مي نعيمة ومي نبيلة
زينب بنموسى
«مادرتش لقاح كورونا وصديقة ديالي أصيبت بالشلل منين دارت الجرعة الأولى، واللقاح لم يمر بالمرحلة اللازمة داروه بسرعة».. هادشي ما قالتوش مي نعيمة المرأة الأمية صاحبة قناة على اليوتيوب، والتي قضت بسبب تصريح عفوي بسيط ثلاثة أشهر حبسا دون أن يتضامن معها المعارضون أو يعذر جهلها وأميتها القضاء، هادشي قالتو أمينة حزب سياسي يساري في خضم تقديمها للبرنامج السياسي، ولم يحاسبها أحد، أو تسائلها سلطة عن تصورها المؤامراتي حول فيروس كورونا واللقاح، الذي ما فتئت تنشره وتردده منذ السنة الماضية بكل حرية حيت ما سميتهاش مي نعيمة.
ما بين مي نعيمة ونبيلة منيب فرق كبير في المستوى المعرفي والاجتماعي، وفرق حتى في الفعل ورد الفعل، فرق صارخ يحتاج المغاربة من يعدهم في برنامجه الانتخابي وعد حر أن يقضي عليه، ويحطم درجات السلم الاجتماعي التي تجعل مواطنة بسيطة يتابعها مواطنون أبسط منها تقضي عقوبة سجنية بسبب تصريح غبي على قناة يوتيوب خاصة لا قيمة لها، في حين يسمح لأمينة عام حزب سياسي لها وزنها وقيمتها، بأن تخرج للتشكيك في فيروس كورونا، وتنشر نظرية المؤامرة حول اللقاحات بطريقة لا تخدم إلا لوبيات اللقاح حول العالم، في القنوات والجرائد، وبدل أن يتم سلك نفس المسطرة القانونية معها، ستتم مكافأتها وبحال والو غدا نشوفوها فالبرلمان!
ما بين مي نعيمة ومي نبيلة سؤال جوهري حول من الأكثر يسارية من الأخرى، من تبدو في الحقيقة أكثر تحررية وديموقراطية وإنسانية ووفاء لمبادئ اليسار، المواطنة البسيطة التي رغم أيام السجن، انتشلت زوجها وإخوتها وأبناءها وأزواجهم من الفقر «بذراعها» دون محسوبية أو زبونية أو ريع، أو الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد التي رغم أن لسانها الطويل حين يتعلق الأمر بخصم لها لم تخجل من ترشيح أخيها وابنتها وزوج ابنتها معها في نفس اللائحة باسم حزب يقول إنه يؤمن بالديموقراطية والتوزيع العادل للثروات وهو ما دار حتى التوزيع العادل للتزكيات، وماشي من أجل انتشالهم من الفقر كما هو الحال بالنسبة لعائلة مي نعيمة، حيت عائلة مي نبيلة بعيدة كل البعد عن الفقر، ولكن باش تكمل بلاصة لي خاوية فاللائحة من جهة، ومن جهة أخرى ربما تحدث معجزة وتدخلهم معها إلى البرلمان.
آييه البرلمان الذي سيحتضن من الآن فلاحقا إذا حصلت على مقعد فيه هرطقاتها حول نظرية المؤامرة ضد الشعوب والدول وتنشر فيه شعبويتها المختلطة بين أفكار اليمين الأوروبي، ومصطلحات اليسار الراديكالي، وتحكي لنا فيه تجاربها «العلمية» مع قصص صديقتها التي أصيبت بالشلل بسبب اللقاح دون أن يطالب أحد من أبنائها الأطباء، أو هي نفسها بفتح تحقيق حول ما أصابها من مضاعفات، وكيف أن هذا مخالف لحقوق الإنسان، لأن الأمينة العام لحزب الاشتراكي الموحد تعرف عن حقوق الإنسان ما يناسب أهواءها فقط، وتجهل أو تتجاهل أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان اعتبرت «التطعيم» إلزاميا داخل مجتمع ديمقراطي في موضوع الدعوى التي قدمها أولياء أمور أمامها ضد دولة التشيك بسبب إلزامية تلقيح أطفالهم.
وتنسى، وهي في خضم حملتها الانتخابية، أن حماية الحياة العامة لجميع المواطنين واجب على الدولة، وأن الدخول والخروج فالهضرة في موضوع حساس يخص صحة المغاربة بغرض الظفر بمقعد في قبة البرلمان هو أنذل تكتيك انتخابي من الممكن أن يتبعه مرشح ما.