محمد اليوبي:
ترأست نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، أول أمس الأربعاء بمقر وزارة الاقتصاد والمالية، الاجتماع الأول للجنة إصلاح أنظمة التقاعد التي تندرج في إطار تنفيذ مخرجات الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني للحوار الاجتماعي، الموقعين في 30 أبريل الماضي، ما بين الحكومة والمركزيات النقابية والمنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين.
وأكدت الوزيرة على أن إصلاح أنظمة التقاعد يمثل ورشا «استراتيجيا» يطمح إلى استكمال مسلسل طويل من الإصلاحات، مع وضع منظومة للتقاعد بقطبين، «عمومي» و«خاص»، بما يمكن من ضمان حقوق المنخرطين الحاليين والمستقبليين. وأشارت في هذا الصدد، إلى أن إحداث هذه اللجنة نابع من إرادة الحكومة والنقابات والجمعيات المهنية للمشغلين، لإطلاق إصلاح لأنظمة التقاعد في إطار حوار مفتوح وبناء بين مختلف الشركاء.
وأوضحت نادية فتاح أن الهدف يكمن في وضع منظومة للتقاعد بقطبين «عمومي» و«خاص»، طبقا لتوصيات اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح نظام التقاعد لسنة 2013. وسجلت أن هذه اللجنة تمثل رافعة هامة لاستئناف الحوار حول هذا الورش الاستراتيجي، كما تتيح الفرصة لتبادل الآراء مع الشركاء الاجتماعيين حول تطلعاتهم .
وفي هذا السياق، أوضحت وزيرة الاقتصاد والمالية أن لجنة إصلاح أنظمة التقاعد تعد آلية مثلى لاستئناف الحوار حول هذا الورش الاستراتيجي، وفرصة لمناقشة تطلعات الشركاء الاجتماعيين. وفي هذا الاطار، صادق المشاركون على منهجية عمل اللجنة والبرمجة الزمنية المحددة لأشغالها، واللتين ستمكنان من بلورة الإطار العام للإصلاح وخارطة الطريق لتنزيله، وذلك قبل الجولة المقبلة للحوار الاجتماعي.
ورحب ممثلو المركزيات النقابية والمنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين، في مداخلاتهم، بهذه المبادرة، معبرين عن تطلعاتهم بخصوص أهداف هذا الورش. وفي هذا السياق، أعرب المشاركون عن تأييدهم لمنهجية عمل اللجنة والبرمجة الزمنية لأشغالها، والمدعوة للتوصل إلى سيناريو للإصلاح وخارطة طريق لتنزيله، قبل الجولة المقبلة من الحوار الاجتماعي.
وأفاد مصدر نقابي شارك في الاجتماع بأن الوزيرة لم تقدم خلال الاجتماع أي سيناريو لإصلاح أنظمة التقاعد، واكتفت بتقديم تشخيص لوضعية صناديق التقاعد، مؤكدة أن احتياطيات الصندوق الوطني للتقاعد ستنفد ابتداء من سنة 2027، وشددت على ضرورة الإسراع بالإصلاح، الذي أصبح يفرض نفسه بشكل مستعجل. وأكد المصدر أن اللجنة ستنهي أشغالها في ظرف ستة أشهر، حيث سيتم الاتفاق على وصفة لإصلاح أنظمة للتقاعد، قبل بلورتها في شكل نصوص قانونية ستعرض على أنظار البرلمان في شهر ماي المقبل، وستدخل حيز التنفيذ ابتداء من سنة 2024.
وشارك في هذا الاجتماع ممثلو المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية (الاتحاد المغربي للشغل، والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، ومنظمات وجمعيات مهنية للمشغلين (الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية). كما حضر هذا الاجتماع ممثلو القطاعات الوزارية المعنية، وهيئة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، والصندوق المغربي للتقاعد، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي .
وسبق للمجلس الأعلى للحسابات أن دق ناقوس الخطر، محذرا من إفلاس صناديق التقاعد بالمغرب، وأوصى المجلس بالشروع، في أقرب الآجال، في عملية الإصلاح البنيوي عن طريق تسريع وتيرة الإصلاحات المعيارية، وإجراء دراسة مستعجلة للإشكالية المتعلقة بخطر السيولة التي سيواجهها نظام المعاشات المدنية على المدى القصير، من خلال استهداف آلية تمويل مبتكرة تحد من التأثير المرتقب على ميزانية الدولة.
وفي سنة 2020، أنجز المجلس مهمة رقابية بشأن أنظمة التقاعد، ارتكزت على تقييم تطور أعمال الإصلاح الهيكلي ووضعية أنظمة التقاعد بالقطاع العام، وكذلك على تغطية المعاشات الأساسية، وقد كان الهدف من هذه المهمة التي همت الفترة الممتدة من 2012 إلى 2020، تقييم الوضع الحالي للأنظمة الرئيسية منها، وهو نظام المعاشات المدنية للصندوق الوطني للتقاعد، والنظام العام للنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد، والنظام العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وما تم إحرازه من تقدم في أعمال الإصلاح، وكذلك سبر سبل الانتقال التدريجي إلى نظام تقاعد مستدام، يتم تعميمه على جميع الفئات النشطة. كما شملت نظام التقاعد الخاص بالعاملين غير الأجراء.
وأكد المجلس على توصيته الرئيسية، والتي اعتمدها في إطار العملية الرقابية لسنة 2013، والمتعلقة بضرورة وضع خارطة طريق تحدد بنية النظام المستهدف، والإطار المؤسساتي والحكاماتي، والتدابير التي يتعين اعتمادها، والجدول الزمني لتفعيل وتنفيذ ذلك. وسجل التقرير أن نظام المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد يعاني من اختلالات عميقة تهم توازنه المالي وديمومته، مشيرا إلى أنه على الرغم من الإصلاح المعياري لسنة 2016، وسلسلة الإجراءات المتخذة، فإنه يترقب تصحيح مختلف مؤشرات النظام على المدى الطويل، فوفقا للتوقعات الاكتوارية، سيواجه النظام مخاطر السيولة اعتبارا من سنة 2023، وستستهلك احتياطاته المالية بحلول سنة 2027.