شوف تشوف

الرأي

نشر أسماء النصابين واللصوص

عبد الستار قاسم

يتسبب النصابون واللصوص في ضياع الثقة ببن الناس، وتتحول العلاقات الاجتماعية إلى شك متبادل بدل ثقة متبادلة. وعندما تهتز الثقة بين الناس، يصبح من الصعب تحقيق فضيلة العمل الجماعي والتعاون المتبادل. عندما تزول الثقة، تهتز أركان المجتمع ويضعف. وفي حالنا نحن الشعب الفلسطيني، نحن بحاجة ماسة إلى العمل الجماعي، بسبب التحديات الكبيرة والمزمنة التي نواجهها. لن نتمكن أبدا من العمل معا، إن لم نكن على وئام ومحبة وتقدير للمصير المشترك.
النصابون واللصوص يقضون على العمل الاقتصادي والاستثماري المشترك، وهذا من شأنه أن يهدم الاقتصاد الوطني. معروف أن الاستثمار من أجل تحسين الظروف الاقتصادية للناس حيوي جدا، وإذا كان الناس يعجزون عن جمع الأموال وتشكيل فرق استثمارية فإن الاقتصاد سيتضرر، وترتفع قدرات الأعداء على تحجيمنا اقتصاديا وتمكينهم من رقابنا. أي إن النصب واللصوصية ليسا مجرد جريمة مدنية، وإنما هما جريمة وطنية أيضا وخيانة عظمى تدعم محاولات الأعداء لسرقة قدراتنا وضرب إمكانات التقدم والنهوض. ومن المفروض التعامل مع هؤلاء بقسوة وعنف، حتى يكون في قصاصهم عبرة للآخرين.
النصابون واللصوص يمزقون عرى المجتمع، ويولدون الكراهية والبغضاء والأحقاد، ويصنعون الفتن بين الناس. وإذا تمزق المجتمع، فإن أفرادا متخاصمين لا يتمكنون من إقامة دولة أو تطوير علاقات اجتماعية توفر الأمن والطمأنينة للناس. في ظل النصب واللصوصية ينظر الأفراد بعضهم نحو بعض على أنهم حيوانات شرسة، وكل واحد يحاول أن ينهش من الجسد العام بطريقته الخاصة.
النصابون واللصوص على قدر كبير من الخطورة، لكنهم يتغطون بالقوانين الفلسطينية، التي توفر لهم الكثير من الأمن والحماية. تاريخيا، اللصوص والذين ينتمون في الغالب إلى فئة الأقوياء، هم الذين يضعون القانون. وهم لا يضعون قانونا يضعهم تحت طائلة المسؤولية أو الفضيحة، وبالتالي يفصلون القانون بطريقة يبقون معها أصحاب سطوة ويخشاهم الناس. في فلسطين، لا يجوز نشر أسماء النصابين واللصوص، على اعتبار أن ذلك تشهير. وبهذا يطمئن اللص لأن الفضيحة في بلادنا أشد من السجن. هو يسلم، ولا تتمكن عائلته وأقاربه وأصدقاؤه من ردعه. الفضيحة رادعة والمفروض أن يعرف الناس عنه، ليكون عبرة لغيره. لكن كما قلت سابقا، إذا كان النشر سيحصل فإن الذين يضعون القانون سيصبحون هم وسرقاتهم أحاديث الناس على مدى طويل من الزمن. وعادة النصابون أصدقاء المسؤولين. النصاب يريد حماية، والمسؤول يريد مالا.
وبسبب متابعتي للقوانين الفلسطينية والإجراءات التي يمكن اتخاذها في مواجهة النصابين، وعلى رأسهم نصاب بيت أولا الذي نصب علي، من المفروض أن نقيم نصبا تذكارية للنصابين وصروحا تتحدث عن تاريخهم في الكفاح ضد الصهاينة وخدمة القضية الفلسطينية. يجب تكريم هؤلاء الناس، ومن المفروض تخصيص مواد مدرسية لتعليم أبنائنا حول إنجازاتهم العظيمة وقدراتهم الخارقة في النصب والاحتيال.
ويلاحظ المرء أن العديد من القوانين المعمول بها في المحاكم، مثل قانون الجرائم الإلكترونية غير قانونية وغير شرعية، لأنها صادرة عن رئيس السلطة الفلسطينية غير الشرعي، وكل ما يصدر عن غير الشرعي غير شرعي. والخلل يبقى في القضاة والمحامين، الذين يتعاملون مع قرارات بقوانين على أنها قوانين. والمحكمة الدستورية تتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية والفوضى القانونية التي تعم البلاد. المحكمة تعي جيدا أن قوانين عباس ليست قوانين ولا تتميز بأي صبغة شرعية على الإطلاق، لكنها تعمل بها. هذا خلل كبير في التاريخ الفلسطيني، وسيذكر التاريخ لنا عدم قدرتنا وعدم رغبتنا في تنظيم النواحي القانونية في مجتمعنا بشكل مهني وعلى أسس علمية. نحن تحت احتلال، ونحن بأشد الحاجة إلى الالتزام بالمعايير المهنية والعلمية والقانونية، لكن إذا كان رب البيت للطبل ضاربا، فشيمة أهل البيت كلهم الرقص.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى