حقوقيون يحذرون مجلس المدينة من كارثة بيئية
محمد وائل حربول
تشهد مجموعة كبيرة من أشجار النخيل بمراكش وضعية وصفت بـ«الكارثية»، بفعل قلة التساقطات وتراجع منسوب المياه واستنزاف الفرشة المائية للمدينة، حيث عرفت مجموعة من الأشجار على طول شوارع المدينة جفافا غير مسبوق خاصة أشجار النخيل المعمرة، والتي وصلت لحالة مزرية، وهو ما جعل مجموعة من الجمعيات المتخصصة في حماية البيئة إضافة إلى عدد من الحقوقيين والمدونين يتهمون المجلس الجماعي للمدينة في هذا الشأن، ويتهمون لوبيات العقار بالاستفادة من هذه الوضعية.
واتهمت الفعاليات ذاتها المجلس الجماعي بـ«الإهمال وعدم إيلاء العناية الخاصة واللازمة بأشجار النخيل بالمدينة التي تلقب بعاصمة النخيل»، حيث أكدوا على أن حالة بعض الأشجار، وخاصة تلك الموجودة على طول شارع 11 يناير الذي يؤدي مباشرة إلى مقر مجلس ولاية الجهة، صارت كارثية، على اعتبار أن بعض الأشجار منها ماتت بفعل قلة التساقطات والجفاف الذي أصاب المنطقة خلال السنوات الماضية، إضافة إلى عدم تحرك المجلسين الجماعيين الماضي والحالي، ما سيتسبب في فقدان المزيد من أشجار النخيل المعمرة.
واستنادا إلى ما أكده الحقوقي، محمد الهروالي، لـ «الأخبار» في هذا الصدد، فإن عددا من الجمعيات المهتمة بالبيئة راسلت المجلس الجماعي السابق للمدينة، حيث «قمنا برفقتها بالتأكيد على أن أشجار النخيل ستكون معرضة للموت البطيء خلال سنة أو سنتين، كما طالبنا بتدخل البلدية قبل فوات الأوان، غير أن كل المطالب والمراسلات لم تجد آذانا صاغية، ليصبح الحال الآن على ما هو عليه، ما ينذر بكارثة في حق نخيل مراكش بالمقام الأول»، مضيفا أن المدينة التي كانت تعرف بتقاسمها للبنايات والمساحة الخضراء، صارت منذ سنوات قليلة مدينة خاصة بتقدم البنايات والوعاء العقاري على حساب عدد كبير ومهم من المساحات الخضراء.
ومن جهته، كتب الفاعل الجمعوي والحقوقي، المصطفى الفاطمي، أنه «لا يسع المرء، وخصوصا المواطن الصالح الغيور على مدينته، وتوازنها الطبيعي، إلا أن يستنكر ويندد بالوضعية الكارثية التي أصبحت عليها مجموعة من أشجار النخيل المعمرة، المتواجدة بشارع 11 يناير بباب دكالة، بسبب الإهمال وانعدام العناية، مما جعل أكثريتها تموت وهي واقفة، ولا يحول دون سقوط بعضها سوى جدار جنان سيدي بالعباس، ومنها ما أصبحت تشكل خطرا على المواطنين العابرين للشارع».
وأشار المتحدث ذاته إلى أن المجلس الجماعي للمدينة «يصرف أموالا باهظة سنويا، من أموال دافعي الضرائب، من أجل العناية بأشجار وحدائق مدينة مراكش، لكن للأسف بدون أن ينعكس ذلك إيجابيا على هذه الثروة الطبيعية النادرة»، حيث طالب بـ«تحرك المصالح المكلفة بالبستنة والأغراس من أجل إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أشجار النخيل التي تئن تحت وطأة الإهمال واللامبالاة رغم أنها تعتبر رمزا من رموز المدينة، وجزءا لا يتجزأ من ذاكرتها التاريخية والرمزية».
هذا وكانت مدينة مراكش شهدت، خلال الأسبوع الماضي، سقوط إحدى الأشجار الضخمة بمنطقة جامع الفنا على إحدى حافلات النقل الحضري الكهربائية الكبرى، حيث تسببت لها في خسائر فادحة، ولولا الألطاف الإلهية لأودى الحادث بحياة عدد من المواطنين، خاصة وأن منطقة عرصة البيلك تعد من بين أكثر الأماكن اكتظاظا وحركية بالمدينة الحمراء.
وعلمت «الأخبار» أن المجلس الجماعي لمدينة مراكش، رفقة عمال الإنعاش الوطني، قاموا بعمل حملة كبيرة على الأشجار الضخمة الموجودة بالقرب من ساحة جامع الفنا، حيث جاءت هذه الحملة بعد سقوط الشجرة المذكورة، ومن أجل توفير الحماية الضرورية للمواطنين وحافلات النقل الحضري الموجودة بالمنطقة، إضافة إلى حماية أرباب العربات المجرورة «الكوتشي»، كما عملت المصالح الجماعية على التخلص من بقايا الأشجار والجذوع الكبرى الموجودة بعين المكان.