شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف التاريخ

مُتطرفون مغاربة اعترفوا بأنه لا يمكن للمغرب الاستمرار بدون الفرنسيين

يونس جنوحي

إن كابوس حدوث حرب أهلية في المغرب لا يحتاج لكي يتحقق إلى وقوع مشاكل في البلاد، نظرا لأنه من الواضح أن الفرنسيين ليست لديهم أي نية للقيام بإخلاء مبكر. وبما أن حدوث ثورة مسلحة في البلاد يكاد يكون مستحيلا، ومن غير المرجح أن تنجح حتى لو حدثت، وبما أنه من غير المرجح، أيضا، أن يكون الضمير العالمي يقظا، فإننا نعود إلى السؤال الأصلي: ماذا بعدُ؟ لا أرى إلا إجابة عملية واحدة لهذا السؤال، وهي التعاون مع الفرنسيين لتحقيق الهدف نفسه.

هذا من شأنه أن ينطوي على تغيير كامل في النوايا والعقليات. لقد سبق لي أن أوضحتُ، في هذا الكتاب، أن الحملة الدعائية لحزب الاستقلال تتكون إلى حد كبير، وأحيانا تكون كلها قائمة على تشويه سُمعة الفرنسيين، ومع ذلك اعترف معظم الحزبيين المتطرفين بأن المغرب بالكاد يستطيع الاستمرار بدونهم.

إن الانتقاد المبالغ فيه، أو حتى الإساءة، سيعقبه ضمنيا أنه، بعد تحقيق استقلال البلاد، سيتوجب على الفرنسيين أن يستمروا في العمل خدما للحكومة المغربية الجديدة التي سوف يتم إنشاؤها.

أعتقد بأنه من غير الواقعي، على أقل تقدير، تصوير الفرنسيين وكأنهم طُردوا من المغرب بسبب حملة من الانتهاكات، كما لو أنهم وافقوا بعد ذلك على خدمة الرجال الذين خاضوا حملة ضدهم في السابق. ومن غير الواقعي، أيضا، أن نتصور أن الفرنسيين يمكن طردهم من المغرب، أو إقناعهم بالانسحاب عن طريق استعمال العنف ضدهم.

إن الضغط دائما ما يُولد ضغطا مضادا، وقد يكون التعاون أكثر فعالية وأفضل بكثير من المعارضة.

التعاون يحتاج، كذلك، إلى وجود طرفين. حزب الاستقلال يؤكد بمرارة أن الفرنسيين فشلوا في الماضي في تحقيق هذا التعاون، وهذا التأكيد يبقى لا أساس له من الصحة.

كان معظم المسؤولين الفرنسيين الذين التقيتُهم مهتمين بشدة بمهمتهم وحريصين حقا على تقدم المغرب.

الإداريون المدنيون والعسكريون العاملون في المهام العملية للحكومة المحلية، كانوا بارعين، ويشبهون بقية الإداريين في العالم. كما أنهم كانوا مُفعمين بالحماس للعدل الذي يجلب مثل هذه المكافآت المؤدية إلى سعادة الإنسان ورفاهيته.

بالإضافة إلى هذا، فإن أغلب «الوزراء» الفرنسيين في الرباط خدموا فترة طويلة وأجروا التدريب المهني في هذا المجال لتتم ترقيتهم إلى مناصب أخرى، ولم يفقد أي واحد منهم أدنى ذرة حماس. لقد نشؤوا على قيم مثل التعاون، وبدونها ما كان بإمكانهم نهائيا النجاح في مهمتهم. لكن السياسة الرئيسية في التعامل مع المغرب لا يُتخذ القرار فيها، بطبيعة الحال، في الرباط، بل في باريس.

عدد كبير من الأحزاب الفرنسية تنظر إلى المغرب، فقط، من الزاوية الفرنسية، ولهذا السبب تم تعديل معدل التقدم حسب الوضع في فرنسا وليس حسب الوضع في المغرب.

ذكرتُ أنه لم يكن هناك شعور بالأزمة، لكن كان هناك شعور خامد بالتوتر. وكلما زاد التطور المادي والفكري، كان حدوث التقدم الآتي أسرع. من الممكن أن يُترك الرجل الأمي وحيدا، لكن في اللحظة التي يُتيح له فيها التعليم إمكانية الوصول إلى أفكار أوسع، فإن مرحلة جديدة ستبدأ.

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى