في هذا الحوار، الذي أجرته معه جريدة «الأخبار»، يستعرض مولاي إبراهيم العثماني، رئيس المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، أهم المنجزات التي تحققت في عهد الهياكل والأجهزة الحالية، بعد القرار الذي اتخذته السلطات بحل الأجهزة المسيرة السابقة إثر تسجيل اختلالات مالية وإدارية خطيرة. وأكد العثماني أن أجهزة التعاضدية المنتخبة، بتعاون مع الإدارة، نجحت في إنقاذ هذه المؤسسة واسترجاع ثقة المنخرطين بها. وبفضل هذه المجهودات تم اختزال المدة المخصصة لتنزيل المخطط الاستراتيجي الخماسي في ظرف ثلاث سنوات عوض خمس، وتكريس الحكامة والشفافية في التسيير والتدبير، وتقريب مختلف الخدمات من المنخرطين. واستعرض العثماني، كذلك، خطة العمل المستقبلية، حيث تم الانتقال من مرحلة البناء إلى مرحلة الاستثمار في المكتسبات وترشيد النفقات، وتحدث عن مساهمة التعاضدية بشكل فعال في الديبلوماسية الموازية من خلال رئاسة الاتحاد الإفريقي للتعاضد والاتحاد العالمي للتعاضد.
حاوره: محمد اليوبي
ورثتم إرثا ثقيلا منذ تحملكم مسؤولية رئاسة المجلس الإداري للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، كيف وجدتم هذه المؤسسة؟
عاشت التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية ما بين سنة 2010 وسنة 2019 صعوبات تدبيرية نتج عنها شبه توقف لبرامجها الاستثمارية الحيوية واضطرابات داخلية ونزاعات شغل كثيرة انتهى الكثير منها بإصدار أحكام قضائية بالتعويض لفائدة مستخدميها، وتوج كل ذلك بتطبيق الفصل 26 من ظهير 1963 نقلت بمقتضاه صلاحيات المجلس الإداري إلى متصرفين مؤقتين، حيث امتدت هذه المرحلة لسنتين متتاليتين، كان خلالها تركيز المتصرفين المؤقتين منصبا فقط على تنظيم انتخابات لجميع أجهزة التعاضدية فضلا عن تصريف الأعمال.
ومن الثابت أن المرحلة الأولى والفارطة، التي امتدت ما بين سنتي 2010 و2019، عرفت اختلالات تسييرية وتدبيرية رصدتها جميع لجن الافتحاص والمراقبة، وفي المرحلة الثانية الممتدة ما بين 2019 و2021، كان الاهتمام الأول هو العمل على التهييء والاستعداد للعملية الانتخابية مع التسيير العادي للمؤسسة. هذه السمات، التي طبعت المرحلتين المذكورتين، شكلت للمجلس الإداري الجديد إرثا ثقيلا كان يتعين عليه تسويته قبل الشروع في رسم خارطة طريق جديدة تعيد للتعاضدية إشعاعها وإلى إدارتها استقرارها، ووضع مخطط استراتيجي للنهوض بخدماتها وتقريبها من المنخرطين، إضافة إلى تسوية ملف ظل عالقا لأكثر من 15 سنة وهو تطبيق المادة 44 من القانون رقم 65.00.
بعد انتخابكم، ما الأولويات التي اشتغلتم عليها؟
مباشرة بعد تشكيل المجلس الإداري للتعاضدية، وضعنا نصب أعيننا مهاما تحظى بأولوية قصوى لدى المجلس الإداري الجديد ومكتبه المسير ورئاسته، وذلك من خلال العمل على تنزيل مجموعة من الأهداف، على رأسها إعادة هيكلة الأجهزة المنتخبة، وإعادة الاستقرار لإدارة التعاضدية العامة، واستنهاض دورة العمل داخل الشبكة الإدارية والتقنية للتعاضدية، مركزيا وإقليميا وجهويا، وتوفير مستلزمات ذلك، واسترجاع ثقة المنخرطين، وكذلك استخلاص الأموال المستحقة للتعاضدية، ثم عقلنة وحوكمة العمليات الانتخابية.
دعنا نبدأ من الهدف الأول، هل نجحتم في إعادة هيكلة الأجهزة المنتخبة؟
توجت جهود السادة المتصرفين المؤقتين بتنظيم انتخابات مناديب المنخرطين ما بين 28 شتنبر2020 و02 أكتوبر 2020. تلاه عقد جمع عام بتاريخ 10 يناير 2021 لانتخاب المجلس الإداري، ثم تشكيل المكتب المسير برئيسه واللجن المنبثقة عن المجلس الإداري بتاريخ 16 يناير 2021.
وفي يوم 19 يناير 2021 انتهت مهمة المتصرفين المؤقتين بتسليم مهام تدبير التعاضدية إلى رئيسها الجديد، حيث إنه، وبعد عودة صلاحيات تسيير المؤسسة إلى مجلسها الإداري الجديد، شرع هذا الأخير فورا في إعادة ترتيب البيت الداخلي للتعاضدية؛ حيث التأم في أول اجتماع له بتاريخ 19 و20 و21 مارس 2021 بعد انعقاد أول اجتماع لمكتبه المسير يوم 27 يناير 2021، حيث صادق المجلس الإداري بالإجماع على المخطط الاستراتيجي الإصلاحي الخماسي 2021-2025 إضافة إلى الميزانية السنوية للتعاضدية برسم سنة 2021؛ ثم دعا لعقد أول جمع عام بتاريخ 19 و20 و21 نونبر 2021 بمدينة مراكش، تقرر خلاله تعديل وإصلاح صندوق التقاعد والوفاة.
بعد نجاح مهمة إعادة الهيكلة، هل عادت أجواء الاستقرار لإدارة التعاضدية؟
فعلا بعد إعادة تنشيط عمل الأجهزة المقررة المنتخبة للتعاضدية، عملت على إعادة الاستقرار لإدارة التعاضدية، حيث سجلنا منذ الأيام الأولى لتسلم مهامنا أن إدارة التعاضدية كانت تعاني من عدم الاستقرار بسبب ما مرت به مواردها البشرية من كثرة التنقيلات وتعدد العقوبات والحرمان من بعض الحقوق، وتفشي المعاملات التمييزية بين المستخدمين الذين تعرض عدد منهم للتوقيف أو الطرد. فكانت بيئة الشغل، إذن، جد متوترة وتنازعية إلى حد خطير وغير مواتية لوسط مهني سليم.
هذه الحقيقة فرضت على المجلس الإداري الانكباب عليها قبل غيرها لأجل تصفيتها وتحرير جسم الموارد البشرية للتعاضدية من توترات عمودية وأفقية، مركزيا وإقليميا وجهويا. وقد تحقق هذا بفضل عمل لجان المجلس الإداري الأربع وهي لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة، ولجنة الشؤون القانونية، ولجنة الشؤون الاجتماعية والطبية ولجنة التواصل والاعلام.
علاقة بموضوع المستخدمين، ورثتم ملفات ثقيلة، كيف تمكنتم من تصفيتها؟
فعلا ورثنا ملفات ثقيلة ظلت تتراكم على مدى سنوات، وبفضل العلاقة الجديدة التي نسجتها الأجهزة الجديدة مع الإدارة، تمكنا بعون الله من تصفية هذه الملفات، ومنها إعادة إدماج المستخدمين المطرودين دون مبررات مهنية مقبولة بأثر فوري ودون تعويضات عن فترة الطرد؛ والذين بلغ عددهم 20 مستخدما، وإدماج 06 من المستخدمين الذين قضى القضاء بإعادتهم إلى وظائفهم، ومستخدم واحد لم يتم إدماجه لبلوغه حد السن القانوني للتقاعد، وأداء تعويضات بقيمة 2.636.953.31 درهم.
كما قمنا بتصفية ملف المتعاقدين ويهم 32 مستخدما كانوا يتمتعون بامتيازات أجرية استثنائية بمقتضى عقود شغل لا تتناسب مع شواهدهم الدراسية. وذلك عن طريق تخييرهم بين الإدماج في أسلاك التعاضدية حسب الدرجة التي تخولها لهم شواهدهم على غرار باقي زملائهم، أو فسخ عقود عملهم بالتراضي مقابل منحهم المستحقات المالية التي يمنحهم القانون إياها، وقد قبل أغلبهم الإدماج في حين فضلت مستخدمة واحدة فسخ عقد الشغل الذي يربطها بالتعاضدية بالتراضي تحت إشراف مفتش الشغل وتلقت إثر ذلك ما تستحقه من تعويضات، في حين فضل 6 متعاقدين اللجوء إلى القضاء لعدم رضاهم بالمستحقات القانونية المعروضة عليهم.
ومن بين المنجزات، تمتيع جميع المستخدمين بالترقيات التي يستحقونها لأن هذه الترقيات تم توقيف العمل بها منذ سنة 2016؛ وامتحان الكفاءة المهنية الذي توقف منذ سنة 2013، والتعويض عن التدرج الإداري لفائدة مستخدمي التعاضدية العامة المرتبين في سلم الأجور السادس ابتداء من فاتـح شتنبر 2022، وحذف السلم 5 ابتداء من تاريخ تطبيق المرسومين الصادرين في الجريدة الرسمية تحت رقم 6272 بتاريخ 10 يوليوز 2014 واستفادة (114) مستخدما من هذا الإجراء، وحذف السلم 7 ابتداء من فاتح يناير 2023 واستفادة عشرين (20) مستخدما من هذا الإجراء.
قمنا، كذلك، بتسوية الوضعية الإدارية للمستخدمين الذين تمت قهقرتهم ضدا على القانون وعددهم 53، واستطعنا سد الخصاص المهول في الموارد البشرية مركزيا وجهويا والمعبر عنه من طرف كل الأقسام والمصالح الإدارية والاجتماعية للمؤسسة، عبر توظيف 292 مستخدما على مدار سنتي 2021 و2022، مع الحرص على احترام مسطرة التوظيفات وإجراء المباريات تحت إشراف الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات وأيضا مكتب خارجي مختص في التنقيب عن الكفاءات وإجراء المباريات، مع الأخذ بعين الاعتبار احترام مستوى النسبة المئوية للكتلة الأجرية التي لم تتجاوز 28 بالمئة من مجموع النفقات.
وقمنا، كذلك، بإنجاز مشروع تعديلي للنظام الأساسي الموحد للمستخدمين لتحفيز وتشجيع الرأسمال البشري على بذل المزيد من الجهود وضمان الاستقرار المهني لشغيلة المؤسسة، وإعداد منظم هيكلي جديد من أجل تقسيم أمثل وعادل وتوزيع المهام والمسؤوليات بين الإدارات المختلفة وفق الرؤية الاستراتيجية للأجهزة المسيرة نحو التأسيس لإدارة عصرية حديثة وتثمين الرأسمال البشري، والرجوع إلى قاعدة المردودية والاستحقاق في توزيع العلاوات على كافة المستخدمين.
هل ساهمت هذه الإجراءات في تحسين مناخ عمل الأطر والمستخدمين واستنهاض دورة العمل داخل الشبكة الإدارية والتقنية للتعاضدية، مركزيا وإقليميا وجهويا؟
أؤكد لكم أنه، نتيجة للإجراءات التي تحدثت عنها سابقا، عاد الاستقرار إلى الموارد البشرية للتعاضدية ما مكنها من إعادة تنشيط دورة العمل داخل شريان إدارة التعاضدية.
ولا شك أن الظروف الاستثنائية التي مر بها مستخدمو التعاضدية أثرت سلبا على العمل والمردودية؛ على أن تصفية الأجواء، كما ذكرت سابقا، ساعدت على إعادة تنشيط دواليب الإدارة التعاضدية مركزيا وإقليميا وجهويا، وأقبل الجميع على القيام بالمهام التقنية والإدارية والتربوية كما هو متعارف عليها في التزاماتهم المهنية.
وبموازاة ذلك، عمل المكتب المسير على توفير جميع التجهيزات والآليات والأدوات والمواد والوسائل اللازمة للقيام بالمهام المطلوبة، كما تم إصلاح الكراسي والمعدات الطبية المعطلة وعددها 7، واقتناء كراس جديدة وحديثة وعددها 12، لتشغيل عيادات طب الأسنان التي توقف بعضها نهائيا عن العمل وعددها 36 عيادة.
وشمل تدخل المكتب المسير كل مرافق التعاضدية المتواجدة بكل الجهات والأقاليم، بدءا من الرباط ووصولا إلى جميع أقاليم المملكة العلوية الشريفة؛ بما في ذلك مركز أمل الرباط للأطفال في وضعية إعاقة الذي وجدناه يعاني من عزوف أولياء وآباء هذه الشريحة من ذوي الهمم، نتيجة الإهمال الذي طاله كبناية وكأجهزة. كما شملت هذه الإصلاحات جميع المقرات الإدارية للتعاضدية العامة نظرا لعدم صيانتها منذ ما يقارب 15 سنة، ويتعلق الأمر بعشر وحدات إدارية واجتماعية وصحية، إضافة إلى العمل على تهيئة مراكز الاستقبال بمختلف الإدارات التابعة للتعاضدية العامة ما جعلها تظهر بحلة جديدة تليق بمنخرطي هذه المؤسسة العتيدة.
وأقدمت الأجهزة المسيرة الحالية، أيضا، على خلق جهاز المراقبة العامة، الذي يناط به القيام بمهام المراقبة القبلية، لجميع الملفات ذات الطابع الإداري والمالي، قبل إحالتها على المكتب المسير، والتعاقد مع مكتب خارجي للافتحاص والمواكبة في إطار تفعيل المراقبة البعدية، ما مكن المكتب المسير من الحصول على شهادة إبراء الذمة برسم سنتي 2021-2022، في انتظار الحصول على الشهادة الخاصة بسنة 2023.
بعد اتخاذكم لهذه الإجراءات، ما النتائج التي تحققت على أرض الواقع لصالح المنخرطين وذوي حقوقهم؟
نتيجة لكل ما ذكر وغيره، حققت إدارة التعاضدية، في تنسيق وتعاون بين مختلف مكوناتها، وتحت إشراف وتتبع المكتب المسير، نتائج مطمئنة، نخص بالذكر منها، على سبيل المثال لا الحصر، ما تم خلال المدة الفاصلة بين 16 يناير 2021 و31 دجنبر2023 . فعلى مستوى ملفات المرض، تمت معالجة 4 ملايين و627 ألفا و80 ملفا كلفت التعاضدية مبلغ 369 مليونا 879 ألفا و238 درهما تم تحويله إلى المنخرطين.
وبخصوص ملفات التقاعد والوفاة، تمت معالجة 29537 ملفا حولت إثره مبالغ مالية بلغت 250.556.447.28 درهما إلى مستحقيها من المنخرطين وذوي حقوقهم.
وفي ما يتعلق بالخدمات الاجتماعية، تمت إعادة جميع عيادات الأسنان وعيادات الفحوصات الطبية ومراكز النظارات إلى الاشتغال، والتي قدمت خدماتها للمنخرطين بلغ عددهم 242161 مستفيدا ومستفيدة، وإعادة تشغيل وفتح دور الراحة في وجه المنخرطين وذوي حقوقهم، بعد إعادة ترميمها وإصلاحها وتجهيزها وتحديثها بعدما طالها الإهمال والتهميش، واستئناف العمل من جديد بمركز أمل أكادير للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة والتحاق 43 طفلا في انتظار إعادة تهيئته مستقبلا. كما عاد جميع الأطفال من الفئة نفسها إلى مركز أمل الرباط والذين يبلغ عددهم حاليا 117 بعدما تقلص عددهم إلى حوالي 26 طفلا، بعد إصلاحه وتأهيله بمواصفات دولية معمول بها في هذا المجال.
هل نجحتم في استرجاع ثقة المنخرطين؟
من الآثار السلبية التي خلفتها المرحلة السابقة 2010 و2019، بسبب تأخر تسوية ملفات المنخرطين وتباطؤ العمل الفردي والجماعي وتوقف عمل بعض الوحدات الصحية والاجتماعية، عدم رضى المنخرطين وتذمرهم؛ حيث إن البعض منهم عبروا عن ذلك صراحة عبر الشكايات والمراسلات التي توجهوا بها إلى الإدارة المركزية للتعاضدية أو إحدى ممثلياتها الجهوية والإقليمية.
وعليه، فإن إعادة تنشيط إدارة التعاضدية مركزيا وإقليميا وجهويا، ووحداتها الاجتماعية المختلفة داخل جميع المدن التي تتواجد بها التعاضدية العامة وكذا التعجيل بصرف المستحقات المالية المتعلقة بملفات المرض أو ملفات التقاعد والوفاة، كان لها انعكاس إيجابي على عمل المنخرطين المحبطين والذين بدأوا في إعادة الثقة إلى مؤسستهم التي يغذونها باشتراكاتهم.
وعلاوة على ذلك، بادرت الأجهزة المسيرة إلى اتخاذ جميع الإجراءات القانونية والتنظيمية والإدارية اللازمة لتصفية ملف كبير أضر بالحقوق المالية للمنخرطين، عندما أقدمت التعاضدية العامة سنة 2012 على فرض زيادة في الاشتراكات اقتطعت من رواتبهم دون مراعاة المسطرة القانونية المنصوص عليها في الظهير 1963؛ بحيث ارتفعت نسب الاشتراك في صندوق التقاعد والوفاة دون أن يرافقها ارتفاع في مبالغ التعويضات المخولة لهم.
هذه الزيادة غير القانونية أثرت بشكل كبير على علاقة المؤسسة بمنخرطيها، الشيء الذي حتم على المجلس الإداري الحالي التعجيل بمراجعتها، وذلك عن طريق دراسة إكتوارية تم عرض نتائجها أو بالأحرى أحد سيناريوهاتها المفضلة على أنظار الجمع العام 73 المنعقد بتاريخ 19 و20 و21 نونبر 2021 بمدينة مراكش، والذي قرر إدخال تعديلات إصلاحية على المواد المتضمنة بالنظام الأساسي للصندوق التكميلي عند الوفاة، وهو الأمر الذي ذهب إليه القرار الوزاري المشترك رقم1897.23 بتاريخ 20 يوليو 2023.
وتقررت، أيضا، إعادة الأموال التي وصلت لخزينة التعاضدية العامة من اقتطاعات شملت آلاف المنخرطين، حيث ستنطلق العملية بداية الأسبوع المقبل وذلك طبعا بتنسيق مع المؤسسات المشغلة، هذا بالإضافة إلى إعادة تشغيل مراكز الاستقبال ومراكز النداء ومصلحة الشكايات وفق الضوابط المعمول بها.
كل هذه الإصلاحات على مستوى الخدمات المقدمة للمنخرطين، والتي تمت على مدار النصف الأول من الولاية الانتدابية للأجهزة المسيرة الحالية، كان لها الأثر البالغ في استرجاع وإعادة ثقة المنخرطين بالتعاضدية العامة، وهو ما تجلى من خلال عدد المنخرطين الجدد الذين التحقوا بالمؤسسة منذ سنة 2021، تاريخ تولي الأجهزة الحالية دفة التسيير، والذي بلغ 39.200 منخرط جديد إلى غاية 31 دجنبر 2023.
عندما تحملتم المسؤولية وجدتم مبالغ مالية كبيرة لم يتم استخلاصها، هل تمكنتم من استرجاع الأموال المستحقة للتعاضدية العامة؟
لقد حرص المكتب المسير على إجراء كافة الاتصالات والمباحثات الضرورية لأجل تحصيل الموارد المالية المستحقة للتعاضدية، وبالخصوص من خلال تصفية القطاع المشترك الذي حصلت منه خزينة التعاضدية العامة على مبلغ 7 ملايير سنتيم، واسترجاع ما بذمة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي من الأموال المستحقة لعيادات الأسنان والفحوص الطبية ومركز ونقط بيع النظارات التابعة للتعاضدية وغيرها من الخدمات التي قدمتها التعاضدية لمنخرطيها والمفوترة لحساب الثالث المؤدي، وهكذا حول الصندوق الأخير إلى حسابات التعاضدية ما مجموعه 44.840.346.21 درهما، على أساس استرجاع ما تبقى من الديون المستحقة والبالغة قيمتها 122.188.888.47 درهما.
قمتم بإعداد المخطط الاستراتيجي للتعاضدية العامة 2021 – 2025، هل يمكن أن تحدثنا عنه؟
أعد المجلس الإداري للتعاضدية العامة مخططا استراتيجيا إصلاحيا طموحا صودق عليه بالإجماع خلال اجتماعه الأول المنعقد بتاريخ 19 و20 و21 مارس 2021 بمركز أمل الرباط، يتضمن عدة محاور أساسية، أهمها ربط المسؤولية بالمحاسبة وتصحيح الاختلالات والتجاوزات المالية والإدارية المرصودة، والاهتمام بقضايا المنخرط وجعل المندوب في صلب هذا الاهتمام، والاستثمار في الرأسمال البشري كرافعة للتقدم وقاطرة للإصلاح مع تحيين الترسانة القانونية والمساطر المعمول بها في هذا الشأن، وتفعيل دور الإدارة على المستويين المركزي والجهوي.
وتتجلى هذه المحاور، كذلك، في تنويع الخدمات وتوسيع مجالها وتقريبها من المواطنين، وتنمية الموارد المالية للمؤسسة والحفاظ على توازناتها المالية، وتطوير آليات التواصل مع المنخرط، وكذلك تعزيز آليات الحكامة والديمقراطية التشاركية مع وضع آليات للمراقبة الداخلية والخارجية، وتقوية العلاقات مع محيط المؤسسة الداخلي والخارجي، وتخليقها خاصة مع «الكنوبس» والوكالة الوطنية للتأمين الصحي والتعاضديات الشقيقة والوزارات الوصية.
وهكذا، شرعت الأجهزة المسيرة مبكرا في تنزيل ما جاء بالمخطط المذكور باعتباره تعهدا لأعضاء المجلس الإداري تجاه الجمع العام من جهة وتجاه منخرطي التعاضدية من جهة أخرى، حيث تم القيام بالخصوص بفتح أقطاب جهوية للتعاضدية في كل من العيون، مراكش، فاس، طنجة وقريبا وجدة، مع نقل العديد من اختصاصات الإدارة المركزية إلى هذه الأقطاب الجهوية، ومنها التصفية والمراقبة الطبية لملفات المرض، ومصلحة التحصيل، ومصلحة خدمات الاحتياط الاجتماعي، ومصلحة الشكايات، ومصلحة تدبير الملفات المرجوعة، ومكتب الضبط الجهوي، بالإضافة إلى مواعد الفحوصات الطبية.
وتم، أيضا، فتح تمثيليات إقليمية جديدة للتعاضدية بعدة أقاليم بعد عملية الإصلاح والتأهيل، وفتح وكالات خدمات للقرب من المنخرطين وعددها 33 بعدة مدن، بغية تقريب الخدمات الإدارية من المنخرطين وتقريب الحصول على مواعد الخدمات الطبية والصحية بأقرب وحدة إلى مقر مكتب القرب المعني، كما تمت تهيئة وإصلاح وتجهيز عيادات طب الأسنان بكل من أقاليم: العيون، مراكش1و2، فاس، مكناس، تازة، الناضور، الرشيدية، ورزازات، طنجة 1و2، خنيفرة، الجديدة، الداخلة وتمارة، وتهيئة وتأهيل عيادات للفحوص الطبية وعددها 11 في كل من: مراكش 1 و2 -كلميم – تازة – الناضور – طنجة – الخميسات – الداخلة – بني ملال – خنيفرة وورزازات، وكذلك مراكز للنظارات وعددها 13 في كل من: تمارة – الرشيدية – مراكش 1و 2 – فاس – تازة – أكادير – كلميم – طانطان – طنجة – الناضور – الداخلة – ورزازات.
وتم، كذلك، إصلاح وتأهيل مركز أمل الرباط للأطفال في وضعية إعاقة بمواصفات دولية معمول بها في هذا الشأن، وتسوية الوضعية القانونية للمركب الإداري المتواجد بشارع ابن سينا، والذي انتقلت ملكيته للتعاضدية العامة بعد تعثر هذا الملف لأكثر من عقدين من الزمن، وإعادة تشغيل دور الراحة بكل من مهدية وإفران بعد تأهيلها وإصلاحها، والشروع في هدم وإعادة بناء مركز جديد لدور الراحة بالمهدية الشاطئ بعد الحصول على الإذن من طرف سلطات الوصاية.
ومن بين الإنجازات المسجلة، إصلاح وتعديل النظام الأساسي للصندوق التكميلي للتقاعد والوفاة كما فصلته في النقطة السابقة، وتسريع صرف مستحقات المنخرطين المتعلقة بملفات المرض والتي أصبحت تصرف في حدود ثلاثة أشهر كحد أقصى على أمل تقصير هذه الآجال كما هو الشأن بالنسبة لصرف المستحقات المترتبة على ملفات الأمراض المزمنة وطويلة الأمد، وتسريع صرف مستحقات المنخرطين بالنسبة لملفات التقاعد والوفاة.
اشتغلتم، كذلك، على تعزيز التواصل الداخلي والخارجي للتعاضدية العامة، كيف ذلك؟
بالنسبة للتواصل الداخلي، دأبت الأجهزة المسيرة منذ توليها دفة المسؤولية على تعزيز التواصل مع مختلف مكونات التعاضدية العامة، من مندوبين منتخبين ومنخرطين، مع الحرص على إعمال مقاربة تشاركية تروم ضمان انخراط الجميع في النهضة التنموية التعاضدية التي بدأت ملامحها تظهر بشكل جلي، مع بداية التنزيل الفعلي للمخطط الاستراتيجي الخماسي الإصلاحي 2021-2025، خاصة في الشق المتعلق بسياسة القرب ومخطط الجهوية المتقدمة، تأسيسا على التوجيهات الملكية ذات الصلة بالموضوع. وقامت التعاضدية العامة بفتح قنوات للتواصل المباشر مع المندوبين المنتخبين، عبر إحداث دار التواصل هدفا في تسهيل مأموريتهم والاستجابة لاستفساراتهم ومتطلباتهم، ومن خلالهم متطلبات منخرطات ومنخرطي القطاعات التي ينتمون إليها، فضلا عن تنظيم دورات تكوينية جهوية وخلق مكاتب جهوية للتنسيق.
وتبعا للإصلاحات العميقة التي همت الترسانة القانونية للتعاضدية العامة، خاصة ما يرتبط منها باهتمامات المنخرط سواء تعلق الأمر بالقوانين والأنظمة الخاصة بانتخاب الأجهزة، أو تلك المتعلقة بإصلاح النظام الأساسي للصندوق التكميلي عند الوفاة، تم تنظيم لقاءات تواصلية مباشرة وتفاعلية مع المنخرطين بمختلف جهات المملكة بهدف تسليط الضوء على مضامين هذه التعديلات، خاصة المتعلقة بمنح التقاعد والوفاة، وطمأنة المنخرط على إيجابية هذه الإصلاحات وعدم انعكاسها على القدرة الشرائية للمنخرطين، وذلك هدفا في استتباب سلم اجتماعي مستدام، وهو ما جعل المنخرطين يقبلون بصدر رحب هذه التعديلات على مستوى الصندوق التكميلي عند الوفاة، وعدم انزعاجهم من الاشتراكات التي تمت مراجعتها على هذا الأساس.
وشهدت هذه اللقاءات، أيضا، عروضا بحصيلة الإنجازات التي تم تحقيقها خلال هذه الحقبة التدبيرية من عمر الأجهزة المسيرة، فضلا عن إماطة اللثام عن اللبس الحاصل لدى المنخرطين في ما يتعلق باختصاصات ومسؤوليات وصلاحيات وخدمات كل من التعاضدية العامة والصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، كما كانت المناسبة سانحة لتلقي ارتسامات وإرهاصات ومعاناة ومشاكل المنخرطين، خاصة في ما يتعلق بالتعويض عن ملفات المرض، والرد عليها.
للإشارة، فقط، فإن هذه اللقاءات عرفت حضورا ملفتا للأنظار ولاقت استحسان الجميع، وبطبيعة الحال، لا يجب إغفال لقاءات العمل التي تمت في إطار المشاورات الرامية إلى تعزيز دور التعاضدية العامة في المشهد التعاضدي، والمذاكرة بشأن المستجدات التي عرفتها المنظومة الصحية وقطاع الحماية الاجتماعية بالمغرب، ومن أهمها اللقاءات التي تمت مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية.
أما بالنسبة للتواصل الخارجي، لم يكن المغرب غائبا عن الحضور في التنظيمات والأنشطة الدولية للتعاضد، حيث أصبح عضوا في الجمعية الدولية للتعاضد كما قام بتأسيس الاتحاد الإفريقي للتعاضد وربط علاقات وطيدة مع اتحاد أمريكا اللاتينية للتعاضد ODEMA علاوة على انخراطه في الاتحاد العالمي للتعاضد.
انتخبتم على رأس أجهزة الاتحاد الإفريقي للتعاضد، ما أهمية هذه المنظمة بالنسبة للمغرب؟
كان للمملكة المغربية فضل كبير في تأسيس الاتحاد الإفريقي سنة 2007 عندما حملت التعاضدية العامة على عاتقها كافة مراحل تأسيس هذا الاتحاد التي انطلقت يومي 15 و16 يونيو 2006 بالرباط لتنتهي بعقد الجمع العام التأسيسي لهذا الاتحاد يوم 28 نونبر 2007. غير أن المرحلة التي عاشتها التعاضدية ما بين 2010 و2019 لم تستثن من آثارها السلبية موقع المغرب داخل الاتحاد الإفريقي رغم استمرار رئاسته من طرف ممثل المغرب.
هكذا، وبعد تجديد هياكل التعاضدية العامة وتنشيطها وإعادة الاستقرار إلى إدارتها، بادرت بالدعوة إلى تجديد هياكل الاتحاد الإفريقي للتعاضد، حيث بدأت بالمشاورات وانتهت بعقد جمعه العام بتاريخ 12 و13 مارس 2022 بمدينة سلا، نتج عنه تجديد مجلس إدارته ومكتبه التنفيذي ولجانه الوظيفية. وعاد المغرب كما كان قويا داخل الاتحاد الذي يوجد مقره الدائم بالرباط.
وتبعا لذلك صادق مجلس الاتحاد الإفريقي للتعاضد على مخططه الاستراتيجي 2027-2023 بتاريخ 13 شتنبر 2023 ثم شرع على الفور في تنزيل بعض مقتضياته، وبالخصوص إحداث مكاتب جهوية للاتحاد بإفريقيا وعلى رأسها المكتب الجهوي لشمال إفريقيا.
ولهذا الغرض أشرفت بتاريخ 27 دجنبر 2023 على إحداث هذا المكتب الذي أسندت رئاسته إلى ممثلة تونس في حين عاد منصب نائب الرئيسة إلى ممثل المغرب في شخص رئيس التعاضدية العامة للبريد والمواصلات، فيما أسندت رئاسة لجنة المالية إلى مدير التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية.
هذا الحضور القوي للتعاضدية العامة داخل هذه المنظمة القارية يشكل أهمية كبيرة لصالح المغرب ويعمل على تعزيز تواجده بمختلف المحافل الدولية للدفاع عن قضية وحدته الترابية التي تعتبر من بين أولويات الديبلوماسية الموازية التي ننخرط فيها وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
في هذا السياق، كيف هو حضور التعاضدية العامة داخل الاتحاد العالمي للتعاضد؟
هناك حضور قوي، وتجلى ذلك من خلال حضور العديد من اجتماعات مكتبه التنفيذي بعد تولينا منصب النيابة الأولى لرئيس الاتحاد العالمي للتعاضد، كان آخرها بتاريخ 03 نونبر2022 بمدينة بوينس أيريس بدولة الأرجنتين، حيث تم اتخاذ قرار تاريخي تمثل في عقد الجمع العام لهذا الاتحاد بمدينة العيون بالمملكة المغربية.
هذا الجمع العام، الذي اطلع من خلاله ممثلو التعاضديات المنضوية تحت لواء الاتحاد العالمي للتعاضد والمنتمية إلى أكثر من قارة، خاصة أمريكا اللاتينية، على المسار التنموي الذي شهدته الأقاليم الصحراوية المغربية المسترجعة منذ عودتها إلى أرض الوطن سنة 1975. ولم يخف الحضور الكثيف، الذي شارك في الجمع العام، إعجابه بما تحقق لفائدة ساكنة المنطقة، خاصة تمتعها بتغطية صحية إجبارية في إطار التأمين الأساسي الإجباري عن المرض وتغطية تكميلية وخدمات طبية واجتماعية داخل مقرات التعاضدية العامة الجهوية والإقليمية بجهة العيون – الساقية الحمراء؛ علاوة على إعجابه بمستوى النهضة البشرية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية.
هناك من يتحدث عن وجود حالة تناف بين تدبير التأمين الإجباري عن المرض وتدبير الوحدات الطبية، ما ردكم؟
رغم أن المادة 44 من القانون رقم 65.00 تمنع الجمع بين تدبير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض وتدبير الوحدات الطبية، إلا أن التنفيذ الفعلي لمقتضيات هذه المادة عرف أخذا وردا لمدة طويلة تجاوزت 15 سنة؛ نظرا لعدم اتضاح الرؤية وصعوبة إيجاد صيغة قانونية تفي بالغرض المطلوب.
التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية ليست مدبرا مباشرا للتأمين الإجباري عن المرض، لكنها أصبحت مدبرا لجزء من هذا التأمين عن طريق التفويض الذي تلقته بشأنه من طرف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي بواسطة اتفاقية 2006.
وعلى غرار باقي التعاضديات الشقيقة، طلبت الوزارة الوصية من تعاضديتنا، في أكثر من مناسبة، اقتراح ما تراه ملائما لأجل رفع حالة التنافي المنصوص عليها في المادة 44 من القانون 65.00.
وبعد مشاورات مكثفة مع مديرية الحماية الاجتماعية للعمال بوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، تم الاتفاق على ضرورة إيجاد الصيغة المناسبة التي من شأنها رفع التنافي المذكور، وعرض هذه النقطة على أنظار الجمع العام 76 للتعاضدية العامة بهدف اتخاذ القرار المناسب، هذا الأخير الذي قرر ضرورة تطبيق المادة 44 وخلق تعاضدية جديدة لتدبير هذه الوحدات، مع إحالة هذا الملف على المجلس الإداري وكذا اللجن المنبثقة عنه لتعميق الدراسة وتهييء مشروع نظام خاص لتدبير هذه الوحدات الاجتماعية المملوكة للتعاضدية العامة من قبيل عيادات طب الأسنان، ومختبر صناعة الأطقم والأسنان، وعيادات الفحوصات الطبية، ومراكز النظارات، ودور الراحة، وكل وحدة اجتماعية أخرى ستحدثها التعاضدية العامة لتقديم خدمات علاجية أو طبية أو صحية لمنخرطيها، حيث نشتغل على استصدار ترخيص لإحداث مختبرات للتحاليل الطبية.
في سابقة من نوعها، قمتم بتعديل النظام الأساسي لحصر مدة انتداب الرئيس في ولايتين فقط، لماذا أدخلتهم هذا التعديل وأنتم أول المعنيين به؟
النظام التعاضدي، المغربي على وجه الخصوص، يمتاز بالاختيار الديموقراطي لأجهزة تسييره، كما هو منصوص عليه في ظهير 1963، إذ إن جميع الأجهزة المسيرة من جمع عام ومجلس إداري ومكتب مسير ولجنة المراقبة تنتخب بالاقتراع المباشر. غير أن تكرار العمليات الانتخابية وقصر مدة ولاية الأجهزة المنتخبة، خاصة المجلس الإداري والمكتب المسير، وإلزامية انتخاب الرئيس كل سنتين، كما هو منصوص عليه في النظام الأساسي للتعاضدية العامة، انعكس سلبا على استقرار واستمرار السياسات المتبعة وضمان التنفيذ الفعلي لبعض المشاريع المسطرة أو ضمان إتمامها.
ولتجاوز هذه الوضعية، باشر المجلس الإداري إجراءات تعديل النظام الأساسي للتعاضدية بغية عقلنة وحوكمة العمليات الانتخابية، بتقليص تكرارها داخل مدد قصيرة، من خلال تمديد المدة الانتدابية لأعضاء الأجهزة المنتخبة وضمان تداول ديمقراطي داخل هذه الأجهزة.
وهكذا صدر القرار الوزاري المشترك رقم 3377.22 بتاريخ 06 دجنبر 2022، والذي قام بالمصادقة على تعديل المواد 19 و23 و32 من النظام الأساسي للتعاضدية لتحقيق الهدف المذكور أعلاه، بحيث أصبحت الانتخابات تتم على الشكل التالي: من خلال تجديد نصف أعضاء المجلس الإداري كل ثلاث سنوات، بدل تجديد ثلثه كل سنتين، وتجديد أعضاء المكتب المسير كل ثلاث سنوات بدل سنتين، وانتخاب رئيس المجلس الإداري للتعاضدية مباشرة من طرف الجمع العام لمدة ست سنوات، بدل انتخابه من طرف المجلس الإداري كل سنتين، وحصر ولاية الرئيس في ولايتين فقط.
هذه التعديلات أثرت إيجابا على السير العام لأجهزة التعاضدية وإدارتها من حيث منحها مدة استقرار أطول بعيدا عن المشاحنات الانتخابية التي كانت تتم كل سنتين كما ساهمت في تقليص مصاريف انعقاد الجموع العامة واجتماعات الأجهزة المنتخبة، ناهيك عن ضمان التداول على تدبير شؤون منخرطي التعاضدية بمنع حق الانتداب لمدد غير محددة، خاصة بالنسبة للرئيس الذي أصبح ينتخب لولاية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة.
سؤال أخير، ما تصوركم للمرحلة المقبلة من ولايتكم؟
جدير بالذكر أن هذه المشاريع الإصلاحية الكبرى والمبادرات الهادفة التي قامت بها الأجهزة المسيرة الحالية، والمسطرة بالمخطط الاستراتيجي الخماسي 2021-2025، هي في الحقيقة كانت مبرمجة ومتوقعة التحقيق على مدار خمس سنوات، ولكن نظرا للطبيعة الخاصة لهذه المؤسسة، ودورها الاجتماعي وكذا التوجه العام للدولة، ارتأت الأجهزة المسيرة تحقيق هذه البرامج خلال النصف الأول من ولايتها الانتدابية وهي ثلاث سنوات.
ومما لا يدع مجالا للشك أن هذه المشاريع والإصلاحات الكبرى والضخمة كلفت هذه الأجهزة وإدارة المؤسسة جهدا كبيرا واستماتة وانخراطا كليا ومسؤولا من طرف جميع المتدخلين، سواء من المنتخبين أو الأطر الإدارية، كما تطلبت من الأجهزة المسيرة رصد ميزانية مالية مهمة، لتحقيق وتنفيذ تلك البرامج، وذلك طبعا مع الحرص الشديد على الحفاظ على التوازنات المالية للمؤسسة.
ومن الأكيد، أيضا، أن هذه الإصلاحات والبرامج الاجتماعية الخلاقة، التي تم تنزيلها على أرض الواقع، أعادت للمؤسسة بريقها وإشعاعها ووضعها الطبيعي وسكتها الصحيحة، وذلك بفضل تضافر الجهود والدعم القوي والمواكبة الواقعية والمسؤولة لسلطات الوصاية، مشكورة، من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الاقتصاد والمالية وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي. ولأجل الحفاظ على هذه المكتسبات سيكون من اللازم على الأجهزة المسيرة الحالية مستقبلا، وخلال النصف الثاني من الولاية الانتدابية، الانكباب بكل مسؤولية على تهييء برنامج عمل دقيق يهدف للاستثمار في ما تم إنجازه لحد الآن، والعمل على ترشيد النفقات وتوجيهها بشكل حكيم ودقيق، مع الحفاظ على المسعى الأساسي نحو تحقيق وتثبيت العدالة الاجتماعية والمجالية، وتسهيل ولوج المنخرطين للخدمات المسداة دون استثناء أو تمييز، بمختلف ربوع المملكة المغربية الشريفة تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.