مواد فاسدة
مع اقتراب شهر رمضان الكريم، يرتفع الإقبال على استهلاك مجموعة من المواد الغذائية، التي دأبت الأسر المغربية على استعمالها في التحضير لأنواع من طعام الصيام، إلى جانب إقبال مطاعم ومحلات حلويات مرخصة وعشوائية على الأمر نفسه لبيع منتوجات رمضانية، ما يطرح مشكل تسويق مواد غذائية فاسدة ومنتهية الصلاحية أو مجهولة المصدر أو ماركات مزورة نتيجة ارتفاع الطلب، فضلا عن انتشار محلات سرية لصنع مواد غذائية خارج معايير الصحة والنظافة والجودة.
إن الحركة التجارية المكثفة التي تشهدها الأسواق، بالمدارين الحضري والقروي، قبل أسابيع قليلة من شهر الغفران، تستدعي التفعيل الأمثل لدور لجان المراقبة، وذلك لتنزيل تدابير استباقية تهم التدقيق في صلاحية المنتوجات الغذائية المعروضة للبيع، وتتبع مسار التصنيع أو الاستيراد والتوزيع، فضلا عن مراقبة محلات الإنتاج السرية للعسل المزور، الذي يتم استعماله بكثرة في صنع الحلويات، وكذا وضع ملصقات مزورة تفيد استيراد أنواع غذائية بجودة ممتازة في حين يتعلق الأمر بمواد مصنوعة من السكر ومواد أخرى تضاف إليها نكهات مجهولة المصدر.
وعندما نقول بضرورة مراقبة الأسواق، التي تعرض منتجات رمضانية بالمدينة، فإن ذلك لا يعني استثناء البيع العشوائي لمواد غذائية بالشوارع، والأسواق الأسبوعية القروية حيث استغلال ضعف القدرة الشرائية بتقديم منتوجات مزورة في ظروف غير صحية، إلى جانب غموص المصدر واستغلال غلاء الأسعار والذروة التجارية التي تسبق الشهر الكريم بأسابيع كما جرت العادة كل سنة، حيث تتكرر نفس الشكايات والاحتجاحات وضبط أطنان من المواد الغذائية الفاسدة.
يقال في المثل الشعبي المغربي “عند رخصه تخلي نصفه”، وهذا دليل على أن كل مادة منخفضة الأسعار يجب أن تطرح أكثر من علامة استفهام لدى المستهلك، لكن في ظل ضعف القدرة الشرائية والهشاشة والفقر والجهل بشروط الصحة، لابد من رفع مستوى اليقظة لدى لجان المراقبة والجهات المسؤولة من الجمارك إلى المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ومكاتب حفظ الصحة بالجماعات الترابية وأقسام الاقتصاد وزجر الغش بالعمالات، إلى جانب السلطات المحلية والأمنية والدرك بالمناطق القروية تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
إن الصحة العامة مسؤولية كبيرة أمام الله والوطن، والغش يمكن أن يخرج صاحبه من الملة، والربح السريع على حساب صحة الناس وسلامتهم لا يبرر قانونا ولا أخلاقيا مهما كانت المبررات، لذلك فإن مراقبة وتتبع تموين الأسواق قبيل الشهر الكريم مسؤولية الجميع كل حسب تخصصه، وفق الصرامة المطلوبة وردع المخالفين بقوة القانون خاصة الذين لا يلقون بالا للوازع الديني ولا الأخلاقي ويسعون خلف الربح المادي ولا شيء غيره.
الكل يعرف أن ارتفاع نسبة الرواج التجاري بأسواق المغرب الحضرية والقروية، مرتبط بمواسم وأعياد واحتفالات على طول السنة، لذلك تجب مراقبة ما يقبل المغاربة على استهلاكه بشكل كبير، لأن الحفاظ على الصحة العامة يعني القليل من الأمراض والكثير من الإنتاج، والصحة تعني القوة وجودة الحياة، والمرض يعني تكاليف العلاج وهزالة أو انعدام الإنتاج وإرهاق الميزانيات الأسرية وميزانية صناديق الدولة المرهقة من الأصل.