علمت «الأخبار» من مصادرها أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب يهدد بنسف الاتفاق الاجتماعي، من خلال رفضه تطبيق الزيادة الثانية في الحد الأدنى من الأجور المقررة في فاتح شتنبر المقبل، وذلك بسبب تماطل الحكومة في إخراج القانون التنظيمي للإضراب، والقانون المنظم للنقابات، بالإضافة إلى تعديل مدونة الشغل.
وسبق لرئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، شكيب لعلج، التصريح، عقب انتخابه لولاية ثانية، بأن الزيادة الثانية للحد الأدنى في الأجور من قبل المقاولات، مشروطة باحترام التزامات جاءت في اتفاق جولة الحوار الاجتماعي الموقع عليه بين الحكومة والاتحاد العام لمقاولات المغرب والنقابات في أبريل من العام الماضي، في إشارة إلى التزام أطراف الحوار بإخراج قانون النقابات وقانون الإضراب، وتعديل مدونة الشغل، في غضون السنة الجارية، لكن هذه النصوص القانونية لم يتم الإفراج عنها إلى حدود الآن. وأكد لعلج أن الاتحاد العام لمقاولات المغرب احترم التزاماته الواردة في اتفاق أبريل من العام الماضي، وينتظر وفاء باقي الأطراف بالتزاماتها.
وكانت الحكومة والنقابات عقدت جلسات مفاوضات اجتماعية توجت بالتوقيع على محضر اتفاق للفترة ما بين 2022 و2024. وضم هذا الاتفاق مجموعة من الالتزامات المتبادلة، منها، على وجه الخصوص، الرفع من الحد الأدنى للأجر بقطاعات الصناعة والتجارة والخدمات بنسبة 10 في المائة على سنتين، والتوحيد التدريجي للحد الأدنى القانوني للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، كما نص على رفع الأجر الأدنى بالقطاع العام إلى 3500 درهم صافية، ورفع قيمة التعويضات العائلية للأبناء الرابع والخامس والسادس في القطاعين العام والخاص.
وتم الشروع، ابتداء من فاتح شتنبر 2022، في تفعيل قرار الزيادة في الحد الأدنى للأجور بالقطاع الخاص، حيث صادق مجلس الحكومة على المرسوم رقم 2.22.606 بتحديد مبلغ الحد الأدنى القانوني للأجر في الصناعة والتجارة والمهن الحرة والفلاحة، قدمه يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات. ويتضمن هذا المرسوم مقتضيات قانونية تقر زيادة مبلغ الحد الأدنى القانوني للأجر عن ساعة الشغل في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة بنسبة 5% عن المبلغ الحالي، وذلك ابتداء من فاتح شتنبر 2022. كما يقر هذا المشروع زيادة مبلغ الحد الأدنى القانوني للأجر في القطاع الفلاحي بنسبة 10% عن المبلغ الحالي، ابتداء من فاتح شتنبر 2022.
وتوصلت الحكومة والنقابات إلى الاتفاق على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة المواضيع الاجتماعية، وفق الجدولة الزمنية المبرمجة في اتفاق 30 أبريل 2022، تهم بالخصوص مراجعة نظام الضريبة على الدخل، وإصلاح أنظمة التقاعد، وإعادة النظر في مدونة الشغل، وإخراج القانون المنظم للإضراب، وقانون النقابات، بالإضافة إلى وضع تصور مشترك لإرساء المرصد الوطني للحوار الاجتماعي وأكاديمية التكوين في مجال الشغل والتشغيل والمناخ الاجتماعي، باعتبارها آليات مواكبة لمأسسة الحوار الاجتماعي.
ومن جهتها، تطالب المركزيات النقابية الحكومة بتسريع أجرأة التزاماتها المتضمنة في مخرجات الحوار الاجتماعي لـ 30 أبريل 2022. وأكد فريق الاتحاد المغربي للشغل بمجلس المستشارين أن «اتفاق 30 أبريل الماضي تضمن العديد من الالتزامات التي ستنصف فئات عديدة طالها الحيف والتهميش، والتي يجب تفعيلها في الآجال المحددة. والقطع مع تجارب عدم الوفاء بالالتزامات على غرار اتفاق 26 أبريل2011»، الذي وقعته حكومة بنكيران السابقة. وأشار الفريق، في إحدى الجلسات البرلمانية، إلى أن الحكومة مطالبة بفرض احترام الرفع من الحد الأدنى للأجور الى جانب التأمين الإجباري عن المرض ومراقبة تطبيق هذه الالتزامات، مضيفا أنها مطالبة أيضا بالتسريع بإصدار النصوص المتعلقة بأجرأة التزامها بتوحيد الحد الأدنى القانوني للأجر بين قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة والقطاع الفلاحي، الذي طالما ظل مطلبا ملحا في المذكرات المطلبية للاتحاد المغربي للشغل.
وفي هذا السياق، كشف مصدر نقابي حضر اجتماع النقابات والحكومة أن الأخيرة أبدت تجاوبا مع المطالب النقابية بسحب الصيغة الحالية لمشروعي قانوني الإضراب والنقابات، وهي القوانين التي ترى النقابات أنها «معيبة». وأشار المصدر، في اتصال هاتفي مع «الأخبار»، إلى أن الأطراف الاجتماعية اتفقت على مواصلة التباحث حول الملفات الأساسية بما فيها الحقوق النقابية وتحسين الأجر، عبر الزيادة العامة في الأجور، وغيرها وفق نظام اللجان الموضوعاتية.