شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

مول الشكارة

في المشهد الكروي نقاش لا ينتهي حول الرجل المناسب لتدبير شأن الكرة، هناك من يساند «مول الشكارة» ويعتبره الأجدر بانتشال الفرق الرياضية من أزمتها، وهناك فئة تنادي بتغليب جانب العلم، وتجزم بأن الخلاص لا يأتي إلا عبر مسير مسلح بالحكامة، مؤمن بالتدبير المقاولاتي للكرة. أما أصحاب الحل الثالث، فيبحثون عن رئيس يتأبط في يمينه «شكارة» وفي يساره «مشروعا» قابلا للتنزيل.

مقالات ذات صلة

بالأمس كان طرف آخر يبسط سيطرته على غرف قيادة الفرق المغربية، يتفوق على «مول الشكارة» وعلى كل من سولت له نفسه الاقتراب من دائرة القرار، إنه «مول السلطة» الذي يروض الفريق ويحوله إلى مصلحة تابعة له في رفعه وجره وضمه.

في زمن مضى كان لكل خادم من خدام الدولة فريق كرة يرعاه، وكان رجال السلطة رعاة رسميين لأندية رياضية لطالما تفاخر جمهورها بهذا المحتضن، قبل أن ينسحبوا تباعا من المشهد الكروي.

كان للرجاء وزير يحميه اسمه المعطي بوعبيد جمع بين حقيبتين وزاريتين، الوزارة الأولى ووزارة العدل، وحقيبة دولة الرجاء، وكان لنهضة سطات إدريس البصري، وزير الداخلية القوي، وللوداد عبد القادر بن جلون، وزير المالية في أول حكومة بعد الاستقلال، ولمولودية وجدة وزير أول اسمه أحمد عصمان، ولاتحاد سيدي قاسم رئيس برتبة جنرال اسمه أحمد الدليمي، وللجيش الملكي جنرالات، وللكوكب المراكشي رئيس للخفر، وقس على ذلك من «البروفايلات» التي كانت تسير بذكرها الركبان، قبل أن نستيقظ على انسحاب السلطة من ملاعب الكرة.

في هذه الفترة كان «مول الشكارة» يقوم بعملية إحماء قرب مقرات الفرق، لدخول معسكر الكرة الذي يفضي بأقل جهد إلى الوجاهة السياسية، ويجعل الطريق سالكا نحو قلوب الرياضيين وجيوبهم طبعا.

لكن «مول الشكارة» يوجد في أكثر من ملعب، تجده حاضرا بقوة في المشهد السياسي، يحسم الانتخابات بعد تحلية الأموال العادمة، ويضع المتاريس في وجه جيل جديد من السياسيين.

في الإعلام يحضر «مول الشكارة» بدون تاريخ باحثا عن منفذ لدائرة القرار، ينشئ صحيفة إلكترونية ويستنفر أقلاما في حالة تأهب قصوى لأي «طارق». وفي السينما نسخ «درامية» من «مول الشكارة» المهووس بالبحث عن أكبر هامش للربح، وفي التعليم الخصوصي والعيادات الخصوصية مستثمرون لا علاقة لهم بالوزرة البيضاء، يقيسون نجاحاتهم بأرقام معاملاتهم المالية. وأينما وليتم وجوهكم فتم رجل يتأبط «شكارة»، يهوى القفز بالزانة على المناصب والمآرب.

لحسن الحظ أن المشهد الكروي في بلادنا لم ينجب بعد «مولات الشكارة»، بل إن أغلب النساء اللواتي دخلن عالم التسيير داخل الفرق المغربية، كن مجرد عابرات سبيل لا يصمدن أمام مطبات الطريق، فيقررن النزول في أقرب باحة استراحة.

فطنت جامعة الكرة لتوغل «أصحاب الشكارة» في دواليب الأندية، فأصدرت قرارا يمنع أي رئيس ناد من إقراض خزينة فريقه من ماله الخاص، ثم المطالبة باستخلاصه في ما بعد.

قطع هذا الإجراء الجديد الطريق أمام بعض الممارسات التي اعتاد رؤساء الأندية الكروية اللجوء إليها، والتي حولت أكثر من فريق إلى رهينة في يد رئيس تحول إلى مؤسسة بنكية يقرض بفوائد تغرق رجل النادي في الأوحال.

بالأمس كان «مول الشكارة» يملك قلبا مليئا بالعفة والتضحية، كان يبيع أملاكه من أجل فريقه، لقد كان الأب جيكو صانع مجد الوداد والرجاء، يجوع ليشبع اللاعب، وحين ذهب المال انفض من حوله الرفاق.

يذكر «كوايرية» الدار البيضاء رجلا سوسيا اسمه الحسين، ترأس فريق النسمة البيضاوية وأغدق عليه من فيض أمواله، اتكأ على وسادة قدور اليوسفي ومحمد المديوري وحاول عبثا الجمع بين المال والسلطة، فانهزم ذهابا وإيابا ومات مفلسا، وإلى مثواه الأخير سار في جنازته حارس الملعب ونفر من أهله.

حسن البصري 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى