شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

نحنُ و«معاليه»..

 

مقالات ذات صلة

 

يونس جنوحي

 

كل دول العالم تنتظر ما سوف تسفر عنه السياسة الخارجية للرئيس الجديد دونالد ترامب في الأسابيع المقبلة، عندما يتم الإعلان عن اللائحة الجديدة لسفراء الولايات المتحدة في مختلف دول العالم.

سفراء سيبقون في مناصبهم، وآخرون سوف يُنقلون إلى دول جديدة، وأسماء سوف تتعرف لأول مرة على عالم الدبلوماسية، وسيحظى أصحابها بلقب «معاليه» لأول مرة في حياتهم.

الخارجية الأمريكية مطبخ تطهى فيه كل الوجبات على نار هادئة. مطعم لا مكان فيه للوجبات السريعة أو الخفيفة. الوصفات أمريكية خالصة، قلما تسربت مكوناتها إلى خارج مطبخ البيت الأبيض.

جمعتنا علاقات وطيدة بأغلب سفراء الولايات المتحدة في الرباط، وكلهم تقريبا غادروا متأثرين بالتجربة التي عاشوها في المغرب، بل منهم من اختار أن يعود إلى المملكة سائحا بدون أي بروتوكول، ولم يتوقع أن يُحتفى به مثل ما وقع في تسعينيات القرن الماضي، عندما احتفل المغرب بسفير أمريكي سابق. وهو ما جعل السفير يكتب في نادي الدبلوماسيين الأمريكيين المتقاعدين أن أهم تجربة دبلوماسية في حياته كانت في المغرب، بل أضاف في رسالته المفتوحة إلى نادي الدبلوماسيين المتقاعدين: «طوال أزيد من خمس وعشرين سنة قضيتها متجولا بين بلدان المعمور، تبقى تجربتي في الرباط، بالمغرب، واحدة من التجارب التي أثرت في حياتي. ليس بفضل التعدد الثقافي والغنى الطبيعي ولا حتى عراقة التقاليد في البلاد وما يرتبط بتاريخها، لكن أيضا لأنني حظيت هناك بعلاقات إنسانية ولمست فيها حفاوة استقبال جعلتها تبقى خالدة في ذاكرتي، وذاكرة أسرتي أيضا».

السيد ستيوارت روكويل يبقى أبرز مثال على مدى غنى تجربة سفراء الولايات المتحدة الأمريكية في المغرب. هذا الأخير الذي توفي في مارس سنة 2011، حظي خبر رحيله باهتمام الصحافة الأمريكية، بل وعادت جل الصحف إلى الكتابة عن مدى حساسية الظرفية التي اشتغل فيها سفيرا في الرباط، ولقاءاته المغلقة مع الملك الراحل الحسن الثاني، وانتشار الإشاعات التي نقلت أخبار مفادها أن واشنطن كانت تعلم بشأن انقلاب الصخيرات سنة 1971، والانقلاب الثاني الذي استهدف الطائرة الملكية سنة 1972. السيد روكويل كان أمام امتحان سياسي ودبلوماسي عسير، تمثل في التأكيد على دعم الولايات المتحدة للمغرب في ظرف مماثل، ونفي الأخبار التي تواترت عن علم الأمريكيين بما كان يحاك ضد استقرار النظام في المغرب، خصوصا وأن الانقلاب الثاني انطلق من القاعدة الجوية في القنيطرة، والتي كان الأمريكيون وقتها لا يزالون يتوفرون على مكاتب تابعة لهم في جناح من القاعدة، كما أن الطائرات التي استُعملت في الهجوم كانت أمريكية الصنع.

وما زاد من تأزيم العلاقات أن بعض الصحف نقلت كلاما مفاده أن السفير روكويل كان على اتفاق مسبق مع الانقلابيين، الذين هاجموا قصر الصخيرات، وأنه كان يرتدي بذلة صيفية بلون متفق عليه مسبقا لكي لا يستهدفه الانقلابيون. وهي المعلومة التي ظهر لاحقا أنها غير منطقية.

السيد روكويل هو الذي هندس زيارة نائب الرئيس الأمريكي إلى الرباط سنة 1972، أياما قليلة بعد الانقلاب الثاني، لكي تقدم الولايات المتحدة تأكيدها على رفض المحاولات الانقلابية المتلاحقة التي استهدفت المغرب، ونال بذلك احترام خصوم الولايات المتحدة، لأن قدره جعله يتبوأ منصب سفير الولايات المتحدة في الرباط، خلال واحدة من أصعب وأحلك المحطات التاريخية في التاريخ المشترك بين البلدين.

وبعد تقاعد السفير، توطدت العلاقات المغربية الأمريكية، وطويت صفحة الانقلابات العسكرية إلى غير رجعة، وانهار الاتحاد السوفياتي، وغادر السياسيون الذين كانوا يفضلون اللون «الكاكي» على بقية الألوان.

السفراء المعروفون بانتمائهم إلى التيار السياسي لباراك أوباما و«بايدن» يجمعون حقائبهم، بينما يستعد مستشارو الرئيس «ترامب» لتحضير لائحة سفراء جدد، لا شك أنها سوف تثير النقاش العمومي في الولايات المتحدة، والعالم أيضا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى