نحن وسوريا: سوريون حجزوا للمغرب مساحة في قلوبهم
أدخل حافظ الأسد سوريا حالة من العزلة من أن اعتلى كرسي الرئاسة بانقلاب، بينما أدخل ابنه بشار ما تبقى من معارضين إلى سجونه.
ومنذ بداية الأزمة السورية سنة 2010، تلاشت أواصر العلاقات بين المغرب وسوريا، فأغلقت المملكة المغربية تمثيليتها الدبلوماسية في دمشق سنة 2012، حيث ذكر بيان لوزارة الخارجية والتعاون المغربية أن الرباط طلبت رسميا من السفير السوري مغادرة البلاد “باعتباره شخصا غير مرغوب فيه” مؤكدة أن الوضع في سوريا لا يمكن أن يستمر على ما هو عليه. وأعلنت سوريا ساعات بعد ذلك أن “سفير المغرب شخصا غير مرغوب فيه”.
أصبح السوريون في المملكة المغربية في وضعٍ لا يحسدون عليه وخاصة عندما يتعلق الأمر بالشؤون القانونية الخاصة بهم، إذ أصبح عليهم التعامل مع السفارة السورية في الجزائر التي تم تكليفها بشؤون المواطنين السوريين المقيمين في المغرب.
نشطت عملية اللجوء السوري إلى المغرب في الفترة ما بين 2014 و2016، إلى أن حصلت التسوية الملكية التي قضت بحصول اللاجئين على إقامة رسمية.
يتصدر السوريون قائمة اللاجئين في المغرب مع 5150 لاجئا يستقر معظمهم في مدينتي الدار البيضاء والرباط، بحسب ما أعلنته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الرباط.
بعد سقوط نظام بشار الأسد، شرع العديد من اللاجئين السوريين عبر العالم في التخطيط للعودة إلى الديار التي هجروها بسبب رعب النظام الحاكم، لكن فئة واسعة عبرت عن استمرارها في البلد الذي آمنها من خوف.
في الملف الأسبوعي لـ”الأخبار” نسلط الضوء على أبرز الشخصيات السورية التي حجزت في قلبها مساحة حب للمغرب.
عائلتان سوريتان تشيدان مسجدا بطنجة إهداء لأرواح مغاربة الجولان
يقول رشيد العفاقي، الباحث في تاريخ المغرب والأندلس، “إن مسجد السوريين صرح ديني، تولت بناءه عائلة ططري الحلبي، وهي عائلة سورية استقرت بالمدينة منذ ما يزيد عن نصف قرن، شيدت الصرح الديني وقدمته كهدية رمزية للمملكة المغربية”. وأضاف العفاقي أن تشييد المسجد جاء بمباركة من الملك الراحل الحسن الثاني، بعد مشاركة بطولية للقوات المسلحة المغربية في جبهة الجولان السورية في عام 1973، وتمتينا لأواصر الأخوة بين الشعبين المغربي والسوري. ويشير المتحدث إلى أن المسجد بني على الطراز المعماري الحلبي الشامي، وكان المهندس الذي وضع تصميمه هنغاري الجنسية مقيما بدوره في طنجة منذ أن كانت تحت الوصاية الدولية.
استمد مسجد السوريين تسميته من الحي الذي يوجد فيه وسط المدينة، وأيضا من جنسية العائلتين اللتين أشرفتا وتكفلتا ببنائه وتشييده، يتعلق الأمر بكل من عائلة ططري الحلبي وترجمان الدمشقي، المقيمتين بمدينة طنجة، منذ عقود طويلة. ستأخذ العائلتان على عاتقهما، مبادرة تشييد هذا المسجد ليظل منذ تلك الفترة، معلمة إيمانية تشع روحانية يزداد فيح عبيرها.
بني المسجد سنة 1975، غداة عودة الجنود المغاربة المجاهدين على الجبهة السورية سنة 1974، وذلك تيمنا بالشهداء المغاربة الذين سقطوا في أرض المعارك، وكان بعض الساهرين على المشروع قد اقترحوا إطلاق اسم كبير الشهداء العقيد العلام على المعلمة إلا أن الحسن الثاني رفض وأصر على أن يظل مرتبطا بالأرض السورية، ويقال إن المهندس الهنغاري اعتنق الإسلام بعد انتهاء الأشغال، إلا أن هذه الرواية تحتاج لتأكيد.
رسخت عائلة ططري السورية جذورها في المغرب بعد أن أصبحت ترتبط بآصرة المصاهرة مع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، حين ارتبط نجله نجم الدين، بفتاة سورية تدعى عفراء تنحدر من عائلة ططري الحلبي، التي تقيم منذ عقود طويلة بطنجة، وتستثمر في عدة مشاريع في المغرب.
أما ترجمان بولند فساهم بدوره في بناء هذه المعلمة وكثير من المشاريع الخيرية في طنجة بإيعاز من والدته، علما أنه كان صديقا للحسن الثاني، وهو الذي دعاه إلى الاستثمار في المغرب بدل الولايات المتحدة الأمريكية.
قصة هجرة ططري إلى المغرب ترجع لعام 1964، حين أصدر رئيس الجمهورية السورية مرسوما يقضي بتأمين عدة شركات منها شركة الحاج أحمد ططري وأولاده. سافر ططري إثر ذلك إلى المغرب، وخسرته سوريا التي كان سيساهم في نهضتها الصناعية، وافتتح أكبر مصانع النسيج في طنجة في المغرب مثل مصنع تيسمار ومصنع تاريمكس وغيرهما، وبات واحدا من أثرياء المغرب.
الطبيب والمفكر خالص جلبي: زوجتي المغربية حورية والمغرب قطعة من الجنة
ولد خالص جلبي في القامشلي شمال شرق سوريا، ويحمل الجنسية الكندية، هو خريج كلية الطب عام 1971 وكلية الشريعة عام 1974. هاجر إلى ألمانيا حيث تخصص في جراحة الأوعية الدموية.
وحسب موقع “ويكيبيديا” فإن جلبي قد استقر طويلا في السعودية واشتغل كرئيس لوحدة جراحة الأوعية في مستشفى الملك فهد، ويقيم الآن في المغرب.
أصبح الدكتور والمفكر السوري خالص جلبي قطبا علميا، تستقطب محاضراته بالمدن المغربية آلاف المتابعين. كيف لا وهو الذي لا يترك فرصة تمر دون أن يعبر عن إعجابه الشديد بالمغرب، الذي يرتبط به عاطفيا بسبب زوجته المغربية التي اقترن بها بعد وفاة زوجته الأولى، وهي شقيقة المفكر السوري جودة سعيد أستاذ جلبي.
في حوار صحفي قال خالص: “زوجتي المغربية أفضل هدية من الله، وأنا اعتبرها حورية من حوريات الجنة، كما أعتبر المغرب قطعة من الجنة إلى جانب تركيا التي أنصحكم بزيارتها”، يقول الطبيب المفكر الذي أشار إلى أن أصوله تركية رغم ولادته في سوريا، وحمله للجنسية الكندية.
لا يتردد جلبي الذي يطل علينا بكتاباته العميقة في جريدتنا، في التعبير عن إعجابه بانفتاح الشعب المغربي، وبالحضور الكبير للنساء في عدد من المجالات، كما يفخر بانتمائه لعاصمة دكالة.
قال عن الجديدة: “إنها مدينة الجديدة على حافة الأطلنتي. في المغرب الدافئ الجميل. حسناء غناء سياحية بهيجة فيها مازاغان والمسقاة البرتغالية آية للسائحين وعبرة للمؤرخين. في جيدها عبق المحيط يأتيها رزقها من شواطئ لازوردية أصناف من (الحوت) لذة للآكلين. أنا شخصيا أحببت هذه البلدة لاعتدال مناخها وطيبة أهلها (الدكاليون) ووفرة فاكهتها التي لا تنقطع من توت وبرتقال وإجاص ومن كل فاكهة زوجان”.
لكنه لا يتردد في إبداء غضبه من إهمال يطولها: “ما راعني فيها ولاحظه معي أهل المدينة الأفاضل كثرة الحفر في شوارعها. لو بعث خليل جبران خليل ورأى الشارع المسمى باسمه لبكى على نفسه”.
ويضيف: “أنا رجل تنقلت بين كل القارات تقريبا وأتردد بين كندا والمغرب في أجمل بقعتين حباههما الله لإنسان يتمتع بشيخوخته وتقاعده. وحين أصل الجديدة أصاب بالحزن لمواجهة فظاعة حفرها.. كل حبي لأهل الجديدة من عبدة ودكالة فأنا أحبهم وحريص عليهم وأتشرف أن أنال الجنسية الدكالية يوما”.
باسم المصاهرة.. العقيد طلاس يحذر الحسن الثاني من أوفقير
رغم أنه سوري الجنسية فإن ما يجمعه بالمغرب هي آصرة المصاهرة التي تربط عائلة الصلح بالعائلة العلوية. في مذكرات “مرآة حياتي” للكاتب السوري العقيد مصطفى طلاس، الذي شغل طويلا منصب وزير الدفاع السوري، والتي صدرت عن دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر في دمشق، كشف قيدوم رجال الجيش السوري في الفصل الأربعين من المذكرات الذي عنونها بـ “إلى المغرب العربي” تفاصيل زيارته للمغرب.
اختار مصطفى طلاس أن يبدأ رحلة سفر ذكرياته بالتذكير بأن أولى زياراته للمملكة كانت سنة 1969 بمناسبة انعقاد المؤتمر الأول لمنظمة المؤتمر الإسلامي عقب حريق المسجد الأقصى، إذ كان ضمن الوفد السوري الذي ترأسه الرئيس نور الدين الأتاسي، باعتباره رئيس الأركان العامة للجيش والقوات المسلحة.
في هذه الرحلة تعرف طلاس على وزير الدفاع والداخلية المغربي آنذاك الجنرال محمد أوفقير خلال عشاء أقامه الأمير مولاي عبد الله، كان الوزير السوري برفقة زوجته أم فراس لمياء الجابري التي ترتبط بصلة قرابة شديدة بفائزة الجابري والدة علياء الصلح زوجة رئيس وزراء لبنان السابق رياض الصلح ووالدة لمياء الصلح زوجة الأمير مولاي عبد الله.
بعد ذلك ينطلق وزير الدفاع السوري للتحدث عن الكيفية التي أبلغ بها الملك الحسن الثاني بشكوكه حول شخص الجنرال أوفقير، ومما جاء في الفصل الذي اختار له عنوان “إعلام العاهل المغربي بنوايا الجنرال أوفقير”.
وصلت إلى استنتاج وقناعة راسخة بأن هذا الإنسان يتآمر على الملك الحسن الثاني، و”يعد للإطاحة بالتعاون والتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة الأميركية حتى يتم إخضاع المغرب للسيطرة الأميركية التامة”.
زار المسؤول السوري علياء الصلح في بيتها ببيروت وطلب منها إبلاغ الحسن الثاني بالمقلب الذي ينتظره، إذ قال لها: “إن الأمانة ثقيلة وأريد أن أريح نفسي من حملها، وأعتقد أنك أفضل من يحمل الأمانة، فقالت: أنا جاهزة”، قلت لها: إن هاجسا لدي لا يخطئ، وهو أن الجنرال أوفقير يعد الترتيبات اللازمة للإطاحة بالملك الحسن الثاني، ووعدتني أنها ستتوجه إلى الرباط بعد غد في أول طائرة من بيروت إلى المغرب”.
أضاف اللواء السوري، أنه بعد أن فشل الانقلاب، تذكر الملك المعلومات التي قد أرسلت له من سوريا منذ حوالي ثلاث سنوات، والتي أعلمته بنوايا الجنرال أوفقير الخبيثة تجاه الأسرة العلوية. أثنى الملك الحسن الثاني على المسؤول العسكري السوري، وقال مازحا لحافظ الأسد: “اطمئن لن تطولك يد الانقلابيين بوجود طلاس معك”.
“شبيحة” الأسد تقتل القنصل الفخري للمغرب في حلب
حسب الرواية المتداولة لحظة وقوع الحادث، فإن مجموعة من المسلحين داهموا أحد المقاهي الشهيرة بمدينة حلب وتدعى “بولمان الشهباء”، في عشية يوم المداهمة كان المقهى الأكثر أمنا وأمانا في المنطقة يعرف جلسات حوار بين فعاليات وازنة في المجتمع الحلبي، على رأسهم القاضي محمود بيبي والمهندس سامر كيالي، ومدير الخدمات الفنية السابق في حلب، والمهندس علاء الدين كيالي، القنصل الفخري للمغرب في حلب.. نزل أربعة مسلحين من سيارة أجرة وأفرغوا شحنات رصاصهم في المتحلقين حول مائدة القهوة الحلبية، وانصرفوا في سرعة البرق دون مقاومة تذكر. كان الجميع يستعد لأعياد رأس السنة الميلادية 2013، قبل أن يتحول الجمع إلى بحيرة دماء.
برصاص “شبيحة الأسد” مات السوري محمد علاء الدين كيالي قنصل المغرب الفخري في حلب والذي قضى في هذا المنصب 12 عاما، وتوفي عن سن يناهز 51 عاما.
ونظرا للمكانة الاعتبارية التي يحظى بها الراحل، فقد بعث الملك محمد السادس برقية تعزية إلى أفراد أسرة المرحوم محمد علاء الدين كيالي، القنصل الشرفي للمملكة المغربية بحلب، أعرب من خلالها الملك لأفراد أسرة الفقيد، ومن خلالهم للشعب السوري الشقيق، عن إدانته القوية لهذا الاعتداء الإجرامي المقيت، “الذي يتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، وتنبذه كل الديانات السماوية والمبادئ الإنسانية، والمثل الديمقراطية”.
وأكد الملك أن رحيل الفقيد الكبير يعد خسارة فادحة للمغرب أيضا، لما كانت تربطه- رحمه الله- ببلده الثاني من وشائج المودة والتعلق والوفاء، حيث كان صديقا مخلصا، شديد الحرص على تعزيز أواصر الأخوة والتقدير والتضامن بين الشعبين الشقيقين، السوري والمغربي. رسالة مماثلة من رئيس الجمهورية الفرنسية، أعربت عن تعازيها للسلطات المغربية، إثر مقتل القنصل الفخري للمملكة بحلب، الذي لا يعرفه مغاربة سوريا ولا مصالح الخارجية المغربية في الرباط، رغم أن الراحل كيالي (المزداد سنة 1961) ظل يشغل منصب القنصل الفخري للمملكة المغربية في حلب، منذ أبريل 2001.
تمتد جذور عائلة كيالي إلى العراق قبل أن تهاجر إلى الشام، وقد ورد في كتاب روح الإكسير لأبى الحسن الوسطي، بأن آل الكيال ارتحلوا إلى حلب وغالبيهم من الزهاد الورعين. وتوصف عائلة الكيالي بأنها أسرة عريقة النسب من أسياد آل البيت في سوريا وفلسطين و لها انتشار كبير في معظم البلاد الإسلامية وفي الديار الشامية خاصة و فلسطين.
وقد شغل آل الكيالي مناصب دينية مرموقة بما يزيد عن 200 سنة في تولي نقابة الأشراف والفتوى بإدلب.
عبد الحليم خدام: الحسن الثاني دعمنا عسكريا رغم أننا نحتضن معارضيه
أكد عبد الحليم خدام الرجل القوي في النظام السوري السابق ووزير خارجية هذا البلد لسنوات طويلة، بأن العلاقات بين سوريا والمغرب قد عرفت في الستينات انحباسا لاسيما أمام المد البعثي والناصري، قبل أن تعود إلى طبيعتها سنة 1972.
يقول عبد الحليم إنه قام بجولة في شمال إفريقيا في شهر مارس من نفس السنة، زار خلالها كلا من تونس والمغرب والجزائر ثم موريتانيا، وكان الهدف من الزيارة شرح الوضع بمنطقة الشرق الأوسط، وإخبار هذه الدول بعزمنا على خوض الحرب ضد إسرائيل وطلب الدعم منها.
حل خدام بالرباط قادما إليها من الجزائر، وكان المغرب يعيش حالة احتقان سياسي ويحاول تدبير مرحلة ما بعد الانقلاب العسكري للصخيرات، يقول عبد الحليم في حوار صحفي: “كانت الصورة التي نحملها عن الملك الحسن الثاني صورة مخيفة، عن ملك يقمع ويقتل، لكن بعد أن جلست إليه وجدت أنه رجل حداثي وعميق، وقد أبان عن عاطفة قوية تجاه سوريا وحرص على دعمها”.
قال الملك لوزير الخارجية السوري: “نحن ليس لدينا بترول، لكن لدينا قوات سنرسلها لمساندة سوريا والمشاركة في الحرب إلى جانبها”. لم يصدق خدام نفسه حين سمع قول الملك، “أحسست كما لو أنني قطفت نجمة من السماء، الحسن الثاني سيرسل قوات لمساندة سوريا في حين أننا كنا نحاربه ليل نهار”.
اعترف خدام بدعم سوريا للمعارضة من خلال نواة لحزب البعث تشتغل بشكل سري، كما دعم الأسد الطلبة المغاربة المحسوبين على التيارات اليسارية ومكنهم من منح دراسية في جامعات دمشق.
خلال اللقاء الذي جمع عبد الحليم خدام بالملك الحسن الثاني، قال العاهل المغربي إن المملكة المغربية تلقت ضربات من طرف الأسد، مضيفا أن المغرب سيضمد كل الكدمات فقط لأن القضية العربية فوق كل اعتبار، مشيرا إلى أن المملكة هي أبعد بلد عن سوريا جغرافيا إلا أنها الأقرب عرقيا ووجدانيا لأن الرابطة العلوية تجمع الشعبين.
لكن حافظ الأسد سيتآمر على التجريدة المغربية وسيجعل منها طعما للجيش الإسرائيلي، ولولا تدخل القوات العراقية لما عاد جندي واحد للمغرب.
الحسن الثاني يخصص قطاره الملكي لتنقل صباح فخري
حظي الفنان السوري وديع الصافي بأكثر من تكريم في ربوع العالم العربي، حيث يوجد في خزينته أكثر من 300 وسام، حصل عليه من العديد من الرؤساء والزعماء ومن بعض الهيئات الثقافية، على امتداد مسيرته الفنية الكبيرة. لكن أبرز القادة العرب الذين وشحوا صدر وديع، هم: الحسن الثاني والحبيب بورقيبة والسلطان قابوس والملك الحسين وفيصل بن عبد العزيز، كما نال وسام قداسة البابا يوحنا بولس الثاني، فضلا عن التكريم الذي حظي به من طرف رؤساء البلديات والأحزاب والجمعيات والهيئات الفنية.
قال وديع في حوار مع الصحافي الراحل رمزي صوفيا: “كان المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني من أهم المكرمين للفن والفنانين، لقد كرمني معنويا وماديا وكان يدعوني لتنشيط سهرات في قصوره بمناطق متعددة من المملكة الشريفة، وكنت أشعر بدفء كلما أتيت إلى المغرب لما لملكه وشعبه من أصالة إنسانية وفنية وعراقة وكرم.. كنت أسعد كثيرا في كل زيارة للمغرب وفي كل تكريم كان يمنحني إياه المغفور له الحسن الثاني، لقد كان إنسانا ذواقا للفن كما هو للسياسة ولكل شيء”.
كلما حل الحسن الثاني بمدينة أكادير، إلا وقرر إحياء ليلة روحانية فيها، ويحرص على دعوة الفقهاء و”الطلبة” لقراءة القرآن، إلى جانب الفنان السوري صباح فخري، حيث يتحول القصر إلى فضاء للموسيقى الصوفية مباشرة بعد الانتهاء من حصص الأذكار والابتهالات وسط فضاء كله بخور، ويذكر أهل سوس يوم دعا الملك الفنان فخري لإحياء ليلة صوفية في القصر امتدت إلى التباشير الأولى من الصباح، زهد فيها الملك وقيل إنه ذرف دمعا. وفي هذه الأمسية تفاعل الحاضرون مع أغنية لوديع يمدح فيها الملك.
ومن الحكايات التي تروى حول علاقة الملك بالفنان السوري، أن الحسن خصص قطاره الملكي ليقل صباح فخري من الدار البيضاء إلى فاس للمشاركة في مهرجان الموسيقى الروحية، عرفانا بالفنان ومن خلاله بسوريا، وهي المرة الأولى التي وضع فيها الملك قطاره رهن إشارة فنان، وقيل حينها إن عبور القطار قد خلف ارتباكا في المناطق التي مر منها إذ استغرب العمال والولاة ورجال السلطة لمرور قطار الملك دون أن يكون لديهم علم بالموضوع، حيث اعتقدوا أن الملك يقوم برحلة خارج ضوابط البروتوكول.
الشاعر نوري الجراح: زوجتي مغربية والمغرب مكنني من التعرف على هويتي
في كلمة ألقاها الشاعر السوري نوري الجراح، عندما حل ضيفا على دار الشعر في تطوان، قال إنه لم يستوعب معنى انتمائه إلى المشرق إلا عندما وصل إلى المغرب، منوها بأفضال هذا البلد: “المغرب أعاد لي صورتي الأولى بأجمل مما كنت أعرفها. زوجتي مغربية وابنتي مغربية وأخوالها مغاربة. هذا البلد أعطاني هذه المسافة لأتعرف على طبيعتي وهويتي كمشرقي، لأن المغرب يرى المشرق جميلا جدا، ومهبط الأنوار ومصدر المعرفة، أي مصدر تجارب فكرية اغتنى منها المغرب، ثم عاد فأغناها. المغاربة يعرفون عنا نحن المشارقة أكثر بما لا يقاس بما نعرفه عنهم”.
كشف الشاعر السوري عن سيرته الدمشقية وخطواته الأولى في العاصمة السورية، مرورا بمختلف التجارب والمنافي الاضطرارية والاختيارية والأدبية التي مر منها عبر مساره الشعري والثقافي الطويل.
قال الجراح للصحافيين المغاربة خلال حضوره في المسرح الكبير للمركز الثقافي بتطوان، إنه غادر دمشق قبل ثلاثة عقود بعيدا عن مسقط رأسه، وأنه يعيش في القصيدة طفولته وذاكرته وحواسه. هاجر إلى لبنان في بداية الثمانينيات، واستقر في بيروت هاربا من سياط الطغيان حين أصبح الشعر وقوافيه تهمة تلاحق الشعراء، هناك سيصبح لاجئا سوريا في خيمة فلسطينية.
في لبنان أصبح توري رئيسا لتحرير مجموعة من المجلات أبرزها مجلة “فكر” في بيروت، بداية الثمانينيات حيث عاش تجربة الحصار الإسرائيلي المريرة، قبل أن ينتهي به المطاف مقيما في منفاه الاختياري بلندن منذ 1986، ليمارس نفس الهوس الأدبي في عدة مجلات. بل ساهم في تأسيس رابطة الكتاب السوريين مع نخبة من الكتاب، وحاضر الشاعر في عدد كبير من الجامعات ومراكز البحث وبيوت الثقافة في العالم العربي والعالم.
صور الحسن الثاني في بيت الفنانة سورية الأصل فايزة أحمد
كشف عدنان الرواس شقيق المطربة سورية الأصل الراحلة فايزة أحمد، عن الدسائس التي شهدها الوسط الفني المصري، وقال إن المطربة الجزائرية وردة كانت تغار من شقيقته وتسيء معاملتها، كما أكد أن العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ، حاربها وطالب بإسقاط اسمها من قائمة الفنانين المطلوبين لإحياء إحدى الحفلات التي أقامها الملك الحسن الثاني في المغرب بمناسبة عيد العرش، مضيفا أنه قطع عن حفلتها المشتركة معه التيار الكهربائي، فأصبحت لا تشاركه إحياء أي حفلات، وقدم شقيقها في حوار مع التلفزيون الكويتي، معطيات حول زيارتها للمغرب بدعم من الموسيقار محمد عبد الوهاب، مشيرا إلى أن هذا الأخير كان يحتضن الفنانة نجاة ويعطيها ألحانا أكثر منها. مبرزا فشل إحدى المحاولات في تعكير المياه بينها وبين محمد عبد الوهاب، حين نقل إليه كلمة “نشاز” قالتها فايزة عنه في الحفل الذي دعا له الحسن الثاني ملك المغرب. وأكد عدنان أنه في عام 1963 قدمت طلبا للإذاعة لتلاوة القرآن في محاولة للهروب من الوسط الفني لكن طلبها رفض.
زارت فايزة أحمد المغرب مع الفنانين المصريين الذين كانوا ينشطون حفلات القصر، في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، وكانت معجبة به إلى حد كبير، بل إنها طلبت منه تمكينها من أخذ صورة معه، فاشترط أن تكون من آلة تصوير مصور القصر محمد مرادجي.
في الحوار ذاته، أكد شقيق فايزة، أنها كانت ترى في الملك الحسن الثاني الرجل الذي خلق لإسعاد المرأة، وقد عرف عنها أنها كانت معجبة كثيرا باهتمام الملك بالميدان الفني، وسبق لها أن استشهدت بهذا الاهتمام في لقاءات خاصة ومناسبات رسمية بمصر وخارجها.
قالت صاحبة أغنية “ست الحبايب يا حبيبة” إن إعجابها بالملك الحسن الثاني كان يزداد كلما سمعت أو قرأت خبرا باهتمامه بالميدان الفني والفنانين، وما أكثر الأخبار من هذا القبيل المنشورة في الصحف والمجلات المصرية، لاسيما تلك المتعلقة باهتمام جلالته بالفنانين والفنانات غير المغاربة، سواء قدموا لإحياء سهرات عمومية أو سهرات خاصة.
وترى فايزة أحمد أن هذا الاهتمام لا يقتصر على العطايا وحسن الضيافة، وإنما يفوق هذا المستوى لأن صاحبه على دراية بالمجال الفني وذي ثقافة فنية نادرا ما تتوفر لدى الملوك والحكام.
لاحظت المطربة المغربية سميرة سعيد خلال زيارتها لبيت فايزة أحمد للاطمئنان على صحة زوجها الملحن محمد سلطان، أن البيت لا يخلو من صور الراحلة في المغرب ومع الملك الراحل الحسن الثاني.
ولدت فايزة أحمد لأب سوري حيث نشأت وعاشت في دمشق وفي فترة الصبا تقدمت للإذاعة السورية بدمشق، لكنها كانت تدرك وقتها أن الشهرة الحقيقية تبدأ من مصر، لذا سافرت إلى القاهرة وتقدمت للإذاعة المصرية، التقت الموسيقار الراحل محمد الموجي، فشكلا ثنائيا غنائيا يميزها بأغاني خالدة.