في إحدى مداخلاته، تحدث المرحوم عبد الهادي التازي، المؤرخ والأكاديمي المغربي، عن الإرهاصات الأولى للعلاقات المغربية الإماراتية، فقال: «كنت أحمل رسالة من الملك الحسن الثاني إلى الشيخ زايد، ففاجأني هذا الأخير وأنا أتحدث إليه عن المغرب وتقاليده وعاداته ومذهبه في الفقه الإسلامي، بسؤال غريب حين قال: هل يهوى المغاربة القنص بالصقور؟ وحين أكدت له أن المغاربة لهم ولع بهذه الهواية وأن قبيلة في دكالة تعنى بهذه الرياضة، ظهرت على محياه ملامح الابتهاج».
حمل السفير المغربي دعوة وجهها الحسن الثاني إلى الشيخ زايد فلقيت كل الترحيب، وقبل أن يغادر التازي الإمارات تلقى موافقة رسمية وفيها موعد الزيارة المرتقبة إلى المغرب، فكانت أول زيارة رسمية له خارج الإمارات إلى المملكة، صحيح أنها كانت قصيرة، لكن القدر شاء أن تكون بداية لعلاقات تجاوزت حدود الخطوط الدبلوماسية إلى علاقات عائلية.
إضافة إلى الجذور التاريخية، فإن الذكريات المشتركة بين البلدين لعبت دورا كبيرا في صناعة المواقف السياسية والاتفاقيات الثنائية بين المغرب والإمارات، خلال عقود من الزمن، وهو ما أعاد أمجاد التقارب بين البلدين منذ أيام الملك الراحل الحسن الثاني.
وبعدما أصبح الشيخ محمد بن زايد رئيسا لدولة الإمارات العربية المتحدة، عادت الصحافة الدولية لتنبش من جديد في أقوى ذكرياته وعلاقته بالمغرب، خصوصا وأن المحللين الدوليين بكبريات الصحف الدولية تحدثوا عن تقارب كبير في الرؤى والمواقف بين الملك محمد السادس ومحمد بن زايد، منذ أن كان الأخير وليا للعهد.
وتشهد الزيارات المتبادلة والاتفاقيات المبرمة، وهي بمنزلة عقود شريفة بين بلدين شقيقين، على عمق التجاوب العفوي بين شعبي البلدين، من مفكرين وأكاديميين ومؤرخين وتجار وأشخاص عاديين. ولذلك فقد اختار الملك محمد السادس دولة الإمارات العربية المتحدة لتكون أولى محطاته الدبلوماسية لما بعد جائحة «كوفيد- 19»، وهي الأولى للملك لهذا البلد الشقيق، بعد تولي أخيه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم في ماي 2022.
حجم التبادل التجاري بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية
تأسست علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية على نهج أخوي عميق، وعلى شراكة استراتيجية متعددة الجوانب؛ بالنظر إلى ما يربطهما من علاقات ثنائية وطيدة، راكم البلدان تجارب مهمة لأكثر من أربعة عقود – أي منذ تأسيس اللجنة المشتركة التي عقدت أولى دوراتها عام 1988. وعمل البلدان على تأطير وهيكلة العديد من المجالات والقطاعات الاستثمارية والتجارية الحيوية عبر حزمة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم، أبرزها اتفاقية التعاون الاقتصادي والفني التي وقعها البلدان وتم بموجبها تأسيس لجنة اقتصادية مشتركة، ظهرت نتائجها بشكل ملموس من خلال التدفق الوازن للاستثمارات الإماراتية نحو المغرب في مختلف القطاعات الصناعية والسياحية والعقارية والزراعية والطاقية، علاوة على النمو الكبير الذي شهده التبادل التجاري بين البلدين، بفضل تنفيذ اتفاقية التبادل الحر الموقعة عام 2001.
وبلغت قيمة التبادل التجاري بين البلدين 3.6 ملايير درهم خلال عام 2022، بنسبة نمو 16 في المائة، حيث تصدر دولة الإمارات العربية المتحدة المواد البترولية والكيميائية والتجهيزات الإلكترونية وتستورد مجموعة متنوعة من المنتجات، مثل المنتجات الفلاحية ومنتجات النسيج والفوسفاط ومشتقاته. إذ فاقت قيمة صادرات المغرب إلى الإمارات العربية المتحدة 1.41 مليار درهم خلال سنة 2022، مقابل 494.38 مليون درهم سنة 2018، وخلال النصف الأول من السنة الجارية تجاوزت قيمة الشحنات من المغرب إلى الإمارات مليار درهم. وبخصوص واردات المغرب من الإمارات العربية المتحدة، فقد ارتفعت من 7.68 ملايير درهم سنة 2018، إلى أزيد من 14.48 مليار درهم سنة 2022، وبلغت في النصف الأول من سنة 2023 ما مجموعه 8.37 ملايير درهم.
وتسعى دولة الإمارات العربية المتحدة إلى تعزيز المبادلات التجارية مع المغرب، لكي تصل إلى 7 ملايير دولار في غضون عشر سنوات من 800 مليون دولار في 2021، بما يفتح فرص الاستثمار الواعدة في أسواق البلدين وتعزيزها خلال المرحلة المقبلة، وبما يجعلها تجربة ملهمة وطموحة لما فيه صالح الشعبين الشقيقين.
حجم الاستثمارات الإماراتية في المغرب والقطاعات المستهدفة
عززت أهمية الموقع الاستراتيجي الذي يحتله المغرب، والإمكانات والفرص والبنية التحتية المتطورة التي يتوفر عليها من جاذبية الاستثمارات. إلى جانب هذا، تشكل مميزات الاقتصاد المغربي المتسمة بالمرونة والانفتاح والتنوع، وكذلك التكامل بين القطاع العام والخاص وتسهيل الإجراءات الإدارية والقانونية عناصر جذب زادت من إقبال الاستثمار الإماراتي على المملكة المغربية، الذي يسعى إلى تحقيق التكامل والتنمية المستدامة.
كما تشهد التدفقات التجارية والاستثمارية بين البلدين نموا مستمرا، حيث تعد الإمارات أكبر مستثمر عربي في المغرب والثاني عالميا بقيمة استثمارات بلغت أكثر من 50 مليار درهم (14 مليار دولار أمريكي) مع نهاية عام 2021، وبنسبة مساهمة وصلت إلى 21 في المائة من إجمالي رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب، وهو ما يعكس آفاق نمو التعاون والشراكة الاقتصادية بين البلدين، وتوقع مزيد من التعاون بين البلدين الشقيقين خلال الفترة المقبلة. وأسفرت مخرجات الدورة الأولى للجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، خلال سنة 2023، عن مضاعفة التبادل التجاري والاستثماري خلال السنوات السبع المقبلة، وتعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والصناعة والطاقة والخدمات اللوجستية.
وتركزت الاستثمارات الإماراتية في المغرب على مختلف القطاعات ذات الاهتمام المتبادل، بما تشمله من استثمارات في قطاعات الخدمات والسيارات والصناعة والاتصالات والزراعة والصحة والسياحة والعقارات والطاقة وصناعة الأدوية وغيرها من القطاعات الاقتصادية الواعدة. وفي المقابل تتنوع الاستثمارات المغربية في دولة الإمارات بين عدد من القطاعات الاقتصادية المهمة، ومن بينها العقارات والتأمين والأنشطة المهنية والتقنية.
الشركات الإماراتية بالسوق المغربية وحجم استثماراتها وأنواع المشاريع
تسعى دولة الإمارات إلى توسيع مجالات التعاون المشترك مع المملكة المغربية، كقوة اقتصادية صاعدة في القطاعات الاستراتيجية كافة. وتعمل حكومتا البلدين على إيجاد آليات عملية لترجمة تلك الشراكة الوثيقة في تعزيز نمو اقتصاد البلدين؛ من خلال العمل على تنويع مجالات التعاون الاقتصادي المشترك، وتيسير التدفق التجاري والاستثماري بين أسواق البلدين، وزيادة التجارة البينية غير النفطية. الأمر الذي جعلها تحتل المرتبة الأولى على صعيد الاستثمارات العربية بالمملكة المغربية بأكثر من 30 شركة إماراتية تعمل في مختلف القطاعات الاقتصادية؛ أهمها قطاع الطاقة، فقد أنشأت شركة أبو ظبي الوطنية للطاقة «طاقة» في منطقة الجرف الأصفر محطة الطاقة الحرارية، التي تلبي أكثر من نصف حاجيات المغرب من الكهرباء. وكذلك قطاع الخدمات، حيث تمتلك «اتصالات الإمارات» 53 في المائة من «اتصالات المغرب». إضافة إلى قطاع المال والأعمال، إذ تعتبر دولة الإمارات العربية المتحدة أول مستثمر في بورصة الدار البيضاء. وفي قطاع العقار والسياحة تستثمر شركات إماراتية عملاقة كـ«إيغل هيلز» و«إعمار» وغيرهما، بالإضافة إلى الشركات الإماراتية التي تستثمر قي القطاع الزراعي كشركة «الظاهرة».
مساهمات صندوق أبو ظبي للتنمية في المشاريع الإنمائية بالمغرب
يساهم صندوق أبو ظبي للتنمية في دعم المشاريع التنموية المهيكلة في مجموعة من القطاعات الحيوية بالمملكة المغربية، حيث مول 81 مشروعا تنمويا في السنين الأخيرة بقيمة إجمالية تصل إلى 9 ملايير درهم، إذ ساهمت تلك التمويلات في دعم وتنمية قطاعات رئيسية، من أهمها الموانئ والطرق والمواصلات بنسبة 20.5 في المائة، والتنمية الاجتماعية والخدمات التعليمية والرعاية الصحية بنسبة 27.4 في المائة، والإسكان بنسبة 21.9 في المائة، وقطاع الكهرباء والمياه بنسبة 9.6 في المائة من حجم التمويل الإجمالي.
ويحظى صندوق أبو ظبي للتنمية بعلاقات استراتيجية مع المملكة المغربية، بدأت منذ أكثر من ثلاثة عقود، وواصل دعمه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة في كافة القطاعات الاقتصادية، من خلال تمويل العديد من المشاريع الحيوية التي انعكست بشكل إيجابي على النواحي الاقتصادية المختلفة، وساهمت في تحقيق أهداف وتطلعات المملكة المغربية ودعم خططها وبرامجها التنموية.
ولم تقتصر نشاطات الصندوق على مشاريع محددة، بل ساهم الصندوق عبر العقود الماضية في تنمية قطاعات رئيسية في المغرب وتمويل مشاريع متنوعة في الموانئ والطرق، والتنمية الاجتماعية، إضافة إلى جهوده الكبيرة في دعم قطاعات التعليم والرعاية الصحية والإسكان، فكان الصندوق شريكا فاعلا في تقديم الدعم اللازم لتمويل بناء ميناء طنجة المتوسطي والمدار الطرقي المتوسطي، والقطار فائق السرعة، وكذلك بناء محطة السكك الحديدية في الدار البيضاء، إذ ساهمت المشاريع الممولة من قبل الصندوق في تحسين قطاع التعليم والصحة والإسكان، وتطوير خدمات النقل والمواصلات ومواكبة التطورات العالمية في هذا القطاع.
سعادة العصري سعيد الظاهري سفير الإمارات العربية المتحدة لدى المملكة المغربية لـ «الأخبار»:
«العلاقات بين البلدين مثال يحتذى به منذ عهد المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان والملك الحسن الثاني»
كيف تصف العلاقات بين دولة الإمارات والمملكة المغربية؟
ترتبط الإمارات العربية المتحدة والمملكة المغربية بعلاقات أخوية متميزة وراسخة، والتي تقوم على أسس متينة وتمتد جذورها عبر التاريخ، وتشهد المزيد من التطور والازدهار.
إن ما يجمع البلدين من علاقات متميزة يعكس حرص قيادة البلدين على تعزيزها وتطويرها والارتقاء بها، فهناك تعاون وتنسيق وثيقان بين البلدين على المستويات كافة، وانسجام وتوافق في الرؤى والمواقف في القضايا العربية والإقليمية والدولية كافة.
تعد العلاقات بين البلدين تاريخية ومتجذرة… كيف يمكن استثمارها في دعم جهود البلدين في تعزيز سبل التعاون بين الشعبين الشقيقين؟
تجسد العلاقات بين دولة الإمارات والمملكة المغربية نموذجا ومثالا يحتذى به في العلاقات الأخوية الصادقة والقائمة على الروابط القوية والمتميزة التي جمعت البلدين منذ عهد المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والملك الراحل الحسن الثاني «طيب الله ثراهما»، واللذين حرصا على تعزيز الروابط الأخوية والتعاون البناء بين البلدين في مختلف المجالات.
وتمثل الزيارات المتبادلة واللقاءات المستمرة بين قيادتي البلدين الالتزام المستمر بتعزيز التعاون الثنائي. فمنذ أن تأسست العلاقات الدبلوماسية قامت الدولتان بخطوات مهمة نحو تعميق العلاقات الثنائية وتعزيز التنسيق وتبادل وجهات النظر والمشاورات حول القضايا الثنائية والإقليمية والدولية. وهو ما يجسد عمق العلاقات الثنائية بين البلدين والشعبيين الشقيقين عبر التاريخ.
ما هي آفاق الزيارة الأخيرة وأهميتها في إطار جهود البلدين نحو تعزيز آفاق التعاون؟
يأتي لقاء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة «حفظه الله»، وصاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة خلال الزيارة التي قام بها جلالته إلى دولة الإمارات بدعوة من سموه في إطار تعزيز التعاون والتنسيق بين البلدين. وقد وقع الجانبان «إعلاناً نحو شراكة مبتكرة وراسخة»، وشهدا توقيع 12 مذكرة تفاهم بهدف تطوير مختلف مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والانتقال بها إلى آفاق جديدة تلبي تطلعات البلدين وشعبيهما إلى التنمية والنماء.
تعززت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين بتوقيع شراكات واتفاقيات في أكثر من مجال، ما هو تقييمك لهذه المبادرة التاريخية؟
يمكن القول إن هذه الشراكة المتجددة بين البلدين تشكل خطوة استراتيجية نحو تعزيز التعاون الثنائي وتوسيع آفاق العلاقات بين البلدين. إن توقيع عدة شراكات واتفاقيات يعكس التزام كلا البلدين بتوثيق الروابط الاقتصادية والاستثمارية بينهما، وهو ما يدعم فرص النمو والتنمية الاقتصادية للبلدين.
وتمثل هذه الشراكة أهمية كبيرة في التركيز على التعاون الاقتصادي والاستثماري المثمر وطويل الأمد، الذي يحقق بلا شك آثاراً إيجابية على اقتصاديات البلدين، والانفتاح المشترك على الأسواق الإقليمية والدولية.
كما يشكل نجاح تجربة الاستثمارات الإماراتية في المغرب دعما لبرنامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية لسنوات 2024-2029، ومواكبة لتطور البنية التشريعية والتنظيمية، التي تضمن فرصا استثمارية واعدة ومناخ أعمال جاذبا.
ما هي أوجه التعاون بين الإمارات والمغرب على مستوى الاستثمارات الاقتصادية؟
يحرص البلدان على اغتنام كافة الفرص للارتقاء بهذه العلاقات وهو ما تترجمه الزيارات واللقاءات والاجتماعات المتواصلة لكبار المسؤولين في البلدين والتي توجت في أبريل الماضي بعقد اللجنة الاقتصادية المشتركة الإماراتية – المغربية الأولى في الرباط برئاسة وزيري الاقتصاد في دولة الإمارات والمملكة المغربية.
ولا شك أن علاقة الشراكة الاقتصادية بين البلدين تمضي قدما لما فيه مصلحة البلدين، سيما في قطاعات النقل والخدمات اللوجستية والصناعة والتجارة والتكنولوجيا.
ونتطلع اليوم لمزيد من التعاون والتكامل بهدف تحقيق شراكة مبتكرة وراسخة وتفاهم سياسي يوطد العلاقات الثنائية والتعاون في المجالات كافة لما فيه خير البلدين والشعبين.
وبالنسبة للعلاقات التجارية، فقد شهدت التدفقات التجارية والاستثمارية بين البلدين نمواً مستمراً، حيث تعد دولة الإمارات أكبر مستثمر عربي في المغرب والثاني عالمياً بقيمة استثمارات تبلغ أكثر من 50 مليار درهم (14 مليار دولار أمريكي) مع نهاية عام 2021، وبنسبة مساهمة وصلت إلى 21 في المئة من إجمالي رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب.
كما يرتبط البلدان بالعديد من اتفاقيات التعاون في القطاع التجاري، ومن أهمها اتفاقية التبادل الحر الموقعة سنة 2001، والتي ساهمت في مضاعفة التجارة البينية خلال 2018 -2022.
وستشهد المرحلة المقبلة تدفقا هائلا للاستثمارات الإماراتية في عدد من مناطق المملكة المغربية، خصوصا التي تقدم مزايا وفرص واعدة للاستثمار في مختلف القطاعات الحيوية التي تستأثر باهتمام رجال الأعمال الإماراتيين.
في ظل ما يشهده العالم من متغيرات انعكست على المنطقة، كيف تصف دور الإمارات والمغرب في دعم الاستقرار والازدهار؟
تعكس العلاقات المتميزة بين البلدين الحرص المشترك على تعزيزها وتطويرها والارتقاء بها، فهناك تعاون وتنسيق وثيقان بين البلدين على المستويات كافة، وانسجام وتوافق في الرؤى والمواقف في القضايا العربية والإقليمية والدولية كافة.
وتعمل الدولتان معا على إيجاد حلول بطرق دبلوماسية وسلمية للقضايا العربية والإقليمية والدولية، كما تحرص الدولتان بشكل دائم على دعم الاستقرار السياسي والازدهار الاقتصادي، وهو ما يعكس الإيمان القوي للقيادة الرشيدة في البلدين بمبادئ الحوار والسلم والتسامح والعيش المشترك.
جمال بن سيف الجروان الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج في حوار حصري لـ«الأخبار»:
الإمارات أكبر مستثمر عربي في المغرب والثاني عالميا بقيمة استثمارات تبلغ أكثر من 20 مليار دولار أمريكي
عدد الشركات الإماراتية المستثمرة في السوق المغربية يتجاوز 30 شركة
تاريخ العلاقات يمكن أن يكون مصدر إلهام وقاعدة لبناء شراكة قائمة على الثقة
سيعمل مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج مع شركائه في المغرب على تعزيز الممكنات الداعمة
وقع صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، يوم الاثنين الماضي بأبو ظبي، تعهدا «نحو شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة بين المملكة المغربية ودولة الإمارات العربية المتحدة»، الذي يروم الارتقاء بالعلاقات والتعاون الثنائي إلى آفاق أوسع، عبر شراكات اقتصادية فاعلة تخدم المصالح العليا المشتركة وتعود بالتنمية والرفاه على الشعبين الشقيقين.
في هذا السياق التاريخي للزيارة الملكية الأخيرة للملك محمد السادس لدولة الإمارات الشقيقة، وفي محاولة لقراءة أبعاد ومرامي الاتفاقيات في شقها الاقتصادي، أجرت «الأخبار» حوارا مع سعادة جمال بن سيف الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، يقرب الرأي العام المغربي من تفاصيل الاتفاقيات في جوانبها الاستثمارية والاقتصادية.
حاوره: حسن البصري
ما تجليات الطفرة الكبيرة التي تشهدها العلاقات المغربية- الإماراتية المدعومة بدفعة قوية من قيادتي البلدين؟
تسير العلاقات بين البلدين بخطى حثيثة نحو الارتقاء والتطور، وتحظى دولة الإمارات بصورة إيجابية في الأوساط الرسمية والاقتصادية والسياسية والإعلامية والشعبية المغربية، بفضل التوجيهات الحكيمة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والدور الفعال والقوي لدولة الإمارات في مشاريع النماء والخير في كافة أنحاء المملكة المغربية. إن الزيارة التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى دولة الإمارات تعد جزءا من الجهود المستمرة لتعزيز العلاقات بين المغرب والإمارات وتؤكد على عمق العلاقات بين البلدين، وتشمل في شقها الاستثماري والاقتصادي التعاون في عدد من المشروعات واستكشاف آفاق جديدة في العديد من القطاعات، حيث كللت الزيارة بالتوقيع على 12 مذكرة تفاهم، وقعها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وصاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المملكة المغربية الشقيقة نصره الله وأيده. إعلانا نحو شراكة مبتكرة وراسخة وتجسيدا لطموح البلدين الشقيقين لإقامة شراكات اقتصادية استراتيجية مشتركة رائدة على مستوى الأسواق الإقليمية والدولية، بهدف تطوير مختلف مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والانتقال بها إلى آفاق نوعية أرحب تلبي تطلعات البلدين وشعبيهما إلى التنمية والنماء. وشهدت هذه العلاقات دعما قويا من قيادتي البلدين في مختلف المجالات.
ما تجليات التعاون الاقتصادي المغربي- الإماراتي؟
تجلى ذلك في التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، حيث شهدت العلاقات الاقتصادية تطورات هامة، بما في ذلك إبرام اثنتي عشرة اتفاقية تعاون في مجالات مثل النقل والقطار فائق السرعة، المياه، الطاقة، الفلاحة والصيد البحري، الموانئ والمطارات واللوجيستيات والسياحة، العقارات وتخزين المعلومات، وأنبوب الغاز المغرب- نيجيريا، ما يعكس التزامهما المشترك باستغلال الفرص الطموحة المتوفرة لتنويعها وتوسيعها إلى آفاق أرحب بما يحقق تطلعات البلدين وشعبيهما الشقيقين إلى التنمية والازدهار.
العلاقات المغربية- الإماراتية ترجع لبداية السبعينات، كيف يمكن استثمار هذا المعطى التاريخي في دعم جهود البلدين في تعزيز سبل التعاون بين الشعبين الشقيقين؟
تاريخ العلاقات يمكن أن يكون مصدر إلهام وقاعدة لبناء شراكة قائمة على الثقة والتفاهم المتبادل والاحترام المتبادل؛ وإن الذاكرة ستظل تحفظ إسهامات المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه إلى جانب المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني في بناء وترسيخ الأسس الأولى للعلاقات الإماراتية- المغربية، وإسهاماتهما الكبرى لعلاقات ثنائية دائمة قادت إلى الارتقاء بها إلى المستوى الرفيع الذي أصبحت عليه اليوم. دولة الإمارات أول دولة عربية تقرر فتح قنصلية لها في مدينة العيون في الصحراء المغربية، تعبيرا منها عن دعمها لسيادة المغرب على صحرائه، في المقابل المغرب من أوائل الدول التي دعَمت قيام اتحاد دولة الإمارات العربية. بشكل عام يمكن أن يكون مفتاحا هاما لاستثمار تاريخ العلاقات المشتركة بين المغرب والإمارات لبناء جسور للتفاهم والتعاون المستدام بين الشعبين، وتحقيق مستقبل مشترك مزدهر للبلدين وللمنطقة بأسرها، وواحدة من الطرق التي يمكن من خلالها استثمار هذا المعطى التاريخي هي من خلال تبادل الخبرات والمعرفة. يمكن للبلدين تعزيز التعاون في مجالات مثل التعليم والتكنولوجيا والابتكار، حيث يمكن تبادل الخبرات والممارسات الناجحة لتعزيز التعليم وتطوير الصناعات الحديثة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للبلدين الاستفادة من تاريخهما المشترك لتعزيز التبادل الثقافي بين الشعبين. يمكن تنظيم فعاليات ثقافية مشتركة، معارض فنية وأمسيات شعرية وموسيقية تسلط الضوء على التراث والثقافة الغنية في المغرب والإمارات.
هذا نوع من استثمار التاريخ في بناء الحاضر والمستقبل..
يمكن تعزيز الارتباطات الاقتصادية والتجارية من خلال استثمار التاريخ المشترك للعلاقات بين البلدين. يمكن توسيع نطاق التعاون في مجالات مثل السياحة والطاقة والبنية التحتية، وقطاعات الاقتصاد الجديد، سيما التكنولوجيا والأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة، وتوفير بيئة مشتركة للأعمال التجارية والاستثمار، بما يدعم رؤية الدولتين في التحول نحو القطاعات الاقتصادية الجديدة. علاوة على ذلك، يمكن للبلدين الاستفادة من تاريخهما المشترك لتعزيز التعاون في مجال البحث العلمي والابتكار وتطوير الصناعات الرقمية. يمكن تبادل الخبرات والتعاون في مجالات مثل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة المتجددة والتكنولوجيا البيئية.
إلى جانب الجانب الاقتصادي، تعززت العلاقات بين البلدين بتوقيع شراكات واتفاقيات في أكثر من مجال، ما تقييمك لهذه المبادرة؟
نحن سعداء بإعلان هذه الشراكة والتعاون، حيث يمتلك البلدان فرصا واعدة للاستثمار وموقعا جغرافيا مهماً يمكن من خلاله الوصول إلى أسواق رئيسية واستراتيجية في إفريقيا وآسيا، وتوقيع الأثنتي عشرة اتفاقية بين الإمارات والمغرب خطوة هامة وإيجابية بلا شك، حيث توفر هذه الشراكة المزيد من الفرص المهمة التي يمكنها تحقيق منافع متبادلة، ويؤكد نهج دولة الإمارات لتوسيع نطاق الشراكات وبحث الفرص الاستثمارية المشتركة وتطوير المشاريع الواعدة والترحيب بدخول القطاع الخاص من الجانبين لتنمية التبادل التجاري والاستثمارات بين البلدين. وفي هذا الإطار سيعمل مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج مع شركائه في الحكومة المغربية على تعزيز الممكنات الداعمة لوصول مجتمعي الأعمال والشركات الإماراتية والمغربية لدعم نمو أعمالهم واستثماراتهم وخلق شراكات مثمرة بينهم والوصول إلى أسواق أخرى في إفريقيا وآسيا، وعند تقييم هذه المبادرة يمكن النظر إلى عدة عوامل مهمة منها مثلا التنوع في المجالات، تأثيرها على المجتمع وخلق فرص العمل، وجذب استثمارات نوعية والتركيز على النتائج والآثار الإيجابية التي يمكن أن تخلفها هذه الشراكات والاتفاقيات على المدى الطويل.
من أوجه التعاون تنشيط الاتصالات بين مجتمع الأعمال في البلدين..
يحرص مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج على بناء شراكات استراتيجية وتعزيز التعاون وتوفير المزيد من الفرص والممكنات الداعمة لتعزيز توسيع أعمال الشركات الإماراتية العاملة في السوق المغربي في جميع القطاعات وتوفير مسارات جديدة لمجتمعي الأعمال في الإمارات والمغرب تسهم في بناء شراكات جديدة تدعم النمو المستدام لاقتصاد البلدين الشقيقين، ونعمل مع نظرائنا في المملكة المغربية على ذلك. وتشهد المجالات الاقتصادية والاستثمارية الإماراتية دينامية مميزة وفريدة في المغرب ولعلها من أبرز مؤشرات وإحصائيات التبادل التجاري والاستثماري بين دولة الإمارات والمغرب. وتعد وبنسبة مساهمة 21% في رصيد الاستثمارات الأجنبية المباشرة في المغرب مع نهاية 2021. الإمارات ثاني أكبر شريك تجاري عربي للمغرب خلال عام 2021.. و3.6 مليارات درهم قيمة التبادل التجاري بين البلدين خلال 2022 بنسبة نمو 16%. 290 مليون درهم إجمالي الاستثمارات المغربية في الأسواق الإماراتية بنهاية عام 2020. الاستثمارات الإماراتية في المغرب ترتكز على قطاعات الخدمات والسيارات والصناعة والاتصالات والزراعة والصحة والسياحة والعقارات والطاقة وصناعة الأدوية. عدد الشركات الإماراتية المستثمرة في السوق المغربية أكثر من 30 شركة أبرزها مجموعة شرف، ايليت اجرو، دبي القابضة، إعمار، إمكان، مجموعة بن حم، شركة الظاهرة الزراعية، شركة جنان الزراعية، شركة القدرة القابضة، طيران الاتحاد، طيران الإمارات، شركة الغرير للاستثمار..
ما خطتكم لإطلاق حملة ترويجية اقتصادية واسعة النطاق بين البلدين؟
نحن بصدد التحضير لعقد منتدى استثمار كبير في المملكة المغربية خلال عام 2024 ونعمل بشكل دؤوب على تحليل الأسواق ودراسة الفرص المتاحة، وتحفيز مجتمعي الأعمال والشركات الإماراتية على الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الرئيسية ذات الأولوية، وتعزيز الربط بين مجتمعات الأعمال الإماراتية والعالمية. ويواصل مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، من خلال دوره الحيوي كلاعب مؤثر على الساحة الاستثمارية الدولية، تعزيز التواصل المستمر بين المستثمرين وأصحاب القرار في الحكومات والقطاع الخاص على مستوى العالم، وقمنا بزيارتين إلى المملكة المغربية آخرهما كانت في شهر أبريل من هذا العام بحضور ممثلين من شركات القطاع الخاص الإماراتية وافتتحنا مركزا لوجيستيا جديدا لمؤسسة «أمريتس لوجيتيكس» فرع «مجموعة شرف» بمنطقة صناعة معدات السيارات بطنجة «أوتوموتيف سيتي»، التابعة للمنصة الصناعية لطنجة المتوسط.
كيف يمكن فتح آفاق ومجالات جديدة للعمل المشترك بين قطاعات الأعمال في البلدين؟
أوجه التكامل بين اقتصادي الإمارات والمغرب قائمة، هناك قاعدة مهمة من المصالح المشتركة بين دولة الإمارات والمغرب، والعلاقات الإماراتية- المغربية راسخة ومتميزة وتشهد نموا متواصلا.. والبلدان يمتلكان فرصا واعدة لتنمية الشراكة الاقتصادية مع وجود مجال واسع لتعزيز التعاون في القطاعات ذات الأولوية، ونحرص على تعزيز القواسم المشتركة في رؤية الجانبين بما يسهم في دفع التعاون الاقتصادي والاستثماري إلى مستويات جديدة خلال المرحلة المقبلة، ونتطلع إلى مواصلة العمل مع شركائنا في الحكومة المغربية لفتح آفاق جديدة ترسخ من العلاقات الثنائية بما يعزز من زيادة الاستثمارات المتبادلة، ويحفز مجتمعي الأعمال الإماراتي والمغربي على ضخ المزيد من الاستثمارات في أسواق البلدين.
في ظل ما يشهده العالم من متغيرات انعكست على المنطقة، ما رؤيتك للدور المغربي والإماراتي؟
في ظل التحولات الجيوسياسية والاقتصادية التي تشهدها المنطقة، يمكن أن يكون للمغرب والإمارات العربية المتحدة دور مهم عبر العمل المشترك والتعاون الوثيق، يمكن للمغرب والإمارات العربية المتحدة أن يلعبا دورا فعالا في تحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة والمساهمة في بناء مستقبل واعد لشعوبها وللشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل عام.
خالد الضنحاني.. خبير ثقافي رئيس مجلس إدارة جمعية الفجيرة الثقافية:
تعاطي المغرب والإمارات مع الملفات الإقليمية والدولية يتسم بالرصانة والاعتدال ودعم التعايش السلمي
البلدان يجمعهما الانتماء المشترك لسجل حضاري يتجسد في الثقافة الشعبية الصحراوية
حضورنا مميز في موسم طانطان وهذه مساهمتنا في إنشاء دار الشعر بتطوان ومراكش
الإمارات والمغرب دولتان ماضيتان في مضاعفة التبادل التجاري والاستثماري خلال السبع سنوات المقبلة، وتعزيز التعاون في مجالات التجارة والاستثمار والصناعة والطاقة والخدمات اللوجستية، بالإضافة إلى تشكيل فريق مشترك لدعم التواصل بين مجتمعي الأعمال في البلدين وتعزيز التعاون الاستثماري عبر عقد ورش العمل والندوات خلال المرحلة المقبلة ورفع سقف الرهانات الثقافية عاليا.
لكن على الصعيد الحضاري والثقافي، فالروابط الكثيفة والمتشعبة والغزيرة، أسهمت في فتح الباب واسعا لحدوث تلاقح ثقافي مبهر بين البلدين الشقيقين، وسمحت بإيجاد تفاعل مثمر للخبرات الثقافية على مستوى الشعر والمسرح والسينما ومختلف أصناف الفنون والإبداعات، مما خلق فسيفساء ثقافية خلاقة يسهر أصحاب المواهب والطاقات الفذة على إغنائها باستمرار، لتكتمل بذلك معالم هذه الطفرة في العلاقات المغربية الإماراتية على الصعيد كافة.
++++++++++++++++++++++++++
ما هي تجليات الطفرة الكبيرة التي تشهدها العلاقات المغربية الإماراتية المدعومة بدفعة قوية من قيادتي البلدين؟
إن جذور العلاقات التاريخية العميقة والانتماء الحضاري العريق والاهتمام الثقافي المشترك والروابط الاجتماعية الوثيقة، أثمرت مجتمعة علاقة إماراتية مغربية مميزة وواعدة على صعد كافة، وقد عرفت طفرة ملحوظة، تمخضت في الآونة الأخيرة عن شراكات اقتصادية مثمرة وفعاليات ثقافية فاعلة وعلاقات اجتماعية مثمرة، ترجمتها مذكرات التفاهم التي وقعت أثناء زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لدولة الإمارات.
والحديث عن الروابط التاريخية والأخوية، بين المملكة المغربية ودولة الإمارات ذو شجون ويتطلب رؤية موسعة وشاملة لخريطة هذه العلاقة ذات البعد الثقافي والاقتصادي، والسياسي والديبلوماسي والعسكري والأمني. وقد عرفت هذه العلاقة عصرها الذهبي المزدهر بفضل تعزيز الروابط الحضارية والثقافية وانتعاش مشاريع التنمية المشتركة وتنشيط الحركة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية الثنائية، فدولة الإمارات وبفضل الرؤية الثاقبة لقيادتها الرشيدة، تمكنت من أن تكون صاحبة المرتبة الأولى في مجال الاستثمارات العربية بالمملكة المغربية بقيمة تناهز 20 مليار دولار، بالإضافة إلى طفرة في الإنجازات العقارية والمشاريع السياحية والثقافية المتنوعة والمتألقة.
العلاقات المغربية الإماراتية ترجع لبداية السبعينات كيف يمكن استثمار هذا المعطى التاريخي في دعم جهود البلدين في تعزيز سبل التعاون بين الشعبين الشقيقين؟
تعود العلاقات الإماراتية المغربية لجذور تاريخية عميقة، وقد وجدت طريقا قويا لها سنة 1971 وذلك في عهدي الملك الحسن الثاني والشيخ زايد، رحمهما الله، حيث كان المغرب من أوائل المباركين والداعمين لقيام اتحاد دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي البذرة التى أوجدت في المستقبل بستانا خصبا من العلاقات المثمرة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية والإعلامية والسياحية والثقافية بين البلدين الشقيقين.
هناك روابط مشتركة تغذي هذه العلاقة؟
منذ ذلك الحين وبفضل القيادة الرشيدة للبلدين، ووعي كليهما بضرورة تقوية العلاقات بين الإمارات والمغرب والبحث عن الروابط المشتركة المغذية لهذه العلاقة التي بدأت في التشعب والترسخ والتزود بالقوة والثبات، وقد كانت مراعاة المصالح المشتركة والبحث عن الازدهار والتفوق ديدن هذه العلاقة، التي اشتد عودها وضخت فيها الإنجازات الاقتصادية والتجارية والروابط الحضارية والتفاعل الثقافي الهادف والمثمر، دماء شابة، جعلت هذه العلاقة تعرف طفرة غير مسبوقة على كافة الأصعدة، وقد فتحت الباب لتعاون كبير بين البلدين الشقيقين، وأحدثت تلاقحا ثقافيا واجتماعيا في منتهى الحضارة والتألق والنضج والرصانة والحرص على الاستمرارية والتزود بأسباب النجاح والصدارة دائما.
تعززت العلاقات بين البلدين بتوقيع شراكات واتفاقيات في أكثر من مجال، ما هو تقييمك لهذه المبادرة؟
إن المبادرات والاتفاقات المشتركة بين كل من دولة الإمارات والمملكة المغربية، هي بمثابة وقود لنجاح هذه العلاقة المميزة بين هذين البلدين الشقيقين على جميع الأصعدة، وهي خارطة طريق يمضي على دربها قادة هذين البلدين لمزيد البحث عن أسباب ترسيخ هذه العلاقة ونجاحها على جميع المجالات، وليس أدل على ذلك مما يشهده المشهد الثقافي الإماراتي المغربي من تفاعل وتلاقح للخبرات وتبادل للطاقات وإطلاق العنان للمواهب والاستثمار في العقول وترسيخ الروابط الحضارية المشتركة وتأصيل الانتماء الثقافي لكلا البلدين.
ما هي أوجه التعاون بين الإمارات والمغرب على المستوى الثقافي؟
إن ما يميز العلاقات المغربية الإماراتية وما يترجم نجاحها الفعلي، أنها شاملة ومتعددة الأوجه، حيث لا تنحصر في المجالات السياسية والاقتصادية فقط، بل تتسم بالاتساع والشمولية حيث تضم أيضا التعاون الثقافي. فدولة الإمارات لا تدخر جهدا في المشاركة الفاعلة في أبرز الفعاليات الثقافية والفنية التي تحتضنها المملكة المغربية.
فالقواسم الحضارية المشتركة بين دولة الإمارات والمغرب والروابط الاجتماعية العريقة، تتمحور أساسا حول الانتماء المشترك لهذين البلدين لسجل حضاري وموروث شعبي متغلغل في الصميم يتجسد في الثقافة الشعبية الصحراوية خاصة على مستوى الشعر والأمثال والحكاية الشعبية، وطقوس واحتفالات الخطوبة والزواج والاحتفال بالمولود وتقاليد الأعياد، بالإضافة إلى التراث الأدبي كالزجل والشعر المقفى وغيره.
هناك مذكرات تفاهم تجسد هذه الرؤية؟
لقد وقعت وزارة الثقافة المغربية ودائرة الثقافة التابعة لحكومة الشارقة بدولة الإمارات في 26 من فبراير 2016، على مذكرة تفاهم بشأن إنشاء مؤسسة تحمل اسم «دار الشعر» بمدينة تطوان، ومراكش، وهي تعمل على الرقي بالأذواق الشعرية وتوسيع نطاق تداول الشعر. واحتضنت أبوظبي معرض «الأسبوع المغربي التراثي بمركز أبوظبي الوطني للمعارض ونادي أبوظبي للفروسية»، وذلك تحت رعاية الملك محمد السادس والشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، طيب الله ثراه، تزامناً مع احتفالات الدولة باليوم الوطني الرابع والأربعين، بمشاركة العاهل المغربي سنة 2015. كما شاركت دولة الإمارات في الدورة العاشرة من مهرجان الدولي للشعر بمدينة الناظور في المملكة المغربية، برعاية «هيئة الفجيرة للثقافة والإعلام»، والذي نظمته «رابطة المبدعين المغاربة بالريف» برعاية وزارة الثقافة المغربية تحت شعار «المغرب.. أفريقيا جذور مشتركة»، بمشاركة عدد من الدول العربية والأفريقية والأوروبية، وتحرص الإمارات على المشاركة في موسم طانطان الثقافي بالمغرب والذي تسعى خلاله إلى تسجيل عناصر التراث المعنوي ضمن قائمة اليونسكو للتراث الإنساني غير المادي، ومخاطبة العالم حول هذا السجل التراثي العريق ودعوتهم للاطلاع عليه.
ما هي دلالات افتتاح الإمارات لتمثيلية ديبلوماسية في العيون؟
إن افتتاح دولة الإمارات العربية المتحدة قنصلية لها في مدينة العيون، باعتبارها تاسع تمثيلية ديبلوماسية يتم تدشينها في الصحراء المغربية، خلال مدة لا تتجاوز السنة، له دلالات عدة تحدث عنها بوضوح سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية حيث قال «إن دولة الإمارات حريصة على تطوير وتعزيز علاقاتها الثنائية مع الدول الشقيقة والصديقة وبناء جسور التواصل والتعاون معها بما يخدم مصالح وتطلعات دولنا وشعوبنا ويسهم في جهود التنمية والتطوير والتقدم في مختلف الأصعدة حيث أسست دولة الإمارات قاعدة متينة من العلاقات المتميزة مع الدول الشقيقة والصديقة من خلال نهجها وسياستها القائمة على الاحترام المتبادل والثقة والتعاون البناء وتعزيز السلام والاستقرار العالمي.. » هذه الخطوة تعد ترجمةً لعلاقات إماراتية مغربية تاريخية راسخة ولشراكة استراتيجية تقوم على أعلى المستويات أسسها المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الحسن الثاني منذ عام 1971 وعززت بمشاركة دولة الإمارات في «المسيرة الخضراء..كما أنها استكمالا لمسيرة متألقة من وحدة المصير والتعاون المستمر حرصت على دعمها وتطويرها قيادتا البلدين ووثقت سجلاً حافلاً من التميز، وافتتاح قنصلية لدولة الإمارات في مدينة العيون أحد النتائج الإيجابية للعلاقة الراسخة التي تربط البلدين الشقيقين وسيمثل تواجدها في الإقليم المغربي بمثابة دفعة كبيرة على مستوى العلاقات الثنائية بين البلدين في سبيل الارتقاء بها إلى آفاق أرحب».
فى ظل ما يشهده العالم من متغيرات انعكست على المنطقة، ما رؤيتك للدور المغربي والإماراتي؟
هناك دلالات عدة لهذه الخطوة الواعدة التي ترمي إلى العمل على مزيد من صقل العلاقة المشتركة بين البلدين، وفتح قنوات عدة لها للازدهار والتألق وحصد الثمار المشتركة في جميع المجالات.
إن الدور المغربي الإماراتي على صعيد التعاطي مع الملفات الإقليمية والدولية يتسم بالرصانة والاعتدال، ودعم التعايش السلمي والتنمية الاقتصادية والتعاون الحضاري واحترام حقوق الإنسان والحريات العامة، ودعم القضايا الإنسانية والحرص على الريادة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.