موسم الحرائق
في فرنسا والبرتغال وإسبانيا والمغرب اندلعت حرائق في الغابات تزامنا مع ارتفاعات غير مسبوقة في درجات الحرارة.
وفي إقليم العرائش وتازة عاش السكان أوقاتا عصيبة بعد اندلاع حريق غابوي مهول، الأربعاء، أتى على الأخضر واليابس، مخلفا خسائر فادحة في الغطاء الغابوي الكثيف على مستوى تازة وجماعة بوجديان على الحدود بين إقليمي شفشاون والعرائش. هذا الحادث المأساوي ليس إلا نموذجا لما يمكن أن نواجهه من كوارث ومخاطر، لكنه، في الوقت نفسه، يقيس مجال إدارة تلك المخاطر والكوارث من طرف بلدنا مدى التحول الذي حصل من الإجراءات القائمة على رد الفعل إلى التدابير الاستباقية لدرء آثار الكوارث الطبيعية المحتملة.
والحقيقة أن حريق العرائش أثبت، مرة أخرى، أن هناك خللا كبيرا على مستوى تنفيذ برنامج التدبير المندمج لمخاطر الكوارث والقدرة على مواجهتها، وغياب أي تدبير استباقي يتجاوز المنظور التقليدي المستند إلى مقاربة رد الفعل وتدبير الأزمة، كما أثبت أن مئات المستشارين ورؤساء الجماعات والمنتخبين لا يقدمون ولا يؤخرون بل بالعكس تحولوا إلى متاجرين بمآسي الناس فيما اقتصر دور البعض على أخذ “سيلفيات” لتسجيل نقاط انتخابية ليس إلا.
لقد وضع حريق العرائش جهوزية قوات الوقاية المدنية والآليات والمعدات وكوادر بشرية ماهرة ومدربة، على المحك، والأكيد أن هناك إدارة وإرادة للتعامل مع أي حوادث طارئة، بما فيها الحرائق، لكننا في حاجة ماسة إلى تجهيز فرق متكاملة من المنقذين المتدربين على التعامل الأمثل مع الكوارث والحرائق.
إن الحريق الذي التهم عشرات الهكتارات من الأراضي الفلاحية يطرح زاوية أخرى من المآسي الإنسانية المتعلقة بنظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية، ورغم اعتماد بلدنا لمنظومة مزدوجة للتعويض تجمع بين نظام تأميني لفائدة الضحايا المتوفرين على عقود التأمين، ونظام تضامني لفائدة الأشخاص الذاتيين غير المتوفرين على تغطية من جهة أخرى، يتكفل به صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية، إلا أن الأمر لا يعدو أن يكون حبرا على ورق أو استراتيجية للاستهلاك السياسي. فكم من المغاربة فقدوا أراضيهم وبيوتهم وماشيتهم وممتلكاتهم بسبب كوارث طبيعية دون أن يتم التكفل بهم بل بعضهم تحولوا إلى مشردين بعدما كانوا أصحاب أملاك.
المغرب مثل غيره من الدول معرض لكوارث طبيعية سترتفع وتيرتها وخطورتها مع الوقت بسبب التغيرات المناخية والتخريب الذي تتعرض له الطبيعة على يد البشر، وعلينا أن نخرج من المقاربات التقليدية في مواجهتها وأن نضع مخططا مضبوطا عمليا وعلميا لمواجهتها.