شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

نحن وترامب العلاقات القديمة والجديدة

لم ينتظر دونالد ترامب الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية، بل كان سباقا لإعلان فوزه في الانتخابات، صباح الأربعاء الماضي، مبشرا الأمريكيين بنسخة جديدة من ترامب، الذي سجل عودة سياسية مذهلة إلى البيت الأبيض وكأنه يرفض التنحي الذي ضربه قبل أربعة أعوام.

حين مالت كفة ترامب، البالغ من العمر 78 سنة، وأضحى قريبا من البيت الأبيض، بحصوله على نسبة عالية من الأصوات، في أعقاب حملة طويلة عرفت الكثير من التقلبات وتعرض فيها لإدانة قضائية ومحاولتي اغتيال، تبين أن الرجل مصر على العودة إلى كرسي الرئاسة رافضا الخروج من الباب الضيق.

دارت معركة انتخابية شرسة بين ترامب ومنافسته هاريس عبر ولايات أمريكا، وهي الانتخابات التي شدت إليها أنظار العالم بالنظر إلى مضاعفاتها وتأثيرها على المشهد السياسي العالمي.

على إثر فوزه بولاية جديدة رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، وجه الملك محمد السادس رسالة تهنئة إلى المرشح الجمهوري أعرب فيها عن أصدق تهانيه لدونالد ترامب، متمنيا له كل التوفيق في أداء مهامه العليا وجهوده لخدمة الشعب الأمريكي.

وتضمنت رسالة التهنئة إشارات إلى عمق العلاقات التي تربط المغرب بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكد الملك أن المملكة المغربية والولايات المتحدة الأمريكية تجمعهما علاقة تحالف تاريخية وشراكة استراتيجية صمدت أمام تقلبات الزمن.

الملك محمد السادس ذكر أن العلاقات الثنائية شهدت خلال الولاية السابقة لترامب مستوى غير مسبوق، عندما اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة المغربية الكاملة على صحرائها، “هذا الحدث التاريخي، الذي سيظل الشعب المغربي ممتنا له إلى الأبد”.

في الملف الأسبوعي لـ”الأخبار”، محاولة لإعادة ترتيب مسالك علاقات ترامب بالمغرب قبل أن يصبح رئيسا وحين أصبح رئيسا وعندما غادر البيت الأبيض، ولما عاد إليه.

 

حين جمع طبق كسكس دونالد ترامب والحسن الثاني

ظل الملك الحسن الثاني حريصا على توطيد علاقاته برجال المال والأعمال الأمريكيين، سيما وأن الثري مالكولم فوربس اعتاد على استضافة كبار المستثمرين الأجانب، والاحتفال بعيد ميلاده في قصره بمدينة طنجة، في جو صيفي يلتقي فيه رجال المال بأهل الفن والسياسة والإعلام.

في 18 غشت سنة 1989، كان اللقاء تاريخيا حين اجتمع عدد من الأثرياء والسياسيين والفنانين العالميين بطنجة للاحتفال بعيد ميلاد صديقهم، مالكولم فوربس، في قصره الخاص بحي مرشان. هذه المرة كان الحسن الثاني، ملك المغرب، ضيفا استثنائيا على الحفل، وكانت التعزيزات الأمنية جد مكثفة.

ولأنه لم يكن يحتل منصبا سياسيا قياديا، فإن دونالد ترامب لم يلفت الأنظار على غرار باقي كبار الضيوف أمثال هنري كيسنجر وزوجته، وإمبراطور الإعلام روبرت مردوخ، وجيمس غولد سميث، والفنان خوليو إغليسياس، ومشاهير لهم علاقة بمنظم الحفل.

ستجمع منافسات الغولف هؤلاء المشاهير، بعد أن دعا الملك الحاضرين لقضاء ساعات في ملعب مدينة طنجة داخل النادي العريق، الذي كان الوجهة المفضلة لمشاهير عالميين توافدوا على مدينة طنجة نظير، “باربارا هوتون” عن مجموعة “جيب” الأمريكية ووريثة سلسلة متاجر “وولوورث”.

الملك الراحل الحسن الثاني أقام مأدبة غداء على شرف الحاضرين، عبارة عن وجبة كسكس مغربي، إذ على الرغم من كون الثري الأمريكي فوربس هو الراعي الرسمي للحفل، إلا أن الحسن الثاني أصر على أن تكون لهذه اللمة بصمتها المغربية، ودعا رحال السولامي لتحضير وجبة كسكس على الطريقة المغربية، جعل المطبخ المغربي حاضرا بين الوجبات الأمريكية. في حفل الغذاء أصر الحسن الثاني على تقديم شروحات حول الكسكس المغربي ومكوناته وإصرار المغاربة على جعله وجبة جمعة بامتياز.

في كتابه “طنجة.. مدينة الحلم”، يروي الكاتب “لين فينليسن” بعض تفاصيل هذا الاحتفال الباذخ، ويقول إن ضيوف الثري الأمريكي قضوا أمسية من ليالي ألف ليلة وليلة، حيث كان منظم الحفل حريصا على جعل البذخ عنوانا لسهرة تاريخية.

ظل الملك الحسن الثاني حريصا على توطيد علاقاته برجال المال والأعمال الأمريكيين، خاصة وأن الثري مالكولم فوربس اعتاد استضافة كبار المستثمرين الأجانب، والاحتفال بعيد ميلاده في قصره بمدينة طنجة، في جو صيفي يختلط فيه رجال المال بأهل الفن والسياسة.

لم يكن ترامب مقربا من محيط الملك في تلك الليلة، ولم يكن ضمن الضيوف الذين شاركوه المائدة، رغم أنه كان من أشهر رجال الأعمال في الولايات المتحدة.

 

الحسن الثاني يقضي أسبوعا في فندق ترامب

منذ أن أقام المغرب والولايات المتحدة علاقاتهما الرسمية في القرن التاسع عشر، شهدت هذه العلاقة العديد من التحولات والتطورات التي شكلت معالم استراتيجية هامة على الساحة الدولية.

زار الملك الحسن الثاني الولايات المتحدة الأمريكية مرات عديدة، أولها سنة 1963 ودامت عشرة أيام، بدعوة من الرئيس جون كينيدي والسيدة الأولى للبيت الأبيض جاكلين كينيدي، وتنقل خلالها بين واشنطن العاصمة ونيويورك، كما التقى جيمي كارتر، رونالد ريغان، جورج بوش الأب وبيل كلينتون.

في سنة 1992 تجدد اللقاء بين الحسن الثاني ودونالد ترامب، بمدينة نيويورك، حين أقام ملك المغرب في الفندق، الذي يملكه دونالد الذي كان برفقة زوجته السابقة مارلا مابلز، وأصرا على التقاط صورة للذكرى مع العاهل المغربي، ما زالت حاضرة في بهو الفندق رغم امتلاكه من طرف شركة أخرى.

ذكر دونالد ترامب الملك بكونه صاحب الفندق “بلازا أوطيل” التاريخي في مانهاتن ضواحي نيويورك، الذي أقام فيه الحسن الثاني بمدينة نيويورك في الفترة التي حضر فيها قمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وأعاد إلى الأذهان ما دار بينهما وكشف عن صورة جمعتهما في مدخل الفندق، حول تاريخ الفندق وكبار القادة العالميين الذين أقاموا فيه وما يتضمنه من تحف فنية ولوحات تشكيلية من أنامل كبار الرسامين العالميين.

في هذا اللقاء، دعا الملك الحسن الثاني ترامب ورفاقه من المستثمرين الأمريكيين لزيارة المغرب من أجل استكشاف الفرص الاقتصادية الواعدة، خاصة مع قرب المملكة من الأسواق الأوروبية، بالإضافة إلى التسهيلات التي كانت تقدمها الحكومة المغربية للمستثمرين الأجانب.

كانت زوجة ترامب السابقة إيفانا هي التي تدير هذا الفندق، ولها صور مع الحسن الثاني خلال عبوره بهذه المنشأة الفندقية، قبل أن يقرر ترامب بيع الفندق بعد طلاقه من زوجته، حيث قامت شركة استثمارية سعودية بشرائه.

وسبق لدونالد ترامب أن زار المغرب وخلال زيارته رفقة زوجته السابقة إيفانا، حرص على أن يلفت الأنظار بين جميع النجوم، وظهر في أكثر من صورة وهو يتحدث بحماسٍ يوحي بأن طريقته الشعبوية لم تتغير كثيرا.

 

وسام الاستحقاق: تكريم متبادل بين ترامب والملك محمد السادس

مع اعتلاء الملك محمد السادس العرش في عام 1999، شهدت العلاقات المغربية الأمريكية تحولا ملحوظا، وقد عمل الملك على توسيع هذه العلاقة لتشمل العديد من المجالات السياسية والاقتصادية، حيث كانت أولى خطواته في هذا الاتجاه تهدف إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة أحد الحلفاء التقليديين للمغرب.

ومع وصول دونالد ترامب إلى الرئاسة في عام 2017، شهدت العلاقات بين المغرب والإدارة الأمريكية انتعاشة قوية، إذ برزت هذه العلاقة بشكل خاص في عام 2020 عندما اتخذ ترامب خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الثنائية، حيث أصدر مرسوما رئاسيا يعترف لأول مرة بسيادة المغرب على الصحراء المغربية، هذا القرار، الذي اعتبر تحولا تاريخيا في السياسة الأمريكية تجاه القضية المغربية.

في عام 2020، منح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الملك محمد السادس وسام الاستحقاق المرموق تقديرا لدوره في تعزيز العلاقات بين الولايات المتحدة والمغرب، ولأثره الإيجابي في السياسة الإقليمية. وقد جاء هذا التكريم ليعكس الدور الريادي للملك محمد السادس في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، سيما في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وهو ما كان له تأثير كبير على المشهد السياسي العربي.

وفي المقابل، منح الملك محمد السادس الرئيس ترامب الوسام المحمدي، وهو أرفع وسام في المغرب، وذلك تقديرًا لمواقفه الداعمة للمصالح المغربية، ولتعزيز العلاقات بين البلدين. وتفاعلت الأمم المتحدة مع هذا التقارب، إذ أعربت عن أملها في أن يساهم الإعلان الصادر بمناسبة المحادثات بين الملك محمد السادس والرئيس الأمريكي دونالد ترامب في السلام والازدهار الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وسجل المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك أن “التطور الآخر” و”الإعلان الكبير الآخر”، فضلا عن “اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب التامة والكاملة على الصحراء”.

وقال دوجاريك خلال اللقاء الصحفي اليومي في نيويورك إن الأمم المتحدة تأمل في أن “يعزز هذا القرار التعاون ويخلق فرصا جديدة من أجل تقدم السلام والازدهار الاقتصادي في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط”. وأكد الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ميغيل أنخيل موراتينوس، من جهته، أن المغرب تحت القيادة المتبصرة للملك محمد السادس، التزم دوما بتحقيق السلام في الشرق الأوسط والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني”.

وقال موراتينوس في تصريح صحافي، تعليقا على مضمون الاتصال الهاتفي بين الملك والرئيس ترامب، “أعتقد أن رؤية المغرب كانت دوما رؤية ملتزمة من أجل السلام في المنطقة، من خلال الدفاع عن حقوق الفلسطينيين مع القيام في الوقت نفسه بدعم حل يقوم على أساس دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن”.

وأضاف موراتينوس وهو أيضا المبعوث الخاص السابق للاتحاد الأوروبي لعملية السلام في الشرق الأوسط، أن الدبلوماسية المغربية والملك محمد السادس، اللذان يقتديان بنموذج المغفور له الملك الحسن الثاني، قدما دوما مساهمة إيجابية من أجل السلام في المنطقة.

 

الملك محمد السادس يتضامن مع ترامب حين تعرض لمحاولة اغتيال

تعرض دونالد ترامب لمحاولتي اغتيال درامية، وعكس كل التوقعات فقد رفعت محاولة التصفية من شعبيته، وفقا لاستطلاعات الرأي. كانت المحاولة الأولى أثناء تجمع انتخابي في ولاية بنسلفانيا، التي فتحت له أبواب البيت الأبيض للمرة الثانية، وكادت الرصاصة أن تقتله، ووفقا لموقع “إي آر تي” تم القضاء على الجاني ويدعى توماس ماثيو كروكس.

أما المرة الثانية، فكان ترامب يمارس لعبته المفضلة الغولف في ملعبه الذي يملكه، فيما المتهم ريان ويسلي روث، يختبئ بالقرب منه على مسافة 500 متر، وشاهده أحد أفراد الخدمة السرية الأمريكية وأطلق النار عليه، وعلى الفور تم ترحيل دونالد المستهدف بعيدا عن مسرح الجريمة.

حين كان ترامب يعيش محنة محاولات الاغتيال، سنة 2020 أقدم الملك محمد السادس على مبادرة إنسانية حين وجه برقية مساندة إلى دونالد ترامب عبر له فيها عن تعاطفه وتضامنه إثر محاولة الاغتيال التي كان ضحية لها أثناء تجمع خطابي في بتلر بولاية بنسلفانيا.

وقال الملك محمد السادس، في هذه البرقية، إنه تلقى بتأثر وأسى بالغ نبأ محاولة الاغتيال المروعة التي وقعت في تجمع انتخابي، وأضاف: “أعرب لكم عن ارتياحي لكونكم سالما ومعافى بعد هذا الهجوم الشنيع”.

وفي هذه البرقية، أدان الملك محمد السادس بشدة العنف السياسي، مشددا على ضرورة الحفاظ على استقرار السياسة الأمريكية في هذه الأوقات الصعبة، متمنيا لترامب “شفاء عاجلا حتى تتمكنوا من مواصلة خدمة أمتكم العظيمة. إن مشاعر تعاطفنا ودعواتنا ترافقكم، أنتم وأسرتكم، وكذا الضحايا الأبرياء لهذا العمل المؤسف”.

كما انشغل العاهل المغربي بالوضعية الصحية لترامب عقب إصابته بوباء كورونا وقضاء فترة علاج في إحدى مصحات أمريكا، بل إن فيشير، السفير الأمريكي في المغرب، كان بدوره من أوائل الذين تمنوا الشفاء العاجل للرئيس وزوجته، كما أنه شكر المغرب والملك محمد السادس على التمنيات بالشفاء واستقرار الحالة الصحية لساكن البيت الأبيض. إذ منذ انتشار خبر تأكيد إصابة الرئيس وزوجته وبعض معاونيه في البيت الأبيض بوباء كورونا، تقاطرت رسائل الاطمئنان والتضامن من كل مكان.

 

أيام إيفانكا كريمة ترامب في ربوع المملكة

في صيف سنة 2022، قامت إيفانكا، ابنة الرئيس الأمريكي ترامب، بزيارة للمغرب في جولة لفتت انتباه العالم أجمع. وأصبح اسم المغرب يتصدر عناوين نشرات الأخبار في كل أنحاء العالم، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية. خصوصا أن تصريحات كريمة الرئيس أشادت بالإصلاحات التشريعية والقضائية في ما يخص تكريس حقوق المرأة وتمكينها من ولوج الحياة السياسية والاستفادة من مشروع توزيع الأراضي السلالية على نساء المناطق الفلاحية.

خلال زيارتها للمغرب، التقت إيفانكا ترامب التي كانت تشغل منصب مستشارة في البيت الأبيض وابنة الرئيس الأمريكي، بمجموعة من النساء مالكات الأراضي الزراعية في سيدي قاسم، وذلك خلال رحلة تجريها في المغرب لتشجيع التمكين الاقتصادي للمرأة.

وتأتي هذه الرحلة بعدما قام المغرب بتحديث قوانين حقوق الأرض التي كان بعض المنتقدين يعتقدون أنها لا تعطي المرأة حقها كاملا. لكن إيفانكا أشادت بالإطار التشريعي الجديد للأراضي السلالية بالمغرب، وهي نوع من الأراضي المملوكة للقبائل وكانت لا تستفيد النساء منها، حيث يقتصر توريثها على الذكور. غير أن الحكومة المغربية صادقت على مشروع قانون يجعل المرأة تستفيد من تلك الأراضي، ثم أقره البرلمان بعد ذلك.

حرص إيفانكا على هذا الجانب يأتي في سياق اهتمامها ببرنامج حكومي أمريكي، أطلقته واشنطن بمعية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، التي خصصت نحو خمسين مليون دولار كدفعة أولية لتطبيق قانون “الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية” في المغرب.

حظيت زيارة إيفانكا ترامب، إلى مدن مغربية لقضاء عطلتها الصيفية بمتابعة واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك على منصات الأخبار الدولية، خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية بالنظر لنوعية الزيارة واهتمامها بالمرأة وحقوقها.

ونشرت إيفانيكا ترامب التي حلت بالمغرب رفقة زوجها جاريد كوشنير على صفحته الخاصة بموقع التواصل الاجتماعي “إنستغرام” صورا تذكارية لها، بعدد من المدن المغربية، متغنية بجمال المناطق التي زارتها، إذ زارت مدينة الداخلة بالصحراء المغربية، مبدية إعجابها بشواطئها المعروفة عبر العالم والتي يرتادها محبو رياضة ركوب الأمواج. ولقيت صور ايفانكا تفاعلا كبيرا من قبل نشطاء مغاربة رحبوا بها بالمملكة، ومتابعين من مختلف بقاع العالم أشادوا بجمالية المغرب وكرم أبنائه.

انطلقت رحلة إيفانكا من مدينة طنجة، إذ حطت طائرتها في فاتح يوليوز 2020 بمطار ابن بطوطة الدولي بطنجة، حيث وجدت في استقبالها مجموعة من المسؤولين المدنيين والعسكريين. ونشرت إيفانكا ترامب، على حسابها في “أنستغرام”، صورا توثق زيارتها لطنجة ثم الدار البيضاء، التي خلدتها بصورة لمسجد الحسن الثاني. كما توجهت صوب الداخلة لتداعب الرمال وتلامس أمواجها الشهيرة..

وضمنت ابنة الرئيس الأمريكي، على صورتها اسم المغرب بالإنجليزية مع وضع أيقونة القلب تعبيرا عن سعادتها بالتواجد في مدينة الداخلة، وهو ما حظي بتفاعل كبير من طرف متابعيها على صفحتها الشخصية.

كما ظهرت إيفانكا خلال زيارتها لمدينة الداخلة، وهي تفترش الأرض وتلتحف السماء، متلفعة في زي “الملحفة” الصحراوي، في صورة أثارت آلاف التعليقات المشيدة بتواضع “ابنة الملياردير” وعفويتها.

أقامت الأميرة للا مريم، مأدبة عشاء على شرف إيفانكا ترامب في قصر الضيافة في الرباط. كما شهدت الزيارة توقيع عدد من الاتفاقيات الهامة بين الحكومة المغربية وهيئة تحدي الألفية الأمريكية.

 

طنجة المغربية وطنجة الأمريكية

حين حطت طائرة إيفانكا بمطار بوخالف في طنجة، حصل خلط طريف بين طنجة المدينة المغربية في شمال المملكة، وبين طنجة الجزيرة التي يغمرها الماء في أمريكا، والتي يطالب سكانها رئيس أمريكا دائما بإيجاد حل لالتهام أمواج المحيط الأطلسي لأرض الجزيرة التي سميت طنجة تيمنا بالمدينة المغربية التي كانت تتوقف فيها البوارج الأمريكية منذ قرون ووقع ربابنتها وبحارتها وجنودها في حب المكان.

عندما كانت أخبار جولة إيفانكا ورحلتها إلى المغرب، تتوالى في صفحات الجرائد الدولية وافتتاحيات كبريات الصحف، كانت أخبار البحارة في طنجة الأمريكية تظهر محتشمة، مما جعل بعض صحافيي الخليج وأوروبا الشرقية يعتقدون للوهلة الأولى أن بحارة مغاربة يستنجدون بالرئيس الأمريكي لإغاثتهم. إلى أن أعلن الرئيس أنه سوف يدرس إمكانية تطويق الساحل بسور طويل يقي السكان من ضربات الأمواج العاتية. وهو المشروع الذي جر على ترامب مجموعة من الانتقادات، خصوصا أن بعض مهندسي الموانئ كانوا قد اقترحوا مجموعة من الحلول، ليس من بينها أبدا بناء سور قد يكلف ميزانية ضخمة في وقت الأزمة.

أما أولئك الذين خلطوا بين البحارة المغاربة وبحارة طنجير الأمريكية، فيبدو أنهم لم يسبق لهم نهائيا زيارة المغرب. لأن البحارة الحقيقيين في طنجة، لا يهتمون كثيرا بأخبار تأثير الموج على الجبل، وكل اهتمامهم ينصب على المضاربات أثناء بيعهم لما يجود عليهم البحر به من أسماك.

هؤلاء البحارة المغاربة لا يعلمون أن هناك في أمريكا طنجة أخرى، يخلط الكثيرون بينها وبين المغرب.

 

زيارة محمد الخامس للولايات المتحدة الأمريكية بعد المنفى

بعد عودته من المنفى، اختار الملك محمد الخامس القيام بزيارة رسمية للولايات المتحدة سنة 1957، استغل هذه الزيارة للقيام بجولة في حديقة ديزني لاند، التي كانت قيد الاستكمال. قادت الرحلة ملك البلاد إلى كل من ويليامزبرغ، ودالاس ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو، وأوماها، وشلالات نياغرا، ونيويورك قبل عودته إلى المغرب.

كان حصول الملك الراحل محمد الخامس على الدكتوراه الفخرية، في ذلك التاريخ، حدثا استثنائيا، وغير معتاد. إذ لم يكن وقتها شائعا أن يحصل زعيم عربي على هذا التكريم والاعتراف الجامعي والأكاديمي. وهكذا دخلت هذه الزيارة التاريخ، بحكم أن الإعلام العربي وقتها ممثلا في وكالات الأنباء، احتفى بحصول الملك محمد الخامس على درجة الدكتوراه الفخرية، حتى أن بعض الصحف العربية مثل “الأهرام”، إحدى أقدم الصحف في العالم العربي، نشرت صورة مرفقة بتعليق تعلن فيه افتخار الأمة العربية قاطبة بهذا الاعتراف الأمريكي بشخصية الملك الراحل محمد الخامس.

كان الأمريكيون على أقصى درجات الترحيب بالملك محمد الخامس، حيث قرر الرئيس الأمريكي وقتها أن يتم إعداد برنامج غني لملك المغرب، لكي يتعرف على تجارب الولايات المتحدة في مجال الزراعة وصناعة الأدوية. وقد عرض فعلا مستشارون للرئيس أيزنهاور أن تتم برمجة شراكة في المجال الفلاحي والصناعي.

عندما قرر الملك الراحل محمد الخامس أن يزور الولايات المتحدة الأمريكية يوم 23 نونبر 1957، ويحظى باهتمام الأمريكيين قرابة أسبوعين، كان قد كتب تاريخا جديدا بين البلدين، بدأه بأول زيارة رسمية لملك مغربي إلى أمريكا في التاريخ. رغم أن العلاقات الودية المغربية الأمريكية تعود إلى سنة 1820، بينما المراسلات الأولى بينهما تعود إلى مرحلة 1780، مباشرة بعد استقلال أمريكا بفترة قصيرة. ولا حاجة طبعا إلى التذكير بأن الأمريكيين احتفلوا بزيارة الملك محمد الخامس، بعد ما عنونت صحف أمريكية مقالات حماسية تعلن من خلالها، أن ملك أول دولة في العالم اعترفت باستقلال الولايات المتحدة، يزور أمريكا ذلك اليوم.

لهذا السبب تحولت أرضية المطار، وشوارع واشنطن العاصمة، إلى خط بشري طويل من المتفرجين، وتابع أجواء وصول الملك الراحل إلى أمريكا الآلاف على شاشات التلفزيون. وكانت تلك أول مرة تحتفل أمريكا بطريقة “شعبية” بوصول زعيم عربي إليها.

جاء في الصحافة الأمريكية أن الملك محمد الخامس يزور البلاد في رحلة ودية. لكن الصحف، خصوصا “واشنطن بوست” و”نيويورك تايمز” عنونتا مقالات افتتاحية مفادها أن الملك المغربي سيناقش في البيت الأبيض بالتأكيد، ملف القواعد العسكرية الأمريكية في بلاده. وجاء في هذه المقالات أن الملك المغربي قد يطلب إجلاء الأمريكيين من تلك القواعد. واعتبرت هذه الصحف الأمر خطيرا، إذ إن أمريكا وقتها كانت تعيش على إيقاع الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفياتي، وكانت تحتاج إلى قواعد جوية وبرية متأهبة لصد أي هجوم سوفياتي على الولايات المتحدة، قبل أن يقطع المحيط، وكان الموقع الاستراتيجي للمغرب يسمح بهذه العملية.

ظهر الرئيس الأمريكي إيزنهاور في التلفزيون محتفيا بالملك محمد الخامس، وهما يتجهان في سيارة مكشوفة إلى مقر الإقامة في البيت الأبيض. كما أن جحافل من المصورين كانوا يرابطون أمام الفندق، الذي تحول إلى إقامة للملك محمد الخامس ومرافقيه، حيث إن صورة الملك الراحل بالجلباب المغربي والطربوش كانت تحظى باهتمام كبير من طرف الأمريكيين.

التقى الملك بوالت ديزني، جلسا سويا أمام قلعة سليبين بيوتي التي بنيت في منتجع ديزني لاند في أنهايم بكاليفورنيا، وافتتحت في 17 يوليوز 1955.

ظهر الملك محمد الخامس مع والت ديزني مبتسما بجانب بلوتو، الشخصية الكارتونية التي تم إنشاؤها سنة 1930 في شركة والت ديزني للإنتاج.

كانت تلك الرحلة الرسمية الأولى والأخيرة التي قام بها الملك محمد الخامس إلى الولايات المتحدة قبل وفاته بعد ثلاث سنوات. أما والت فقد توفي بعده بست سنوات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى