ندّابو السياسة
أصبح في حكم المعلوم من السياسة أنه كلما اقترب موعد الاستحقاقات الانتخابية في المغرب، إلا وشرع قادة حزب العدالة والتنمية في نهج مخطط الندب واستهداف وزارة الداخلية وترديد خطاب المظلومية، أملا في كسب تعاطف الناخبين، من خلال الزعم بأن وزارة الداخلية برجالاتها تستهدف بشكل منهجي ومدبر مرشحي الحزب، وتمارس كل أشكال التدخل في عمليات التوجيه للترشيح لصالح هذا الحزب أو ذاك.
الحزب الحاكم يعلم قبل غيره أن هذه السيمفونية المشروخة التي رددها خلال الأسبوع الجاري، في بياناته أو الجلسات البرلمانية، بحضور رئيس الحكومة، لم تعد مجدية سياسيا وانتخابيا، صحيح أنها أدت مفعولا سحريا خلال الولايتين السابقتين، لكن لم يعد بالإمكان أن تنطلي هاته الحيلة على الناخبين الذين كانوا يصدقون بالأمس دور الضحية وكأنه حقيقة، فيقومون بدور المتعاطف المدافع عن الضحية الوهمية، إما جهلا منهم بحقيقة الأمر أو لحسن ظنهم بصاحب الدور.
وفِي الواقع، فإن الضحية الحقيقية التي لا تحتاج إلى لعب دور الضحية، هو المواطن المغلوب على أمره والناخب الذي لا يرى أي أثر لصوته على حياته المعيشية، لأن واقعه الفعلي يدل على استهدافه حقا من طرف السياسات العمومية.
ليس المهم لدى حزب العدالة والتنمية من خلق عدو وهمي والظهور بمظهر الضحية الخادع خلال كل محطة انتخابية فقط كسب التعاطف الشعبي، أو ابتزاز المؤسسات والتلويح بما يهدد استقرار الدولة كلما أحس أن هامش أرباحه السياسية يضيق، أو أن مصالحه الحزبية باتت مهددة.
بل الأهم هو الهروب من المحاسبة والمساءلة عن تدبيره، فهو يحاول أن يرجع كل الفشل الذي اقترفه وكل خسارة تجرعها المواطن خلال العشر سنوات الأخيرة إلى الآخرين، ويتناسى أنه السبب الأول والأخير في ما سيجنيه من نتائج، فمن زرع الريح سيحصد طبعا العاصفة، ومن أساء للمواطنين بقرارات مجحفة تستهدف معيشهم اليومي، فليتوقع التصويت العقابي.
لم يعد من شك في أن حزب العدالة والتنمية لا يؤمن بالقانون والمؤسسات، إلا إذا كانت في خدمة مصالحه، أما إذا شعر أن رأسماله السياسي والانتخابي مهدد بالإفلاس وأن الجمع بدأ ينفض من حوله، آنذاك يتحول رجاله إلى ندابي السياسة، ويحملون وزارة الداخلية وأي شيء يتحرك أمامهم مسؤولية ما صنعت أيديهم.