شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

نهاية عصر «أزمة التأشيرات»

يونس جنوحي

خفت حدة النقاش المصاحب في العادة لأزمة التأشيرة الأوروبية «شينغن»، هذا الصيف، على الأقل مقارنة مع الصيف الماضي الذي عرف رقما قياسيا غير مسبوق في رفض ملفات المرشحين.

المغاربة بدؤوا يختارون وجهات بديلة، أبرزها تركيا ودول شرق آسيا. وأغلب هذه الوجهات تمنح المغاربة تأشيرات عند وصولهم إلى مطاراتها، أو تمكنهم من الحصول على تأشيرة إلكترونية، دون الحاجة إلى أي مكتب وسيط أو زيارة للسفارة، وبدون أي تعقيدات.

صيف العام الماضي، صُدم الآلاف ممن وضعوا ملفات طلب التأشيرة لدى شركات المناولة التي تتعامل مع سفارات دول أوروبية في الرباط، بعدم توصلهم بأي جواب من تلك الشركات. وهناك من بقيت ملفاتهم عالقة لأشهر، رغم أنهم أدلوا في ملفاتهم بنسخ من حجز تذاكر الطيران، لم تعد سارية المفعول، دون أن يتوصلوا لا بتأشيراتهم ولا بإشعارات رفض التأشيرة. وهذا يعني أن هذه السفارات في حالة منحتهم تأشيرات في الأيام اللاحقة، سوف يتعين عليهم إعادة حجز تذاكر الطيران والفنادق من جديد. وهناك سفارات، مثل سفارة البرتغال، فرضت على المرشحين الإدلاء في ملفاتهم بتذاكر طيران حقيقية مؤداة، وليس فقط حجزا عند الوكالات السياحية، وبقيت ملفاتهم عالقة إلى أن صارت التذاكر غير صالحة، ولم يعد بإمكان المرشحين إلغاؤها أو استعادة أموالهم من شركة الطيران، ثم فوجئوا بالسفارة تُطالبهم بوثائق إضافية لاستكمال ملفاتهم، مثل شواهد الضمان الاجتماعي أو كشف الحساب البنكي لأشهر معينة.

وبسبب خصوصية عملية طلب التأشيرة، وأحقية الدول في رفضها أو منحها، تضيع حقوق ملايين المرشحين عبر العالم، وليس في المغرب فقط.

سوق التأشيرات يضخ ملايين الدولارات في خزينات سفارات دول أوروبا، وتحتفظ السفارات بحق منح التأشيرة أو رفضها، دون أن يلزمها أي تعاقد مع المرشحين وفق بريم محدد.

لهذا السبب بدأ المغاربة يفكرون في وجهات بديلة، خصوصا وأن أزمة حجز المواعيد بلغت قمتها قبل أشهر، وباتت السفارات الأوروبية، خصوصا فرنسا وإسبانيا وألمانيا، تطلب من المرشحين إيداع ملفات طلبات التأشيرة السياحية القصيرة المدى، أشهرا قبل مواعيد سفرهم.

وبما أننا لم نسمع عن أزمة مواعيد التأشيرة هذا الصيف، فهذا يعني أن المغاربة قرروا التوجه إلى أماكن أخرى مثل «بالي» وجزر المالديف وبعض الدول التي تخفف شروط ولوج المغاربة إلى أراضيها، في آسيا الشرقية.

دولة مثل الهند، اقتنصت هذا التحول وفتحت خطا مباشرا بين الرباط و«دلهي»، وهذا يعني أن المغاربة الراغبين في الاستفادة من رحلات سياحية إلى الهند، لن يتعين عليهم قضاء ساعات طوال، تصل إلى 24 ساعة أحيانا، موزعين بين مطارات العالم في رحلات متواصلة للوصول إلى الهند.

الخط المباشر سوف يوفر نصف المدة على السياح، وقد يثير اهتمام الركاب القادمين من دول أمريكا اللاتينية أيضا. إذ كان عليهم في السابق اختيار رحلات نحو أوروبا ومنها إلى الإمارات ثم إلى الهند. بينما الآن، يكفي أن يصلوا إلى مطار محمد الخامس الدولي في رحلات مباشرة من بلدانهم، ومنه إلى الوجهة النهائية مباشرة.

هناك اتفاقيات طيران كثيرة غير مفعلة. مثل اتفاقيات التعاون الجوي والتبادل الثقافي والسياحي بين الدول الإفريقية، والدول العربية والإسلامية. وكلها اتفاقيات أُبرمت في أجواء الصفاء السياسي أو على هامش أشغال القمم العربية قبل أزيد من عقدين من الزمن، لكن لا أحد اهتم فعلا بتفعيلها. وكانت النتيجة أن مواطني الدول العربية والإسلامية تزاحموا أمام سفارات الدول الأوروبية، وكأنه لا توجد أي وجهة أخرى في العالم تستحق أن تُزار أو أن يبحث فيها «السائح» عن مستقبل أفضل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى