شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

موقف أمريكي ثابت

للسنة الثالثة على التوالي، يتضمن تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان الخاص بالمغرب صحراءه، وهو ما يعد تجسيدا عمليا واستمرارا دبلوماسيا لاعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، والذي تم في دجنبر 2020.

الكثيرون راهنوا على تغيير إدارة جو بايدن لمواقف سلفه دونالد ترامب، لكن سنة بعد سنة تتبدد أحلام المناوئين للوحدة الترابية وتترسخ شرعية الموقف الأمريكي الثابت وحجية المرسوم الرئاسي المعترف بالسيادة المغربية على صحرائه، وبالتالي تجنـب حـدوث انقطـاع أو توقـف أو تراجع في مواقف الدولة الأمريكية.

صحيح أن هذا الاعتراف ما زال يحتاج إلى تفعيل أكثر على أرض الواقع، سواء بافتتاح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة أو عبر تعزيز الفرص الاقتصادية والتجارية في المنطقة، لكنه في كل الأحوال انتصار دبلوماسي ساحق للمملكة المغربية وضربة قاضية لرعاة الانفصال جعلت بلدنا فـي موقـف قـوي دبلوماسيا، ومكنته من الارتكاز عليه لمواجهة مواقف الابتزاز والضغط الصادرة عن الحلفاء التقليديين وفي مقدمتهم فرنسا.

فليس من اليسير أن يصدر مثل هذا الموقف عن أقوى دولة في العالم، وحاملة القلم في مجلس الأمن، لولا أن أمريكا تدرك معنى الرهان على المغرب كشريك موثوق به في شمال إفريقيا. إذن موقف أمريكي يعكس رؤية استراتيجية مدروسة لفهم التقلبات التي تشهدها العلاقات الدولية، وما يعتمل داخلها من مصالح معقدة تتطلب تحديدا دقيقا لمفهوم الدولة الحليفة أو الصديق الموثوق به الذي يعول عليه في ترتيبات النظام العالمي الجديد.

إن خيار التحالف الاستراتيجي للمغرب مع الولايات المتحدة الأمريكية ليس شيكا على بياض، بل هو مرتبط بالمصالح الاستراتيجية المشتركة، وإن بلدنا مستعد دائما للحوار والتفاوض مع واشنطن في ما يتلاءم بشكل أفضل مع المبادئ والقيم والمصالح العليا للبلدين. ومن المؤكد أن الزيارة الدبلوماسية التي يقوم بها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، إلى واشنطن، تندرج في إطار المشاورات الدائمة الهادفة إلى تعزيز الشراكة الاستراتيجية التي تربط المغرب بالولايات المتحدة، والتشاور بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية.

إن هذه الخيارات في السياسة الخارجية للمغرب، مع الولايات المتحدة وروسيا والصين، هي ما جعلته يراكم الكثير من المكاسب مع شركائه الجدد والتقليديين باستثناء فرنسا ماكرون، التي لم تستطع الخروج من قوقعتها الاستعمارية، وهي ما سيبقيه في دائرة الشركاء الموثوق بهم كما حدث مع إسبانيا وألمانيا والبرتغال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى