في منافسات كرة القدم، تفتح الاتحادات المحلية باب انتقالات اللاعبين مرتين في السنة، سوق صيفي لانتداب قطع غيار جديدة قبل بداية كل موسم رياضي، وسوق “شتوي” في رأس السنة الميلادية لاستبدال قطع الغيار القديمة، وهو “ميركاتو” استدراكي لتصحيح اختيارات التسوق الصيفي.
المدربون لا يخضعون للتسوق النصف موسمي، إذ بإمكانهم التعاقد مع أي فريق في أي فصل صيفا أو خريفا أو ربيعا أو شتاء، شريطة عدم تكرار المحاولة لأكثر من مرتين.
العرض يهم اللاعبين بدرجة أولى، ووكلاؤهم يسابقون الزمن لإبرام صفقات الانتقال من فريق لآخر، قبل إغلاق باب “ميركاتو” يسري عليه تحذير المسافرين: “من لم يحضر في موعد السفر لا تقبل منه شكاية”.
لكن رؤساء الأندية المغربية انتفضوا وطالبوا بالمساواة في الانتقال على غرار اللاعبين والمدربين وحتى المشجعين، وتساءلوا: “ألسنا جزءا من المنظومة”؟ يسري علينا ما يسري على لاعبينا ومدربينا.
ولأن غالبية رؤساء فرقنا متحزبون عاشقون للترحال السياسي، مستعدون لتغيير جلدهم الانتخابي بجرة قلم، فإن الترحال الرياضي يصبح مجرد فرصة لكسر الروتين والارتقاء في سلم الوجاهة خاصة حين يتم الانتقال إلى فريق له قاعدة جماهيرية ويضمن الحد الأدنى من الشهرة.
حين انتقل هشام أيت منا من رئاسة شباب المحمدية إلى الوداد الرياضي، بارك الوداديون هذه الصفقة، وغضب أبناء فضالة من رئيس ودعهم بتدوينة وتركهم أسرى الديون.
أما عبد السلام بلقشور الرئيس الفعلي لنهضة الزمامرة، فإنه يقوم بعملية إحماء مرفوقة بجس النبض استعدادا للانتقال إلى كرسي رئاسة الرجاء الرياضي، بعد أن خاض تجارب تسيير في حسنية أكادير والدفاع الحسني الجديدي.
وفي مراكش يرأس إدريس حنيفة فريق الكوكب المراكشي، قادما إليه من طنجة التي قادها للظفر بلقب البطولة، في انتقال حر.
وكان عزيز البدراوي قد سقط بدوره، سهوا، فوق قلعة الرجاء محمولا على أكتاف مشجعين سلموا له مفاتيح النادي، ومع مرور الأيام تبين أن قوة الرجل في تدبير النفايات، وأن الوعد الوحيد الذي نفذه هو أنه “بلبلها” واستقال.
وكلما نزلنا في سلم الكرة المغربية ولامسنا قاع المنافسات الهاوية، سنقف على بشاعة ترحال المسيرين وحجم “لحريك” من ضفة إلى أخرى.
لكن الظاهرة ليست غريبة على المشهد الكروي المغربي، فقد مارس عبد الكريم بن سليمان، شقيق الجنرال حسني بن سليمان، التعدد حين ترأس ثلاثة أندية مغربية وهي الرجاء البيضاوي والاتحاد البيضاوي ثم الدفاع الحسني الجديدي، بل إن الراحل عاش، قيد حياته، مفارقة غريبة حين التقى الرجاء والدفاع الحسني الجديدي في نهائي كأس العرش، فاختلط عليه الحزن والفرح.
لكن أم المفارقات أن يجمع علي الشرفاوي بين رئاسة الرجاء البيضاوي فرع كرة القدم، ورئاسة فرع الدراجات للوداد البيضاوي، وهو ما أثار حفيظة الرجاويين الذين رفضوا ركوب الدراجة الهوائية الحمراء، رغم أنه كان وراء أول لقب في تاريخ الرجاء.
في أوربا يسقط شرط الانتماء ويذوب الولاء، وتعرض الفرق في سوق “الدلالة” لمن يدفع أكثر، وباسم الاستثمار تحولت الأندية الأوربية إلى نقط جذب لأثرياء يسعون للجمع بين المجد والشهرة والثراء.
أقبل الأسيويون على شراء فرق إنجليزية مع ضمانة الربح، فأصبحت ليستر سيتي ملكا مشاعا لعائلة رجل أعمال تايلاندي يدعى سريفادانابرابا، الذي استعصى على اللاعبين نطق اسمه، تلاه إيريك توهير الأندونيسي، ثم ناصر لخليفي الذي اشترى باريس سان جيرمان واللائحة طويلة.
وفي غمرة الإقبال على شراء الفرق الجاهزة، اشترى تركي آل الشيخ أكثر من فريق كنادي بيراميدز المصري وأصبح رئيسا شرفيا للهلال السوداني، وفتح الأندلس فاقتنى فريق العامرية أي “ألميريا” الإسباني.