إعداد: محمد اليوبي – تاقي الدين التاجي
منذ تولي الملك محمد السادس العرش، أعطى مكانة متميزة للنساء، من خلال تمكينهن من الوصول إلى مراكز القرار السياسي والاقتصادي والإداري، بتعيين شخصيات نسائية على رأس مؤسسات عمومية ودستورية ظلت حكرا على الرجال منذ سنوات. وتأتي هذه التعيينات بعدما وضع الملك قضية ضمان حقوق المرأة ضمن أوليات الإصلاحات المؤسسية في المغرب، وهو ما أكد عليه في خطبه الداعية إلى تعزيز دور المرأة المغربية وإشراكها، وتمكيها من الوصول إلى مناصب صنع القرار. وفي هذا الإطار يأتي تعيين زينب العدوي، بمنصب الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، وقبلها أمينة بوعياش، رئيسة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ولطيفة أخرباش، رئيسة للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وحبيبة لقلالش، مديرة للمكتب الوطني للمطارات، وغيرهن من النساء اللواتي يتواجدن اليوم في مراكز صنع القرار.
زينب العدوي.. ابتسامة هادئة تخفي وراءها شخصية صارمة
بقسمات وجه بشوش، وابتسامة هادئة، تخفي وراءها شخصية صارمة، تكشف زينب العدوي عن سيدة سلطة من الطراز العالي. بعدما عينت أول والية في تاريخ المغرب، عين الملك محمد السادس ابنة الجديدة لتكون أول رئيسة للمجلس الأعلى للحسابات، ليصبح بذلك لقب «الأولى» ملازما لها في محطات مسارها، بعدما سبق لها أن كانت أول امرأة مغربية تتقلد منصب قاضية بالمجلس سنة 1984، كما شغلت منصب رئيسة للمجلس الجهوي للحسابات بالرباط سنة 2004، وعينت من قبل الملك عضوا في اللجنة الاستشارية للجهوية.
زينب العدوي، كفاءة وخبرة، والتزام، وعلو كعب، في كل المهام التي أوكلت إليها، بتجربة طويلة، في مجال مراقبة المالية العمومية والتدبير والتدقيق، فهي حاصلة على دبلوم الدراسات العليا في العلوم الاقتصادية، تخصص الاقتصاد العام، إلى جانب حصولها على شهادة «المراقبة المندمجة» من مكتب مصالح التدقيق الكندي، وشهادة البرنامج الأمريكي للزوار الدوليين «النساء الرئدات في ميدان الاقتصاد والأعمال».
وتنحدر الرئيسة الجديدة للمجلس الأعلى للحسابات، من أسرة محافظة، وهي سادس إخوتها، واستطاعت حفظ القرآن في سن مبكرة، على يدي والدها الفقيه العدوي، العلامة والمحدث المعروف، الذي كان يشغل منصب مدير المعهد الإسلامي بالجديدة.
زينب العدوي متزوجة و أم لولدين هما المهدي وعبدالمنعم، وهي أيضا شقيقة الإعلامي، ومقدم الأخبار بالقناة الأولى سابقا، عبد الرحمن العدوي.
ويحكي البعض ممن اشتغلوا، تحت إمرتها، في المهام والمناصب التي سبق لها توليها، أن أكثر ما تمقته زينب هو التقاعس والمماطلة في أداء العمل، ولذلك فهي على استعداد دائم، للضرب بيد من حديد، على كل من ثبت في حقه تقصير من أي نوع كان، فما بالك بمن قد يكون محط شبهة فساد. ولاشك أن الفاسدين الآن، قد وضعوا أيديهم على قلوبهم، بمجيء امرأة لا تعرف التساهل، ولا تلومها لوم لائم، في أداء عملها، بما يمليه عليها ضميرها وواجبها الوطني.
زينب العدوي، كفاءة وخبرة، والتزام، وعلو كعب، في كل المهام التي أوكلت إليها، بتجربة طويلة، في مجال مراقبة المالية العمومية والتدبير والتدقيق.
لطيفة أخرباش.. إعلامية ودبلوماسية تجيد فك المعادلات الصعبة
يعرفها البعض كدبلوماسية وحسب، ولم يدركوا انخراطها في مجال الصحافة والكتابة، منذ الثمانينات ولم يتجاوز عمرها آنذاك الواحدة والعشرين. لها ميولات أدبية، برغم عشقها للعلوم وحصولها على باكالوريا في شعبة الرياضيات سنة 1978. وربما هذا هو السر، الكامن وراء نجاحها في فك شيفرة جميع المعادلات الصعبة، ونجاحها في المزاوجة بين الأدب والعلوم من جهة، وبين الدبلوماسية والصحافة وشغف الكتابة من جهة أخرى.
لطيفة أخرباش، التي عينها الملك محمد السادس سنة 2018، على رأس الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري «الهاكا»، رأت النور في مدينة تطوان، وهي حاصلة على درجة الماجستير في تخصص الصحافة، من المعهد العالي في مدينة الرباط، ودرجة الدكتوراة من جامعة باريس الثانية في تخصص علوم الإعلام والاتصال.
شغلت منصب سفيرة للمغرب في عدد من الدول، كتونس وبلغاريا، وهي سفيرة أيضا لقضايا النساء، من خلال كتاباتها ومؤلفاتها، التي منها: كتاب النساء والسياسة، وكتاب النساء ووسائل الإعلام. فكانت مثل المحارب الذي يشهر سيفه في وجه كل من سولت له نفسه الإساءة لصورة المرأة عموما، والمغربية منها على وجه الخصوص، وتحديدا صورتها في الإعلام.
حظيت أخرباش بشعبية كبيرة، وسط طلابها، خلال مرورها بالمعهد العالي للصحافة والإعلام، وأغلب الذين تتلمذوا على يديها، ما زالوا يستحضرون شخصيتها الكاريزمية المتفردة، ويشيدون بحسها التواصلي العالي، وهي الشهادات التي تعتبرها أخرباش بمثابة وسام، لا يقل قيمة عن باقي الأوسمة الأخرى، التي نالتها، بدء بوسام جوقة الشرف الفرنسي من درجة فارس، لدى تقلدها منصب كاتبة الدولة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون في حكومة عباس الفاسي، إضافة الى وسام الاستحقاق من درجة فارس مادارا من الدرجة الأولى، قلدها إياه الرئيس البلغاري، بمناسبة انتهاء مهمتها الدبلوماسية.
حظيت أخرباش بشعبية كبيرة، وسط طلابها، خلال مرورها بالمعهد العالي للصحافة والإعلام، وأغلب الذين تتلمذوا على يديها، ما زالوا يستحضرون شخصيتها الكاريزمية المتفردة.
أمينة بوعياش .. يسارية على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان
أمينة بوعياش على رأس المجلس الوطني لحقوق الإنسان. لم يكن الخبر مفاجئا، للمناضلين والعاملين في مجال حقوق الإنسان، فبوعياش ليست اسما غريبا على البيت الحقوقي، وهي التي عرفت بمساندتها لعائلات المعتقلين السياسيين، إبان سنوات السبعينات في المغرب، وترأست المنظمة المغربية لحقوق الانسان كأول امرأة تشغل هذا المنصب.
بوعياش الريفية الأصل، التطوانية المنشأ، وإلى جانب الخصال المشهود لها بها، كقوة الشخصية، وامتلاكها قدرة هائلة على الإنصات للآخرين، والنظر بعمق إلى الأحداث والمجريات، وعدم التسرع في إبداء الآراء، وإصدار الأحكام، تمتلك تكوينا أكاديميا عاليا، وحاصلة على دبلوم عالي في الاقتصاد السياسي، وكذا درجة الماجستير في علم الاقتصاد من جامعة محمد الخامس في الرباط.
ولم يكن من باب الصدفة، تعيينها سفيرة للمغرب في مملكة السويد، وقد اختيرت لهذه المهمة، للخبرات التي راكمتها على مدى سنوات، في مجال الترافع، سواء لدى اشتغالها، مع الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي، و أيضا المنتدى الأورو- متوسطي، ما أهلها للنجاح بجدارة، في التعريف بالجهود التي بذلها المغرب في مجال الدفاع والنهوض بحقوق الإنسان، ودحض أكاذيب الخصوم، ولعبت دورا كبيرا في تغيير الموقف المناوئ للسويد من القضية الوطنية، لتحظى بتوديع شخصي من العاهل السويدي الملك كارل غوستاف السادس عشر، لدى انتهاء مهامها كسفيرة بهذا البلد الاسكندنافي.
بوعياش توجد اليوم، على رأس مؤسسة دستورية أخرى، المجلس الوطني لحقوق الإنسان، مهمة ليست سهلة، لكن من عاشر أمينة عن قرب، يؤمن جيدا بأن هاته المناضلة اليسارية الشرسة، قادرة على خلق دينامية واسعة، وإحداث تغييرات جذرية، داخل هاته المؤسسة الوطنية، وهو ما نجحت فيه إلى حد الساعة، من خلال مواقفها وتفاعلاتها المتوازنة مع مختلف القضايا الحقوقية التي تعرفها الساحة المغربية.
وتعتبر أمينة بوعياش من النساء المغربيات، اللواتي راكمن تجربة حقوقية وتدبيرية للشأن العام، كما شكلت عنصراً أساسياً بصيغة المؤنث، داخل اللجنة الاستشارية لتعديل الدستور المغربي لسنة 2011.
من عاشر أمينة عن قرب يؤمن جيدا بأن هاته المناضلة اليسارية الشرسة، قادرة على خلق دينامية واسعة، وإحداث تغييرات جذرية، داخل هاته المؤسسة الوطنية.
حبيبة لقلالش تقود المكتب الوطني للمطارات
بعدما ظل المنصب حكرا على المسؤولين الرجال، عين الملك محمد السادس، في اجتماع المجلس الوزاري المنعقد بالقصر الملكي بفاس، يوم 11 فبراير الماضي، حبيبة القلالش، في منصب المديرة العامة الجديدة للمكتب الوطني للمطارات، خلفا لزهير العوفير.
وتقلدت لقلالش عدة مناصب للمسؤولية بالعديد من القطاعات، بعدما تخرجت من مدرسة البوليتكنيك والمدرسة الوطنية العليا للمواصلات السلكية واللاسلكية في باريس، حيث بدأت مسارها المهني في مجال التسويق لفائدة مقاولات كبرى متخصصة في إنتاج سلع واسعة الاستهلاك.
واشتغلت لقلالش في شركة Procter & Gamble سنة 1995 ، وبعدها انتقلت إلى شركة «ميديتيل» ، خلال سنة 2002، لتكمل مسيرتها المهنية في شركة الخطوط الملكية الجوية، حيث شغلت العديد من مناصب المسؤولية في الشؤون المالية والمبيعات والشؤون القانونية قبل أن تتولى منصب نائبة المدير العام للشركة منذ سنة 2019، وقبلها شغلت منصب مدير التدقيق والتنظيم سنة 2006، بعدها شغلت منصب نائبة للمدير العام للشؤون المالية والدعم سنة 2010، وفي سنة 2012 تحملت لقلالش، مسؤولية التمويل والدعم داخل شركة «لارام»، وكانت مشرفة على الرقابة الإدارية والتنظيم والمشتريات ونظام المعلومات والقسم القانوني والتأمين، وبعدها عهد لها بإدارة القطب التجاري لشركة «لارام» سنة 2014 .
وفي حفل تنصيبها، الذي ترأسته وزيرة السياحة والصناعة التقليدية والنقل الجوي، نادية فتاح العلوي، أكدت المسؤولة الحكومية التزام جميع مكونات الوزارة بدعم المكتب الوطني للمطارات، والعمل سويا من أجل تحسين جودة الخدمات في المطارات، وبذلك وضعت على عاتق المديرة الجديدة مهمة جسيمة، تتجلى في النهوض وتطوير وضعية المطارات المغربية، التي تعتبر بمثابة واجهة تعكس صورة البلاد.
كما أن المديرة الجديدة، وبحكم تجربتها المهنية الطويلة بشركة الخطوط الملكية المغربية تنتظرها مهمة استكمال المشاريع المرتبطة بتوسيع المطارات، خاصة المشاريع التي عرفت اختلالات وتعثرا، بالإضافة إلى وضع مخططات واضحة لتدبير المشاريع الاستثمارية التي ترصد لها الملايير سنويا، وهناك بعض المطارات استفادت من استثمارات ضخمة دون تخطيط مسبق، وكذلك وضع نظام قيادة لتتبع المشاريع التي تم التخطيط لها على مستوى المخطط المديري.
وضعت على عاتق المديرة الجديدة مهمة جسيمة، تتجلى في النهوض وتطوير وضعية المطارات المغربية، التي تعتبر بمثابة واجهة تعكس صورة البلاد.
نزهة حيات.. دركية البورصة المغربية
تصنف مجلة «فوربيس»، المغربية، نزهة حيات، ضمن أقوى النساء العربيات، حيث احتلت المرتبة الثامنة، خلال هذه السنة، وذلك راجع للدور الذي تقوم به على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، كما يأتي تتويجا لمسارها المهني الحافل، حيث تتولى شؤون واحدة من أهم المؤسسات المالية، ويتعلق الأمر بمنصب المديرة العامة للهيئة المغربية لسوق الرساميل.
ولدت نزهة حيات في مدينة الدار البيضاء، سنة 1963، اختارت أن تستكمل دراستها بعد الانتهاء من مرحلة البكالوريا في باريس. في البعثة الدراسية بفرنسا، درست حياة في المدرسة العليا للعلوم الاقتصادية والتجارية ESSEC، وحصلت على درجة الماجيستير في إدارة الأعمال، سنة 1989، وبعد أن اجتازت سنواتها الدراسية بنجاح، شرعت في بدء مسارها المهني، وانتقلت إلى مدريد بإسبانيا، وعملت في مجالات البنوك، وشركات المال والقطاع المصرفي، واستطاعت على مدار 7 سنوات أن تكتسب خبرة واسعة في هذا المجال.
وعادت نزهة حياة إلى المغرب في منتصف التسعينات، ليبدأ فصل جديد في مسيرتها المهنية، بعد أن تمكنت من إثبات قدراتها الإدارية في تولي عدد من الشركات بمدريد، وقامت بالعمل في بنك «سوسيتيه جنرال» بالدار البيضاء، في الوقت الذي كانت أسواق الاستثمار في المغرب تنهض وتسعى للانتعاش، ظلت تترقى المناصب في البنك، وأصبحت المدير التنفيذي لعدد من الفروع، ثم رئيس مجلس الإدارة في الفترة من 2013 إلى 2016، وحصلت على عضوية مجلس إدارة الشركة العامة في المغرب عام 2007، لتكون أول سيدة مغربية ترتقي إلى هذا المنصب في قطاع البنوك، كما تولت رئاسة الخدمات المصرفية الخاصة والمؤسساتية، وأصبحت عضوا في مجلس إدارة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، كما كانت عضوة في إدارة بورصة الدار البيضاء، حتى تولت إدارتها بنفسها منذ عام 1996.
وتشغل حيات منصب رئيسة مجلس الإدارة والمديرة العامة للهيئة المغربية لسوق الرساميل منذ 2016، وهي الجهة المسؤولة عن أسواق رأس المال غير المصرفية، مثل البورصة وشركات تداول الأوراق المالية، فيما انتخبت نزهة حيات لرئاسة اللجنة الإقليمية لإفريقيا والشرق الأوسط (AMERC) التابعة للمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية (IOSCO) عن الفترة 2020- 2022. وبوصفها مدافعة عن حقوق المرأة، تعد إحدى الأعضاء المؤسسين ورئيسة نادي (CFA Maroc) لسيدات الأعمال في المغرب، وهي منظمة غير هادفة للربح، تعمل على تعزيز مشاركة المرأة في مجالس إدارات المؤسسات والشركات العامة والخاصة.
حصلت على عضوية مجلس إدارة الشركة العامة في المغرب عام 2007، لتكون أول سيدة مغربية ترتقي إلى هذا المنصب في قطاع البنوك.
لبنى طريشة.. مهندسة على رأس مكتب التكوين المهني
بعدما شغلت بالنيابة منصب مديرة مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل منذ إعفاء الملك للعربي بن الشيخ عقب الاختلالات التي شهدها برنامج «الحسيمة منارة المتوسط»، عين الملك يوم 20 غشت 2018 لبنى طريشة مديرة جديدة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي.
وتنحدر لبنى طريشة من مدينة تاونات، وهي خريجة المدرسة المحمدية للمهندسين بمدينة الرباط، حيث اشتغلت في سنة 2008، بمديرية التطوير الصناعي بمجمع المكتب الشريف للفوسفاط، وسرعان ما تألقت في عملها بفضل كفاءتها وتم ترقيتها وتكليفها بمهام سنة 2014 لدى الرئيس المدير العام لهذه المؤسسة العمومية الاستراتيجية، وفي شهر شتنبر 2017 عينت كاتبة عامة لمكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، قبل أن يتم تكليفها بإدارة المكتب بالنيابة، و تعيينها رسميا مديرة للمكتب.
ومنذ تعيينها، قامت بإدخال تغييرات مهمة على هيكلة المكتب، من خلال ضخ كفاءات ودماء جديدة داخل المصالح المركزية والجهوية للمكتب، لتكون قادرة على تنزيل استراتيجية قطاع التكوين المهني المستمدة من توجيهات الملك، التي تبلورت في شكل خارطة طريق لتطوير القطاع وإحداث «مدن المهن والكفاءات» في كل جهة، قدمت بين يدي الملك محمد السادس، باعتبارها ورشا استراتيجيا تبلغ كلفته الإجمالية 3,6 ملايير درهم، جاء لتعزيز البعد الترابي في إطار النموذج التنموي المنشود، ويساهم في إغناء الرأسمال البشري لتحقيق التنمية الشاملة.