نقطة سوداء
انضافت صفحة سوداء قاتمة إلى كتاب الرياضة المغربية، بعد الأحداث المأساوية التي شهدها، نهاية الأسبوع، ملعب مولاي عبد الله بالرباط بين جمهوري الجيش الملكي والمغرب الفاسي. لا أحد باستطاعته إيجاد تبرير لما وقع من اعتداء على رجال الأمن والأشخاص والممتلكات الخاصة والعامة. صحيح أن الأمية والجهل يضربان بجذورهما في المجتمع، وأكيد أن الاحتقان الاجتماعي يمكن أن يتطور إلى تنفيس رياضي، متفقون على أن المجتمع يعاني من قصور في التعليم والتشغيل والصحة، لكن هذه ليست مبررات لتسويغ العنف في مباراة لكرة القدم.
والمثير للاستغراب أنه مع كل حادث مأساوي تختفي جمعيات المشجعين ومؤسسات تدبير النوادي التي تتحمل مسؤولية مباشرة عن الانفلاتات التي يقوم بها من يدعي حبه للفريق، فالمشكل لا يكمن أساسا في إنشاء مجموعات للمشجعين يكون هدفها التأطير والتنشئة والوقوف باستمرار إلى جانب فرقها بالطرق الحضارية، بل في فهم الأهداف التي بعثت من أجلها. في ملاعبنا، إلا من رحم ربك، هناك فهم عدواني للتشجيع من قبل الأنصار، وفي كثير من الأحيان تندلع شرارة الإرهاب الرياضي دون أي موجب لذلك، بل تقع من جمهور وفريقه منتصر أو متأهل أو فائز بالبطولة.
صحيح أن التدبير الأمني للمقابلات يكون شبه استثنائي، خصوصا إذا تعلق الأمر بمباريات كبيرة، لكن تنامي ظاهرة العنف في الملاعب يعود في جزء منه إلى نوع من التساهل الأمني مع توجهات عدائية وعنيفة للإلتراس في تعامله مع بعضه أو مع الآخر، الأمر الذي أدى إلى تصاعد وتيرة أعمال الشغب بشكل كبير للغاية بسبب عدم الصرامة المطلوبة في التعامل مع هذه المجموعات التي أصبحت لا تمثّل فقط خطرا حقيقيا داخل الملاعب، بل تهديدا لهيبة الدولة ومؤسساتها الأمنية، خاصة وأن تلك الجحافل تضمّ عددا كبيرا للغاية من المشجعين، وأغلبهم لا تتجاوز أعمارهم 20 سنة.
في كل مقابلة سيتبين أن الحلول الترقيعية التي تتخذها السلطات من أجل تطويق إرهاب الملاعب والحد من أزمة العنف لم تحقق أي هدف كبير من أهدافها، فقد وضعت السلطات قانون محاربة العنف في الملاعب، وأصدرت المئات من القرارات الاحترازية وتم منع عدد كبير من المشاغبين من ارتياد الملاعب، وتعرضت الكثير من الجماهير وفرقها للعقوبات، بل إن الكثير من الأصوات دعت إلى حل هذه الإلتراسات رغم أنها غير قانونية أصلا، لكن العنف ظل قائما بل بدأت رقعته تتسع، ولولا حالة كوفيد 19 التي أقفلت الملاعب لكنا أمام حرب مدرجات تصعب السيطرة عليها.
لقد حان الوقت، قبل فوات الأوان، من أجل اتخاذ تدابير أكثر صرامة لتنقية الملاعب، والحل، في ذلك، يكمن في تطوير منظومتنا التعليمية ودفعها نحو إنتاج قاصرين أسوياء، ومساهمة الأسر في حماية أطفالها القاصرين واتخاذ المزيد من المجهود الأمني في تطوير أساليب المراقبة في الملاعب وحرمان كل متورط في أعمال العنف من ارتياد الفضاءات الرياضية، وحل كل الإلتراسات التي ثبت تورطها، والمتابعة القضائية للصفحات الفيسبوكية للمشجعين التي تلعب دورا تحريضيا من منصة العالم الافتراضي.