نهاية ديكارت مقتولا بالسم
بقلم: خالص جلبي
|
حرك تيودور إيبرت (أستاذ الفلسفة) من جامعة إيرلنجن، في كتابه «الموت الغامض للفيلسوف ديكارت»، الذي صدر مع خريف عام 2009م (دار النشر أليبري ALIBRI) من جديد موضوع نهاية الفيلسوف، على يد قسيس جاسوس أرسله الفاتيكان لإنقاذ السويد من هرطقة البروتستانت.. كما هو الحال مع خرافات التشيع والتسنن عندنا حاليا.. بعد أن كان قد أثار هذا الموضوع بمناسبة مرور 400 سنة على ولادة فيلسوف التنوير الفرنسي (رينيي ديكارت RENE DESCARTES) الصحافي والطبيب الألماني (آيكه بيس 54 عاما) عام 1996م. ويعتبر ديكارت أحد أعمدة التنوير في القرن السابع عشر، والذي اعتمد آليات الشك لتمحيص الحقيقة، وألقى في القارة الأوربية بذور النهضة العقلية. هز هذا التحقيق الأوساط الأكاديمية، حين قلب تصور نهاية الفيلسوف أنه ليس كما زعم أنه مات يومها من برد السويد بالتهاب رئوي؛ بل بالحري مسموما بجريمة مدبرة، تم ترتيبها بين مبعوث الفاتيكان الذي كان يقوم بمهمة إقناع ملكة السويد بترك المذهب البروتستاني والتحول إلى الكثلكة، وبين منافسين لديكارت داخل البلاط الملكي يعملون في حقل الفيلولوجيا (PHILOLOGY)(1). وهي تذكر بقصة حديثة نشرتها قناة «الديسكفري» العلمية عن طبيب أسنان سويدي، أماط اللثام عن الطريقة التي أنتهى بها نابليون مسموما أيضا بالزرنيخ، وعلى يد أقرب الناس إليه في جزيرة هيلانا، بعد أن نفحه خمسة ملايين فرنك! عرف ذلك يقينا أثناء نقل جثمان نابليون من المقبرة بعد 14 عاما، فكان كما هو وكأنه دفن البارحة، فظن القوم أنها معجزة للقديس نابليون، ولكن الطبيب السويدي ومن خلال بقايا خصلات شعر الجنرال عند محبيه، عرف أنه مات مسموما وبالتدريج بالزرنيخ مع جرعات الخمر. ولعل نهاية الإسكندر الذي مات شابا كانت قريبة من هذه الطريقة. ولكن الذي مات بالسم علنا كان سقراط، حين حكمت عليه ديموقراطية أثينا بتجرع سم الشوكران! ويقال عن تسميم أبي حنيفة والحسن بن علي والإمام العادل عمر بن عبد العزيز أنهم أنهوا حياتهم أيضا موتا بالسم غيلة.. ولد الفيلسوف ديكارت في (لاهي)، وهي بلدة صغيرة في منطقة (التورين TOURAINE) بفرنسا عام 1596م (2)، وفي عام 1650 م اختتمت حياته عندما أعلنت ملكة السويد (كريستينا CHRISTINE) نبأ وفاته بالتهاب رئوي حاد عن عمر يناهز 54 عاما. ترك ديكارت خلفه أثرا مزلزلا وما زال في مفاصل العقل الإنساني الجمعي؛ فديكارت يعتبر اليوم محطة عقلية لكل من يرتاد حقل الفلسفة، أو يريد التعرف على التحولات العقلية الكبرى فيها، وكل من جاء بعده ممارسا للفكر؛ لابد أن يتأثر بالطريقة التي طرحها بشكل أو بآخر، فيعتبر أهم ما كتب الفيلسوف سبينوزا من بقايا بصمات ديكارت عليه، فرسالته في (تحسين العقل) ينحو منحى ديكارت في كتاب «المقال على المنهج»، كما أن رسالته الهامة الثانية عندما أراد أن يفهم الأخلاق بشكل هندسي (الأخلاق مؤيدة بالبرهان الهندسي) هي من آثار ديكارت في فهم كل شيء في الكون بشكل ميكانيكي.
ما الذي أثار شبهة موت ديكارت مسموما بالزرنيخ؟ ما الذي قاد ديكارت إلى السويد ليلقى حتفه فيها؟ التفكير الصحيح).
|