شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

نساء السحاب مغربيات صنعن نجوميتهن بالفضاء

رائدات فضاء فلكيات وطيارات ومتسلقات جبال

ظل الفضاء حكرا على الطيور والكواسر ثم الرجال، قبل أن تخترق النساء هذا المجال الجوي وتنهي احتكاره. نساء جريئات حققن إنجازات قياسية وساهمن في تطوير علم الطيران في بداية ظهوره، ودخلن عوالم الفلك وركبن الأهوال للصعود إلى أعلى القمم.

والحقيقة هي أن النساء بالذات ساهمن في اختراق هذا المجال الذكوري، وحققن أرقاما قياسية في بداياتهن الأولى، وفي بداية التحليق الجوي تنافسن مع المغامرين على تحقيق الأرقام القياسية وقطع المسافات الطويلة، دون أدنى مركب نقص.

العديد من المغربيات تخلصن من جاذبية الأرض وحلقن فوق السحاب أو بمحاذاة منه، وتمكن من الإسهام في تطوير علوم الطيران والرياضات المرتبطة بالمجال الجوي والفضاء بصفة عامة، كل من موقعها وفي مجال تخصصها، والقاسم المشترك بينهن هو دخول العالمية من أوسع أبوابها.

نفتخر كمغاربة بوجود مغربيات ضمن أشهر سيدات وكالة ناسا الفضائية، وفي أشهر شركات الطيران المدني وفي عالم الفلك وفي مجالات عديدة ذات ارتباط بالمجال الجوي، مع ما يتطلبه هذا الاقتحام من رصيد معرفي وإصرار على ركوب الأهوال.

يعتقد الكثيرون أن الحديث عن نساء السحاب المغربيات يحيل ضمنيا على هجرة الأدمغة، على اعتبار أن الاعتقاد السائد هو بحث هؤلاء النسوة عن بيئة تناسب طموحاتهن العلمية خارج بلادهن، وعن فرص النجاح العلمي التي تخول لهن حجز مقاعد في صفوف المحلقات في السماء. لكن هذا الطرح غير صحيح لأن العديد من الكفاءات النسوية صنعن مجدهن في التحليق الجوي من المغرب ولنا في ثريا الشاوي ونظيراتها خير مثال.

في الملف الأسبوعي لـ«الأخبار»، نسلط الضوء على بعض النماذج لنساء ركبن أهوال الفضاء، مع الاعتراف بوجود كفاءات نسائية تفضل التحليق بعيدا عن الأضواء.

 

حسن البصري

 

مريم شديد.. بنت درب الكبير دكتورة في النجوم والزلازل

ولدت العالمة الفلكية المغربية مريم شديد في درب الكبير، ومنه انطلقت لتصل إلى آخر نقطة في القطب المتجمد الجنوبي. ظهرت عليها مؤشرات النبوغ الدراسي مبكرا، ولاحظت والدتها مدى تعلقها بالنجوم حيث كانت تصر على التواجد في سطح بيت الأسرة وتراقب النجوم والنيازك حتى اعتقد والداها أن ابنتهما مشروع شاعرة للغزل العفيف.

ولدت مريم في عائلة بسيطة من أب وأم يناضلان من أجل تربية وإطعام سبعة أبناء (ثلاث بنات وأربعة أولاد)، كان الوالد يشتغل طيلة اليوم في ورشة الحدادة، بينما كانت والدتها ربة بيت تذكرها بأن دور الفتاة هو الزواج والإنجاب ولا شيء سواهما.

في مدرسة المزرعة بدأت مريم مشوار الألف ميل، ومنها انتقلت إلى إعدادية المنصور الذهبي ثم ثانوية جمال الدين المهياوي، لتلتحق بكلية العلوم في جامعة الحسن الثاني حيث درست الرياضيات قبل أن تغير الوجهة صوب الفيزياء، لأنها كانت مهووسة بعلم الفلك.

في شهر أكتوبر سنة 1992 سافرت مريم إلى فرنسا، وتحديدا إلى مدينة نيس، لاستكمال تعليمها في مجال الفلك الذي اختارته منذ طفولتها. في هذه المدينة السياحية كانت الطالبة تشتغل في أحد المطاعم لتوفير مصاريف الدراسة. وفي سنة 1996 حصلت على شهادة الدكتوراه في «النجوم والزلازل» بميزة الشرف، وهي أول دكتوراه تتم في مرصد وطني في فرنسا وأول مغربية تحصل على دكتوراه في علم الفلك.

في سنة 2001 تزوجت مريم من زميلها الدكتور جان فيرنن بعد أن أعلن إسلامه. تتذكر الفلكية المغربية جيدا هذا القرار قائلة «عندما تعرفت على جان قلت لابد أن أضع حقائبي في مكان ما وأستقر، وأكون أسرة لأني كنت أحب كثيرا الأطفال وأريد أن تكون لدي عائلة». تزوجت بجان في حفل بسيط وأنجبت ليلى وتيكو، واسم تيكو جاء باقتراح منها لأنها كانت معجبة بالعالم الفلكي تيكو براهي، الذي كان عالم القرن السابع عشر والذي بواسطة أبحاثه وأعماله المدققة في مراقبة النجوم في علم الفلك عرف هذا العلم تطورا هائلا.

استقرت مريم مع زوجها في مارسيليا واتفقا على اقتسام الأدوار، فحين تغيب الزوجة يسهر جان على تربية الأبناء، والعكس صحيح، لكن كلما اقترب موعد عودتها إلى بيتها بعد رحلة بحث طويلة تنتابها رغبة اللقاء بفلذات كبدها.

حين تعود مريم من رحلة خارجية تحرص على اقتناء كتب لابنتها ليلى الشغوفة بقراءة الكتب، لكنها تدس وسطها كتبا حول علم الفلك، «علم الفلك للصغير نسميه علم الفلك للصغار آخر مرة عثرت على كتاب كليلة ودمنة شيء جميل جدا كنت جد فرحة للعثور عليه لأنه عندما كنت صغيرة كنت أقرأ كثيرا كليلة ودمنة، وهو مفيد لابنتي ولي أيضا».

زارت مريم كل بقاع العالم، لكن شهيتها للسفر لا زالت مفتوحة، «سألني زميل لي ياباني الجنسية يعمل في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، قائلا: هناك بعثات للمريخ يا مريم هل تهمكِ؟ قلت له نعم إن كنت تريد سوف أمضي في الحين».

أسماء بوجيبار.. ريفية تشرف على أبحاث الفضائيين

تعتبر أسماء بوجيبار أول امرأة عربية وإفريقية تنضم لوكالة الفضاء الأمريكية «ناسا». حصلت على منصب في هذه المؤسسة إثر فوزها في مسابقة شارك فيها المئات من المهووسين بالمجال الجوي، في زمن لم تكن قدما أية عربية أو إفريقية وطأتا هذا المكان. 

بالرغم من أصولها الريفية، ولدت أسماء في مدينة الدار البيضاء، عام 1984، في بيت جمع بين العلوم والفن، فوالدها هو المهندس المغربي صلاح الدين بوجيبار ووالدتها هي الفنانة التشكيلية التونسية نبيلة بلغيث.   

نشأت أسماء وتلقت تعليمها الأساسي بالدار البيضاء قبل أن تسافر إلى فرنسا حيث تابعت دراستها الجامعية، واشتغلت في مختبر بمدينة «كليرمون فيران»، يعنى بالبحث في ظاهرة البراكين وحصلت على «الماجستير» من جامعة المدينة نفسها.

ناقشت أسماء أطروحة الدكتوراه في تكوين الكواكب وتمايز الكواكب حول موضوع: «التوازن الكيميائي بين الغلاف والنواة في سياق تشكل عينة من الكواكب»، وهو التخصص الذي أهلها للالتحاق بوكالة ناسا عن عمر يناهز الـ27 سنة، وتضاف التجربة الجديدة إلى سيرة الشابة الذاتية، الغنية بالشهادات العليا والتخصصات والأبحاث الميدانية.

تمكنت من الظفر بمنصب في وكالة الفضاء الأمريكية في نهاية عام 2014 بعد فوزها في مسابقة شارك فيها المئات، حيث التحقت بفريق عمل مركز “لندون بي جونسون” التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا بهيوستن في ولاية تكساس الأمريكية.

وشح جلالة الملك محمد السادس الريفية أسماء بوجيبار، أول مغربية تنضم لوكالة الفضاء ”ناسا” المختصة في علم الفضاء والبراكين، بوسام المكافأة الوطنية بدرجة فارس، وذلك بمناسبة الذكرى 16 لعيد العرش.

سلوى رشدان.. خريجة جامعة القاضي عياض خبيرة تغيرات مناخية

ولدت سلوى رشدان سنة 1986 في مدينة مراكش، وفي سنة 2003 حصلت على الإجازة من جامعة القاضي عياض، لكنها اختارت تعميق مداركها العلمية في الجامعة ذاتها، حيث حصلت في عام 2006 على الماجستير في البيئة وديناميكية التنوع البيولوجي، لتقوم بعد ذلك بالعديد من الأبحاث العلمية حول إمكانية تأقلم القطاع الفلاحي والأنظمة البيئية مع التغييرات المناخية.

لم تتوقف سلوى عند هذا الحد، بل حصلت على شهادة الدكتوراه في سن مبكر وأكملت أبحاثها في دراسة توافق البيئة مع التغيرات المناخية، و”ذلك عن طريق تشخيص مخاطرها وتحديد طرق التعامل معها، من أجل الوصول إلى استراتيجية كاملة وبرامج تنفيذية تسمح بوقف آثارها السلبية وإعداد البدائل الممكنة لحماية الطاقات الإنتاجية والاستفادة من السنوات الممطرة»، كما جاء في ديباجة بحثها.  

ورغبة منها في تطوير رصيدها المعرفي، رفضت سلوى اجتياز مباريات توظيف في القطاع الفلاحي، واختارت البحث العلمي مجالا لها، حيث وجهت العديد من المشاريع للمنظمات غير الحكومية مثل: الأمم المتحدة، المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الهيئة الألمانية للتبادل الثقافي، هذه المؤسسات سارعت بتوفير منح لسلوى مكنتها من زيارة مختبرات علمية متقدمة المستوى في دول عديدة من بينها ألمانيا، الأردن، إيطاليا، الإمارات، حيث التقت في إطار التبادل العلمي بعدد من العلماء والمختصين في المجال البيئي. تمكنت سلوى، بعد أن استفادت من هذه اللقاءات العالمية، من إنجاز مشروع بحث علمي حول ربط العوامل المناخية والاجتماعية والاقتصادية، من أجل تعزيز الأمن الغذائي في المغرب للعشرين سنة المقبلة، وذلك باستخدام تقنيات الاستشعار عن بعد والبحث الميداني، وهو المشروع الذي قدمته للاستفادة من برنامج المنح الخاصة بمشاريع التغير المناخي، والذي تقدمه المنظمة الدولية للبحث والتحليل والتدريب حول التغيرات المناخية، الكائن مقرها بواشنطن، لتنال شرف الاستفادة بعدما تمكنت من العبور من القائمة النهائية التي ضمت 220 مشروعا، إلى قائمة الممنوحين التي ضمت 24، كان من بينها المشروع المغربي الممثل لمنطقة شمال إفريقيا.

وفي ربيعها السابع والعشرين، نالت سلوى شرف العمل داخل مختبرات وكالة الفضاء الأمريكية، لتنخرط في برنامج إجراء تجارب على عينات من كواكب أخرى واكتشاف حياة أخرى، كما أورد الباحث أبرار الغنبوزي.

ثريا الشاوي.. أول فتاة مغربية تحلق في السماء

ولدت ثريا بفاس يوم 14 دجنبر 1937، وشبت في وسط أسري مؤمن بالحرية وبالكفاح من أجل بلوغها، وقد تابعت دراستها بين فاس والدار البيضاء، مستفيدة من إيمان والدها بها ومن مبادئه التحريرية، حيث أشركها في نشاطه الفني ومثلت في بعض مسرحياته، قبل أن تركب الفضاء.

بدأت حكاية نبوغ الشابة ثريا بوصفة علاج غريبة من رجل عركته التجارب، آمن والد الفتاة التي كانت مصابة حينها بمرض صدري، بالوصفة ثم نصحه الأطباء بأن يتوجه رفقة ابنته ثريا من فاس إلى مطار المدينة ويتوسط عند أحدهم ليقوم بجولة بالطفلة في السماء، حتى تستنشق الأوكسجين الصافى، فهو شفاء لحالتها. قبل الأب المغامرة وبحث عمن يساعده على تحقيق وصفة الطيران فكان ما كان: «صعدت ثريا ونزلت وقد لقحت بلقاح التحليق في السماء».  

ما أن نالت شهادة الباكلوريا تخصص علمي، حتى قررت الالتحاق بمدرسة تيط مليل بالدار البيضاء، التي انتقلت إليها كل العائلة. كانت لا تزال في سن الـ 18 من عمرها حين ولجت المدرسة وهي المغربية الوحيدة بين الفرنسيين والإسبان والإيطاليين.

ظلت الطيارة المغربية ثريا الشاوي تشكل قلقا حقيقيا للسلطات الاستعمارية وللبوليس السياسي بعد الاستقلال، وهي التي قدمت ملتمسا للسلطات الاستعمارية من أجل إنهاء مسلسل الاعتقالات الذي طال عددا كبيرا من الوطنيين، وعلى الرغم من حالة الغضب التي انتابتها بعد نفي الملك محمد الخامس، إلا أن صرخاتها لم تجد صدى لدى سلطات الحماية التي اعتبرت إبعاد محمد الخامس بمثابة تهريب للقضية بعيدا عن انشغالات الرأي العام، مما أهلها للمشاركة في عدة أنشطة وطنية خاصة خلال فترة نفي السلطان سيدي محمد بن يوسف، وحينما عاد السلطان، كانت طائرتها ترمي المنشورات فوق مدينتي الرباط وسلا ترحيبا بالعودة المظفرة. غير أن مقتلها حدث أشهرا بعد ذلك على يد مجهولين، دون أن تستطيع الأيام كشف ملابسات هذه الجريمة الغامضة.

بعد حصولها على شهادة الطيران، خصصت كبريات الإذاعات العالمية حيزا مهما من وقتها للإعلان عن نجاح ثريا الشاوي في امتحان الطيران بمدرسة «تيط مليل» بالدار البيضاء؛ لتتوالى عليها البرقيات والرسائل المهنئة حينها من بطل الريف محمد بن عبد الكريم الخطابي من القاهرة..، ومن أول ربانة طائرة فرنسية «جاكلين أريول»، ومن الباي ملك تونس، وملك ليبيا إدريس السنوسي، والاتحاد النسوي الجزائري، والاتحاد النسوي التونسي، ومن علال الفاسي؛ ليستقبلها الملك محمد الخامس بالقصر الملكي بالرباط، مصحوبة بوالدها عبد الواحد الشاوي، ويقدم لها باقة ورود، مخاطبا والدها: «هكذا أحب أن يكون الآباء».

يروي عبد الحق المريني الساعات الأخيرة من حياة ربانة الطائرة المغربية الشاوي، فيقول: «في عشية فاتح مارس 1956 غادرت ثريا معهد الأميرة لالة آمنة على الساعة السادسة والربع، وكانت ثريا الشاوي من مؤسساته، بعدما ودعت شريكاتها في العمل. وقالت لهن إني على أحر من الجمر، أريد أن أرى ثمرة كفاح الشعب المغربي الأبي. عند وصولها إلى باب المنزل نادت أمها، وأخبرتها بأنها على موعد مع لجنة نادي الطيران الملكي، في الساعة السادسة ونصف. ولكن في نفس اللحظة، أي في الساعة السادسة وعشرين دقيقة كان أمر الله قدرا مقدورا. وأسلمت ثريا الروح إلى العلي القدير. لقد أتاها القاتل الغدار من الخلف، ووجه لها الضربة القاضية بطلقة مسدس على مستوى الرأس».

حنان الزروالي.. أول امرأة مغربية تقود طائرة عسكرية  

هناك العديد من النساء جلسن خلف مقود طائرات تجارية وبصمن على مسار جيد كقائدات، لكن مسار حنان الزروالي، قائدة طائرة النقل العسكري التابعة للقوات الملكية الجوية المغربية، يستحق أن نتوقف عنده لتسليط الضوء على سيدة ركبت الأجواء خدمة للوطن، ونافست الرجال في الجرأة والإقدام والعزيمة.

نشرت وكالة المغرب العربي للأنباء تفاصيل سيرتها، وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة احتفت بها واعتبرتها مثالا للمرأة المغربية المكافحة التي جمعت بين النجاح الدراسي والمهني ثم الأسري.

دراسيا حصلت حنان على بكالوريا في العلوم الرياضية قبل التوجه نحو الأقسام التحضيرية، ثم الحصول على تكوين لمدة ثلاث سنوات في مدرسة وطنية للمهندسين، لتتوج مسارها بسنتين تخصصيتين بالمدرسة الملكية الجوية بمراكش، حيث تخرجت منها في 2006 وأصبحت قائدة لطائرة سي-130 ومدربة طيران، واعتبرت الطيارة الأولى بالقوات الملكية الجوية وأول امرأة قائدة لطائرة النقل العسكري وهي المهمة التي كانت حكرا على الرجال.

تقول الضابطة الشابة في حوار مع «لاماب»: «على قائد الطائرة أن يتحلى بقدرة كبيرة على التعامل مع المواقف الصعبة»، مشيرة إلى أن الانضباط والمحافظة على هدوء الأعصاب والتفكير المنطقي والاستجابة السريعة صفات لا غنى عنها في عمل الطيارين.

تألقت حنان في التدريب على الطيران حيث تقوم بالإشراف على مجموعة من الطيارين، «بعد مسيرة مفعمة بالذكريات والعمليات الميدانية، أخوض الآن تجربة التدريب التي ستتيح لي المساهمة في تكوين الطيارين الجدد»، معتبرة أن تجربة كهذه ستمكنها من تقاسم مهاراتها وخبرتها في مجال الطيران مع المتدربين الجدد، وترسيخ الحضور النسوي في ميدان كان يوما ذكوريا بامتياز، وتأكيد الدور الفعال للنساء داخل القوات الملكية الجوية.

شددت حنان على الكفاءة والالتزام كعنصرين بارزين في ضمان النجاح للمشتغلين في المجال الجوي والعسكري بالخصوص، مضيفة أنه لا يوجد في عملها تمييز بين الجنسين، مشيرة إلى أن صفات مثل الكفاءة والالتزام والجدية وحب المهنة هي معيار التميز، ومعربة عن أملها في رؤية المزيد من النساء يشتغلن في مجال الطيران العسكري.

كانت المرأة الوحيدة ضمن زملائها الطيارين، لكنها كانت دائما تحظى بدعم ومساندة من رؤسائها في العمل. بعدها ازداد عدد النساء في هذا الميدان، واصفة أجواء العمل مع زملائها الطيارين بالرائعة.

بشرى بيبانو.. عاشقة السحاب وقاهرة القمم

في الوقت الذي كان فيه المغاربة يستعدون لتوديع شهر رمضان، كانت بطلة تسلق الجبال المغربية بشرى بيبانو تصعد في الأعالي بحثا عن رقم قياسي، حيث تمكنت من تسلق قمة جبل أنابورنا في سلسلة جبال الهيمالايا في عمق النيبال بالرغم من علوه الشاهق الذي يقارب 8091 مترا، والذي يصنف كأحد أخطر الجبال في العالم بالنسبة للمتسلقين.

تعد بشرى أول امرأة عربية وإفريقية تركب هذا التحدي وتصعد القمة الرهيبة، علما أن موريس هرتزوغ ولويس لاشينال هما الأوائل في بلوغ قمة أنابورنا سنة 1950، وكانا ضمن فريق فرنسي ضم متسلقين عظماء آخرين من بينهم غاستون ريبوفات وليونيل تيراي.

بالرغم من معاناتها من الصقيع الذي يعرفه الجبل إلا أن بشرى واصلت المغامرة وهي تعلم أن العديد من المتسلقين الذين سبقوها إلى الجبل الشامخ غادروه بعاهات، كما حصل للمتسلقين السالفي الذكر: موريس ولاتشنال، حيث عانى كلاهما من لسعات الصقيع في أقدامهما وكذا المتسلق هرتزوغ على يديه بعد أن فقد قفازه. مما اضطر الطبيب الاستكشافي إلى قطع أصابع اليدين والقدمين في سفح الجبل دون تخدير. كتب موريس هيرتزوغ كتابا عن أنابورنا تناول فيه تفاصيل بعثة 1950، ولقي إقبالا كبيرا حيث بيعت منه أكثر من 11 مليون نسخة، ما يجعله كتاب التسلق الأكثر مبيعا في كل العصور.

وبالعودة إلى إنجاز المتسلقة المغربية، فقد توصلت بشرى برسالة تهنئة من ملك البلاد محمد السادس، تضمنت تهانئه الحارة لبيبانو على هذا الإحقاق المشرف وتمنياته الصادقة بمزيد من التوفيق في مسارها الرائع في مجال تسلق الجبال. كما أشاد بالجهود الكبيرة التي بذلتها بشرى بيبانو لتحقيق أفضل أداء في تسلق الجبال، ما يعكس إرادتها وتصميمها على تكريم المرأة المغربية، وتكريس حضورها المتميز على الصعيدين القاري والدولي. وللإشارة، فإن البطلة المغربية عند نجاحها في تسلق أعلى قمة بالهيملايا، ورفعها العلم المغربي، أهدت إنجازها للشعب المغربي وللملك محمد السادس وللمرأة العربية والافريقية.

مغامرات بشرى جعلت خبراء تسلق القمم يطلقون عليها لقب: «المرأة العنكبوت»، نظرا لعشقها تسلق القمم العالية، مهما كانت درجة المخاطرة، بالرغم من أن هوايتها رافقتها وهي في ريعان شبابها، خاصة وأنها امتلكت قوة التحمل والنفس الطويل وحب المغامرة.

وحسب موقع “سكاي نيوز” الذي حاور بشرى، فإن روح المغامرة قادتها، في شبابها، إلى إقناع والديها آنذاك بفكرة تسلق الجبال، فأطلقت العنان لساقيها وذراعيها، واستجمعت قواها متوجهة نحو مراكش ثم إلى ضاحيتها حيث يقع جبل توبقال، في جبال الأطلس وهو أعلى قمة جبلية في المغرب وشمال إفريقيا وسابع أعلى قمة في القارة السمراء، بعلو يبلغ 4167 مترا، شرعت في كتابة أولى سطور تاريخها.

تابعت بشرى تعليمها بموازاة مع هواية صعود القمم، وتخرجت بميزة جيدة من المعهد الوطني للبريد والمواصلات بالرباط، كما رفعت منسوب تعليمها الجامعي حين حصلت على دبلوم الدراسات العليا في التدبير بجامعة كندية.

في الحوار ذاته أكدت بشرى أن زواجها من رجل يشاطرها شغف بلوغ القمم، ساعدها على السير في نفس المغامرة خاصة حين تسلقا سويا أكثر من قمة، «بعد أن صعدنا معا إلى قمة توبقال، أقنعته بالسفر إلى تنزانيا لتسلق أعلى قمة في إفريقيا. وتمكنت من تحقيق ذلك الهدف برفقته في فبراير 2011».

سيبقى تاريخ 21 غشت 2015 راسخا في ذهن بشرى إلى الأبد، حين وشحها الملك محمد السادس بوسام الاستحقاق الوطني من درجة قائد، خلال احتفالات عيد الشباب، ما مكنها من السير في نفس السكة، حيث أصبحت رئيسة للجنة النسوية داخل الجامعة الملكية المغربية للتزحلق ورياضة الجبل.

هند.. الربانة المغربية التي أدت ثمن هوس التحليق

في السابع من شهر شتنبر 2019، عثر على جثة الربانة المغربية المتدربة التي كان موضوع بحث بسبب اختفائها، وتم اكتشاف جثة هند في منطقة أقصى جنوب كندا على الحدود مع الولايات المتحدة الأمريكية، بالقرب من حطام طائرة تابعة لشركة «إير ترانسات». فتح تحقيق في الواقعة وتبين أن خللا تقنيا كان وراء فاجعة تحطم طائرة هذه الربانة الشغوفة بركوب الجو.

وكانت سفارة المملكة المغربية في أوتاوا أعلنت أن طائرة ربانة مغربية متدربة من طراز “سيسنا 172” اختفت ليلة الأربعاء – الخميس أثناء توجهها إلى شيربروك في كيبيك، شرق كندا.

وأعلنت سفيرة المغرب بكندا، سورية عثماني، في تغريدة بحساب التمثيلية الدبلوماسية بتويتر، عن «تعبئة كبيرة للعثور على الربانة المغربية الشابة هند برش، التي اختفت طائرتها من طراز سيسنا بالقرب من شيربروك»، مشيرة إلى أن «السفارة والقنصلية والجالية المغربية تتابع المستجدات عن كثب وتعرب عن دعمها لعائلة برش».

وكانت الشابة المغربية، البالغة من العمر 22 عاما، بحاجة إلى مراكمة المزيد من ساعات الطيران، ليلا ونهارا، للحصول على شهادة مهنية لتصبح ربانة بالطائرات التجارية، لذا كانت تعمل ليل نهار من أجل بلوغ الرصيد المطلوب من ساعات الطيران.

في مونريال، تم تشييع جثمان الربانة هند برش، حيث ووري جثمان الراحلة الثرى في المقبرة الإسلامية بلافال (كيبيك) بحضور أفراد عائلتها، والقنصل العام للمملكة في مونريال، وممثل سفيرة المغرب في كندا، وأفراد من الجالية المغربية والإسلامية وشخصيات من مختلف المشارب، وكذا أقارب وأصدقاء الراحلة.

وأبرزت سفيرة المغرب في أوتاوا، سورية عثماني، العناية السامية التي ما فتئ الملك محمد السادس يحيط بها أفراد الجالية المغربية بالخارج، مشددة على أنه، في مثل هذه الظروف المؤلمة، يتعين أن تكون السفارة «قريبة من أفراد جاليتنا».

وقالت إن أفراد البعثة الدبلوماسية المغربية «يقفون إلى جانب عائلة وأبوي هند ليعبروا لهم، باسم الجالية المغربية في كندا وباسم المؤسسات الدبلوماسية، عن تعاطفنا معهم ومؤازرتنا لهم».

من جانبه، قال القنصل العام للمملكة في مونريال، فؤاد القدميري، «بهذه المناسبة الحزينة، حرصنا على أن نكون حاضرين إلى جانب أفراد أسرة الراحلة لتقديم تعازينا وتضامننا».

وأشار، في هذا الصدد، إلى أن عائلة الراحلة «تقدر عاليا روح التضامن التي أبانت عنها الجالية المغربية والتمثيلية الدبلوماسية».

وقدمت هيئة كندية مهتمة بالطيران الخفيف تعازيها إلى عائلة الطيارة المغربية هند، ونشرت على حسابها على الفايس بوك رسالة عاطفية تنعي فيها الفقيدة، وأرفقتها بصور من أيام دراسة الطيران، جاء فيها: «هند، الكلمات ربما لن تكون كافية للتعبير عما نشعر به الآن، فراغ كبير سيكون حاضرا، لكن اعلمي أن فرحة العيش التي أحضرتها إلينا، ستكون دائما هنا».

وأضافت التدوينة مستحضرة ذكريات الرحلات بينهما: «لحظات من المرح والضحك، حتى تلك التي تكون في رحلة ليلية مع قلة النوم، ليال قصيرة جدا تليها أجمل الأيام التي راحت في مكان ما على الجانب الآخر من العالم، عندما نفكر في ذلك ونشاهد أشرطة الفيديو الخاصة بنا، لا يسعنا إلا أن نبتسم».

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى