المحتجين عن استيائهم وتذمرهم من الضجيج الذي تحدثه الشبكات الإجرامية خلال الليل، ما يقلق راحة الجميع، خاصة المرضى والأطفال والمسنين.
ويرفض العديد من المهتمين بحماية البيئة، التبريرات التي يطرحها البعض كون نهب الرمال من مصادر قوت العديد من شباب منطقة سيدي عبد السلام، حيث تبقى استفادة السائقين وعمال الشحن من عمليات بيع كميات الرمال المسروقة محدودة وهامشية، بالمقارنة مع ما تستفيده الرؤوس الكبيرة التي لا تظهر على الواجهة من أموال ضخمة.
وسبق لمصالح الدرك الملكي حجز العديد من الشاحنات والدراجات النارية ثلاثية العجلات، التي تستعمل في نهب الرمال بمنطقة سيدي عبد السلام بأزلا، حيث يصر المتهمون أثناء التحقيق معهم على عدم ذكر أي معلومات يمكنها أن توصل إلى الرؤوس الكبيرة، وذلك لأن الشبكات الإجرامية تختار من يعمل معها من ذوي السوابق القضائية والمتمرسين في المجال.

عائدات مالية ضخمة
كشفت مصادر مطلعة أن الجهات التي تقف خلف دعم شبكات نهب الرمال بسيدي عبد السلام بجماعة أزلا ضواحي تطوان، تحقق عائدات مالية ضخمة عند بيع كميات الرمال المنهوبة، ما يدفعها إلى عدم الاستسلام والقيام بمناورة الاختفاء بشكل كامل عند تشديد المراقبة، واحتجاح السكان المتضررين، لكن سرعان ما تعود الأمور إلى سابق عهدها، بعد أسابيع.
واستنادا إلى المصادر نفسها، فإنه يشتبه في استعمال الأموال المحصلة من نهب الرمال في دعم سياسيين في حملاتهم الانتخابية، وذلك قصد ضمان الاستمرار في المنصب السياسي الذي يفتح المجال لتكوين علاقات متشعبة، ومحاولات الإفلات من العقاب القانوني بطرق ملتوية.
وأشارت المصادر ذاتها إلى أن كل من يزور منطقة سيدي عبد السلام بأزلا يلاحظ حجم الدمار الكارثي الذي تعرضت له البيئة من قبل شبكات نهب الرمال، حيث اتسعت دائرة المتاهات الرملية بمنطقة التلول، وسط استمرار احتجاج السكان المتضررين ومطالبتهم بوقف الظاهرة الخطيرة، وتوفير حلول بديلة للبطالة، وخلق التنمية، وتحريك عجلة الاقتصاد المحلي بالجماعة.
وذكر مصدر أن المصالح المسؤولة بوزارة التجهيز والنقل واللوجستيك والماء سبق تأكيدها على عدم الترخيص لأي مقلع للرمال بمنطقة أزلا، كما أن الأماكن التي تستهدفها شبكات نهب الرمال تدخل في خانة الملك الخاص، ويجري اتخاذ إجراءات قانونية لاستمرار ردع المخالفين وحماية البيئة، ومنع سرقة أو تسويق الرمال بطرق غير قانونية.
واستنادا إلى المصدر نفسه، فإن التحقيقات الخاصة بنهب الرمال بمنطقة أزلا يمكن أن تقود إلى الرؤوس الكبيرة خلال الأيام المقبلة، خاصة مع تأكيد مسؤولين برئاسة النيابة العامة على التنزيل الأمثل لربط المسؤولية بالمحاسبة، وكذا تعقب الأجهزة الاستخباراتية للمسار الذي تسلكه كميات الرمال، ومحاولة الكشف عن طرق التمويه، والجهات المستفيدة بشكل كبير من العمليات الإجرامية المذكورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى