نساء السلطة بروفايلات لقائدات صنعت حالة الطوارئ نجوميتهن
حورية وفاطمة الزهراء وفاتن وخولة وإكرام وسميرة وليلى وصفية.. آليات ناعمة لتنفيذ طوارئ صارمة
حسن البصري
بعد طول انتظار تم «تأنيث» جهاز السلطة، وأصبح المغاربة أمام مشهد سلطوي جديد تؤثثه نساء السلطة. كان الفوج الـ47 تاريخيا في مسار المعهد الملكي للإدارة الترابية، فقد كان من بين الخريجين 19 قائدة، حينها تبين للحاضرين وللرأي العام أننا أمام مفهوم جديد للسلطة، ولو على مستوى الشكل بعد تأنيث قطاع ظل لسنوات بعيدا عن زحف الجنس اللطيف.
اعتقد الجميع أن وزارة الداخلية ستسند إلى الخريجات مهاما جانبية بعيدا عن الواجهة، حتى يستأنسن أولا بالسلطة على الميدان، لكن ما أن تسلمن تعييناتهن حتى تبين عكس ما ذهب إليه منجمو العمالات الذين يفكرون بعقليات ذكورية، إذ أسندت إلى الكثير منهن مناصب قيادية على رأس مقاطعات وملحقات إدارية.
اعتقد دعاة السلطة الذكورية أن تعيين قائدة لن يتحقق في الإدارة الترابية المغربية، إلا بعد تعيين عون سلطة من الجنس اللطيف، وتصبح الإدارة تدار من طرف الذكور والإناث على حد سواء، فتظهر المقدمة والشيخة وامرأة ضمن القوات المساعدة، وقس على ذلك من المناصب التي ما زالت حكرا على الذكور.
لكن نزول «القايدة» إلى الشارع غير المفاهيم، بل قلبها رأسا على عقب، ولم تعد السلطة مرادفا للخشونة والرجولة، رغم أن التعيينات الأولية اقتصرت على المناطق الحضرية، في إطار اندماج تدريجي داخل منظومة الإدارة الترابية، ولم يشكك أحد في أن المرأة هي فعلا نصف مجتمع السلطة أيضا.
من مزايا جائحة كورونا أنها كشفت عن الوجه الآخر لقائدات اقتصرت غاراتهن في السابق على تحرير الملك العمومي، الآن تبين أن المرأة اختارت أن تقف في الجبهة الأولى للحرب على الوباء الفتاك، إلى جانب الطبيبة والممرضة والشرطية والصحافية وكل النساء اللواتي لبين نداء الواجب، وكشفن عن الوجه الصارم في زمن المحنة.
في هذه الرحلة سنتوقف عند المعارك، التي تخوضها قائدات في معركة كورونا، وفي مضمار التعمير والحرب الناعمة على البناء العشوائي، ونزالات بلا هوادة من أجل تحرير الملك العمومي.
حورية.. «القايدة الكزاوية» التي جسدت سلطة القرب
تملك حورية قدرة تواصلية كبيرة، تمتلك قاموسا يجعل كلماتها تنفذ سريعا إلى أذن وعقل المتلقي، منذ أن اشتغلت كقائدة في مقاطعة حضرية بحي بيلفدير بالدار البيضاء، وهي تمارس عملها بطريقة لم يعهدها المواطنون في رجل سلطة ارتبط في الأذهان بلغة تخاطب قاسية ولا تقبل الرد.
ولأنها بيضاوية فقد لجأت في تواصلها مع المواطنين إلى لهجة سهلة الاختراق، بل إن أبناء الأحياء الشعبية للعاصمة الاقتصادية يجمعون على أن القائدة خبرت كلام العامة خاصة البيضاويين، لكنها جمعت بينه وبين خطاب يرقى إلى أعلى الدرجات، حين يتطلب منها الغوص في أعماق الفصول القانونية.
تابعت حورية تعليمها العالي في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء، وحين حصلت على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية والقانون الدستوري التحقت بالمعهد الملكي للإدارة الترابية، وحين تخرجت عينت قائدة بمنطقة بيلفدير بالدار البيضاء.
لكن أم المفارقات في مسار حورية المهني كانت في انتقالها من حي بورجوازي تقطنه طبقة اجتماعية معينة، إلى حي عزيب الدرعي بآسفي، والذي يضم أكثر من بؤرة صراع، خاصة الأسواق العشوائية. لكنها تمكنت بسرعة من الاندماج في المجتمع العبدي، الذي أنجب أشهر قائد في تاريخ المملكة، القايد سي عيسى.
وعلى الرغم من بنيتها الجسدية الضئيلة، إلا أن قدرتها على تدبير الأزمات جعلت منها عنوانا لسلطة بصيغة أخرى، حتى في معاركها لتحرير الملك العمومي من الباعة المتجولين ظلت وفية للتواصل السلس والحوار الذي يجعلها تنزل درجات في سلم النقاش، بل إن سلوكها جعل المواطن يغير نظرته للقائد ويعتبره عنصرا من عناصر التنمية، من خلال مقاربة سلطة القرب في إدارة الشأن المحلي.
أخرج وباء كورونا القائدة من جديد إلى الواجهة، بعد أن ظلت خرجاتها رفقة فيلقها تقتصر على معارك تحرير الملك العمومي، لكن هي الآن في مهمة أخرى تتطلب مضاعفة الجهد والابتعاد عن عمل المكتب، ما دفعها إلى قضاء الجزء الأكبر من يومها في أزقة ودروب نفوذها الترابي، فالطوارئ تحتاج إلى رجال ونساء قادرين على تنزيل هذا القرار بالحزم تارة، وباللين تارة أخرى.
في كل تدخلاتها تعمد حورية إلى استعمال قاموسها البسيط والمؤثر في الوقت نفسه، ومن أقوالها الشهيرة المتداولة على نطاق واسع في مختلف منصات التواصل الاجتماعي: «اللي عندها شي دري مجتهد تشدو، واللي عندها شي كسول تعطيه ليا نتولاه»، و«العالم كيموت ونتا كتكركر دخل لدارك»، «كتكركر على مزيناتك»، و«نقصو علي شوية من خيطي بيطي زيطي»، وقس على ذلك، لكنها لا تتردد في مخاطبة الناس بأسمائهم الخاصة وألقابهم، مع حثهم على الالتزام بالإجراءات الاحترازية التي أقرتها السلطات العمومية للتصدي لجائحة كورونا، ما جعلها تخلق لنفسها مكانا في قلوب كل المغاربة، إلا الذين انسحبوا مكرهين من ملك عمومي احتلوه قبل حلول كورونا.
فاطمة الزهراء.. قائدة اليوسفية تطلب من «شوافة» قراءة فنجان كورونا
عندما تخرجت فاطمة الزهراء شخماني من المعهد الملكي للإدارة الترابية عام 2014، رمت بها الأقدار إلى المنطقة الشرقية، وفي أول تعيين لها أصبحت رئيسة للملحقة الإدارية الحادية عشرة بوجدة. كانت فاطمة الزهراء تعلم أنها أمام اختبار عسير في تجربة بالعمق الشرقي للمملكة.
هي من مواليد سنة 1987 بالدار البيضاء، حاصلة على الماستر في العلاقات الاقتصادية الدولية، خريجة المعهد الملكي للإدارة الترابية الفوج 49، راهنت على القيادة وأصرت على تنفيذ سلطة القرب والتنمية في مدينة عانت الكثير من بعدها ومن وقف التهريب بينها وبين مدن الجزائر الحدودية. كانت القائدة البيضاوية مسلحة في مهمتها بما راكمته من دروس في العلاقات الاقتصادية الدولية.
بعد قضاء أربع سنوات في مهمتها بوجدة، انتقلت في إطار حركة انتقالية إلى مدينة اليوسفية، كان ذلك صيف 2018، في يوم عرفت فيه «لويس جانتي» أعلى درجات الاختناق. كانت تعلم وهي تتلقى قرار تعيينها رئيسة لملحقة إدارية بباشوية اليوسفية، أن تجربتها مع الوالي امهيدية في وجدة تكفي لتخطي الصعاب في مدينة يزحف فيها الفقر على بطنه.
آمنت بالعمل الميداني، وتكبدت من أجل تحرير الملك العمومي خدوشا في هيبتها كممثلة للسلطة، لكنها ظلت حاضرة في منطقة نفوذها التي تضم بؤر توتر حقيقية، واجهتها بالتواصل السهل الممتنع وبالمزج بين الصرامة والليونة عند الضرورة الإنسانية.
في عملها اليومي أثناء حالة الاستثناء التي يشهدها العالم جراء تفشي وباء كورونا، تعرضت القائدة البيضاوية لكثير من الاستفزازات وصلت إلى حد الاعتداء عليها وهي تقوم بعملها، في حي خلف السكة الحديدية بالملحقة الإدارية الثالثة بمدينة اليوسفية، من طرف شاب استعمل قطعة زجاجية أصابتها في بطنها. وحسب مصدر من عين المكان، فقد كانت دورية من السلطات العمومية تترأسها القائدة نفسها مكونة من أفراد القوات المساعدة وأعوان السلطة، تقوم «بإخلاء الناس من الشارع العام لتطبيق توجيهات وقرارات الدولة، وفي الوقت ذاته توزيع وثيقة الخروج على عامة السكان لقضاء أغراضهم، للحد من انتشار وباء فيروس كورونا».
تم اعتقال الشاب من طرف عناصر الأمن بالمقاطعة نفسها، ولكن القائدة لم تخلد إلى الراحة الصحية، بل استمرت في عملها، حيث كانت تجوب شوارع المدينة وخاصة منطقة نفوذها الترابي، وتمزج الحزم بالسخرية أحيانا، خاصة حين طلبت من «شوافة» التزام بيتها وعدم الخروج إلى الشارع العام، أو قراءة فنجان كورونا للحد من انتشاره أو معرفة موعد اختفائه.
فاتن.. قائدة القنيطرة تسير على خطى العدوي
سرقت الأنظار في عاصمة سوس، حيث أبانت عن رغبة في تغيير الصورة النمطية التي يحفظها العقل، كانت فاتن تشغل منصب قائد رئيسة الملحقة الإدارية الأولى أكادير المحيط، وظلت على امتداد مسارها المهني حريصة على أن تكون نسخة طبق الأصل لزينب العدوي، علما أنها توجد في منطقة استراتيجية اعتبرت القلب النابض لأكادير.
عندما انتهت مهمتها طلب منها أن تحزم حقائبها وتستعد لمهمة جديدة، بعد أن تلقت تعيينا أخذها من واد سوس إلى واد سبو، شعر سكان تالبرجت بنوع من الحسرة، لما أسدته هذه السيدة الإدارية من جليل الخدمات الإدارية للمواطنين، خاصة وأنها عرفت بتواصلها المستمر مع مكونات المجتمع المدني من جمعيات وهيئات مدنية، ما أكسبها حبا عميقا لهذه الفئة، بسبب تفاعلها مع الإشكاليات الأمنية والاجتماعية العالقة.
عندما حطت الرحال بالقنيطرة، تراقص أمام عينيها طيف العدوي التي كانت ذات يوم عاملة على القنيطرة، قبل أن تصبح والية على سوس ماسة، وينتهي بها المطاف مفتشة عامة لوزارة الداخلية. وفي حاضرة الغرب تحملت فاتن مسؤولية الإشراف على الملحقة الإدارية الثالثة عشرة، وشرعت في تنفيذ ما عجزت عنه في أكادير.
أثناء إعلان حالة الطوارئ بسبب تفشي وباء كورونا، ارتدت فاتن بذلتها الميدانية، وشرعت في التجوال بين الأزقة والشوارع محذرة من مغبة الاستهتار بهذه الجائحة، مصرة على التنفيذ الحرفي لضوابط الحجر الصحي. كانت فاتن البومسهولي تتوقف لتقدم شروحات لمن خرقوا الحجر بدون سوء نية، وتنبههم إلى خطورة الوضع، كما كانت تحرص على أن تظل الأسواق على إيقاعها العادي، وحسب كثير من المشاهد التي رافقت تحركاتها، فإن فاتن ظلت تتأكد مع كل خطوة برفقة مساعديها من مدى توفر المواطنين على تراخيص التنقل. علما أنها حفرت لنفسها مكانة وسط سكان الملحقة الإدارية الثالثة عشرة بالقنيطرة، حين كشفت عن قدرة كبيرة على مواجهة مخاطر تحرير الملك العمومي، قبل أن تعود إلى الواجهة في زمن الحجر الصحي، وتنال حصة كبيرة في مواقع التواصل الاجتماعي.
خولة.. أول قائدة في سلك السلطة بإقليم زاكورة
في يونيو 2018 كانت مدينة زاكورة على موعد مع حدث غير عادي في تاريخ الإدارة الترابية لإقليم زاكورة، حيث لفتت الأنظار امرأة خلال مراسيم تعيين رجال السلطة، ويتعلق الأمر بالشابة خولة أورير، الرباطية الأصول، والتي عهد إليها بالإشراف على تدبير شؤون المقاطعة الحضرية الأولى.
كانت خولة عائدة للتو من تجربة مهنية قادتها إلى إقليم الشاون، قبل أن تحملها رياح الحركة الانتقالية من مدينة باردة إلى منطقة ساخنة، ما فرض عليها التأقلم مع هذا التحول الذي يعد جزءا من مصاعب المهنة، خاصة حين يتعلق الأمر بـ«امرأة» سلطة.
قبل أن تلتحق بالمعهد الملكي، حصلت خولة على شهادة الماستر في علوم التسيير تخصص مالية من جامعة محمد الخامس أكدال الرباط، وعرفت بإقبالها على تعلم اللغات الأجنبية. انضمت إلى سلك رجال ونساء السلطة عبر بوابة المعهد الملكي للإدارة الترابية، منذ سنة 2012، وبدأت مشوارها المهني بعد سنتين من التكوين في باشوية شفشاون، قبل أن تنتقل إلى زاكورة، وهي متزوجة وأم لطفل صغير، لكن مهمتها فرضت عليها تأجيل العديد من التزاماتها المنزلية، سيما وأنها تضطر في كثير من الأحيان إلى الابتعاد عن بيتها لفترة طويلة، تتطلب من الزوج تفهم طبيعة مهنتها.
ومع شروع السلطات العمومية في تفعيل حالة الطوارئ الصحية في مدينة زاكورة، بزغ نجم القائدة أورير التي لفتت انتباه الرأي العام المحلي بصرامتها وأناقتها، رغم ظروف العمل الاستثنائية، وبفضل ترويج تدخلاتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت خولة نجمة بكل المواصفات.
لم تكتف بإجبار المواطنين على التقيد بنظام الحجر الصحي، ولم تلزم الباعة على احترام الملك العمومي وعدم الزحف عليه، بل تحولت إلى مرشدة صحية لا تتردد في تقديم النصح للسكان بصرامة ممزوجة بالمهنية، وشكلت إلى جانب مختلف الفصائل الأمنية والصحية فيلقا يجوب أزقة وشوارع المدينة، ويحرص على تطبيق الضوابط الاحترازية للوقاية من انتشار وباء كورونا المستجد.
لفتت تحركات خولة نظر السكان، خاصة حين يتعلق الأمر بمشهد غير معهود في زاكورة، حيث تمارس امرأة دور القائد الذي ارتبط في الأذهان بالصرامة، لكن القائدة آمنت بأن الكفاءة وحدها السبيل لإثبات الذات، لكنها أجادت تدبير الضغط التواصلي والذهني والمعنوي الذي يمارس على المسؤولين بسلك السلطات العمومية بمختلف رتبهم الإدارية والأمنية والوقائية، وأعلنت الحرب على التثاؤب متحملة كل أصناف وتبعات العياء والإرهاق، الذي يأخذ من جسدها مأخذا بسبب سباق المسافات، والتفكير في الإجابة ومعالجة راهن الأسئلة التي تعترضها، أثناء أداء واجبها الوطني، لمحاصرة وتطويق جائحة كورونا إلى جانب جنود الجبهات الأولى للوباء
إكرام.. «القايدة الشقراء» المثيرة للجدل في وجدة
قبل التحاقها بالمقاطعة الحالية داخل النفوذ الترابي لعمالة وجدة، التي تشرف عليها في وجدة، خاضت إكرام بن زروق تجربة سابقة في الملحقة الإدارية 14، كانت فرصة لاكتساب تجارب ميدانية بالنسبة إلى سيدة تشق أولى خطواتها في تضاريس السلطة الوعرة. كان حي لازاري بمدينة وجدة ميدانا خصبا لتجاربها، فقد عاشت كل أصناف القضايا، ووجدت نفسها في مواجهة مباشرة مع معاناة المواطنين وانفلات فئة منهم. خلال هذه التجربة الأولى لها في وجدة، واجهتها صعوبات حاولت تدبيرها بحزم.
خلال فترة توقفها الاضطراري في الباشوية، استمعت إكرام إلى نصائح من سبقها في تدبير الإدارة الترابية، وتأكدت أن الجرأة وحدها لا تكفي، بل استوعبت جيدا المفهوم الجديد للسلطة. لكن مع مرور الأيام أنصفها الزمن، واستعادت مكانتها القيادية في الإدارة الترابية.
أعادت حالة الطوارئ التي تعرفها بلادنا، إكرام إلى الواجهة، حين تعقبتها فلول المصورين وهي تجوب شوارع وأزقة نفوذها الترابي التابع للمقاطعة 18. حاولت قدر الإمكان التقرب من المواطنين، وأن تنبههم إلى مخاطر التمرد على قرارات السلطة، وتدعوهم إلى التقيد بالحجر وعدم مغادرة بيوتهم إلا عند الضرورة القصوى.
اختارت هذه القائدة مقاربة تشاركية في حملتها، حيث ضمت إليها فعاليات أخرى، ولم تكتف بطاقمها المكون غالبا من أفراد القوات المساعدة وأعوان السلطة، بل عززت خرجاتها بفعاليات جمعوية من قبيل رؤساء جمعيات أولياء التلاميذ، ومنظمات تشتغل في المجال الصحي والتوعية، ونشطاء جمعويين في مجال البيئة.
لكن خلال أحد تدخلاتها لزجر المخالفين للحجر الصحي، ركزت على سلامة التموين الغذائي، وحجزت أطنانا من المواد الفاسدة عبارة عن زيتون وحلويات كانت مخزنة هناك، في ظروف تنعدم فيها السلامة الصحية.
صفق المواطنون لجرأة القائدة التي أغلقت محلات الكثير من المضاربين، لكن ما أن طلبت من رجل تخفيض صوت الراديو، تصدى لها كثير من الناس على منصات التواصل الاجتماعي، مساندين رجلا خرق مبدأ الطوارئ وأصر على أن ينصت للذكر الحكيم ويملأ الفضاء به ليلا ونهارا. مبرر أسرة الرجل الذي طلبت منه القائدة الاستماع للقرآن بشكل انفرادي أو داخل بيته، كان مبعث استغراب، إذ اعتبر محاولة للتصدي لسحر قادم من الجيران.
سميرة.. من مصلحة جوازات السفر إلى حظر الخروج
منذ تخرجها من المعهد الملكي للإدارة الترابية بالقنيطرة (فوج 52)، حرصت سميرة اليحياوي على تسلق أدراج سلالم السلطة بهدوء، حيث عينت كقائدة بقسم الشؤون الداخلية بعمالة قلعة السراغنة، كان عبورها في هذا القسم فرصة للتزود بالخبرة الكافية، قبل الإقلاع نحو مناصب أخرى.
حين تم تعيينها في إطار الحركة الانتقالية لرجال ونساء السلطة، قائدة على المقاطعة الإدارية الثالثة بالمدينة ذاتها، تبين أن السيدة التي ظلت تشرف على مصلحة جوازات السفر التابعة لقسم الشؤون الداخلية، أضحت مطالبة بالرجوع إلى ما راكمته من دروس نظرية وتطبيقية في مجال تخصصها التخطيط السياحي، على اعتبار أنها حاصلة على ماستر في هذا المجال.
ونظرا لإيمانها بالدور الجديد لرجل وامرأة السلطة، ورغبتها في مغادرة منصب يأسرها في مكاتب العمالة إلى فضاء أرحب، فقد تجندت لهذا التحول وأصبحت أشهر من نار على علم، وهي تحاول قدر الإمكان إشراك محيطها.
قادت سميرة اليحياوي حملات عديدة في الأحياء السكنية وشوارع المقاطعة الإدارية الثالثة بقلعة السراغنة، حيث شوهدت وهي تدشن عملها الجديد بحملات توعوية، تشرح فيها جدوى الالتزام بضوابط الحجر المنزلي، واضعة مخططا يبدأ بشرح معنى الطوارئ في مراحل أولى وتنزيله ثانيا، قبل المرور إلى الزجر.
وعرفت حملة القائدة الجديدة والتي كانت مدعومة برجال الأمن الوطني، وأعوان السلطة المحلية وأفراد القوات المساعدة، تجاوبا كبيرا من طرف المواطنات والمواطنين، كما عرفت مراقبة الدراجات ثلاثية العجلات، والدراجات النارية، وحث راكبيها على احترام القانون.
ليلى.. اختصاص في تحرير الملك العمومي وفي الحجر أيضا
في يونيو 2018 حلت ليلى رمزي بمدينة سطات، وهي تحمل تعيينا في منصب سلطة كقائدة للملحقة الإدارية الثالثة. حملت ليلى تجربته الميدانية إلى عاصمة الشاوية، فهي من مواليد سنة 1977 بالرباط، حاصلة على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في العلوم السياسية والقانون الدستوري ودبلوم المعهد الملكي للإدارة الترابية، ولجت الإدارة سنة 2006، حيث عملت كقائدة رئيسة لملحقة إدارية بحي بدر-أنفا الدار البيضاء، وبعد فترة عينت رئيسة لملحقة إدارية بأنوال الدار البيضاء، ثم قائدة رئيسة لملحقة إدارية بعمالة الرباط، إلى أن تم تعيينها قائدة رئيسة للملحقة الإدارية الثالثة بمدينة سطات.
مباشرة بعد تعيينها أصبحت ليلى رمزي حديث سكان حي ميمونة بسطات، حين استمالت قلوبهم وهي تزيح عنهم اختناق الأزقة، التي كانت تحت رحمة الباعة المتجولين. حيث نظمت حملات منسقة لتحرير الملك العام، رفقة معاونيها من سلطات محلية وعناصر القوات المساعدة ورجال الأمن.
عادت ليلى إلى الواجهة، وهي تتقدم صفوف رجال السلطة وأعوانها في مهمة تنزيل الإجراءات الوقائية ذات الطابع الاحترازي المتخذة على الصعيد الوطني، بهدف الحد من آثار انتشار فيروس كورونا المستجد.
أظهرت ليلى شجاعة نادرة وهي تخترق فضاءات نادرا ما اقتحمها الأمن، وظلت تحت رحمة المسيطرين عليها، وفي العديد من الحملات التحسيسية الميدانية، التي همت مختلف أزقة الأحياء بمدينة سطات، تبين أنها تملك قدرة خارقة على الإقناع. بل إنها تلجأ إلى مكبر الصوت لتحث السكان على الالتزام بالمكوث في مساكنهم، وعدم الخروج منها إلا للضرورة.
نساء سلطة وضعن الأحياء تحت السيطرة
لكل مدينة قائدتها المغوارة التي أصبحت في زمن كورونا عنوانا للسلطة، حسناوات زادهن الزي الميداني حسنا وجمالا، بالرغم من الظرفية الصعبة التي رمت بهن في أكثر من بؤرة.
للحي المحمدي قائدته التي تدعى سمية، والتي وصفتها الصحافة بالحسناء الشجاعة، لما أبانت عنه من شجاعة كبيرة في مواجهة كل المخالفين لقواعد حالة الطوارئ الصحية، التي دخلها المغرب منذ 20 مارس الماضي، وصرامتها في القيام بواجبها، وفي الوقت نفسه تعاملها الحسن مع عموم سكان حيها، خاصة في منطقة كدرب مولاي الشريف. وفي مشهد مؤثر، ظهرت قائدة الحي المحمدي، وهي تقدم رفقة مساعديها الإعانة لمعوز كان مارا في أحد الشوارع الذي كانت توجد به.
وفي الجديدة تحولت القائدة فائزة إلى امرأة لا تنام، حتى في منتصف الليل لا ينتهي يوم عملها، تتحرك بلباسها العسكري الذي يوحي بأن الأمر جلل، ويتطلب حزما وصرامة في التعاطي مع مستجدات الحرب على الجائحة. تدون الملاحظات وتمسك الهواتف الناقلة لتجيب عن نداء من الجهة الأخرى، لكنها لا تقبل تحت أي مبرر كسر حالة الطوارئ الصحية.
وفي مدينة أزرو سرقت الشابة شيماء الأنظار بتدخلاتها، حتى أصبحت حاضرة بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي. عرفت بغزواتها ضد محتلي الملك العمومي، وقادت فيالق لاسترجاعه، قبل أن تدخل غمار الحجر الصحي.
قائدات يؤدين ثمن صرامتهن في تنفيذ القرارات
من أجل تنزيل قرارات السلطة ميدانيا، عانت الكثير من القائدات من هجمات جهات ظلت تنتفع من لامبالاة السلطة. يذكر أبناء حي سيدي عثمان القائدة أم كلثوم الأندلسي، القائدة السابقة بمقاطعة سيدي عثمان، وتحديدا بحي النور، التي تعرضت للجلد أثناء ممارسة مهامها، وقضت أياما في مصحة الضمان الاجتماعي بدرب غلف، فقط لأنها صادرت شخصا يمارس البناء العشوائي.
لم تكن القائدة السابقة للمقاطعة الأولى بالقصر الكبير، تعتقد أن نقاشا مع ابن حارس المقبرة اليهودية سيتحول إلى مشهد درامي، فقد فاجأ الفتى الجميع وشرع في سب وشتم القائدة بأرذل النعوت، ولم يكتف بذلك بل أشهر في وجهها سكينا، مفتخرا بانتمائه لفصيلة «المشرملين». أصل النزاع تقرير سري من مقدم حي بلعباس، يشير فيه إلى معاينة ميدانية لاحتلال للملك العمومي.
ذات يوم استيقظت جيهان، قائدة المضيق، على هول مفاجأة، حين تبين لها أن سيارة المصلحة الموضوعة رهن إشارتها قد تعرضت للسرقة، بالقرب من مقر سكناها بمنتجع «كابو نيغرو»، تفحصت السيارة واكتشفت حجم الخسائر التي تجاوزت حدود السرقة إلى تحطيم زجاجها وإتلاف محتوياتها، وقبل أن ينصرف الجناة قاموا بسرقة بعض الأغراض من داخل سيارة «الدولة».
أما قائدة مقاطعة إيسيل في مراكش، فقد هاجمها فجأة بائع متجول، وأشهر في وجهها سكينا من الحجم الكبير. ونظرا للحالة الهستيرية التي كان عليها البائع المتجول، فإن القائدة غادرت المكان، بعد رد الفعل العنيف المترتب عن حملة لتحرير الملك العمومي، يقول شهود عيان إن القائدة قامت بمنع البائع المتجول، قبل أن تظهر أسماء أخرى.